سياسة الحكم القائمة الحاضنة لاحتكار السلطة ، وفساد الادارة ، واحتكار " القلة" لثروة البلاد ، تعمل بكل دأب منذ ما يقرب من اربعة عقود علي احالة " الدولة" الي "المعاش المبكر" ، وتحويل المال العام الي " صندوق خاص" يمول خصخصة الملكية العامة ، والمضاربات في البورصه والعقارات ، والوساطة بين الاحتكارات المحلية ، والدولية تحت مسمي " الشراكة مع القطاع الخاص" وتفصح خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام 2010 /2011 عن الايديولوجية الخطرة التي تتبناها السلطة ، بينما تخلت عنها مدارسهم في "شيكاغو" ، و"واشنطن" بعد ان انفجرت فقاعات الائتمان العقاري والمالي ، وافلس اقتصاد "الكازينو" في اطول واخطر مقامرة في تاريخ الاقتصاد الراسمالي العالمي ،استمرت ما يقرب من ثلاثين عاماً ، حتي دفعت العالم الي حافة الهاوية في 2007/2008 بازمة اسعار الغذاء العالمية ، ثم ازمة الائتمان والنظام المالي العالمي في 2008/2009 0 ورغم الادعاء بان النظام الاقتصادي القائم في مصر هو "اقتصاد السوق" ، الا ان حقيقة الامر " انه "اقتصاد الريع والتربح والاحتكار" للموارد الاقتصادية بما فيها ثمار عمل الاغلبيه وتكشف خطة التنمية عن العقيدة التي تفتقر الي رؤية للتنمية وتستهدف المستقبل ، وترتكز علي سياسات طويلة الاجل للتنمية الشاملة للطاقات المادية والبشريه الغنيه في مصر ، وابداع لمخطط يهدف الي تنمية الانتاج المادي الحقيقي في الصناعة التحويليه وليس التجميع والتركيبات والاستخراج وفي الزراعه بمحاصرة تأكل الرقعه الزراعية ، وحمايتها من التلوث العضوي ، والمناخي ، وحماية مياه النيل والسيطرة علي الاهدار فيه وتنمية المجتمعات العمرانيه المتكاملة والمترابطه لصالح الارتقاء المتكافئ بين الاقاليم المصرية ، ويرتبط بذلك تحديد اختيار للتنمية والتميز والابداع في التكنولوجيا يلعب دورا مؤثراً في ارتقاء الانتاج والانتاجية، وتلك السياسة القائمة تفتقر الي تحديد الاهداف التي تضع مصر علي خريطة التنافسية الدولية في التجارة العالمية السياسات القائمة قصيرة الاجل لا تستهدف سوي تثبيت الوضع الراهن ، مثل ضبط معدل التضخم او مجرد تخفيض عجز الموازنة ، او استهداف معدلات حسابية سنوية للنمو الخ ، فهي ليست سياسات تنيمة اقتصادية او اجتماعية ، بل هي مجرد" حسابات استثمار "قصيرة الاجل، ليس لها توجه اقتصادي سوي المنافع المحدودة ، وتستبعد التوجه الاقتصادي الاجتماعي عند حساب التوزيع ، فتتراكم الثمار والثروة لدي الاقلية الخاصة انها العقيدة " التي تتبناها الحكومة" وترتكز علي ثلاثة مبادئ رئيسية : 1- التحرير الاقتصادي الكامل للسوق المحلية ، والمبادلات الدولية 2- الخصخصة للملكية العامة وربما للآثار والمتاحف التاريخية ! 3- التثبيت المالي من خلال حزمة من المؤشرات الاقتصادية قصيرة الاجل ، يتم العمل بها في الموازنة العامة للدولة وجوهر تلك السياسة وهذه المبادئ هو الاستبعاد الكامل لدور الدولة في التنمية ، واقتصار دورها علي ادارة حزمة من الحسابات "والجداول" والمؤشرات " ، ليصبح دور الدولة هو جباية للضرائب ، وامساك الحسابات !! وادارة الامن لصالح حائزي السلطة والثروة !! الموازنة العامة ودولة.. «المعاش المبكر» تعتمد قراءتنا للموازنة العامة 2010/2011 