أثارت إحصائية عن فاتورة تجميل المرأة المصرية والتي تقدر ب 3 مليارات جنيه سنوياً دهشة واستفزاز الكثيرين خاصة في ظل الظروف الاقتصادية بالغة الصعوبة وتزايد معدلات البطالة لشباب في عمر الزهور فهل يعد هذا شكلا من أشكال الهوس والهدر علي التجميل ولماذا تتزايد رغبة المرأة في إعادة تشكيل ملامحها وجسدها بهذه الشراهة؟ في البداية يشير عصام الدين الفاتح صاحب شركة مستحضرات تجميل إلي ان هناك كل يوم جديد في أدوات التجميل وفرد الشعر وهذا الموسم هناك اقبال كبير للغاية علي ازالة الحواجب ودق تاتو مثل ممثلات السينما أو استخدام مصحح لرسم الحاجبين ويبلغ سعر القلم الألماني 35 جنيها بينما يبلغ سعر القلم الصيني جودة أقل ب 20 جنيها. نظراً لتأخر سن الزواج تعاني الفتيات من مشاكل نفسية تؤثر بشكل أو بآخر علي الشعر فتلجأ إلي استخدام "الكرياتين" وهي مادة برازيلي تؤدي إلي اصابة فروة الرأس بالسرطان. بينما هناك مادة مغذية وملمعة أرقي ويبلغ سعرها 2000 جنيه فأكثر وتلجأ الفتيات إما لاستخدامها عند الكوافيرة أو استخدامها في المنزل لتوفير 500 جنيه أتعاب الكوافيرة. أضاف: هناك اقبال عالي للغاية علي مستحضرات التجميل والصبغات والكرياتين من مختلف الأعمار فتأتي الجدة 70 سنة لشراء الصبغات وتحرص الأم علي شراء مستحضرات التجميل ومذيلات العرق والكرياتين أما الفتاة الحفيدة تحرص علي اختيار أنواع متميزة من المكياج التي تعالج مشاكل البشرة. ويري ان الاقبال قوي جداً علي المنتجات المستوردة لرخص سعرها مقارنة بالمنتج المصري حتي أصبحت المنتجات المصرية مثل الطفل اليتيم وبدأت تختفي منتجات مثل الشبراويشي وأصبحت المنتجات تأتي من الصين لأن المستهلك لا يتحمل تكاليف المنتج الأصلي والفارق كبير في الجودة حيث يبلغ سعر "مسكرة الرموش" المستوردة 180 جنيها بينما يبلغ سعر نظيرتها الصيني 20 جنيها وهو ما تلجأ إليه الفتاة نظراً لكثرة خروجها واستهلاكها. وأضاف: حجم الاقبال من قبل طالبات الجامعة كبير للغاية كما تحرص الفتيات في المناطق الشعبية علي الاهتمام بمظهرها فيكون الاستخدام الصارخ للماكياج الكامل في الصباح فمعظمهن تعليمهن متوسط وتلجأ إلي هذه المبالغات لتعويض مستوي التعليم ولجذب انتباه الشباب فهي لا تملك سوي الاهتمام بمظهرها. أما البنات في المناطق الراقية فهن يستخدمن الماكياج بطريقة واعية حيث تقسم الاستخدام إلي كحل وروج في الصباح وهذه الفئات غير مضطرة لإبراز جمالهن بصورة مبالغ فيها فمنهن المهندسات والطبيبات والمحاسبات في البنوك فيكون الاعتماد علي المستوي الاجتماعي والمادي والمكانة. أوضح انه كلما زادت مشكلة البطالة بين الشباب يزداد عزوف الشباب عن الزواج ويزداد استهلاك الفتيات لكافة وسائل التجميل في محاولة مستميتة لجذب رجل جيد والرجل نفسه تايه. الطبيعي يكسب تؤكد الدكتورة سلوي حسين أستاذ الماكياج بأكاديمية الفنون ان استخدام الفتيات دون سن العشرين لكريم الأساس والمواد الرخيصة يؤدي إلي إجهاد البشرة وفقد نضارتها فتصبح جميلة من الخارج وضعيفة من الداخل حتي انها تبدو