تتسارع خطى التطبيع مع إسرائيل فى أعقاب توقيع اتفاق سلام بين الإمارات وإسرائيل والبحرين، ودخلت السودان على خط التطبيع مع إسرائيل، لكن بشكل مختلف عن الدول الأخري، فالتطبيع هذه المرة ليس على المستوي السياسي، بل هناك حركة شعبية تهدف إلى التطبيع وكسر الحاجز النفسي بين الشعب السودانى. فعلى المستوي السياسي، اجتمع مجلس الوزراء السودانى لتقرير ما إذا كان سيتم تطبيع العلاقات مع إسرائيل أم لا, مقابل صفقة من شأنها تخفيف الديون وإزالة السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب, وقد توالت الاجتماعات الثلاثية والثنائية فى أكثر من عاصمة عربية وغير عربية بين مسئولين أميركيين وإماراتيين وسودانيين, بشأن اتفاقية تطبيع العلاقات بين السودان وإسرائيل, وأكد مراقبون ومحللون، أن السودان لم يمانع التطبيع, لكنه اشترط مقابل التطبيع مع "إسرائيل" الحصول على مساعدات اقتصادية، أولها منحة فورية بأكثر من ثلاثة مليارات دولار, إضافة إلى الحصول على القمح والنفط بقيمة مليار و200 مليون دولار، والالتزام بتقديم مساعدة اقتصادية فى السنوات الثلاث المقبلة، بجانب شطب اسم السودان من قائمة الإرهاب. ولكن على الجانب الآخر، صرّح وزير الخارجية السوداني المكلف "عمر قمر الدين", بأن الإدارة الأمريكية وعدت بدراسة إمكانية رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول "الراعية للإرهاب"، مقابل تطبيع علاقاتها رسمياً مع "إسرائيل"، مضيفاً أن وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" جاء إلى الخرطوم وطرح ملفين، الأول التطبيع بين السودان وإسرائيل، والثانى حذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ووضع الملفين في "سلة واحدة". كما ضغط بومبيو على السودان لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وفقاً لمسئولين أمريكيين، لكن رئيس الوزراء السوداني "عبد الله حمدوك" حينها, أبلغ بومبيو أنّ "حكومته لا تملك تفويضاً لاتخاذ قرار بشأن التطبيع مع إسرائيل"، إذا هل سيتم عقد اتفاق دون امتلاك تفويض "استفتاء شعبى"؟!. وسط غضب شعبى سودانى, صرّحت العديد من الكتل السياسية السودانية والتحالفات الشعبية برفضهم لاتفاق التطبيع السودانى الإسرائيلى, أبرزهم رئيس حزب الأمة السودانى "الصادق المهدى", كما أكد أيضاً "مجمع الفقه الإسلامى السودانى", على موقفهم الراسخ تجاه القضية الفلسطينية. من جهته، ندد الحزب الشيوعي بطعن فى ظهر كفاح الشعب السودانى ضد الإمبريالية ومساندته للشعب الفلسطينى، كما ذهبت تصريحات "صادق المهدى" رئيس حزب الأمة في نفس الاتجاه على شبكات التواصل الاجتماعى، وتحدث أنصار المؤتمر الوطني السوداني – الهيكل الأساسي للنظام الإسلامي العسكري السابق والذى تم حله فى نوفمبر 2019- عن خيانة للبقاع المقدسة, حتى مدير العلاقات الخارجية لمجلس السيادة السوداني – أي أحد العاملين مع الفريق الأول برهان- ندد بإمكانية التطبيع مع "الكيان الذي يحتل المسجد الأقصى" وقدم استقالته. بينما على الجانب الآخر، قام رجل الأعمال السودانى "أبو القاسم برطم", بتنظيم رحلة أثارت جدلاً إلى إسرائيل، تضم أربعين سودانياً من مختلف فئات المجتمع لتعجيل التطبيع بين بلاده والدولة العبرية, وتثير هذه الرحلة استغراباً بسبب انقسام المواقف حول مسألة التطبيع مع اسرائيل، سواء بين الأحزاب السياسية أو داخل المجتمع المدني وحتى الحكومة الانتقالية. السودان,, الدولة العضو فى جامعة الدول العربية, المعادِ لإسرائيل منذ استقلاله سنة 1956، التى تحشره ضمن مجرة "أعدائها", خاصة بعد الانقلاب العسكرى لعمر البشير سنة 1989 , المتأثر إن لم نقل الموجَّه من قبل الجبهة الإسلامية القومية لحسن الترابى، هذا العداء تراجع فى السنوات الأخيرة لنظام البشير، لكن يبقى لقاء 3 فبراير 2020 (اللقاء السرّى بين البرهان ونتنياهو فى أوغندا) تغييراً نوعياً بمجرد حصوله، ولكن كذلك لما يترجمه من إرادة مشتركة في "الشروع في تعاون يهدف إلى التطبيع بين البلدين"، وفق تصريحات بنيامين نتانياهو الذي بدا سعيداً بكشف غطاء السرية عن اللقاء, من جهة الخرطوم، كان رد الفعل الأول هو التأكيد عن عدم التمتع الفريق الأول برهان بأي تفويض وأنه لم يستشر أحدا، لا سيما الوزير الأول عبد الله حمدوك. ومن ثمّ صرح الفريق الأول برهان، في بيان له أنه تصرف من مبدأ "الأمن والمصالح الوطنية", وأن موقف السودان من إسرائيل لم يتغير, وقد ندد وزير الإعلام السودانى "فيصل محمد صالح" بانتهاك لموقف واضح وعريق للسودان, وأنه لا تطبيع مع إسرائيل طالما لم تعترف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، لا سيما حقه في إنشاء دولة مستقلة ذات سيادة. لكن ردود الفعل هذه تبدو منتظرة فى هذه الفترة الانتقالية, بينما احتار السودانيون فى تفسير كيفية تقاسم السلطة فى السودان وإدراتها, من بيده القرار ومتى يتخذه وكيف يتخذه؟ السودان الذى يعانى من العديد من المشكلات الاجتماعية والتحديات الاقتصادية والسياسية, هل سيطبّع مع دولة الاحتلال الإسرائيلى.. إذن,, السودان إلى أين, وماذا بعد التطبيع؟!.