لقطات محور الجزائر واغتيال المعادى د.جودة عبد الخالق أولا تهنئة قلبية لكم أعزائى القراء بمناسبة عيد الأضحى المبارك، ولو بأثر رجعى. فقد منعتنى ظروفى الصحية من كتابة "لقطات" قبل العيد مباشرة مذيلة بالتهنئة كالمعتاد. وبعد، فقد نام سكان ضاحية المعادى وقاموا على خبر أضج مضاجعهم. عرفوا من ولاد الحلال أن وزارة النقل سوف تنشىء محور الجزائر الذى يبدأ من البساتين جنوبا ويشق المعادى من جنوبها اتصالا بالبساتين حتى شمالها اتصالا بطرة. للأسف ليس لدينا معلومات محددة حول الموضوع من جهات الاختصاص. ولكن المتداول بين العامة هو المسار المخطط للمحور سيكون، في قلب المعادى في شارع 250. وطبعا، لا أحد ضد التطوير ولا المحاور بشرط أن يؤخذ رأى سكان المنطقة المستهدفة. وهذا من الأبجديات، لأنه إذا كان المستهدف هو تحقيق الصالح العام، فالمنطقى أن يتم إقناع الناس بذلك. وحتى الآن فإن السلطات تتعامل مع سكان المعادى كرعايا يتلقون قرارات السلطات، وليس كمواطنين لهم حق معلوم فى شئون ضاحيتهم. وهذا عيب فاضح فى مجال إدارة الشأن العام. وبعدما تعالى صراخ سكان المعادى (الذين علموا بالمشروع من مصادر غير رسمية)، أصدرت وزارة النقل بيانا يوم 16/7 الجارى (الأهرام، 17/7). وجاء فيه أن محور الجزائر قد تم تخطيطه لتحقيق عدد من الأهداف العامة التي تسهم في حل مشاكل الاختناقات المرورية ببعض المناطق على خط السكة الحديد العباسية – طرة، وأن مسار المحور في مرحلة الدراسة والتخطيط، وبعد الانتهاء من تخطيطه سوف يعلن في جميع وسائل الاعلام وعلى موقع الوزارة. لاحظ عزيزى القارئ أن بيان الوزارة (والعهدة على الأهرام) يؤكد أمرين. الأول أن محور الجزائر يقصد من تخطيطه القضاء على الاختناقات المرورية. والثانى ان مسار المحور ما زال في مرحلة الدراسة والتخطيط. ولذلك فنحن نطالب السيد وزير النقل أن يأخذوا بعين الاعتبار التخوفات الحقيقية لسكان المعادى من الآثار السلبية لتنفيذه في شارع 250 بمحاذاة السكة الحديد. مطلوب ان يستمع المسئولون عن المشروع إلينا نحن سكان المعادى. فأهل مكة أدرى بشعابها. المعروف عن شارع 250، الذى يمتد على جانبي خط السكة الحديد، أنه شارع المشاتل، الشارع الهادئ، شارع الخضرة والزهور. وهو بحكم موقعه وطبيعته هذه يعتبر "قلب المعادى". وحال تنفيذ المحور في هذا المسار، سوف يتم تدمير كل ذلك. وفى هذا إضرار شديد بالبيئة، وتدمير لطابع ضاحية المعادى التي تعرف بالضاحية الخضراء. وفى هذا السياق، نتذكر مشروع "عين القاهرة" الذى عارضه سكان الزمالك وقاوموه مقاومة شديدة، وبحق، مما جعل محافظة القاهرة تتراجع عن تنفيذ المشروع احتراما لرأى سكان المنطقة. ونحن في ضاحية المعادى سنفعل نفس الشىء؛ سنعارض المشروع كما هو ونقاومه. وكبداية، فإننا نطالب وزارة النقل أن تعيد النظر في مسار محور الجزائر، وتثبت أنها بالفعل تعمل من أجل الصالح العام وكجزء منه صالح سكان المعادى. فالضرر سيكون شديدا جدا على "قلب المعادى". وهو ضرر سيكون من الصعب التخلص منه مستقبلا. والحكمة تقول: الوقاية خير من العلاج. إن تنفيذ مشروع محور الجزائر في شارع 250 طبقا لما هو متاح لنا من معلومات حتى الآن سوف يدمر النسيج الاجتماعى والبيئى للمعادى، وسيخلق بؤرا جديدة لسرطان العشوائيات في مجتمع نجا من هذا السرطان حتى الآن. ومعنى ذلك ببساطة إغتيال المعادى. وبهذه المناسبة أشير إلى تجربة مأساوية توضح الأضرار الكبيرة للطرق السريعة التي تشق المدن فتقضى على وحدتها، وتخلق بذلك مشكلات اجتماعية وبيئية وأمنية جَّمَّة. وتقضى على روحها ككيان عمرانى وكمُسْتَقَر سكنى Habitat)). أقصد تجربة مدينة لوس أنجليس في ولاية كاليفورنيا الأمريكية. وكلامى هنا عن خبرة مباشرة؛ فقد عشت في لوس أنجليس مرتين، أوائل القرن الماضى وأوائل القرن الحالي، عندما كنت أستاذا زائرا في أكبر جامعتين بها (UCLA و USC). ما حدث أنه منذ نحو ستين عاما، تم تنفيذ مجموعة من الطرق الحرة العملاقة. ثم اكتشفوا بعد ذلك أن هذه الطرق السريعة نتج عنها مشكلات خطيرة: التشرد والتلوث والجريمة. لقد جعلوا السيارة قبل الإنسان، وفوق الانسان. فكان ما كان. وهذا ما تفعله حكومتنا السنية الآن في المعادى. تهنئة: إلى الشعب المصرى وكل الشعوب المتعطشة إلى الخبز والكرامة والعدالة الاجتماعية بذكرى ثورة 23 يوليو.