لم يكن ما حدث في مصر المحروسة خلال يومي 18 و19 يناير 1977 أمرا عابرا في تاريخ الشعب المصري- الكل يجمع على أن احداث هذين اليومين الخطرة – كانت بعيدة الأثر في حياة مصر والمصريين, فلأول مرة منذ أحداث ثورة 1919 تنطلق في كل مدن مصر في وقت واحد وتردد نفس الشعارات وترفع نفس المطالب. ولأول مرة يفرض حظر التجول في مصر منذ قيام ثورة يوليو 1952 وتنزل القوات المسلحة إلى الشارع ويسقط خلال يومين- طبقا لبيانات الحكومة 79 قتيلا, 214 مصابا ونعتقد ان هذه الأحداث قد نالت من شرعية أنور السادات التي اكتسبها من خلال الانجاز العسكري الذي حققته القوات المسلحة المصرية في حرب اكتوبر 1973, بل دفعته سريعا الى استكمال تحالفه مع الغرب بقيادة الولاياتالمتحدة ويذهب أبعد من ذاك – بأن ذهب الى زيارة العدو الصهيوني بالقدس في نفس العام حتي يجد الحماية الدائمة من هذا المعسكر الاستعماري ونعود الي حيثيات حكم القاضي النزيه الشجاع منير حكيم صليب في قضية هذه الأحداث التي حاول النظام وعلي رأسه رئيس الوزراء ممدوح سالم ان يلصق هذه الهبة الجماهيرية العظيمة الي تحركات عناصر اليسار المصري وعلى رأسها حزب التجمع- تقول الحيثيات ان الحوادث التي اجتاحت البلاد يومي 18 و19 يناير 1977 ترجع الى انه في الوقت الذي كان المواطنون ينتطرون اتخاذ اجراءات اقتصادية تؤدي الى تخفيض الاسعار ورفع المعناة فوجئوا برفع الدعم عن بعض السلع وفرض رسوم وضرائب جديدة على سلع اخري مما استوجب رفع اسعار عدد من السلع التي لا غني عنها لجماهير الشعب فكان رد الفعل قويا على مختلف طوائف الشعب اثارت اعصابه وأدت الي خروج مسيرة سلمية يوم 18-1-1977 تعبر عن اعتراضها علي هذه القرارات واستمرت هذه المظاهرات سلمية متجهة الي مجلس الشعب وممثليه وهناك رأت الشرطة الحيلولة بين الشعب وممثليه فاصطدمت قوات الامن المركزي بالجماهير تحاول تفريقها بقوة السلاح. فاشتعل الغضب والتحمت الجماهير مع هذه القوات وتصاعدت المعارك وغلب العنف على حركة الجماهير وعمت مدن الجمهورية جميعا ثم استمرت طوال يومي 18و19 يناير 1977 الى ان سحبت الحكومة قراراتها وتدخلت القوات المسلحة وفرضت حظر التجول فهدأ الموقف وخمد. وتستمر حيثيات المحكمة الشجاعة قائلة, المحكمة وهي تتصدي لتلك الاحداث بالبحث والاستقصاء لعلها ان تستكشف عللها واسبابها وحقيقة امرها لابد ان تذكر ابتداء ان هناك معاناة اقتصادية كانت تأخذ بخناق الامة المصرية في ذلك الحين وكانت هذه المعاناة تمتد لتشمل مجمل نواحي الحياة والضروريات الاساسية للانسان المصري. فقد كان المصريون يلاقون العنف وهم يحاولون الحصول علي طعامهم وشرابهم ويجابهون الصعاب وهم يواجهون صعودا مستمرا في الاسعار مع ثبات في مقدار الدخل. نكتفي الى هنا بهذا القدر من حيثيات القاضي الشجاع ومحكمته النزيهة ونذكر بيانين للاحداث اصدرهما حزب التجمع يومي 19 و24 يناير 1977 جاء فيهما: في الوقت الذي كانت الجماهير المصرية تنتظر كما بشرتها الصحافة وبيان الحكومة وتصريحات المسئولين تحقيق خطوات فعالة في طريق تصحيح المسار الاقتصادي, وتحسين احوال الجماهير الكادحة, فوجئت بقرارات من مجلس الوزراء برفع اسعار عدد من السلع الاساسية، والذي يؤدي الى المزيد من الارتفاع في الاسعار العامة, والتي تتحمل اعباءها في النهاية الطبقات الشعبية, والغريب ان تتم هذه الخطوات دون الرجوع الي مجلس الشعب والتنظيمات الجماهيرية, وكان رد الفعل التلقائي من الجماهير التي تعاني من تعقد ظروف المعيشة هو محاولة التعبير عن رفضها لهذه القرارات عن طريق التوجه الي مجلس الشعب لمطالبته برفض هذه الزيارات التي امتصت اضعاف العلاوات المقررة للعاملين في الحكومة والقطاع العام رغم ما وعدت به الحكومة في بيانها بتحقيق التوازن بين الاسعار والاجور. ويمضي بيان الحزب قائلا ان شعبنا يعرف الحقيقة الكاملة, فقد عبر عن نفسه وشارك في حركة يومي 18 و19 يناير وفاجأته قسوة قوات الامن المركزي ولجوئها الي العنف في مواجهة الحركة الجماهيرية السلمية بلا مبرر لهذا العنف, مما ادى إلى بعض اعمال العنف والمصادرة والاعتداء علي بعض المملكات العامة والخاصة وهيأ الجو لعمليات تخريب قامت بها عناصر مختلفة من عملاء المخابرات الامريكية المركزية والرأسمالية الطفيلية طبقا لمخطط يستهدف إلصاق هذه العملية بالقوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية لاتخاذها ذريعة للقيام بعملية تصفية شاملة لهذه القوى وايقاف تطور الممارسة الديمقراطية التي بدأت في مصر حديثا بتعدد الاحزاب, واجهاد حزبنا الى الحد الذي يشل ارادته وقدرته على الاستمرار دفاعا عن مصلحة الشعب والوطن.. انتهي البيان