انتباه الذرة الشامية.. وحكومة الأفندية *بقلم منصور عبدالغني: نحن الفلاحين عندما يتحدث أمامنا أحد الأشخاص بغير معرفة متفلسفا في أحوال الزراعة وتربية الماشية وغيرها نطلق عليه مقولتنا الشهيرة بأنه "أفندي" وبدوري كفلاح أصابتني الدهشة عندما سمعت من بعض وزراء الحكومة الحالية حديثًا حول بحث ودراسة التوسع في زراعة محصول الشعير واستخدامه لسد العجز في محصول القمح بإضافته إلي رغيف الخبز، وقلت فعلا إنها حكومة أفندية. الشعير محصول شتوي تبلغ مساحته 70 ألف فدان فقط، وتتم زراعته على مياه الأمطار خارج أراضي الوادي والدلتا ومناطق الاستصلاح الجديدة, وتوقيت زراعة الشعير هو نفس توقيت زراعة القمح، والحديث عن التوسع في زراعته حتما سيكون على حساب الأصل، وهو محصول القمح، والشعير تستخدمه القبائل البدوية في سيناء وشمال وغرب البلاد في انتاج رغيف الخبز، وإذا نجحت الحكومة في توفير المياه لرية تكميلية في بعض المناطق الساحلية فإنها بذلك يمكن أن تتوسع في زراعة القمح وليس الشعير، لذلك هي حكومة أفندية. العملية العسكرية التي تقوم بها روسيا داخل أوكرانيا، ومن قبلها أزمة كورونا دفعت العديد من دول العالم إلى إعادة التفكير في سياساتها الداخلية، خاصة فيما يتعلق بتوفير الغذاء لمواطنيها، والوصول إلى أعلى نسبة ممكنة من الاكتفاء الذاتي في السلع والمنتجات الغذائية. في هذا الإطار أعلنت الحكومة أنها ستقدم حوافز سعرية لمزارعي القمح للوصول بمعدلات توريد المحصول إلى 6 ملايين طن بزيادة 2 مليون طن عما كانت تستهدف الحصول عليه قبل الأزمة الأوكرانية، وبذلك تصل نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح الي 60% تقريبا. أهملت الحكومة ربما عن عمد التطرق إلى محصول الذرة الشامية، والذي يمكن أن يصل بنسبة الاكتفاء الذاتي من القمح الى 90% عن طريق اضافة 20% من دقيق الذرة الي رغيف الخبز بواقع عبوة من دقيق الذرة لكل 4 عبوات من دقيق القمح, وهو ما تم تجربته عام 1998 واستمر لبضع سنوات وتوقف بسبب عدم وجود الإنتاج المحلي من الذرة الشامية بالاضافة إلى ان إنتاج الذرة يمثل 70% من مدخلات صناعة الأعلاف، والعمل على توفيره بأسعار مناسبة يؤدي الي زيادة توريد القمح بما يعادل مليون طن بخلاف المستهدف الذي حددته الحكومة. الذرة الشامية محصول صيفي يحبه الفلاح ويتمني زراعته نظرا لأن عيدانها وأوراقها يتم استخدامها كعلف أخضر للماشية، ومحصوله يتم استخدامه كغذاء للإنسان وصناعة الأعلاف للحيوان، ويحتاج فقط الى سياسة زراعية وتسويقية لضمان تحقيق عائد للمزارع، والتوسع في زراعة المحصول سيكون علي حساب محصول الأرز الذي تسعي الدولة الى خفض مساحته للحفاظ على المياه علما بأن فدان الذرة يستهلك 2500 متر مكعب من المياه بينما يستهلك فدان الأرز 6500 متر مكعب من المياه. تبلغ مساحة محصول الذرة 2.7 مليون فدان منها 800 الف فدان ذرة صفراء، ويبلغ الانتاج الاجمالي 8 ملايين طن سنويا في حين يصل استهلاك الذرة الي 20 مليون طن سنويا, ويتم استيراد 12 مليون طن بقيمة تصل الي 2.5 مليار دولار، ورغم ذلك ترفض الحكومة شراء محصول الذرة من الفلاحين ولا تمتلك صوامع لتخزينه، ولا تهتم بإعلان سياسة تسويقية للمحصول، ولا حتي أسعار استرشادية للبيع، وعندما تحركت للتصدي لأزمة القمح والغذاء تحدث احد الوزراء عن الشعير، وتم التغاضي عن الحل الحقيقي لأزمتي القمح والأعلاف، والذي يتمثل في محصول الذرة الشامية. لذلك أقول الذرة الشامية يا حكومة الأفندية. رحم الله الشهداء وتحيا مصر