وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكي بالذخيرة الحية بالمنطقة الغربية    سلامة الغذاء: 844 إذن تصدير لحاصلات زراعية خلال الأسبوع الماضي    الإحصاء: معدل المساهمة بالنشاط الاقتصادي بلغ 46.9٪ من جملة السكان بالربع الثالث    اعتماد تعديل المخطط التفصيلي لأرض مشروع «كابيتال جروب بروبيرتيز» بمدينة الشروق    كفاية دهسا للمواطن، خبير غذاء يحذر الحكومة من ارتفاع الأسعار بعد انخفاض استهلاك المصريين للحوم    ڤاليو تنجح في إتمام الإصدار التاسع عشر لسندات توريق بقيمة 735 مليون جنيه    زعيمة المعارضة الفنزويلية تدعو الجيش لرفض أوامر مادورو    مسئول أممي: جرائم قوات الدعم السريع في الفاشر وصمة عار    تقارير: زين الدين زيدان يقود منتخب فرنسا بعد انتهاء كأس العالم 2026    تريزيجيه: الأهلي استفسر مني عن سلوكيات بن شرقي.. وصفقة زيزو تخض    منتخب مصر يختتم استعداداته لكاب فيردي وسط غيابات واسعة قبل مباراة تحديد المركز الثالث    موعد مباراة إيطاليا والنرويج.. والقنوات الناقلة في تصفيات كأس العالم 2026    تقارير : زين الدين زيدان يقود منتخب فرنسا بعد انتهاء كأس العالم 2026    إصابة 5 أشخاص في حادث انقلاب ميكروباص بالطريق الصحراوي    حالة الطقس اليوم الأحد في الكويت.. سحب متفرقة وفرصة أمطار خفيفة    إخماد حريق نشب داخل شقة سكنية دون إصابات في الهرم    ضبط أم اعتدت على طفلتها وتركتها مصابة في كفر الشيخ    البيئة تشن حملة موسعة لحصر وجمع طيور البجع بطريق السخنة    تعليم الإسماعيلية: يعلن جداول امتحانات شهر نوفمبر للعام الدراسي 2025/2026    قوافل الأحوال المدنية تستخرج 9079 بطاقة رقم قومي.. وتلبي 1065 طلبًا منزليًا في أسبوع    خالد النبوي في حوار خاص بعنوان "من نجم شاب إلى أيقونة سينمائية" بالقاهرة السينمائي الدولي    الليلة على DMC .. ياسمينا العبد تكشف أسرار مشوارها الفني في صاحبة السعادة    الإفتاء تواصل مجالسها الإفتائية الأسبوعية وتجيب عن أسئلة الجمهور الشرعية    متحدث الصحة: ملف صحى إلكترونى موحد لكل مواطن بحلول 2030    سؤال برلمانى بشأن ظاهرة العجز الصارخ فى المعلمين    كيف نظم قانون الإجراءات الجنائية الجديد تفتيش المنازل والأشخاص؟    مصر ترحب باتفاق الدوحة الإطاري للسلام بين جمهورية الكونجو الديموقراطية وحركة M23    فيديو.. عمرو أديب يحتفي بتلال الفسطاط: من أعظم المشروعات في السنوات الأخيرة    الرياضية: أهلي جدة يفتح ملف تجديد عقد حارس الفريق إدوارد ميندي    ما هي عقوبة مروجي الشائعات عبر السوشيال ميديا؟.. «خبير» يجيب    طريقة عمل صدور الفراخ، بصوص الليمون والثوم    فيروس ماربورغ.. القاتل الخفي الذي يعيد ذكريات الإيبولا    بنين تعتمد تعديلات دستورية تشمل إنشاء مجلس الشيوخ وتمديد الولاية الرئاسية    كبير الأثريين يكشف تفاصيل تطوير المتحف المصري بالتحرير    عاجل- وزير الدفاع الإسرائيلى: لا دولة فلسطينية وخطة لتقييد ظهور الضباط إعلاميًا    وزارة الداخلية تقرر إبعاد 3 أجانب خارج مصر    مصر وتشاد تبحثان خارطة طريق لتعزيز الاستثمار المشترك في الثروة الحيوانية    الري: التحلية للإنتاج الكثيف للغذاء أحد أدوات التعامل مستقبلا مع محدودية المياه وتحقيق الأمن الغذائي    وزير الخارجية يجري اتصالات مكثفة بشأن الملف النووي الإيراني    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكي بالذخيرة الحية في المنطقة الغربية    اليوم .. بدء القيد بالنقابة العامة لأطباء الأسنان لخريجى الكليات دفعة 2024    متي ينضم محمد صلاح لمعسكر الفراعنة قبل أمم أفريقيا ؟ ليفربول يحدد الموعد    «حماة الوطن» يعقد مؤتمرًا حاشدًا بالإسماعيلية لدعم مرشحيه    إصابة العشرات بعد اندلاع اشتباكات في المكسيك وسط احتجاجات الجيل زد    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 16نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا..... اعرف مواقيت صلاتك    اليوم.. وزيرالثقافة ومحافظ الإسكندرية ورئيس أكاديمية الفنون يفتتحون فرع ألاكاديمية بالإسكندرية    ألبانيا أول منتخب أوروبي يحجز مقعده في ملحق مونديال 2026    فيلم شكوى 713317 معالجة درامية هادئة حول تعقيدات العلاقات الإنسانية    استقرار أسعار اللحوم في الأسواق المصرية اليوم الأحد    بريطانيا تجرى أكبر تغيير فى سياستها المتعلقة بطالبى اللجوء فى العصر الحديث    "دولة التلاوة".. برنامج قرآني يتصدر الترند ويُحيي أصالة الصوت المصري    خالد عبد الغفار: مصر تحقق نجاحات كبيرة جدًا على المستوى الدولي    وزير الصحة: متوسط عمر المصريين زاد 20 عاما منذ الستينيات.. وكل دولار ننفقه على الوقاية يوفر من 3 ل 7 دولارات    محمود حسن تريزيجيه: الانضباط والاحترام أساس تكوين شخصية لاعب الأهلي    عمرو أديب بعد حادث أحمد سعد: واخد عين.. حوادثنا قاتلة رغم الطفرة غير الطبيعية في الطرق    هل تشفي سورة الفاتحة من الأمراض؟.. داعية توضح| فيديو    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عتبات ليلة
نشر في الأهالي يوم 06 - 12 - 2016

فى السابع والعشرين من مارس، يوم المسرح العالمي، من هذا العام قدمت فرقة (المسرح البديل) على مسرح الهناجر عرض افتتاح اليوبيل الفضي للمسرح المستقل. قدمت من تأليف وإخراج محمود أبي دومة حكايتين من حكايات (عتب البيوت) هما: (دولت) و(عين بتضحك وعين بتبكي).
كان الانطباع الذي ساورني مثيراً للتأمل. ذلك أنه بتوالي الحكايتين أصبح العرض ليلة حكي قابلة لتغيير مكوناتها من ليلة إلى أخرى، خاصةً مع اختلاف مذاق واتجاه كل حكاية حيث يحيط الأخيرة بعدًاً فلسفيًاً لأسر الدنيا والخروج منها، وانتظار الإشارة الغامضة للرحيل من الضيافة، مدعماً بخفة روح عيسى الذي يبدو وكأنه ممن " يعبرون إلى الرؤيا " بالتعبير القرآني، فيفيض بتنبؤاته رزقاً على الشيخ بكر الذي استضافه لسنوات طويلة، وتتناثر الدعابات فى طي الحكاية. ويبدو حضوره وغيابه كأنه حلم سرى فى بيت الشيخ بكر يفسر الخير العميم، والبركة التي حلت على المكان وأهله فى ارتباط آخر بالعتبة عندما يعبرها قدم الخير مع التباس فني فى دلالة الضيافة ومعنى الأسر ما بين بيت الشيخ والدنيا بأسرها.
أما حكاية (دولت)، الأولى فى العرض، فتأثيرها مأساوي طاغٍ. عشق دولت الذي أفضى إلى موتها أو مقتلها، إذ يحمل تخطيًاً للحدود. " أصل الشرف يا بنات غالي ". و لا يضيف تعدد روايات البنات عن رحيلها فى ريعان الشباب قسوة أو يقلل حزناًً، بقدر ما يشير تعدد ‘وصفات موتها' إلى ذوبان السر الدفين فى حوائط البيت القديم. فلو ان العرض اكتفى بتلك الحكاية الواحدة لتشبع المسرح بسرد مأساوي أفضى بسر مثقل للقلوب، تام وكامل.