شاحبة بدون استخدام الماكياج. وتؤدي الأدوات الرخيصة إلي اصابة البشرة بالحساسية والاحمرار والهرش عند استخدام كريم الأساس لذا عليها أن تغسل وجهها سريعاً حتي لا يصاب بالالتهاب وقد تحدث بقع في الوجه. أضافت: بعد سن الثلاثين تلجأ الفتيات والنساء إلي استخدام الحقن بالبوتكس أو الفيللر لمعالجة التجاعيد ويستمر مفعول هذا الحقن لمدة ستة أشهر يبدأ الوجه في التراجع فتضطر إلي إعادة الحقن علماً بأن حقن البوتكس والتي تستخدم في الجبهة وحول العين وأيضاً الفيللر الذي يستخدم بجانب الشفايف وفي الخدود وتتراوح تكاليف الحقن من 1200 إلي 1800 جنيه وفي عروض الأزياء العالمية يستخدم الحقن حول الشفاه أو الأنف حسب العيب في وجه العارضة وهذه مقاييس عالمية حتي تكون العارضة كما يجب. تري الدكتورة سلوي حسين: ان استخدام حقن البوتكس تحتاج إلي خبراء متخصصين لأن الحقن الخاطيء ينتج تشوهات شنيعة جداً فبالرغم من استخدام الفنانات لهذه الوسائل إلا أن لها وقتاً محدوداً ويبدو العجز علي وجوههن وفي أثناء السير تبدو انها عجوز متصابية. أضافت: ان كان ولابد من استخدام الحقن فيجب أن يؤخر استخدامه إلي بعد سن الخمسين لأن لكل سن طبيعته وجماله وننصح بالتغذية الجيدة من فواكه وسلطات وزيت الزيتون والزبادي والعسل الأبيض والخميرة كل هذه المنتجات الطبيعية لها تأثير إيجابي علي البشرة ونضارتها. تشير الدكتورة عزة كريم. خبيرة علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية إلي أن استخدام الماكياج هو ثقافة مجتمع وعادة للمرأة وعلامة من علامات الجمال لأن المرأة تحب أن تظهر بصورة جمالية في عيون الناس. واختلفت نظرة الأسر إلي استخدام الفتيات لأدوات التجميل فبعد أن كانت قاصرة علي الأنثي المخطوبة أو المتزوجة لأنه يلفت النظر إليها أصبحت الأسرة الآن لا تجد غضاضة في استخدام الفتاة تحت العشرين لأدوات التجميل بل تشجعها اعتقاداً منها ان التجميل يجذب الرجل للزواج وبالتالي دخلت فئة كبيرة في مجال استخدام مستحضرات التجميل لان متوسط العمر في استخدامها قد اختلف وضم فئات صغيرة السن. وأوضحت انه كلما تزايدت الدعوة إلي عدم ضرورية الحجاب زاد استخدام أدوات التجميل لأن الحجاب الأصلي يحد من استخدام الماكياج علي الأقل في الشارع وتحرص المرأة علي شراء المنتجات مرتفعة الثمن والماركات حتي لا تتعرض بشرتها للضرر أو الاجهاد المبكر وهو ما يؤثر علي ميزانية الأسر ويزداد استخدام مستحضرات التجميل بعد الأربعينيات والخمسينيات لأن المرأة تحاول تصغير نفسها بالماكياج وتعالج الحالة النفسية باستخدام مستحضرات التجميل بشراهة لمعالجة ما فعله الزمن من تجاعيد وارتخاء العين. وتري د. عزة ان تأخر سن الزواج والتشجيع الدائم لوسائل الإعلام علي طرق استخدام الماكياج ومعالجة عيوب البشرة كذلك الافراط في الزينة واستخدام الحقن لبشرة الممثلات وظهورهن بمظهر جذاب ساعد علي انتشار ثقافة البحث عن الجمال. أيضا أصبح الاهتمام بالجمال والرشاقة الباب الرئيسي لاهتمام واحترام الآخرين وفتح مجالات للعمل المميز والزواج وهي