رغم اقتراب موعد اجراء الانتخابات الرئاسية الثانية المقرر اجراؤها عام 2018 المقبل الا ان هناك حالة من الغموض تسيطر على موقف الاحزاب السياسية من هذه الانتخابات..فلم تقم الاحزاب السياسية فى مصر والبالغ عددها نحو 106 حزب منها نحو 20 حزبا ممثلين فى مجلس النواب بالاعلان عن مرشح يخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة،واكتفى عدد من هذه الاحزب خاصة الكتل الأكبر فى مجلس النواب، والتي تضم أحزاب «المصريون الأحرار» و «مستقبل وطن» و «الوفد» بإعلان تأييدها للرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي. وينظر الكثير من السياسيين إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة، على أنها محسومة، لصالح الرئيس الحالى "عبدالفتاح السيسي"، نتيجة للحملات القوية،التي تتبناها العديد من الأحزاب السياسية،والشخصيات العامة،ورجال الأعمال، لتولى السيسي فترة حكم ثانية فى البلاد، كما أن هناك حملات شعبية أيضًا، تتمثل فى التوقيع على استمارة "علشان تبنيها" لدعم السيسي للترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة. ولم يكسر تراجع صوت المعارضة، وغياب تواجدها وتأثيرها فى المشهد السياسي، سوى اعلان «خالد على» المنافسة فى الانتخابات المقبلة،الا انه قد يحرم من خوض الانتخابات،خاصة ان المادة 142 من الدستور تنص على أن الترشح يتطلب تزكية 20 عضوا على الاقل من البرلمان الذى تسيطر عليه الاحزاب الكبرى المؤيدة والداعمة للرئيس «السيسى»،أو جمع 25 الف توقيع موزعة على 15 محافظة وبحد ادنى الف مؤيد من كل منها،ومن ناحية اخرى القضية التى تنظرها المحكمة حاليا ضده لاتهامة بفعل فاضح خادش للحياء وسيتم النطق بالحكم ضده فى يناير المقبل وفى حالة صدور حكم ضده يحرم من خوض الانتخابات، إذ يشترط الدستور ألاّ يدان المرشّح الرئاسيّ فى أيّ قضايا «مخلّة بالشرف». وأرجع عدد من السياسيين فشل الاحزاب فى تقديم مرشح رئاسى ينافس معركة الانتخابات الى ضعف الحياه الحزبية فى مصر مؤكدين ان 90% من الاحزاب على الساحة السياسية ورقية أو كرتونية،فى حين رأى آخرون عدم وجود أي شخصية حزبية تستطيع أن تنافس الرئيس فى الانتخابات المقبلة، بالنظر إلى دور السيسي فى الحفاظ على البلاد،وانجازاته التى جعلت له تأييداً من اغلبية الشعب المصرى. تأهيل المرشح من جانبه اوضح "سيد عبد العال" رئيس حزب التجمع أن حزب التجمع لم يدعم مرشح بعينه حتى الآن.نافيا وجود نية للدفع بأحد قيادات الحزب لخوض السباق الرئاسي القادم. واكد"عبد العال" أن الحزب لم يستقر حتى الآن على تأييد الرئيس الحالي لفترة ثانية، حيث ينتظر قائمة المرشحين النهائية لمناقشة برامجهم الانتخابية،ومن ثمّ الاستقرار على مساندة مرشح ينحاز للعدالة الاجتماعية، وللتحول الديمقراطي. وقال"عبد العال":ليس من الضرورى أن يتقدم كل حزب بمرشح للانتخابات الرئاسية كما يحدث فى الانتخابات البرلمانية أو المحلية موضحا ان التنافس فى السباق الرئاسى يتطلب وقتا كافيا لتأهيل المرشح وهذا لم يتسنى للاحزاب فى ظل الظروف الراهنة،واردف قائلا:لا يعنى عدم تقديم الاحزاب السياسية لمرشحين انها احزاب ضعيفة وغير فاعلة فى الشارع السياسى،ولكن هناك احزاب ترى ان البلاد تمر بظروف عصيبة وهى لا تملك الوقت الكافى لتأهيل مرشح يخوض معركة الانتخابات ولذلك اتجهت الى تأييد الرئيس الحالى،والبعض الاخر يرى ان باب الترشح لم يفتح بعد ومازال امامنا الوقت،ومن الجائز أن نجد عدد من