كشف الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، عن ارتفاع نسبة المصريين الواقعين تحت خط الفقر إلى 32.5% فى عام 2017-2018، بدلا من 27.7%، بما يمثل 32 مليون مواطن، رغم رفع قيمة حد الفقر من 482 جنيهًا شهريا للفرد إلى 735 جنيهًا. ومنذ 1999-2000 هناك زيادة مطردة فى نسبة الفقر المدقع لترتفع من 2.9% إلى 6.2%. ويشير الجهاز، إلى أنه رغم ارتفاع متوسط الدخل السنوى للأسرة على مستوى الجمهورية من 44.2 ألف جنيه عام 2015 إلى 58.9 ألف جنيه عام 2017-2018، بنسبة 33.3%، إلا أن الدخل الحقيقى انخفض مقارنة بعام 2015، فقيمة 58.9 ألف جنيه فى 2107 تعادل 35.8 ألف جنيه فى 2015، أى أن الدخل الحقيقى انخفض عن دخل الأسرة عام 2015 بنحو 7 آلاف جنيه. وأدى ذلك إلى إجبار المصريين على إعادة ترتيب أولويات الشراء، الأمر الذى ترتب عليه خروج سلع عديدة عندهم فى الفترة الأخيرة. وارتفع متوسط الانفاق الكلى السنوى للأسرة من 36.7 ألف جنيه عام 2015إلى 51.4 ألف جنيه عام 2017 -2018، بزيادة 40 %، ورغم ذلك لم يرتفع مستوى المعيشة، نتيجة ارتفاع الأسعار، ففى الحضر زاد اتفاق الأسرة من 42.5 ألف جنيه إلى 56.3 ألف جنيه، بزيادة 32.3%، كما ارتفع فى الريف من 31.8 ألف جنيه إلى 47.3 ألف جنيه بزيادة 48.6%. ويكشف إنفاق الأسرة عن التفاوت الواضح بين الطبقات فى المجتمع، حيث تنفق الشريحة الدنيا فى المجتمه 49.8 % من دخلها على الطعام والشراب، فيما تنفق أعلى شريحة 25.9 % من الدخل. وفى التعليم تنفق الشريحة الدنيا 2.6 % مقابل 5.3% للشريحة العليا من المجتمع. وبينما تنفق الشريحة العليا نحو 11 % من دخلها على الصحة، فإن الشريحة الدنيا تنفق 8% فقط. ويطهر التفاوت أيضا بين الريف والحضر فى الانفاق على التعليم، ففى الريف تصل نسبة الانفاق على التعليم 7% من الانفاق السنوي، وفى الحضر 11.5%. ويكشف البحث استمرار تزايد معدلات الفقر فى مصر نتيجة تطبيق سياسات الحكومات المتعاقبة وفشل برامج التنمية، فارتفعت نسبة الفقر من 16.7% عام 1999 إلى 25.2% عام 2011، وتواصل الارتفاع إلى26.3% عام 20.13، ثم 27.8% عام 2015، لتقفز إلى 32.5 % عام 2017-2018. فجميع المناطق شهدت زيادة فى معدلات الفقر، عدا ريف الوجه القبلى، الذى شهد انخفاضا فى نسبة الفقر من 56.7 % إلى 51.94%، بينما زاد معدل الفقر فى حضر الجمهورية من 16.9% إلى 24.58%، والريف من 35.9% إلى 38.4%، وفى المحافظات الحضرية من 15.1% إلى 26.7%. واحتلت محافظة أسيوط المرتبة الأولى فى أفقر المحافظات فى مصر بنسبة 66.7%، تلتها محافظة سوهاج بنسبة 59.6%، ثم الأقصر بنسبة 55.3%. بينما كانت أقل المحافظة فقرًا هى بورسعيد بنسبة 7.6%، تلتها الغربية بنسبة 9.4%. ويعد 51.9% من سكان ريف الوجه القبلي، الذين يمثلون 25.2% من السكان، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الأساسية من الغذاء وغير الغذاء، مقابل 27.3% بريف الوجه البحري، وتقل هذه النسبة فى حضر الوجه القبلى إلى 30%. فى حين تبلغ نسبة الفقراء فى المحافظات الحضرية، 26.7%، وشهد حضر وريف الوجه البحري، وحضر الوجه القبلى والمحافظات الحضرية ارتفاعًا فى مستويات الفقر بين عامى 2015 و2017/2018. بينما شهد ريف الوجه القبلى انخفاضًا فى نسبة الفقراء رغم بلوغها 51.9% كما ذكرنا سالفًا، خلال نفس الفترة. يعد التعليم المنخفض هو أكثر العوامل ارتباطًا بمخاطر الفقر فى مصر، حيث تتناقص مؤشراته كلما ارتفع مستوى التعليم. فبلغت نسبة الفقراء بين الأميين 39.2% فى 2018 مقابل 11.8% لمن حصل على شهادة جامعية فى نفس العام. وبلغت نسبة الفقراء بين حاملى