إن مصر التي تعيش فينا ونعيش فيها تمر الآن بفترة حاسمة من تاريخها التي تحاول استكمال طريق ثورتها الديمقراطية التي مرت بفترات تقدم وفترات أخري للتراجع وهذا الاستكمال يتطلب ضرورة تواجد جبهة وطنية مدنية ديمقراطية في مواجهة استبداد الدين السياسي والكشف بدقة عن مواقع الفساد والافساد نتيجة تزاوج السلطة بالمال وضرورة تذويب الفوارق بين الطبقات الاجتماعية والعمل علي القضاء علي تسطيح وعي الجماهير من قبل السلطة السياسية أو الاحزاب والقوي الرجعية والتعامل مع المواطنين علي انهم رعايا لا مواطنين قبل هذا وذلك لتحقيق الارادة الحرة المستقلة في العلاقات الداخلية والخارجية وإذا كنا في مرحلة إقامة دستور دائم لهذا الوطن فيمكنني كأي مواطن مصري اشتراكي أن اجمل ما اقتنع به في هذا النطاق: أولا: أن يكون القضاء علي الأمية من أولويات الدستور علي أن يقوم بهذا الواجب خريجو الجامعات والمعاهد العليا كخدمة وطنية علي أن يعفوا من التجنيد لأنها مهمة أمن قومي علي أن يحصلوا خلال خدمتهم هذه علي الحد الأدني للأجور ويكون مستند ادائهم لمحو أمية عدد من الافراد والذي يحدده الخبراء في هذا المجال ضروري للعمل بقطاعي الاعمال العام أو الحكومة. ثانيا: من الممكن الإبقاء علي مجلس الشوري علي أن يكون مجلسا ذا صلاحيات تشريعية ورقابية وإلا فليلغي هذا المجلس الذي تحول إلي مكلمة لا تقدم اضافة حقيقية للمجتمع. ثالثا: أن تكون المجالس القومية من خيرة اكفاء وعلماء مصر في الداخل والخارج علي أن تقوم كجهاز استشاري لرئيس الجمهورية يرسل له ما يريد أن يسترشد به في قراراته وأن يتم الرد عليها خلال فترة زمنية محددة. رابعا: رغم أني يساري واشتراكي فإنني اطالب في الدستور القادم بالغاء نسبة ال 50% للعمال والفلاحين وذلك لأننا اذا ما استرجعنا هذه النسبة التي نتجت عن ميثاق العمل الوطني بغرض دفع العمال والفلاحين للمشاركة في العمل السياسي الذي كانوا محرومين منه في فترات سابقة فضلا علي أنهم القوي الدافعة لعجلة الإنتاج وبدأ تطبيقها في انتخابات مجلس الأمة عام 64 وكانت وجهة نظر الزعيم جمال عبد الناصر ضرورة اعادة النظر في هذا الميثاق بعد عشر سنوات ولكن مرت علي الوطن ظروف معاكسة منها نكسة 67 والاعداد لحرب اكتوبر المجيدة وانقلاب 15 مايو ثم اقرار دستور 71 ولم يعد يذكر كلمة واحدة عن هذا الميثاق، إن اقرار 50% في المجالس الشعبية المنتخبة استخدمت لصالح القوي البرجوازية وخلقت نوعا من الانتهازية السياسية فهي الآن تضر بممارسة الفلاحين والعمال للديمقراطية. ولنأخذ مثلا واحدا لأحد قادة حزبنا الزميل البدري فرغلي فمقدار ما سيبذله من جهد وتكاليف مادية سيكون أقل في حالة إلغاء هذه النسبة ومرتبطا بذلك ورغم أن حزب التجمع كان من أولوياته اجراء انتخاباته بالقائمة النسبية غير المشروطة ولكنني اقترح في ظروف وطننا الحالية ولمدة دورتين انتخابيتين أن تكون الانتخابات بنظام الفردي كما حدث في انتخابات 57 وما قبلها من انتخابات وفيها تقسم الجمهورية إلي دوائر حسب تعدادها السكني- بقدر الإمكان- ويمثل كل دائرة نائب واحد يسهل لأبناء دائرته محاسبته علي ادائه الرقابي والتشريعي. والأمر المهم الآخر أن هذه الطريقة ستمكن الشباب من خوض غمار المعارك الانتخابية في حيز سكاني معقول يسهل عليه الالتقاء المباشر بابناء دائرته والتعلم منها ويكون ذلك بداية لتكوين أحزاب حقيقية وعلي الدولة أن تدعم الاحزاب ماديا بمقدار وجودهم في مجلس الشعب، وبالطبع بعد انتخابات مجلس الشعب ستتحدد القوي المدنية الديمقراطية ومن ثم تتشكل الجبهة الوطنية التي تهدف إلي تحقيق الاهداف العامة لثورة 25 يناير العظيمة، وهذا لا يعني اذابة الاحزاب في هذه الجبهة فلكل حزب برنامجه السياسي ولائحته التنظيمية التي يتميز بها ونرجو أن نعمل بصبر ودأب من أجل هذا الوطن الذي يستحق بعمل ابنائه والرؤيا العلمية لواقعهم وهدفهم مكانته المستحقة في العالم.