المرشحين عند بدء المعركة الانتخابية. ضعف الاحزاب ومن جانبها اشارت النائبة "مارجريت عازر" ان هناك توافقاً بين العديد من الأحزاب فى مصر على دعم الرئيس السيسي نظرا لعدم وجود أي شخصية حزبية قادرة على أن تنافس الرئيس فى الانتخابات المقبلة، بالنظر إلى دور السيسي فى الحفاظ على أمن البلاد،وحمايتها من خطر الارهاب فضلا عن خطوات الاصلاح الاقتصادى والسياسى. واشارت الى ضرورة ان تعيد الاحزاب السياسية بناء نفسها من جديد خاصة بعد ثورتين، حيث ان اغلبها ليس لها وجود حقيقى فى الشارع السياسى وليس لها دور حقيقى تجاه المشكلات التى تمر بها البلاد واوضحت أن الاحزاب السياسية رغم كثرتها الا انها لم تقو بعد حتى تتمكن من تقديم مرشح يخوض السباق الرئاسى ويستطيع تحمل زمام الامور فى هذه المرحلة. حالة احباط اما "سامح عيد " الباحث السياسى فأرجع ضعف الحياة الحزبية فى مصر إلى القوانين القائمة،وتصرفات أجهزة الأمن فى مواجهة أي نشاط سياسي مشيرا الى ان هناك حالة من الاحباط العام تسيطر على الحياة الجزبية والمشهد السياسيى برمته،خاصة فى ظل تعقب شباب الاحزاب وكثرة سجناء الرأى،حتى عند اعلان "خالد على"خوض معركة الانتخابات نجد ان الاحزاب لم تتوافق عليه،واصبحت المعارضة تعاني من تهميش وعزلة متعمّدة من النظام. واضاف "عيد"الى أن غياب مرشحين يتنافسون فى المعركة الانتخابية يعيدنا الى فترة التسعينات بأن النتيجة محسومة لصالح مرشح معين ولا يوجد تنافس حقيقى خاصة بعد غياب تام لرموز المعارضة وعدم ظهورها حتى الذين خاضوا الانتخابات الرئاسية الاولى كالمرشح السابق"حمدين صباحى" المنافس الأكبر للسيسي حيث أعلن فى مايو الماضي، عدم ترشّحه فى الانتخابات المقبلة، كما اختفى المرشّح السابق د"عبد المنعم أبو الفتوح" عن المشهد تماما،و يواجه الرئيس السابق للجهاز المركزيّ للمحاسبات المستشار "هشام جنينة" معوقات قانونية ، بسبب حصول زوجته على الجنسيّة الفلسطينيّة بما يخالف الدستور. واوضح "عيد"على اهمية وجود انتخابات نزيهة وتعددية حزبية وتنافس طبيعى من خلال ادراج عدد من المرشحين خلال الانتخابات ومطالبة الاحزاب بتوافر ضمانات الانتخابات، النزيهة التي تتمثل فى تحقيق تكافؤ الفرص بين المرشّحين سواء من حيث الدعاية الانتخابيّة أو الظهور فى وسائل الإعلام أو وجود إشراف دوليّ على الانتخابات حتى لا تكون النتيجة محسومة لصالح مرشح بعينه. عقبات عديدة اما د"احمد دراج"استاذ العلوم السياسية وعضو جبهة التضامن من أجل التغيير،فأكد أن ممارسات النظام فى الشارع السياسى من قمع الحريات وتكميم الافواه سببا فى عدم وجود مرشحين للانتخابات البرلمانية موضحا ان اعلان اغلب الاحزاب تأييدها للرئيس الحالى دليل قاطع على ضعفها لافتا الى ان السلطة السياسية وراء ضعف الاحزاب وتهميشها. واوضح "دراج"انه فى حال تقدم اى مرشح للانتخابات الرئاسية المقبلة سوف يواجه العديد من العقبات منها عدم تكافؤالفرص بين المرشّحين بما يخالف الدستور، فمثلا حملة "علشان تبنيها"، التي تقوم بزيارة المؤسّسات الحكوميّة ووسائل الإعلام والصحف، وتوزّع استمارات الحملة التي تطالب الرئيس عبد الفتاح السيسي بالترشّح لدورة رئاسيّة جديدة.وبالطبع لن تسمح أيّ مؤسّسة حكوميّة فى الدولة لأيّ مرشح آخر بتوزيع استمارة على العاملين فيها تطالب بتأييده،وهذا كله سيجعل الانتخابات الرئاسية اشبه بالمسرحية الهزلية والاحزاب لن تستطع ان تلعب اى دورا ملموسا من اجل اجراء انتخابات حقيقية نزيهة.