تزداد الأمور تعقيدا، ويحتدم الصراع داخل سوريا، وخارجها، بين القوي الكبري التي تدافع عن مصالحها في منطقة الشرق الأوسط، بعد استقالة «كوفي عنان» المبعوث الدولي، وانتهاء مدة البعثة الدولية خلال عدة أيام.. وفرض مجلس الأمن مزيدا من العقوبات علي سوريا، واتجاه كل الأمور نحو التصعيد العسكري فقد أعلن وزير الخارجية البريطانية «وليم هيج» عن تزويد الجيش الحر، وفصائل المعارضة بأحدث أجهزة الاتصالات، حتي يمكنهم توحيد صفوفهم، وليس هذا فقط بل هناك أنباء عن حصول المعارضة السورية المسلحة علي عدد من الصواريخ المحمولة المضادة للطائرات، حسب صحيفة «روسيسكايا غازتيا» الروسية التي ذكرت في تقرير لها أن واشنطن تسلح «القاعدة» في سوريا، وقالت الصحيفة إن الولاياتالمتحدة قررت التصرف في سوريا كما تصرفت في أفغانستان خلال سبعينيات القرن الماضي، وعلمت الصحيفة أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أصدر أوامر سرية تسمح لأجهزة الاستخبارات بتقديم المساعدة للجيش السوري الحر، تمثلت في تلك الصواريخ المحمولة المضادة للطائرات، وتساءلت الصحيفة هل سيظهر «بن لادن» آخر في سوريا!! الغرب والتدخل في سوريا وتشير بعض التقارير الصحفية إلي أن الغرب يستعد للتدخل في الأزمة السورية، خاصة بعد استقالة كوفي عنان من مهمته، بدعوي عدم تعاون النظام السوري معه، وعدم تمكينه من تنفيذها، من تلك التقارير، ما ذكرته صحيفة الديلي تليجراف البريطانية لمراسلها «توماس هارونج» أن ورقة بحث قدمتها مجموعة للبحث في شئون الدفاع، للمعهد الملكي للخدمات المتحدة «رويال يونايتد سيرفيس انستتيورت» ببريطانيا، دعت الدول الغربية إلي نشر حوالي 300 ألف جندي للتدخل في سوريا، عقب انهيار نظام بشار الأسد، خوفا من وصول الصراع السوري إلي الدول المجاورة، وتأمين مخزونها من الأسلحة الكيماوية، وهذا أصبح أهم لدي الغرب من الصراع السوري الداخلي بين النظام ومعارضيه. وهذا ما أشارت إليه صحيفة «كومير سانت» التي تناولت تأثير الأزمة السورية علي لبنان، معتبرة أن الحرب الأهلية الدائرة عمليا في سوريا، يمكن أن تتسبب في إشعال حرب أهلية حقيقية في ذلك البلد، وتضيف الصحيفة أن مقاتلي حزب الله الشيعي اللبناني يقاتلون فعليا إلي جانب الجيش السوري، أما الطائفة السنية اللبنانية فتتعاطف بشكل واضح مع المعارضة السورية، الأمر الذي أحدث احتقانا واضحا بين المواطنين اللبنانيين، وقد تبدي هذا الاحتقان في مدينة طرابلس، التي تشهد بين الحين والآخر مواجهات مسلحة بين السنة والعلويين. الكيماوي السوري وإلي جانب الخوف من انتقال الثورة السورية وتداعياتها علي الدول المجاورة، هناك خوف آخر من انتقال الأسلحة الكيماوية إلي يد الإخوان المسلمين، أو حزب الله، أو تنظيم القاعدة، وحول هذه المخاوف أكد النظام السوري أن الأسلحة الكيماوية مؤمنة تماما، ولن يستخدمها إلا إذا حدث هجوم غربي، خارجي عليه. وقالت موسكو إنها حصلت من سوريا علي تأكيدات قوية، بأن الأسلحة الكيماوية السورية مؤمنة تماما، في هذه الأثناء، ولكن المخاوف في إسرائيل من احتمال أن تقع هذه الأسلحة في أيدي مجموعات معادية من بينها «حزب الله» اللبناني، أو تنظيم القاعدة في ظل تردي الأوضاع الأمنية في سوريا. وقد نقلت وكالة «إيتار تاس» الروسية للأنباء عن «جينادي جاتيلوف» نائب وزير الخارجية الروسي قوله إن موسكو حصلت علي تأكيدات قوية من دمشق بأن ترسانة الأسلحة الكيماوية السورية «مؤمنة تماما». وأمام المخاوف التي أبدتها الدول الكبري من إمكانية استخدام السلاح الكيماوي في الصراع الدائر في سوريا، أعلنت دمشق أنها لن تستخدم ذلك السلاح إلا إذا تعرضت لهجوم خارجي. وقال الناطق باسم الخارجية السورية «جهاد مقدس» في مؤتمر صحفي بدمشق إن هذه الأسلحة مخزنة ومؤمنة جيدا، ولن تستخدم مطلقا ضد المدنيين، أو حتي ضد مقاتلين في مناطق مكتظة بالسكان. وتابع المتحدث السوري، أن جنرالات الجيش السوري يعرفون متي، وأين يمكن أن يستخدم السلاح الكيماوي! سيدفع الشعب السوري ثمن التصعيد العسكري الغربي ضد سوريا من دماء أبنائه، ومقدرات بلاده، وبنية وطنه، التي ستنهار تحت ضرب الطائرات والمدافع من كل جهة.. وكان ينبغي علي جامعة الدول العربية، والمنظمات الدولية الممثلة في الجمعية العامة، للأمم المتحدة أن يعملوا معا للبحث عن مساحة من التوافق بين النظام السوري والمعارضة، حقنا للدماء، وحفاظا علي دولة محورية في المنطقة العربية، يري المحللون السياسيون أنها ستتحول إلي عراق آخر، إذا ما تدخلت الدول الغربية عسكريا في الصراع.