* تسأل أميرة عباس من لبنان: زوجي لا يري في سب الدين أي شئ. وينكر من يقول عن حجاب المرأة بأنه قد يكون مرتداً ويعتقد ان الأنبياء كفار قبل البعثة. فأرجو توضيح ذلك. وموقفي منه؟ ** يجيب الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر السابق: أولاً: يقرر كل من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. ان الإسلام هو الدين الذي أوحي به إلي سيدنا محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم. وانه الدين العام الذي لا يخص أقواماً بأعيانهم. وانه الدين الذي لا تنسخه رسالة أخري. فهو خاتم الرسالات إلي يوم القيامة. ورسوله خاتم النبيين والمرسلين. ثانياً: المسلم المتمتع بنعمة الإسلام وكفي بها نعمة واجب عليه أن يحافظ عليها. فلا ينقض إسلامه. ولا يفقد إيمانه. بقول أو فعل يرده إلي الكفر بعد إذ هداه الله للإسلام. ومن المعلوم أن الدين أحد الأصول الخمسة التي يحافظ الإسلام عليها وهي: الدين. والنفس. والعقل. والمال. والنسل. وقد ذكر فقهاء الشريعة. وعلماء الإسلام أن من القول المكفر سب الدين. والطعن في نزول القرآن. وفي السنة النبوية الثابتة وسب النبي صلي الله عليه وسلم أو أحد الأنبياء. كما ذكروا أن من الفع««ل المكفر السجود لصنم. وإهانة المصحف. بمثل إلقائه في القاذورات. أو وطئه بالأرجل. والاستخفاف باسم من أسماء الله تعالي أو أمره أو نهيه. أو وعده أو وعيده. والاستخفاف بالأحكام القطعية التي بينها القرآن. قال العز بن عبدالسلام: ضابط ما يكفر به ثلاثة:: أحدها: ما يكون نفي اعتقاده كفراً كإنكار الله أو صفاته أو جحد النبوات. الثاني: صدور ما لا يقع إلا من كافر. كرمي المصحف في القاذورات والتردد علي الكنائس في أعيادهم ومباشرة أحوالهم. وثالثها: إنكار ما عُلم من الدين بالضرورة. كإنكار حرمة القتل والسرقة والزنا وشرب الخمر والربا. أو إنكار فرضية الصلاة والصوم والزكاة والحج. ثالثاً: أرسل الله رسلاً مبشرين ومنذرين ومبينين للناس أمور الدين والدنيا. ومؤيدين بالمعجزات. وهؤلاء الرسل اصطفاهم الله من خيرة عباده» لأنه أعلم حيث يجعل رسالته. فهو القوي القادر يفعل ما يشاء ويختار. رابعاً: المرتد في إصطلاح فقهاء الشريعة هو: البالغ العاقل الراجع عن دين الإسلام طوعاً. إما بالتصريح بالكفر. وإما بلفظ يقتضيه. أو بفعل يتضمنه كما سبق بيانه. وقد عنيت الشريعة الإسلامية بالمحافظة علي العقيدة الإسلامية فوضعت العقوبات الشديدة لمن يدخل في الإسلام ثم يرتد عنه. اتفق الفقهاء علي أنه إذا ارتد أحد الزوجين حيل بينهما. فلا يختليان خلوة الأزواج. ولا يلتقيان في فراش. ولا يمسها. وتستر كافة جسدها عدا الوجه واليدين عنه. ولما كانت الزوجة السائلة قد قررت ان زوجها نطق واعتقد وأصر علي اعتقاده بأن الأمور الثلاثة. سب دين الزوجة المسلمة. وان حجاب المرأة قذر. وأن الأنبياء هم كفار قبل البعثة وليس منها شئ في دين الله. فإن الزوج إذا صدق زوجته علي ما روته عنه واعتقده وأصر عليه حسب ما ورد في سؤالها يكون الردة المعتبرة هي الصادرة عن ذات المسلم نطقاً أو كتابة أو تصديقاً لمن أخبر بها عنه. وإذا ثبتت الردة وقعت الفرقة بين الزوجين» لأن الردة تبطل عقد الزواج والواجب علي هذا الزوج أن يتوب إلي الله ويرجع إلي الإسلام. ولما كان المرتد عن الإسلام تقبل توبته» لأن الردة من كبائر المعاصي حيث قال الله سبحانه: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افتري إثماً عظيماً" "النساء: 48". وقال جل شأنه: "قل يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم" "الزمر: 53". فإن هداه الله. وغدا قلبه عامراً بالإيمان. موقناً بالإسلام. واعتذر بأنه قد غامر بما قال وما فعل.. فإنه تصحيحاً لموقفه وتعامله شرعاً وقانوناً يتبع الآتي: أولاً: يشهر توبته بإعلام رسمي. ويثبت في الإشهار وبعد نطقه. بأنه تاب إلي الله سبحانه عما فعل وعما قال. وأنه يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي الناس كافة. وانه بريء من كل دين يخالف دين الإسلام. ويستغفر الله سبحانه من كل قول أو فعل صدر منه مخالفاً لعقيدة الإسلام وشريعته. وذلك بعد التثبت من شخصيته.. ثانياً: يعقد زواجه من جديد علي زوجته. ويكون تجديد عقد الزواج وفقاً لحكم الإسلام. أي: بإيجاب وقبول. فإذا لم يتيسر هذا الإجراء فإنه يُطلب منه أن يتوب. ويُنصح بمعرفة أحد علماء المسلمين. فإن تاب في حدود ثلاثة أيام فبها ونعمت. وإلا رفع أمره لقاض مسلم ليحكم بردته. وما يترتب علي هذا من آثار شرعية يبينها القاضي في حكمه. فإذا لم يوجد قاض مسلم اكتفي بنصحه بمعرفة أهل العلم. حتي يتوب ويجدد إسلامه وإيمانه.. وهذا إذا كان الحال كما ورد بالسؤال.