ضد التيار التحية موصولة لرئيس الحكومة أمينة النقاش نجح الدكتور مصطفى مدبولى والفريق الوزارى الذى يرأسه فى التعامل الاحترافى والعلمى والمسئول، مع أزمتين لم تشهدهما البلاد من قبل. أزمة الإعصار الذى هاجم مصر الخميس والجمعة الماضيين، بالتنبؤ بمخاطره قبل وقوعه، والتعامل معه بسرعة ويقظة، بما يقلل من أضراره، سواء كان ذلك باجراءات استباقية أو احترازية واشراك المواطن طرفا فى التعامل مع الأزمة والتصدى لها. والثقة التى يمنحها المواطنون للدكتور مدبولى وحكومته، لا تأتى من فراغ، فهو مسئول بالغ التواضع، شديد الوضوح، لا يسعى لتجميل الواقع، بل الكشف عن الحقائق كما هى، لكى يدرك المواطن حجم المسئولية التى يتعين عليه تحملها، والواجبات التى يفترض أن يحرص على القيام بها، وحجم أعباء القرار السياسى الذي تلزم الحكومة نفسها به. وهذا الديالوج بين الحكومة والناس، هو أحد أبسط الطرق وأهمها قدرة على صيانة أمن البلاد وسلامتها، ومقدرة على تنفيذ السياسيات التى تحفظ حقوق مواطنيها. ومعالجة الحكومة لمواجهة تفشى وباء فيروس كورونا تؤكد ما سبق قوله. فالخطة التى وضعتها، وتدرجت فيها طبقا لمقتضيات الحال، اتسمت بقدر كبير من الشفافية والتخطيط، والجسارة التى تحملتها على سبيل المثال وزيرة الصحة، حين اقتضتها الضرورة للذهاب إلى الصين حيث بؤرة الوباء، لم تتردد فى اتخاذ قرار السفر، فضلا عن الجهد العلمى المدروس الذي تقود به وزارة الصحة للتصدى لتلك “الجائحة” كما يحلو للإعلام الغربى تسميتها، وهى تعنى المصيبة المهلكة، مع عدد هائل من الجنود المجهولين من طواقم الأطباء والتمريض على مستوى الجمهورية الذين يواصولون الليل بالنهار لمنع تفشى الوباء والعناية بمن أصيبوا حتى شفائهم، وهى المهمة التى يعكف على عملها النظام الصحى بكامل هيئاته وامكانياته بجانب الجهود المطلوبة من كافة مؤسسات الدولة، وفى القلب منها جهاز الأمن الوطنى والجيش . وتظل الدروس التى قدمتها التجربة الصينية، فى مكافحة الفيروس ومنع تفشيه ملهمة وجديرة بالتعلم، بعدما باتت الإصابات بها، اقل مما يحدث بكثير فى الدول الأوروبية، فضلا عن شروعها فى تقديم العون لتلك الدول. ولعل الدرس الأول فى تلك التجربة كان الالتزام الصارم من قبل المواطنين بتنفيذ التعليمات الحكومية الموجهة إليهم بالعزل، والبقاء فى المنزل، وفرض قيود صارمة على السفر منها وإليها، وتقييد الحركة على أضيق نطاق داخلها مما عجل بشفاء معظم أهالى ووهان الصينية من الوباء، فضلا عن بقية المدن الصينية. وقد شاهد كثيرون عبر الفضائيات رئيس الوزراء الصينى «لى كه تشيانج» وهو يتفقد مع عدد من المسئولين الصينيين، مدينة ووهان التى ظهر بها الوباء بعد تعافيها من المرض، دون وضع كمامات. الزمت الحكومة الصينية سكان المدينة بالبقاء فى المنازل، ومنعت بشكل حاسم اللقاء المباشر بين الأفراد، وخصصت لكل متجر عاملا لتلبية طلبات السكان عبر حلقات تليفزيونية، على أن يترك العامل الطلب على مدخل المنزل دون مقابلة أهله. أى أن التنفيذ البالغ الصرامة للاجراءات الحكومية، هو ما أنقذ الصين من تفشى الوباء، لتصبح أوروبا هى بؤرته الآن بدلا منها. وكلام رئيس الحكومة، بأن تنفيذ المواطنين لتعليمات الوقاية من الفيروس، هو العنصر الأساسى فى جهود الدولة لمكافحته. فلم يعد هناك ضرورة لارتياد المناطق العامة المزدحمة كالنوادى والمطاعم، والمقاهى ودور السينما، والحرص على مسافات كافية تفصل بين الناس فى المتاجر، وفى كافة التجمعات الضرورية فى المصالح الحكومية. لكن قرارا ما زال منتظرا من الدكتور مصطفى مدبولى وهو إغلاق المقاهى، ووقف الصلاة فى المساجد والكنائس، حتى تكتمل صورة مصر البهية، وهى تواجه حكومة وشعبا أسوأ أزمة صحية تمر بالعالم خلال عقود.