علي الافصاح عن الدلالات المعبرة عن الاختلالات القائمة في هياكل الموارد ، والاستخدامات ، وهذا دون الغرق في بحر الارقام، ونعتمد في ذلك علي التقديرات والحسابات المعروضة في كل من وثيقة خطة التنمية 2010/2011 ووثيقة الموازنة العامة 2010/2011 ، واستخلاص اهم المؤشرات منها اولاً: الموارد وهي (1) الضرائب (2) المنح من مكونات اجنبية او منظمات دولية او جهات حكومية (3) الايرادات الاخري (الفوائد التي تحصلها الحكومة) وارباح المساهمة في وحدات وهيئات اقتصادية وايرادات الايجارات والمناجم والمرافق والتراخيص التي تمنحها الحكومة ، وموارد الصناديق والحسابات الخاصة ، وايرادات متنوعة (4) المتحصلات من اقراض الحكومة للهيئات الاقتصادية وشركات القطاع العام ومن بيع الاصول وحصيلة الخصخصة (5) الاقتراض من مصادر محلية (اذون خزانة) ومصادر خارجية (سندات دولارية) لسد عجز الموازنة. وسوف نركز علي اهم الاستخلاصات ذات الدلالة عن السياسة المالية التي تنتهجها الحكومة وهذا عن طريق استعراض العناصر الهامة المؤثرة في الكيان المالي 1- من يدفع الضرائب في مصر؟ المؤشر الرئيسي في انواع الضرائب كدلالة علي تحمل العبء الضريبي هو " ضرائب الدخل"اي الضرائب علي الدخول والارباح ، وهو المتفق عليه في كل نظم الضرائب في العالم وهذا بالاضافة الي ضرائب علي فوائد قروض وسندات تبلغ 3041.7 مليار جنيه يتولي البنك المركزي تحصيل مبلغ 2944.8 مليار منها بنسبة 96.8% 1/1 ضرائب الدخل وتبلغ جملة تقديراتها 88656.600 مليار جنيه طبقاً للمكونات التالية مع التقريب : الضريبة علي دخول العاملين بالدولة والقطاع الخاص80،14% الضريبة علي ارباح المهن غير التجارية (اطباء/محامون/محاسبون00 الخ) 50% الضريبة علي ارباح النشاط التجاري والصناعي للافراد 6.20% الضريبة علي ارباح هيئة البترول (عمليات الاستخراج) 40.20% الضريبة علي ارباح قناة السويس 12% الضريبة علي شركات القطاع العام .6% الضريبة علي ارباح الشركات بالقطاع الخاص 20.20 % الضريبة علي الارباح الراسمالية 07% رسم تنمية واخري 03% اجمالي مكون ضريبة الدخل100% ويتضح لنا من المكونات السابقة ما يلي : 1- ان هيئة البترول وهيئة قناة السويس وشركات القطاع العام يدفعون ما نسبته 58.20% من حصيلة ضرائب الدخل 2- ان العاملين (الموظفين والعمال في الدولة والقطاع الخاص ) يدفعون ما نسبته 14% من حصيلة ضرائب الدخل باجمالي 73% من حصيلة الدخل ضرائب الدخل 3- ا، حصيلة الضريبة علي ارباح القطاع الخاص (افرادا وشركات وارباحا 80،14% رأسمالية تمثل 27 % من الحصيلة النتائج السابقة لا تحتاج الي تعليق في مجتمع يحوز فيه اغني 20% من السكان ما يعادل 80% من الدخل بينما تتحمل هيئات الدولة والعاملون العبء الضريبي عنهم بما نسبته 73% ، هذا غير الضريبة التي يحصلها البنك المركزي وهي تقترب من 3 مليارات جنيه واذا تطرقنا الي باقي انواع الحصيلة الضريبية ينبغي الانتباه الي العناصر التالية : 1- إن الضريبة العقارية تبلغ 1.125 مليار جنيه فقط وهي حصيلة منخفضة بالقياس الي القيمة السوقية والحسابية للاراضي والعقارات المملوكة في مصر 2- إن الضريبة علي أذون الخزانة والسندات الحكومية ونقل الملكية، والسيارات ، وتبلغ 10.866 مليار جنيه هي حصيلة سهلة يتم