رمى "الخليفة المتوكل" عصفوراً فلم يصده، فقال الوزير: "أحسنت".. فقال الخليفة: أتهزأ بي؟!.. فقال الوزير: لقد أحسنت إلى العصفور يا مولاي!!..ومنذ هذا الوقت بدأت مدرسة التطبيل،والنفاق،والكذب،وسادت الخيانة،وغاب الصدق، وتحكم انصاف الرجال المخادعين،فتاهت الحقائق،وأصبح للشللية،وللبصاصين،والمنافقين المكان الابرز فى كل مواقع العمل،فوصلنا إلى ما نحن عليه الآن،حيث نتعامل مع عدد كبير من المسئولين الذين يصفون أنفسهم بالزعماء،والعقليات الفذة،وهم لا يمتلكون عقولا ولا أفكارا،ولا نظاما، ولا برامج واضحة قائمة على الفكر والدراسة والموضوعية، فنامت القوالب،وقامت الأنصاف وأصبحنا فى زمن "أهل الثقة" لا أهل "الخبرة"..زمن يغيب فيه الحوار الحقيقي..زمن يستأثر فيه البعض بالقرارات دون أدني علاقة بالديمقراطية مستندين الى مجموعة من "المطبلاتية "،فكان "للراجل اللي واقف ورا المدير أو الوزير " الدور الأكبر والأكثر نفوذا وتأثيرا،صانعين من رؤسائهم "زعماء من ورق".. فجاءت القرارات المتخبطة،وغير العادلة،والتي تخدم فئة قليلة من المجتمع،فضاع المال العام،وقتلت أفكار الإبداع ودعم العمل والإنتاج، كما ترسخت – فى عالم السياسية- مقولة "أنت سياسي ولا تكذب فإبحث لك عن مهنة أخرى"،ودخل الاقتصاد مرحلة التدهور الشامل معتمدا على آراء ونظريات طفيلية هزيلة ضاع معها كل ما هو "إستراتيجي"..هؤلاء الذين أقصدهم -الزعماء من ورق- يذكرونني بعصر يجب ان نسترجع منه حكاية الرائع الفنان أحمد توفيق «رشدى» فى فيلم «شىء من الخوف»،حيث كان يحلم بأن يصبح «زعيما» أو «قائدا» لعصابته بدلا من «عتريس».. رغم أنه لا يمتلك أيا من مقومات الزعامة أو القيادة!!..كان يريد أن يحكم قرية «الدهاشنة» ليحقق رجولته المفقودة حتى فى بيته ومع زوجته الفنانة «سميرة محسن» بياعة الجبنة.."أحمد توفيق" أول ما شرب كاسين فى ليلة فرحه «سكر»، وأخذ يهذى بكلام «هوه مش قده» فقال: "أنا حاسس أن أنا كبير قوى.. أكبر راس فى البلد.. أنا حاسس أنى 3 عتريس فى بعض "..أصحابه فى العصابة حذروه خوفا من عتريس ليسمعه..ف"رشدى"أراد أن يثبت لزوجته «أنعام» أنه أجدع من "عتريس" بعد أن عايرته ب «خيبته» وبأنه أضعف من أن يفعل أى شىء، و«بيهلفط» بالكلام وخلاص.. كلام بلا معنى أو قيمة.. فركب حصانه وجرى إلى أهل «الدهاشنة» وأخذ يصرخ فيهم قائلا:" أنا أجدع من عتريس.. ده آنى بلوة سودة.. آنى سفاح.. آنى شرانى.. إنتوا ما بتخافوش منى ليه؟!!"..أهل القرية لأنهم يعرفون قيمته الحقيقية ويريدون الخلاص منه ومن عتريس قبله.. ضربوه علقة «ساخنة» ضيعت الجزء اللى فاضل من عقله…المصيبة هنا أن "رشدى" –كهؤلاء الذين أقصدهم فى مقالي-لا يعرف أن «الكاريزما» و«الزعامة» و«المهابة» لا تشترى.. بل تحتاج إلى الكثير من الموهبة،والثقافة و العمل والاحترام والاخلاق،والانضباط والالتزام والتحلي بالحوار الحقيقي والإستعانة بأهل الخبرة.. والصعود إلى المواقع القيادية بالفكر والخبرة لا بالتزوير،والنفاق،ثم إدارة البلاد "بالفهلوة" !