كتبت:أسما فاروق من الأعياد التي يجتمع المصريين فيها بمختلف طوائفهم وعقائدهم الدينية والفكرية، عيد “شم النسيم” الذي يحمل بين طياته العديد من الذكريات والقصص على مدى العصور، وقد اعتاد المصري القديم علي الاحتفال بهذه المناسبة بالعديد من المظاهر التي لا زالت باقية حتى الأن والتي لكل منها مرجعية تاريخية وربما عقائدية لدى أجدادنا الفراعنة. اختلف العلماء في تحديد بداية محددة لاحتفال المصريين به، فمنهم من يرى أن الاحتفال بدأ في عصور ما قبل الأسرات، بحسب تقسيم تاريخ مصر القديم، بينما يرى البعض الاخرأنه يرجع إلى عام أربعة آلاف قبل الميلاد، إلا أن أغلب الرأي يرحج اعتبار الاحتفال الرسمي به في مصر قد بدأ عام 2700 قبل الميلاد، مع نهاية عصر الأسرة الثالثة وبداية عصر الأسرة الرابعة، وإن كانت هذه الآراء لا تنفي ظهوره في فترة سابقة ولو في شكل احتفالات غير رسمية. وقد قسم المصري القديم السنة إلى ثلاثة فصول ارتبطت بالدورة الزراعية التي اعتمدت عليها حياته بالكامل وهم فصل الفيضان “اخت”، يبدأ من يوليو- تموز حتى أكتوبر- تشرين الأول، وفصل بذر البذور “برت”، ويبدأ في شهر نوفمبر- تشرين الثاني، وفصل الحصاد “شمو” الذي يبدأ في شهر مارس- آذار. وقد اعتاد المصري القديم الاحتفال بشم النسيم بالعديد من المظاهر والتي يمثل الأكل الجزء الكبير منها، وقد استمرت هذه الأكلات حتى وقتنا هذا وربما لا يعلم الكثير عن أصل هذه الأكلات التي لكل منها قصة حملها التاريخ على جدرانه عبر العصور وتوارثناها على مر الأجيال ومنها: الحمص الأخضر”الملانة”، عرفته عصور الدولة القديمة، وأطلق عليه المصريون القدماء”حوربك”، وكان يحمل دلالة عقائدية على تجدد الحياة عند المصري، لأن ثمرة الحمص عندما تمتليء وتنضج، ترمز بقدوم فترة الربيع. “الخس” كان له دلالة رمزية وعقائدية أخرى، لاإرتباط هذا النبات عند قدماء المصريين بإله الخصوبة والتناسل “مين”، وما جاء في بردية “إيبرس” الطبية إلى فائدة تناوله كعلاج لأمراض الجهاز الهضمي. - الإعلانات - ” البصل”، أطلق عليه “بصر”، في عصر الأسرة السادسة لارتباطه بأسطورة قديمة تحدثت عن شفاء أمير صغير من مرض عضال عجز الأطباء عن علاجه، وكان البصل سبباً في تعافيه حيث وضع النبات تحت وسادة الأمير، واستنشقه عند شروق الشمس في يوم وافق احتفال المصريين بعيد “شم النسيم” فكُتب له الشفاء. “السمك المملح” جاء من فكرة تقديس نهر النيل، وارتباطه بفكرعقائدي ينطوي على أن الحياة خلقت من محيط مائي لا حدود له، خرجت منه جميع الكائنات، أعقبه بعث للحياة ووضع قوانين الكون، وبرع المصريون في صناعة السمك المملح، وكان يخصصون لصناعته أماكن خاصة كما جاء في نقش في مقبرة الوزير “رخ مي رع”، بالإضافة لما جاء في بردية “إيبرس” الطبية أن السمك المملح كان يوصف للوقاية والعلاج من أمراض حمى الربيع وضربات الشمس “البيض”، كان يرمز قديماً إلى التجدد وبداية خلق جديد و خروج أجيال من الكائنات، وأصل كل خلق، ورمز كل بعث، أطلق المصري القديم عليها “سوحت”، وذكرها في برديات الأدب الديني القديم عندما اعتقد أن الإله خلق الأرض من صلصال في هيئة بيضة، ودب فيها الروح، فبدأت فيها الحياة، لذلك كانوا يقدمون البيض على موائد القرابين لدلالته الرمزية والدينية.