*جودة عبدالخالق: ترك أسعار السلع الضرورية للعرض والطلب خطأ *وائل النحاس: الحكومة تخطط لإلغاء الدعم *نادر نور الدين: ضرورة زيادة الدعم النقدى مع ارتفاع الأسعار فرضت موجة ارتفاع اسعار السلع الغذائية والبترول فى الاسواق العالمية أزمة طاحنة داخل السوق المحلى الأمر الذى دفع الحكومة لاتخاذ العديد من الاجراءات لمواجهة تلك الأزمة فى محاولة منها للسيطرة على تداعياتها على الموازانة العامة للدولة, ولم تهتم بتهديدات هذه الأزمة وتأثيرها على أحوال المواطنين..ولذلك اتجهت الى تطبيق آليات التسعير التلقائى على المواد البترولية وكل الخدمات المرتبطة بالبترول ومشتقاته, وايضا السلع الغذائية التى يتم استيرادها من الخارج, ونجحت وزارة التموين والتجارة الداخلية باخضاع السلع التموينية المدعومة مثل القمح السكر والزيت لآلية التسعير التلقائى مع الالتزام بالمراجعة الدورية وهى نفس الآليات التى تنتهجها وزارة البترول.. والسلع التموينية التى يتم توزيعها على بطاقات التموين تعتبر أهم الآليات التى تنفذها الحكومة لتحقيق الرعاية الاجتماعية الكاملة للمواطنين للحد من الآثار السلبية لبرنامج الاصلاح الإقتصادى ..الا ان الحكومة اتجهت الى تخفيض الدعم وقامت وزارة التموين منذ عام 2018 بحذف المستفيدين من الدعم تحت دعوى تنقية البطاقات وتحديث بيانات المستفيدين من منظومة السلع التموينية، وتم بالفعل حذف ملايين المستفيدين لعدم تطابق الشروط وسبق أن ذكر وزير التموين "على المصيلحي "أنه تم حذف 10 ملايين من قاعدة بيانات منظومة السلع التموينية ليصل إجمالي عدد المستحقين إلى نحو 70 مليونا، مما وفر على الدولة نحو 5 مليارات جنيه سنويًا، ويقتصر الدعم الذى يتقاضاه الفرد على 50 جنيها شهريا.. ومع موجة الارتفاعات العالمية للاسعار والسلع قامت وزارة التموين بتطبيق سياسة جديدة هدفها تخفيض قيمة الدعم السلعى فرفعت اسعار السلع المدعومة, وتم رفع سعر الزيت التموينى بمقدار 8 جنيهات للزجاجة زنة لتر على مرحلتين حيث كانت الزيادة الأولى فى شهر يونيو 4 جنيهات, والزيادة الثانية تم تطبيقها بداية من شهر نوفمبر من العام الماضى, فارتفع سعر الزجاجة من 17 جنيها الى 25 جنيها, وارجعت وزارة التموين وقتها هذه الزيادات الى ارتفاع الاسعار العالمية للمادة الخام للزيوت التى وصلت الى ما يقرب من 21,5 الف جنيه للطن الواحد, حيث بلغت نسبة الارتفاع فى زيت الصويا الى 44%, وفى زيوت عباد الشمس 55%. ورغم تأكيد وزير التموين بأن الوزارة تعاقدت مع مزارعين لزراعة فول الصويا لتوريده لمصانع الوزارة لإنتاج زيت بأسعار مناسبة الا أن الاسعار ثابتة وقابلة للزيادة, ولم ينته الامر عند هذا الحد بل تم رفع اسعار الدقيق والمكرونة والسكر وباحتساب هذه الزيادات يصبح قيمة الدعم الفعلى الذى يحصل عليه الفرد 35 جنيهات. بدلا من 50 جنيها .وهو الامر الذى دعى خبراء الاقتصاد الى المطالبة برفع قيمة الدعم الذى يحصل عليه المواطن من أجل تخفيف الأعباء التى تثقل كاهل المواطنين , مما يساعدهم على تحمل اعباء المعيشة…أثار هذا الاقتراح العديد من التساؤلات في أذهان المواطنين حول إمكانية تطبيقه خاصة فى ظل سياسة الاستبعاد التى تنتهجها وزارة التموين..