تحصيلها بواسطة اجهزة حكومية او البنوك عند المنبع 3- انواع الضرائب الاخري غير المباشرة: ضريبة المبيعات وضريبة الدمغة ، والضرائب الجمركية والرسوم المتنوعه، ويبلغ اجمالي حصيلتها 92334.3 مليار جنيه وهذه الضرائب ينتقل عبؤها الي دافعي الضرائب في المجتمع، حيث يتم تحميل قيمتها علي قيمة السلعة او الخدمة عند بيعها للمستهلكين ( فيما عدا استثناءات قليلة اهمها الاتاوة علي هيئة قناة السويس وهي غير الفائض الذي يؤول الي الحكومة او الضريبة علي الدخل ) واذا كانت تلك الضرائب يدفعها المستهلكون فاننا نستنتج ان النسبة العظمي من دافعي تلك الضرائب هي من الطبقات المتوسطة والشعبية، بالاضافة الي اجهزة الحكومة والشركات والهيئات العامة. ..الاستخلاص الذي نصل اليه من العرض السابق لحقيقة من يدفع الضرائب في مصر إن العبء الضريبي الاجمالي يقع علي الهيئات والشركات العامة وغالبية فئات الشعب من الطبقات الشعبية والمتوسطة، بينما لايسهم الاغنياء واصحاب الثروات بما لايصل الي 30 % من هذا العبء وهو خلل واضح في الكيان الضريبي . ومع ذلك ترفض «عقيدة الحكومة» الاخد بسياسة الضريبة التصاعدية التي دعا لها لأول مرة منذ ثلاث سنوات حزب التجمع وتجاوب معه الراي العام في المجتمع واحزاب المعارضة الاخري بل بعض قيادات الحزب الحاكم. ولذلك فإن النظام الضريبي بحاجة الي اعادة هيكلة تحقق التوازن في الاعباء واعمال قواعد العدالة في تحملها وذلك في الاتجاهين التاليين: الاول : سياسة للتدخل الضريبي لرفع مساهمة اصحاب الدخول العليا ، والملكيات الكبيرة والتوصل الي اصحاب الدخول الاستثنائية والعارضة،ويتحقق ذلك عن طريق: 1 - اقرار الضريبة التصاعدية علي الشرائح العليا من الدخول بنسبة تتراوح بين 25% و30% 2- زيادة سعر الضريبة علي اجمالي قيمة التصرفات الفردية في الاراضي والعقارات بما لا يقل عن 5% ويجوز زيادتها في حال تحقيق ارباحا استثنائية وهذا مع احكام القواعد القانونية للتبليغ عن هذه التصرفات وحصرها 3 - اعادة النص علي تقديم اقرار الثروة لممولي النشاط التجاري والمهن الحرة من الافراد كل 5 سنوات والذي تم الغاؤه في القانون 91 لسنة 2005 4- محاسبة انشطة الاستثمار العقاري التجارية علي اساس التكلفة الاصلية لعناصر تلك التكلفة خصوصاً (الاراضي) ، وليس علي اساس القيمة السوقية في تاريخ البيع 5- اقرار رسم نسبي علي اوامر البيع والشراء في معاملات بورصة الاوراق المالية 6- تفعيل احكام قانون ضريبة المبيعات في شان سلطتها في التفتيش علي المخزون السلعي ، وعلي بعض انواع الخدمات وعلي الأخص منها الخدمات السياحيه والفندقية وهذه الاجراءات توفر حصيلة ضريبية لا تقل عن 25 مليار جنيه سنوياً الثاني : سياسة للتمييز الضريبي لاصحاب الدخول المحدودة والمنخفضة بمزايا اجتماعية اهمها : (1) اقرار نسبة مئوية سنوية لاعفاء الحد المناسب لتكاليف المعيشة ، ويتم اقرار هذه النسبة من مجلس الشعب سنوياً مع الموازنة العامة وهذا مع خصم نسبة معقولة من مصروفات التعليم والصحة والسكن (2) اقرار اعفاءات للمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر بالمجتمعات العمرانية الجديدة وصغار المهنيين نتابع قراءتنا للموازنة العامة في 2010 /2011 في عدد قادم في باقي عناصر موارد الدولة