*الإخوان وعناصر نظام مبارك سرقوا الثورة.. والتصحيح قادم لا محاله *القمح ورقة ضغط رابحة للحكومة المصرية * صابر عرب: بكيت حينما شاهدت حريق المجمع العلمي أكد .جودة عبدالخالق، وزير التموين الأسبق، والقيادي بحزب التجمع، أن ثورة يناير 2011 هى ثورة بالمعنى العلمى الدقيق، يشهد على ذلك خروج المصريين بالملايين فى كل أنحاء مصر وبالذات ميدان التحرير درة الميادين، كما تشهد عليه تلك الدماء الزكية لآلاف الشباب الذين رفعوا راية الثورة، ورددوا شعاراتها، وبدأت موجتها الأولى فى يناير 2011، وكانت موجتها الثانية فى يونيه 2013، ولم تنته بعد، كما أن الثورة تعرضت للاختطاف أو السرقة مرتين: الأولى على يد الإخوان، والثانية على يد عناصر نظام مبارك، لكن علم تاريخ الثورات يقول إن التصحيح قادم مهما طال الأمد. وأضاف خلال ندوة مناقشة كتابه “من الميدان إلى الديوان.. مذكرات وزير في زمن الثورة” بحضور الدكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة الأسبق، وأدار اللقاء الكاتب عبدالفتاح الجبالي. «هذا الكتاب هو خلاصة تجربتى وزيرا فى الحكومات الأربع التى تحملت المسئولية إلى جانب المجلس الأعلى للقوات المسلحة خلال المرحلة الانتقالية التى أعقبت ثورة يناير 2011. وقال هناك من يحاول الآن التشكيك فيها: إما بزعم أنها كانت مؤامرة، وإما بادعاء أنها كانت نكبة. وهى بالقطع ليست هذا ولا ذاك. وواصل عبدالخالق، لماذا نقول أن 25 يناير ثورة؟، لأن الثورة في التعريف هي انقطاع مفاجيء عن الماضي وهذا حدث، وأنها أيضا تؤذن بفجر عصر جديد، وهو ما حدث أيضا، وكانت شعاراتها عيش حرية عدالة اجتماعية وارحل وهو ما حدث بالفعل، وهي ثورة لأنها غيرت الواقع وحفرت واقعا جديدا وهي أشبه بانطلاق طائرة على المدرج حتى تصل لمستوى التحليق، وهذه الثورة تعرضت للسرقة مرتين الأولى على يد الإخوان والمرة الثانية كانت على يد مبارك وشركاه منذ العام 2014 وما زالت هذه السرقة مستمرة حتى اليوم ممن يعرفون بالثورة المضادة. الكتاب موجز جدا وأقل من 150 صفحة ذات دلالة مهمة، وفصول الكتاب تتحدث عن الانتقال من الميدان للديوان، وهي مسألة مرعبة جدا، ولكن بالنسبة للوزير أهم عوامل الرعب التي يتعرض لها أنه يتعرض للسلب من السلطة، والمسئول في السلطة من الممكن أن يتحول من حمل وديع إلى وحش شرس في أيام قليلة جدا، وهو أمر رصدته بشكل كبير جدا وتحدثت عنه في الكتاب. وأشار إلى أن القمح كان من أهم الأوراق في إدارة الأزمات الدولية لمصر بحكم أنها أكبر دولة مستورد للقمح في العالم، فأي تصريح من مصر يهز العالم. وأضاف مصر بحكم أنها أكبر مشترٍ للقمح كان لها الأولوية سياسيا من خلال الضغط بهذه الورقة، بالنظر لنظام الخبز الجديد نجد أنه أراح المواطن ولكنه أصبح عبئا كبيرا على الدولة، وأيضا أول من استفاد منه هم التجار، فكل من يعمل في الخبز استفاد من المنظومة الجديدة. وأضاف حينما حدثت أزمة البطاطس الشهيرة مع روسيا، والتي ادعت أن البطاطس المصرية بها عفن، حينها استدعيت المستشار السياسي الروسي وافتعلت مكالمة هاتفية بيني وبين ابن عمي المزارع البسيط في صعيد مصر وكان يشكو من حرث محصول البطاطس بسبب الكساد الذي أصابه لإحجام روسيا عن استيراده ومثلت المكالمة وكأنها حقيقية، وإن ابن عمي يلومني على استيراد القمح من روسيا في الوقت الذي تتسبب فيه بالإضرار بالاقتصاد المصري، وحينها وعدني المستشار السياسي الروسي بحل الأزمة. ولفت «عبد الخالق» إلى أن أهم الملفات التي كان يتعامل معها أثناء وجوده بالوزارة هو ملف البيروقراطية، وكيف تعامل معه وفك طلاسمه ليجعل البيروقراطية في خدمة الناس، بدلًا من أن تكون الناس في خدمة البيروقراطية، وكذلك الدعم والعدالة الاجتماعية والاجتهادات الكثيرة والتي كان أهمها في مجال دعم الخبز، وهو المجهود الذي تم تشويهه بسبب التعجيل والتنفيذ دون اتخاذ الترتيبات المناسبة، حتى أصبح عبئا على الدولة وأصبح المستفيد الأكبر منه هم التجار . ومن جانبه قال الدكتور محمد صابر عرب، وزير الثقافة الأسبق، إن كتاب الدكتور جودة يصعب عرضه في جلسة واحدة، فالكتاب مختصر جدا لدرجة أنك لا يمكنك حذف جملة إلا وحدث ارتباك بالكتاب، كما يتميز الكتاب برشاقة لغوية كبيرة. وأضاف عرب، جودة عبدالخالق وزير تولي منصبه في زمن صعب وفترة عصيبة في تاريخ مصر، والقدر اختاره ليكون وزيرا لوزارة من أصعب وزارات مصر، ومذكراته مهمة في هذا الوقت وأنا أقول إن هناك أشخاصا كثيرين يجب أن يكتبوا مذكراتهم؛ فهي التي تُشكّل ذاكرة المجتمع، ولا يمكن أن تتشكل ملامح الحياة المصرية إلا إذا كانت هذه المذكرات جزءا من تاريخ الأمة. وأضاف عرب، الدكتور جودة خلال حديثه عن الحكومات من عصام شرف ومرورا بالجنزوري وأحمد شفيق نجد أنه لم يضرب في أحد، ولكن كنا نحب أن نعرف الفرق بين شفيق وشرف والجنزوري، رغم قصر هذه المدة، ولكنني لمست أنه حمّل عصام شرف المسئولية أكثر. وأضاف وزير الثقافة الأسبق، مصر مرت بأحداث كبيرة، وحين تم حرق المجمع العلمي، كنت مسافرا خارج مصر ورجعت من المطار حينما علمت متوجها للمجمع العلمي مباشرة، ورأيته يحترق والطابق الأول يتهاوى وكأنه ملقى عليه مواد مشتعلة، لم أتماسك أمام المشهد وانهرت من البكاء، وحينها جاءت لي سيدة تقول هل أنتم علمتم أولادنا ما هذا الذي يحترق وما هي قيمته حتى يحافظوا عليه، وكانت هذه الجملة معبّرة عن ثلاثين عاما من التجريف للوعي والفكر فحينها كادت أن تسقط هيبة الدولة بل كادت أن تسقط الدولة نفسها. واختتم عرب بقوله: لو أن الدولة اهتمت بالفن والثقافة لما حدث ما حدث ولما وصلنا لما وصلنا إليه، وإن لم نهتم بالثقافة والفن أعتقد أننا لن نحصل على مواطن مصري وطني بشكل حقيقي.