تذكرت هذه العلاقة الدقيقة بين احتمالات الفعل المسرحي فى الليلة الواحدة وأنا أختتم قراءة (عتب البيوت) بحكاية (ليلة)، آخر الحكايات والتي تستحوذ على أكثر من ثلث الكتاب، وتتخطى المائة صفحة. ذلك أن العلاقة بين (ليلة) وباقي حكايات الكتاب السابقة من جهة، وانفرادها بذاتها ممتدة ووارفة من جهة أخرى بها شيء من هذا الانطباع المسرحي المشار إليه، والاحتمالات المتخيلة لتوظيف الحكايات.
ومن جمال هذا العنوان (عتب البيوت) حمله لدلالات متعددة. عتبة الدخول لحياة جديدة، وعتبة خروج، موتاً كان أو فراقا. لكنه أيضاً يحمل معنى العتب، أي اللوم. فإذا كانت البيوت تعج بآلام وشكاوى المحروقة، والمقتولة، والمتروكة تحت الأنقاض، وتئن تحت وطأة حدود الصعيد والنسق الذكوري، بخيره وشره، والذي يهيمن على البيت ويحدد عتبته، فإن ليلة تبدو وكأنها ترد بعتباتها المتعددة فى زيجاتها الخمس المتوالية على كل قهر لإرادة وأحلام النساء وأشواقهم فى الحكايات. كأنها ترد بعرق الصبا الذي لايشيخ فى جمالها، والذي هو ‘ فى الصعيد محنة'، وامتلاكها لزمام أمرها وقرارها فى قلبها وجسدها، باختيارها للرجال الذين تقترن بهم الواحد تلو الآخر على كل منظومة الامتثال للتقاليد حد الموت ومخزون النساء من الوجع والقهر.
كذلك يبدو بوصولنا ل (ليلة) أننا نكون قد ألممنا وعايشنا عالم أبي دومة الصعيدي بحدوده ومآسيه، مكارمه ودعاباته. مهنه ومواسمه وفيضانه، خياله الخرافى وسبيكته الإيمانية المتداخلة بعمق تاريخي عتيد. أصبح المسرح مهيئاً لاستقبال ليلة.
يبقى أن نلحظ أن مفتاح الولوج لعالم (عتب البيوت) يخص أبواب الرحيل بخاصة. وكأن اللحظة الفارقة التي خطى فيها الكاتب عتبة غرفة العمليات وكاد قلبه أن يفارق واتته الجرأة ليلج تلك الأبواب وعتبات الخروج من الحياة ويقرأ فى كتاب الصعيد " اللي ما تقراش منه كلمة "، وتراثه الجنائزي. فما من قصة إلا وتتمحور حول رحيل وموت أو اندثار، ولو كان غير البشر مبنى أو معنى أو حتى مهنة.
تنفرد (ليلة) ببنائها الطامح إلى خلق أيقونة مأساوية مقدسة، كأنها نصف بشر نصف إله، مدفوعة بالحرمان فقراً وفراقاً للأحبة، أباً فأخوات فأماً، ملاحقة بصورة الفيضان ناشراً عظام الموتى والتوابيت لأجيال فى رواية المراكبي الذي دفنت معه أمها، آخر الحبايب، وحيدة. مدفوعة بملاحقة الموت، موعودة بالحياة المؤججة فى جسدها ذي الجمال المحير الخالد، تلد من البنين عشرة وتتزوج من الرجال خمسة. لكن الكاتب ينشئ من الحدود الاجتماعية المتجذرة فى الصعيد كدين ما لا يصح لبطل تراجيدي أن يتخطاه. فبزواجها الزيجة الرابعة فالخامسة كانت تخطت الحد المسموح به. فرجل على أعتاب الموت ورجل يصغر أبناءها. بل إن نقطة ضعفها، الابن الأكبر والأقرب إلى قلبها، والذي أرضعته حتى مشارف الشباب لتورثه رحمة، هو الذي يخطط لتركها وحيدة فى الصحراء القاسية، تلقى مصيرها مسلسلة بالحديد. بل لا يفوت الكاتب فكرة المكان والعتبة. فقد أقسمت ألا تخرج من بيتها الثاني إلا على ظهرها، فإذ بها بتخطيها عتبته مرة فثانية كانت تنسج مصيرها المأساوي وتسارع إلى باب رحيلها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.