الشهادات فوق المتوسط 20.1%، وبلغت النسبة بين من حصلوا على شهادة ثانوية 22.4%، وبلغت بين الحاصلين على شهاد إعدادية 34.4%، و38.3% للشهادة الإبتدائية، و33% لمن يحملون شهادة محو الأمية. وهناك ارتباط وثيق بين الاستقرار فى العمل والحالة المادية، ف37.6% من الفقراء المشتغلين يعملون عملا غير دائم، مقابل 62.4% يعملون عملا دائما. وتصل النسبة إلى 19.5% بين غير الفقراء الذين لا يعملون عملا دائما، بينما 80.5% من غير الفقراء المشتغلين يعملون عملا دائما. فنسبة 43.1% من العاملين بالقطاع الخاص خارج المنشآت هم فقراء، و28.5% ممن يعملون داخل المنشآت فقراء، فى حين تقل نسبة الفقراء إلى 19% بين العاملين بالقطاع الحكومي، مقابل 13% فى عام 2015. وقال سيد عبد العال، رئيس حزب التجمع، إن تقرير الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء يؤكد أن برنامج الاصلاح الاقتصادى الذى طبقته الحكومة بالاتفاق مع صندوق النقد الدولى، قد فشل فى تحسين مستوى المعيشة وخلق فرص عمل عبر توسيع الاستثمارات الداخلية والخارجية، مشيرا إلى أن تطبيق البرنامج لم يحقق تحسنا فى معيشة المواطنين، بل عرضهم لغلاء شديد وتدهور فى الخدمات العامة وخاصة الطبقة الوسطى، بل أدى تطبيق البرنامج إلى انخفاض الدخول الحقيقية للمواطنين، واتساع دائرة الفقر التى طالت جميع المحافظات، مما يزيد النفاوت الاجتماعى سواء بين المحافظات أو بين شرائح المجتمع. وأضاف، أنه فى ظل تطبيق برنامج الصندوق، والذى رفضه التجمع، كان من الطبيعى أن يزيد الفقر فى ربوع مصر كافة، بينما معدل الفقر يتناقص عالميا، وفقا لآخر أرقام تراجع معدل الفقراء عالميا، من 11% من سكان العالم عام 2013 إلى 10% عام 2015، وتوقعت تقديرات البنك أن ينخفض ذلك المعدل إلى 8.6% فى عام 2018. مشيرا إلى تزايد الفجوة الاجتماعية بين المناطق المختلفة فى مصر. ويلفت « عبد العال» إلى خطورة تركز الفقر فى الأميين وأصحاب المؤهلات المتوسطة، وهو ما يمثل خطورة اجتماعية على الأمن القومى حال عدم عمل الحكومة على سد هذه الثغرة بالتنمية وتوفير فرص العمل. وأشار رئيس حزب التجمع، إلى أن الإجراءات الحكومية التى اتخذتها الحكومة بالاتفاق مع صندوق النقد الدولى والتى تمثلت فى خفض الدعم للسلع الغذائية ورفع أسعار الطاقة، بالإضافة إلى تقليص الاستثمارات الحكومية فى القطاعات الاقتصادية، وزيادة موارد الدولة عبر الضرائب المباشرة وغير المباشرة مثل ضريبة القيمة المضافة أدت إلى تزايد معدلات الفقر، وهو ما سبق أن حذرنا منه. وقال « عبد العال» إن الأرقام الواردة فى تقرير الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء حول الفقر، أقل من الواقع، على اعتبار أن الجهاز وضع خط فقر فى مصر أقل من ما يحدده البنك الدولى معدل خط الفقر العالمى ب 1.9 دولار (نحو 31 جنيها) يوميًا للفرد، مشيرا إلى أن برامج الحماية الاجتماعية التى تم تطبيقها لم تحقق نتائج ملموسة فى خفض نسبة الفقر، مشيرا إلى أن تلك البرامج ممولة عبر الاقتراض، وبالتالى غير قابلة للاستدامة، وعبء على الموازنة العامة للدولة، كما أنها لا تكفى لسد الاحتياجات الأساسية للمواطن، وبالتالى نحتاج إلى تغيير السياسات الاقتصادية الحالية، مع الإبقاء والتوسع فى برامج الحماية الاجتماعية، على أن تركز السياسات الاقتصادية على زيادة الإنتاج وتوفير فرص عمل، من خلال الاستثمار فى الزراعة، خاصة الاستصلاح الزراعى، والصناعة التحويلية، وضمان توفير مستلزمات الإنتاج للفلاح وضمان تسويق المحاصيل بسعر عادل، والاهتمام الحقيقى بالصعيد المهمل عبر الحكومات المتعاقبة.