والسؤال الاهم هل زيادة حصة الفرد فى التموين سوف تساهم فى رفع مستوى المعيشة وتراجع معدلات الفقر؟! الغذاء الصحى لكل مواطن من جانبه أكد د"جودة عبد الخالق" استاذ الاقتصاد ورئيس اللجنة الاقتصادية بحزب التجمع ان المقررات التموينية التى يجب صرفها لكل مواطن يجب أن تكون كافية ويجب تحديدها, ويجب الا تترك اسعار السلع التموينية الى قوى العرض والطلب, وانما يتحدد سعرها بحيث تتواءم مع القدرة الشرائية للمواطن المصرى وطالب بضرورة التوقف عن الدعم النقدى الذى يحصل عليه المواطن نظرا لعدم وجود رقابة على الاسعار,لافتا الى أن قيمة ما يحصل عليه المواطن يتآكل بفعل ارتفاع الاسعار وارتفاع معدلات التضخم, وبدلا من منح المواطن اموالا لا تكفى لشراء ما يحتاج اليه من غذاء صحى علي الدولة أن تستبدل هذا النظام بمقررات تموينية لكل مواطن . خطة حكومية أما د"وائل النحاس"الخبير الأقتصادى فأوضح أن خطة الحكومة فى المرحلة القادمة هى التخلى عن منظومة الدعم تماما, والخطوة القادمة عدم وجود سلع مدعمة لا خبز ولا سلع غذائية فكل سلعة سوف تباع بسعر السوق, والفئات التى ستظل فى منظومة الدعم هى فئات تكافل وكرامة فحسب ,أما باقى المواطنين رغم انهم فقراء ويستحقون الا انه سيتم استبعادهم من منظومة الدعم, ولذلك تقوم الدولة باجراءات بديلة للدعم كرفع الحد الأدنى للاجور والحد الادنى للمعاش بهدف حذف شرائح كبيرة من المستحقين للدعم, وذلك تنفيذا لتوجهات البنك الدولى الذى ينظر الى اجمالى الدعم وهو مبلغ ال 87 مليار جنيه, فالبنك يطالب الحكومة أن تكون قيمة الدعم بنسبة0,5% من الناتج المحلى أى ما لا يزيد عن 35 مليار جنيه سنويا ,والفكرة انه كلما زاد الناتج المحلى يتم وضع قيود جديدة لحذف المستفيدين, فعدد المستفيدين كان 86 مليون مواطن اصبح الآن 62 مليونا, ومن المحتمل أن ننزل بهذا الرقم الى 50 مليونا حتى نصل الى أن الفقراء فى مصر هم 30% وفقا لارقام الجهاز المركزى للتعبئة والاحصاء ,وبالتالى كل يوم وزارة التموين تبحث عن قيود جديدة ومحاولات مستمرة لخفض قيمة الدعم وبالتالى مستبعد تماما أن تقوم الدولة بزيادة قيمة الدعم, وبالتالى هى كحكومة لم تنظر الى ارتفاع الاسعار لان هدفها الاساسى الغاء الدعم . وأكد "وائل النحاس"كان المفترض عند التحول الى الدعم النقدى من البداية وضع آلية معينة نضمن بها عدم تآكل قيمة الدعم بمرور الزمن لضمان زيادة قيمة الدعم وفقا لمعدلات التضخم مثلما يحدث فى الاجور والمعاشات , ولكن هذه الآلية لم يتم وضعها من البداية وبالتالى كان الهدف من التحول للدعم النقدى هو تخفيض الدعم , وتابع:بالرغم من أن الحكومة فى مأزق بسبب ارتفاع اسعار القمح التى وصلت الى الضعف وهذا سيؤثر بالطبع على السلع التموينية وخاصة رغيف الخبز,ولكن المسئول هنا الحكومة وليس المواطن فالدولة التى لم تضع آلية لزيادة قيمة الدعم تحسبا لزيادات الاسعار, والمفترض أن الدولة يجب ألا تتخلى عن المواطنين فى مثل هذه الازمات العالمية, فالدولة دورها هو تدبير الموارد وحماية مواطنيها, فهناك دول تقوم بعمل تأمين بطالة وكوبونات الغذاء توزع على المواطنين حتى فى الدول الرأسمالية ..فالدول تقوم بدعم مواطنيها بصور مختلفة .