عرض: محمد صلاح غازى يتناول كتاب " القرن العشرون الطويل.. الاستعمار الاقتصادي الأمريكي لدول العالم الثالث " لثلاثية الهيمنة الأمريكية و التنمية غير المتكافئة و التفاوت العالمي، و الكتاب من تحرير جومو كوامى سوندرام- الأمين العام المساعد للتنمية الاقتصادية بالأممالمتحدة، ونقله من الانجليزية إلى العربية محمود كامل و الصادر عن المركز القومي للترجمة 2016. ويُعنى بعواقب التفاوت على التكامل الاقتصادي العالمي فى سياق ما سمى بالامبريالية الحديثة أو الرأسمالية. فى الفصل الثاني ويحمل عنوان " مفهوم طريقة الإنتاج و نظرية الإمبريالية، يعرض برابات باتنيك مشكلة أثيرت على السطح البيني للنظريتين المتلازمتين، على الرغم من تناقضهما الظاهري فى التقاليد الماركسية، ألا وهما طريقة الإنتاج و الإمبريالية، والمرتبطتان – فى وجهة من وجوههما – بلينين. حاول إيتان باليبار أن يحل مشكلة الانتقال من طريقة إنتاج إلى أخرى عن طريق تطبيق مفهوم " طريقة الإنتاج الانتقالية " وبدلا من ذلك اقترح سمير أمين أن تكون طريقة الإنتاج تحليلاً مجرداً وشبيها بالتصور الوظيفى و التركيبي " للنوع المثالي " على عكس التجريد ذي الصلة مع الاختلاف للعلاقات الاجتماعية الفعلية المعروفة باسم " التشكيل الاجتماعي ".. ويخصص الكتاب فصلين لعواقب انخراط الصحراء الأفريقية فى الاقتصاد العالمي تحت الهيمنة الخارجية. فى فصل بعنوان " أفريقيا : القرن العشرون الطويل " يدرس بيل فرويند التاريخ الأفريقي من مؤتمر برلين 1884 مرورا بفترة الاحتلال الاستعماري الأوروبي، وانتهاء بفترة ما بعد الاستعمار. وفى فصل مصاحب حول " الإمبريالية فى أفريقيا "، يقول لانس فان سيتيرت : إن طبيعة الإمبريالية وعواقبها كانت نتاج التفاعل بين عوامل إمبريالية ووطنية. ويقسم الكاتب القرن التاسع عشر إلى مراحل، ويميز المرحلة الأولى (1884-1914) عن المرحلة التالية التي تعرف باسم " الاستعمار الكبير " (1918-1939). كما يؤرخ حقبة " نهاية الإمبراطورية " من الحرب العالمية الثانية ( 1939-1960) قبل أن يميز شهر العسل بعد الاستقلال ( 1965-1980) عن الفترة الليبرالية الجديدة التي تلته. ومن خلال النصف الأول من القرن العشرين تم تحويل الموارد و السكان الأفارقة إلى مصادر للمواد الخام و أسواق للاقتصادات الصناعية الأوروبية. ونجم عن ذلك تكوين " اقتصادات مفتوحة " ذات المحصول الواحد أو المعدن الواحد. وشهد النصف الثاني من القرن العشرين موجات من المذاهب الشعبية و القومية و الاشتراكية، وشهد أيضاً إخفاقاً فى كسر هذه الروابط التاريخية. وذلك عن طريق الاتجاه نحو تصنيع ما كان يستورد كما يجرى فى أماكن أخرى فى الجنوب، ولكن هذا الاتجاه لم يدم إلا فترة قصيرة من الوقت.. فى فصل بعنوان " الشرق الأوسط فى القرن العشرين الطويل " يشير فاروق تاباك إلى اتساع الفجوة فى الدخل بين الشرق الأوسط و الشمال نتيجة ثلاث عمليات. العملية الأولى هي التغيرات السريعة فى المنطقة خلال فترتي الهيمنة الغربية. و التي تناقضت تماماً مع التحولات البطيئة والمرتبطة بحق الصراعات الإمبريالية. ثانية هذه العمليات هي الانتقال من النظام البريطاني إلى النظام الأمريكي، أي من إمبراطورية رسمية إلى إمبراطورية غير رسمية، عبر القرن العشرين، مما أسهم فى تعميق الاتجاهات القائمة. وقد حققت محاولات المنطقة تصنيع ما كان يستورد، نجحت مرات وفشلت مرات أخرى. مع وصول النمو الاقتصادي إلى أعلى معدلاته خلال ما يعرف " بالعصر الذهبي " فى مرحلة ما بعد الحرب. ثالثة هذه العمليات هي ما يعرف باسم " الأسباب البنائية ". بما فى ذلك طبيعة الاقتصاد الزراعي، وهى الأسباب التي تفسر لنا الأداء الاقتصادي الذي لا يمكن وصفه بأنه مقنع أو مرضٍ لأحد.. كان كارل كاوتسكى قد اقترح تصورا يحمل عنوان " ما فوق الإمبريالية "، وهو اقترح يقضى بالاستغلال السلمي و المشترك لباقي دول العالم من جانب " رأس المال التمويلي الدولي المتحد ". وبدلا من هذا الاقتراح قال لينين إن السلام أمر مؤقت. مع اتفاق بين القوى الإمبريالية بإملاء من قوة " إمبريالية عظمى ". وبالنسبة إليه فإن هذا لم يكن يعنى اختفاء دولة الأمة : ذلك لأن " القوة الإمبريالية العظمى " ستمارس قوتها من خلال نظام دول الأمم، بدلا من " دول عالمية تابعة ".. ويقول باتنيك إن الآثار البعيدة المدى لعولمة رأس المال التمويلي على مستويات معيشة العمال و الفلاحين كانت شديدة القسوة فى دول العالم الثالث، فالسيادة الاقتصادية والسياسية لهذه البلدان تم تطويقها، كما أن أصولها الاقتصادية – وخاصة فى القطاع العام – قد تحولت إلى القطاع الخاص، ووقعت – بصفة خاصة – فى أيد أجنبية، مع تقلص القوة الشعبية السياسية. وضعفت الديمقراطية فى حين تم تشجيع نزاعات الهوية بين أفراد الشعب، مع إضعاف قدرتهم على مواجهة السلطة الجديدة. ورداً على ذلك، يعطى الكاتب الأولوية لتقوية الدول الأممية المستقلة لقواعد طبقية بديلة و برامج اقتصادية تنموية بديلة لوقف العولمة، بل وقلبها رأساً على عقب، والضغط على الدول لاتباع خطط تنموية تكافؤية، مع حماية الحقوق الديمقراطية للشعب.