ظواهر متميزة ظهرت في دورة معرض القاهرة الدولي للكتاب والتي انتهت أمس الأول الاثنين, منها الحضور الجماهيري المكثف مما يدل علي تعطش الجمهور المصري للقراءة وحبه الدائم للثقافة وللفن, علي اعتبار أنهما من الروافد المهمة لتأسيس وبناء الشخصية القوية. كذلك الاهتمام بصناعة النشر من خلال اقامة ورش وندوات حول مستقبل هذه الصناعة المهمة. ومن أهم الندوات التي اقيمت في هذا الاطار حلقة نقاشية تحت عنوان "قواعد ادارة النشر وكيفية ادارة عملية نشر ناجحة" ضمن فعاليات "البرنامج المهني" للمعرض, وشارك فيهاد. عماد الاكحل ونيفين تهامي واحمد مهني. وناقشت الحلقة آليات ضبط صناعة النشر والاندماج مع المتغيرات العالمية التي تؤثر عليهما, مع محاولة استكشاف طرق مجربة لإدارة شركة احترافية تستثمر في المحتوي. شخصية المعرض وضمن ندوات شخصية المعرض اقيمت ندوة عن الروائي "يحيي حقي" اكد خلالها د. احمد درويش أن "حقي" انتقي لغة مميزة في كتابة النقد والبلاغة الحديثة, وان سبب نجاح حقي في الادب والفن هو عشقه للغة واعتزازه بهويته المصرية. وأضاف "حقي" لم يتوقف عن التعليم مهما كان عمره, وكان لا يمانع أن يكون تلميذا حتي لمن هم اصغر منه. وانه وزع مسيرته بين الانتاج الادبي و النقد الادبي, ومن النادر أن نجد هذا الاتفاق لاننا دائما ما نجد منافسة بين هذين المجالين, اي بين الابداع والعلم. وأكد د. عبد الرحيم الكردي ان كل كلمة كتبها "يحيي حقي" هي جزء من شخصيته وحياته, موضحا انه ولد في منطقة شعبية بالقاهرة, وكل ما تربي عليه موجود. وقال الكردي عن رواية "قنديل ام هاشم" ان يحيي حقي تحدث فيها عن مشاكل مصر في العصر الحديث, وقارن بين الفكر الشرقي بخرافاته والغربي بعلومه, وقد كتبها بلغة تجمع بين العامية والفصحي بطريقة مبدعة, ورصد خلالها جهل "الاخوان ومن علي شاكلتهم" ورفضهم للتطور العلمي. كما اقيمت ندوة عن الكاتبة الراحلة "نوال السعداوي" بمشاركة الكاتب الصحفي د. محمد الباز والكاتب خالد منتصر والشاعرة فاطمة ناعوت وادارها الشاعر شعبان يوسف, والذي اكد علي أن نوال السعداوي ليست كاتبة فحسب , بل مصلحة اجتماعية ومفكرة وأديبة, لها اشتباكات كثيرة مع الواقع, وقد استطاعت أن تنتصر في معاركها الثقافية. واكد د. محمد الباز، ضرورة تخصيص جائزة تحمل اسمها سواء من المؤسسات الاجتماعية, أو النسوية, حتي يظل اسمها يتردد دائما, وان ندافع عنها وعن افكارها فهي من المجددين في الفكر الانساني, كانت تحاول انقاذ المرأة من العنف الواقع عليها. وقال د. خالد منتصر : هي سيدة لم تتنازل ابدا ولم تمسك العصا من المنتصف علي الاطلاق, فكل الذين يكبتون في التنوير يقدمون مواءمات, انما هي لم تتنازل, ولم تتسول التنوير, لان المناخ الذي نشأت فيه هو الذي خلق هذا النموذج, وتعجبت كثيرا من الشماتة فيها بعد موتها علي السوشيال ميديا, بغلظة وحقد, وهذا ما يجعلني اقول ان هذا ليس خلافا دينيا او فكريا, انما هؤلاء جماعة فقدت الانسانية, ومع ذلك تظل نوال السعداوي بمؤلفاتها خالدة دائما. وفي ندوة "تجربتي الابداعية" تحدثت الروائية سلوي بكر عن تجربتها مؤكدة علي أن الفترة التي بدأت فيها الكتابة والنشر كانت مختلفة تماما. واضافت قائلة : "اقول لشباب الكتاب راهنوا علي الكتابة فقط, اكتبوا من اجل انفسكم, ومن اجل القراء, وليس من اجل اشياء اخري. واضافت قائلة:" النص الذي يبقي هو الذي يستطيع ان يتماس مع الانسان عبر جملة الازمنة, فكل ما يتماس مع القيم الانسانية هو خالد, لان هذه القيم هي الاولي وهي الابقي, فالصدق مع النفس في الكتابة, والبحث عن هموم انسانية حقيقية هو ما يعلي من شأن الكتابة ويجعل النص قادرا علي الصمود في وجه الزمن. كما اقيمت ندوة كتاب "ليل الخلافة العثمانية الطويل.. سيرة القتل المنسية" للكاتب محسن عبد لعزيز ادارتها الروائية ضحي عاصي وشارك فيها حلمي النمنم وزير الثقافة الاسبق والمؤرخ د. عاصم الدسوقي. تحدثت ضحي عاصي قائلة ان الكتاب يطرح موضوعات لم يكن احد يجرؤ علي الاقتراب منها, باعتبار ان الانتقاص من الخلافة العثمانية انتقاد للاسلام نفسه, وطالبت بضرورة العمل علي توضيح ان الدولة العثمانية ليست هي الاسلام. واكد د. عاصم الدسوقي علي انه رغم سيطرة الحكم العثماني علي مصر لفترة طويلة, لكن القاهرة كانت تقاوم لتصبح العاصمة الثقافية للعالم العربي كله, اذا ان القاهرة لديها روح المقاومة, وتجلي ذلك في معمار القاهرة الذي حافظ علي النمط المملوكي بشكل كبير ولم يتأثر بالطراز العثماني الا في بعض المباني. ثقافة الطفل ومن الظواهر المهمة في المعرض هذا العام الاهتمام بثقافة الطفل ومسرح الطفل من خلال مشاركة عدة هيئات ووزارات مختلفة, فبالاضافة لنشاط المركز القومي لثقافة الطفل التابع لوزارة الثقافة المصرية, كان هناك ركن خاص للطفل يحمل اسم "وعي" اقامته وزارة التضامن الاجتماعي حيث تضمن الركن ورشا فنية لتعليم الصغار الرسم والتلوين, وتوفير برنامج ترفيهي وتعليمي علي مدار اليوم يضم مكتبة بها العديد من القصص و الحكايات, التي تناسب الاعمار المختلفة للاطفال.