* تسأل ثناء محمد عثمان من الجيزة: أريد معرفة رأيكم في قضية قوامة الرجل مع المرأة؟ ** نقصد بها بيان الدرجة التي رفع الله بها الرجل علي المرأة. وما يتبعها من تحمل المسئولية. بعد أن سوي بينهما في الحقوق والواجبات بقوله تعالي: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف". والمرأة مساوية للرجل في جميع الحقوق إلا أمراً واحداً عبر عنه بقوله: "وللرجال عليهن درجة" وكلمة "بالمعروف" في مقامها بليغة المدي. لأن هذه الكلمة عامة تعني ما هو متعارف عليه انه حق. وهذا لا يقاس بزمن بعينه فيما ليس فيه تحديد في كتاب الله وسنة رسوله. بل يظل يتبدل ويتطور حسب تبدل ظروف الحياة الاجتماعية وتطورها. والضابط العام فيه ألا يحل حراماً ولا يحرم حلالاً. فهذه الجملة تعطي الرجل ميزاناً يزن به معاملته لزوجه في جميع الشئون والأحوال. فإذا هم بمطالبتها بأمر من الأمور يتذكر انه يجب عليه مثله بإزائه. ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما: "إنني لأتزين لإمرأتي كما تتزين لي لهذه الآية" أ. ه وأما قوله تعالي: "وللرجال عليهن درجة" فهو يوجب علي المرأة شيئاً وعلي الرجل أشياء. ذلك ان هذه الدرجة هي درجة الرياسة والقيام علي المصالح المفسرة بقوله تعالي: "الرجال قوامون علي النساء بما فضل الله بعضهم علي بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان علياً كبيرا". احتوت الآية علي: 1-تقرير حق القوامة والإشراف للرجال علي النساء مع تعليل ذلك بأنه بسبب ما فضل الله به الرجال علي النساء من مزايا خاصة ثم بسبب مما ينفقونه من الأموال. فالرجل أحق بالرياسة لأنه أعلم بالمصلحة. وأقدر علي تنفيذها بقوته وماله. ومن ثم كان هو المطالب شرعاً بحماية المرأة والنفقة عليها. وكانت هي مطالبة بطاعته في المعروف. 2 تنويه بالمرأة الصالحة ووصف لها. فهي المطيعة المسالمة الحافظة لما أمر الله حفظه من حقوق زوجها في غيبته. 3 إشارة إلي المرأة التي لا تتصف بهذا الوصف وتبدو منها بوادر العصيان والانحراف والنشوز. وأمر للرجال بعظتها وردعها بالكلام أولاً فإذا لم تتعظ وترتدع فبالهجر في المضاجع فإن لم يجد ذلك فبالضرب مع إيجاب التوقف عن ذلك حالما يبدو من المرأة طاعة وإذعان. 4 تقرير بأن الله لم يجعل للرجل حق الاستمرار في عقاب المرأة بدون حق وضرورة: "فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا". والآية حتي في جعلها الرجال قوامين علي النساء وفي منحها إياهم حق تأديب الناشزات منهن ظلت كما هو ظاهر من فحواها وروحها في نطاق التلقين القرآني العام الذي يوجب علي الرجال عدم اضطهاد النساء وإعناتهن دون مبرر مشروع ومعقول. كما أن قوامة الأزواج علي زوجاتهم في الحياة الزوجية كما قررتها الآية ليست مطلقة. بل مقيدة بحسن المعاشرة والرعاية والمودة والوفاء والأمانة والانسجام والتشاور في البيت. روي الترمذي عن عمر بن الأحوص عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "ألا إن لكم علي نسائكم حقاً ولنسائكم عليكم حقاً. فأما حقكم علي نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون. ألا وحقهن عليك ان تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن". وروي مسلم وأبو داود عن معاوية القشيري قال: قلت يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: تطعمها إذا طعمت. وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر في المبيت.