المناهج التعليمية تتدرج من الأصعب للأسهل! تحقيق: فاطمة يحيي “اللغة وعاء الفكر.. اللغة مرتبطة بالوعي الثقافي والتعليمي والأخلاقي.. الإعلام المنطوق هو أساس التثقيف اللغوي” .. هذه أفكار يتبناها خبراء وأساتذه بمجمع اللغة العربية الذي هو مؤسسة ضمن مؤسسات الدولة ، تم إنشاؤه في عام 1932م ، ومن أهدافه ان يحافظ علي سلامة اللغة العربية ، وأن يجعلها وافية بمطالب العلوم والفنون ومستحدثات الحضارة المعاصرة ، والعناية بدراسة اللهجات العربية الحديثة في مصر وغيرها من البلاد العربية. ويضم المجمع أعضاء مصريين وغير مصريين عرباً ومستعربين ، بالإضافة الي ثلاث وثلاثين لجنة منها لجنتا اللغة العربية والتعليم ، ولجنة اللغة العربية في وسائل الإعلام ، هاتان اللجنتان تكمن اهتماماتهما بشئون اللغة العربية وإحياء التراث اللغوي خاصة مع تفشي استخدام العاميات واللهجات بديلاً عن الفصحي العصرية السهلة الميسَّرة في كثير من الدوائر الرسمية ومجالات الخطاب والتعبير وبخاصة في وسائل الإعلام، وازدياد مساحة التعليم باللغات الأجنبية في مرحلة التعليم الأساسي بدءًا من الطفوله حتي الجامعة والتوسّع في إنشاء الجامعات الأجنبية في أقطار عربية عدَّة . يقول ثروت عبد السميع “مدير إدارة المعاجم العلمية وإحياء التراث” إن اللغة مرتبطة بالسلوك الأخلاقي والظروف الاجتماعية للأفراد ، فإذا امتلك شخص القدرة علي الحديث باللغة العربية فيستطيع ان يتحدث بلغة عامية راقية ، فبالرغم من انتشار الفاظ يطلقون عليها الشباب لغة الروشنة إلا انه عندما قامت ثورة يناير رفع الشباب لافتات وكانت باللغة العربية مثل” الشعب يريد إسقاط النظام .. يسقط يسقط حكم العسكر” ، مشيراً الي دور وسائل الاعلام والبرامج التي بعضها لم يلتزم بالانضباط اللغوي نظراً لطبيعة البرنامج وهدفه في شد انجذاب مشاهدين كثر دون اعتبار للرقي بالذوق العام ، مما يساعد ذلك علي تفشي العامية المنحدرة ، ولكن يوجه “ثروت” النقد الي السياسة العامة المستخدمة في وسائل الإعلام والتي تحكم المنظومة الإعلامية ، مشيراً الي ارتفاع نسبة الامية ووجود مناخ ملائم ساعد علي انتشار أغان تحوي الفاظا افسدت الذوق العام مقارنة بما مضي من اغاني للسيدة ام كلثوم وبعض افلام محمد عبد الوهاب ويوسف وهبي التي كانت باللغة العربية والفصحي وكانت مقبولة ومفهومة ومستمتع بها من الجميع ، ” فالصمم الذي اصاب المصريين كانت سببه أغاني هذه الايام ” هكذا يري محمود النادي”محرر لجنة اللغة العربيه والمجتمعات المدنية ” موضحاً ان الإشراف علي ما يبث يتم إدارياً وليس فنياً ، مشيراً الي ان المناهج التعليمية التي من المنوط بها تشجيع الطلاب علي الثقافه والرقي بأسلوبهم اللغوي نجد بعضها يشوبها خلل في قدرتها علي إستيعاب المرحلة التي نحن بها ، فنري في مناهج اللغة العربية في الصف الاول الثانوي يبدؤون بتدريس الشعر الجاهلي ذي الالفاظ الصعبة والغريبة علي ذهننا وإدراكنا ثم التدرج للأسهل حتي الشعر الحديث ، فالتدرج من الأصعب للأسهل هذا لا يساعد علي التناغم بين هذه المناهج حتي نصل الي طالب قد اخذ عدة مناهج متكاملة ، مشيراً الي تراجع هيبة المعلم الذي هو نموذج يجب ان يقتدي به الطالب نظراً لحاجته الي تحسين مستواه المادي مما يدفعه للجوء الي الدروس الخصوصية التي تقلل من هيبته ، بالإضافة الي تدني المستوي التعليمي لبعض المدرسين، فبعضهم لم يعرف الفرق بين “نا الفاعلين وبين التي تأتي مجرورة ” ، مؤكداً علي ضرورة اجتياز المعلم الاختبارات والدورات التدريبية التي تؤهله الي مواكبة التطور والتغير ، بالإضافة الي ضرورة تدرج المناصب تبعاً للكفاءة وليس للأقدمية ، مشيراً الي أن اللغة الاجنبية من الضروري تعليمها كنوع من الثقافة علي ألا يكون التعليم بها ، وكما يتطلب سوق العمل شهادة إتقان للغة الأجنبية يجب أيضاً ان يتطلب شهادة إتقان للغة العربية ، متفائلاً بإحياء اللغة العربية رغم كيد الكائدين نظراً لانها تمتلك مقومات تساعدها علي البقاء والتي تتمثل في اتساع مفرداتها ومستوياتها وجودتها . وفي سياقً متصل قد طالب “مجمع اللغة العربية ” في مؤتمر بأبريل الماضي وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي في مصر وفي شتي أقطار الوطن العربي بتبني مناهج جديدة أكثر تطوراً وإفادة ، وتدريب المعلمين القائمين علي تعليم اللغة العربية مما يؤدي الي تحبيب النشء في تعلم اللغة القومية وعدم نفوره منها ، وإقباله علي ممارسة الأنشطة المختلفة بها، والتوسع في القراءة بها خارج إطار المقررات الدراسية في المدرسة والجامعة.