وأشار الى أن الحديث الدائم عن الزيادة السكانية ونغمة انها وراء كل الكوارث التى نعانى منها ليست مبررا لالغاء الدعم موضحا أن اولاد الفقراء أغلبهم يعتبر مصدر دخل للبلاد لانهم عندما يكبرون يسافرون ويعملون كعمالة بالخارج, وتحويلات هؤلاء تعتبر مصدرا مهما من مصادر الدخل وتقدر بنحو 31 مليار دولار سنويا . سياسات خاطئة واوضح الخبير الاقتصادى أن المشكلة الحقيقية التى نعانى منها هى التصريحات الوردية للمسئولين فى الدولة والتى توهم الجميع بعدم وجود مشكلة وخاصة تصريحات وزير التموين الذى ظل يردد فى اكثر من مناسبة ان لدينا مخزونا احتياطيا من السلع الاساسية, ونفاجأ بعدها برفع اسعار السلع ليس له مثيل , والكارثة الأكبر اننا سنواجه خلال الشهر الجارى ارتفاعا فى الاسعار العالمية, وللاسف الدولة ليست لديها خطط للمواجهة او مخزون احتياطى , فمثلا وزير التموين دمر زراعة البنجر فى مصر , ورفض شراءه العام الماضى من الفلاحين, وعمل دمارا للتربة ,بحجة ان لديه مخزونا يكفى عامين ونصف العام, وللاسف تم رفع اسعار السكر اوائل يناير جنيهين ونصف الجنيه, ولم يكتف بذلك بل دمر محصول الذرة نتيجة تصريحاته, واصبح الاحتياطى الان 6 أشهر, والارز التجار يرفضون بيع المحصول لانهم لا يريدون بيعه أقل من 10 جنيهات, وبالتالى السياسات الخاطئة التى يتخذها المسئولون بالدولة هى السبب فى الازمة والضحية هو المواطن الذى يتحمل تكلفة هذه الاخطاء . زيادة الدعم فيما أوضحت د"سلوى العنترى"الخبيرة الأقتصادية أن استمرار سيناريو ارتفاع معدل الاسعار يزيد من أوجاع الفقراء ومحدودي الدخل، مؤكدة على ضرورة عدم المساس بقيمة الدعم الحالى بل محاولة زيادته للحيلولة دون زيادة معدلات الفقر,لان تخفيض الدعم يضاعف الاثر على الفقراء. ويؤكد د"نادر نور الدين" مستشار وزير التموين الأسبق الافضل بالنسبة للفقراء أن يحصلوا على دعم عينى على صورة سلع تموينية تصل الى بيوتهم افضل من الدعم النقدى لافتا الى أن الدولة عندما اصرت على التحول الى الدعم النقدى كانت رؤيتها ان الدعم النقدى يجعلها تتفادى اى ارتفاعات فى الاسعار, ويتم تحديده مرة واحدة ويظل ثابتا على مدار السنين, وهذا ما حدث بالفعل , وتابع : من الضرورى مراجعة الدعم النقدى الموجه للمواطنين فكلما زادت نسبة التضخم وزادت الاسعار ينبغى أن يزيد معه الدعم النقدى وهذا الامر لم يحدث خاصة ان الدعم مرتبط بالموازنة العامة للدولة التى يتم تحديدها فى بداية السنة المالية, ولذلك كان يجب على وزير التموين حين قام برفع اسعار الزيت أول مرة أن يطلب من الحكومة ضرورة رفع قيمة الدعم الذى يتقاضاه المواطن ليصبح 65 جنيها بدلا من 50 جنيها ليواكب هذه الزيادات فى اسعار السلع, ولا ينبغى للدولة ان تترك الفقراء وحدهم يدفعون ثمن الغلاء العالمى. إعادة هيكلة الدعم اما د"خالد الشافعى"الخبير الاقتصادى فأوضح اننا فى مرحلة اعداد الموازنة العامة للدولة, ورأينا أن باب الاجور وملحقاتها وصل الى 400 مليار جنيه لاول مرة , بالاضافة الى التوسع فى مبادرة حياة كريمة التى تضم نحو 50 مليون مواطن , برامج الحماية الاجتماعية التى تحاول الدولة التوسع فيها لرفع مستوى معيشة المواطنين ومواجهة الفقر ..كل هذا يصب فى اطار التخفيف عن المواطن المصرى الذى تحمل تبعات الاصلاح , ورفع مستوى معيشته , وحتى يكون قادرا على مواجهة الارتفاعات العالمية للاسعار, فما يحدث الان هو اعادة هيكلة للدعم بما يحقق متطلبات المرحلة الحالية, فالدعم ليس قاصرا على السلع التموينية فحسب ولكن هناك خطط وبرامج ومشروعات صغيرة تسهم فى تمكين المواطنين.