لقطات مصر وسوريا .. جناحا الأمة العربية سَلامٌ مِن صَبا بَرَدَى أَرَقُّ وَدَمعٌ لا يُكَفكَفُ يا دِمَشقُ وَذِكرَى عَن خَواطِرِها لِقَلبي إِلَيكِ تَلَفُّتٌ أَبَدًا وَخَفْقُ وَبي مِمّا رَمَتكِ بِهِ اللَيالي جِراحاتٌ لَها في القَلبِ عُمْقُ قلبى ينفطر لما يحدث لسوريا. أراها كالأيتام على مآدب اللئام. تدخلت كل الدول، الحابل منها والنابل. في الشأن السورى. ودنست التراب السورى أقدام من كل حدب وصوب. لأكثر من عشر سنوات من القتل والتشريد عانى الشعب السورى وصَمَد. ثم جاءت سلسلة الزلازل الأخيرة لتنكأ جراحا لم تندمل، بل ما زالت تنزف، فزادتها نزيفا. والسؤال: أين الأشقاء؟ كان وزراء الخارجية العرب قد قرروا في نوفمبر/تشرين الثانى عام 2011 تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية على خلفية الاضطرابات التي حدثت هناك، وكرد فعل لتراجع الحكومة السورية عن التعاطى الايجابي مع المبادرة العربية لحل الأزمة. المهم والمقلق في نفس الوقت أنه منذ عام 2011 تواجد في الساحة السورية كل الغرماء، وغاب الأشقاء. ومنذ عام 2011 حتى الآن، مرت مياه كثيرة تحت الجسور في داخل سوريا وخارجها. وتدخلت في الشأن السورى أطراف غير عربية كثيرة، لكل منها أجندتها، بينما ظل العرب بعيدا عما يجرى. ودفع الشعب السورى الثمن. ولا شك أن الغياب العربى، أيا كانت مبرراته، قد ترك فراغا سعى الكثيرون لملئه. ولكنى أتوقف هنا بالذات عند الغياب المصرى عما يجرى في سوريا. فعندما يتعلق الأمر بسوريا، لا تملك مصر ترف الابتعاد. فمصر والشام عموما، وسوريا خصوصا، صنوان جيوستراتيجيان. هكذا تعلمنا الجغرافيا ويحدثنا التاريخ. فالتاريخ يحدثنا أنه على أيدى ملوك الدولة الحديثة في مصر، خصوصا تحوتمس الثالث ورمسيس الثانى ، مدت مصر حدودها باتجاه الشمال الشرقى حتى سوريا. وأنه في القرن الثانى عشر قام صلاح الدين الأيوبي بتوحيد مصر والشام والحجاز وتهامة واليمن، بعد تحرير القدس من الصليبيين. وأن سلطان مصر قانصوه الغورى في أوائل القرن السادس عشر خرج على رأس جيشه لملاقاة العثمانيين بقيادة سليم الأول في مروج الشام شمال حلب فى موقعة مرج دابق. ويحدثنا التاريخ المعاصر عن وحدة مصر وسوريا وتأسيس الجمهورية العربية المتحدة عام 1958. كما يحدثنا التاريخ بأن مصر وسوريا كانتا رفاق السلاح وحاربتا إسرائيل لتحرير الأرض في حرب 1973. وهذا ليس نهاية المطاف. من هنا نقول إن الزيارة التي قام بها وزير الخارجية المصرى سامح شكرى إلى سوريا مؤخرا ربما تكون بداية لتصحيح خطأ استراتيجى، ألا وهو خطأ غياب مصر عن الساحة السورية. صحيح أنها جاءت في إطار ما يسمى الدبلوماسية الإنسانية، للتأكيد على اللحمة القائمة بين شعبى مصر وسوريا عبر التاريخ. لكنها في النهاية تحرك في الاتجاه السليم. وأتمنى أن يتبعها خطوات أخرى على المستوى السياسى. وأعتقد أنه قد آن الأوان لكى تستعيد سوريا المكان والمكانة التي تليق بها. فطبقا لمعادلات الحساب الاستراتيجي، مصر وسوريا هما جناحا الأمة العربية اللذان لا يمكن لهذه الأمة أن تطير إلا بهما. ولهذا فأنا أطالب من هذا المنبر بأن تكون مصر مبادئة لتحرك عربى في هذا الاتجاه. إن مصر يجب أن تبادر بعودة علاقاتها الدبلوماسية بسوريا الشقيقة، وأن تطالب بعودة سوريا بعد طول غياب إلى مقعدها الشاغر في الجامعة العربية.