السفيرحسين هريدي عندما سيقوم المؤرخون فى المستقبل بالكتابة والتحليل لما شهدته سوريا من مؤمرات ودسائس على مدى السنوات الخمس الماضية،سيتوقفون كثيرا ودون ادنى شك امام الدور الهدام والتخريبى الذى قامت به تركيا "اردوغان" فى تأجيج الصراعات داخل سوريا ، وذلك فى اطار العثمانلية الجديدة التى انتهجها الحزب الحاكم فى تركيا ، حزب العدالة والتنمية. فقد كان المخطط التركى فى سوريا جزءا من مشروع توسعى اقليمى ، وكانت اداته الرئيسية جماعات الاسلام السياسى ، وفى مقدمتها جماعة "الاخوان المسلمين" فى سوريا ومصر وليبيا. وكانت التوسعية التركية تحظى بقبول غربى واسع فى المراحل الاولى للصراع على سوريا ، وكانت هذه النزعة الوسعية تتغلف بشعارات كنشر الديمقراطية واسقاط نظم الحكم "الدكتاتورية" .وبالتوازى مع هذه الشعارات البراقة والخادعة تم شيطنة النظام السورى الى ابعد الحدود عن طريق الغرب وتركيا وعدد من الحكومات العربية التى كانت ، ومازالت ضالعة فى محاولات ميؤسة للهيمنة السياسية فى الشرق الاوسط.وقامت هذه الحكومات بتجنيد دوائر ورجال كانوا على استعداد لبيع وطنهم باسم الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان. وبصمود الشعب السورى وكذلك الجيش العربى السورى علاوة على التدخل العسكرى الروسى فى سبتمبر الماضى بناء على طلب الحكومة السورية و ادراك واشنطن ان المخطط الذى بدأ فى نهاية 2012لن يكتب له النجاح ، بدأت تركيا فى المطالبة والضغط المتواصل فى العواصمالغربية لايجاد منطقة عازلة فى شمال سوريا والاتفاق على منطقة حظر جوى لتوفير الحماية للمنطقة الامنة المقترحة. ولم تلق الضغوط التركية على هذا الصعيد تجاوبا غربيا لتخوف القوى الغربية ان الموافقة على مثل هذه الاقتراحات يخدم المصلحة التركية ، ويجعل من تركيا قوة أقليمية مهيمنة بمفردها على مسارات الحرب الدائرة على الاراضى السورية ، وتسيطر الى حد بعيد على الجماعات المسلحة فى سوريا بما فى ذلك "داعش" واليوم تعمدت تركيا فى نشر أخبار عن استعدادها للقيام بعملية عسكرية واسعة فى الاراضى السورية بحجة الدفاع عن الامن القومى التركى ومحاربة ما تصفه بارهاب الاكراد.مما لاشك فيه انه اذا اقدمت تركيا على اقتحام الحدود السورية فهذا العمل سيعتبر غزوا صريحا لاراضى دولة عضو فى الاممالمتحدة و دولة من الدول المؤسسة لجامعة الدول العربية, وسيعد انتاكا صارخا لميثاق الاممالمتحدة من جانب وميثاق الجامعة العربية من جانب آخر.وحتى كتابة هذه السطور لم يصدر عن اى حكومة عربية بما فى ذلك القاهرة اى موقف رافض لدخول الجيش التركى للاراضى السورية وفى وضح النهار. وفى هذا الصدد ، تجدر الاشارة الى ان بعض العواصم العربية على استعداد لمعاونة الجيش التركى فى هذه المغامرة بحجة محاربة الارهاب ، وعاصمة من هذه العواصم سبق وأن أعلنت عن استعدادها ارسال قوات برية فى سوريا شريطة ان تكون العملية العسكرية تحت قيادة امريكية؟؟ فاقتحام الجيش التركى للحدود السورية سيغير من وجه الصراع فى سوريا وسيضع النظام العربى بأكمله امام اختبار قاسٍ يتمثل فى هل سيقبل النظام العربى الغزو التركى لسوريا ويكتب بذلك شهادة وفاته الرسمية ام يقف كرادع امام الهيمنة التركية؟ وغنى عن القول ان الفصل فى هذا الشأن هو لصوت القاهرة.ونحن من المحيط الى الخليج فى الانتظار.