ثقافة المجتمع الآن. غريزة التميز يري الدكتور محمد حسن غانم أستاذ ورئيس قسم علم النفس بكلية آداب حلوان. ان اهتمام المرأة بجمالها اعتبره البعض غريزة تميز الأنثي حيث تكرس الثقافة ضرورة أن تكون الأنثي جميلة بل ورقيقة الطبع والسلوك. ولذا فقد فهم هذه الحقيقة التي تصل إلي درجة الغريزة الكثير من المفكرين وأصحاب المصانع والإعلام الذين وظفوا هذه الحقيقة ولذا توجد العديد من أنواع الماكياجات ووسائل التجميل بل وظهر ما يسمي بعمليات التجميل والشد والشفط والحقن وازالة الترهلات التي تجعل المرأة تتحدي العمر وتراكم السنوات حتي تظهر نضارتها "حتي وإن كانت مزيفة" إلي الآخرين ونجد أن وسائل الإعلام تلجأ إلي الدق المتواصل ليل نهار عبر قنواتها المختلفة في تقديم وسائل تجميل تجعل المرأة تحقق حلمها في أن تظل مرغوبة وجميلة وتلفت أنظار الآخرين بغض النظر عن العمر والمكانة والطبقة الاجتماعية. وتنفق الملايين لدرجة أن بعض السيدات إن لم يكن معظمهن ربما يفضلن شراء أدوات التجميل والزينة علي شراء أشياء ضرورية للمنزل مما يؤكد ان غريزة الظهور بمظهر جذاب وجميل من الغرائز الأساسية التي تميز المرأة. ثم تتعقد المشكلة حين تجد الأنثي انها قد عبرت مرحلة العشرينيات من العمر دون أن تتزوج فتحرص علي زيادة جلب مواد التجميل والزينة والتردد علي الأندية وغيرها من الأماكن حتي يكتسب جسدها ليونة أكثر مما يؤكد ان الجسد والرغبة في أن يكون مثيراً ومؤثراً ومسيطراً وملفتاً في نظر الآخرين من أهم ما تحرص عليه المرأة بغض النظر عن السن والتعليم والمهنة والمكانة الاجتماعية لأن المرأة تساير الثقافة الذكورية السائدة فإذا كان هناك مبرر للفتاة التي لم تتزوج إلي الاهتمام بجسدها والرغبة في اضفاء سمات من الزينة والجمال عليه رغبة في لفت نظر الآخر وحتي إذا تزوجت فإن هذه الرغبة لا تنطفيء ولكن تتأجج من أجل المحافظة علي الزوج وعدم تطلعه إلي امرأة أخري ربما تفوق زوجته في الجمال والزينة والماكياج. قالت: حتي المرأة التي مات عنها زوجها وتعدت سن اليأس فإن هذه الرغبة لا تضمحل لديها بل تتزايد ونجد أيضاً الهوس في اخفاء خطوط الزمن التي أخذت تفترس أماكن متعددة من جسدها وتركز اهتمامها علي الوجه والشعر "حتي وإن ارتدت الحجاب أو النقاب". ولعل نظرة إلي امرأة منتقبة نجد انها تقوم بتحديد جمالي لعينيها نظراً لانها تعرف انها النافذة التي يطل عليها الآخرون من عليها مما يؤكد ان الهوس في شراء أدوات التجميل والزينة وإجراء جراحات التجميل قد اعتبره غريزة لدي جميع النساء. ضوابط شرعية عن الضوابط الشرعية لاستخدام المرأة لأدوات التجميل يقول فضيلة الشيخ عادل أبو العباس من علماء الأزهر الشريف: ان للزينة أحكامها الفقهية التي قررها الإسلام وأبان عن ضوابطها ومن أولي هذه الضوابط ألا يكون هناك إسراف ولا غلو في زينة المرأة فوسطية الإسلام جاءت في الطعام والشراب والملبس والزينة بشرط أن يكون الإنسان وسطاً حتي في الانفاق "ولا تبذر تبذيراً ان المبذرين كانوا إخوان الشياطين". وقد استطاعت الحضارة المعاصرة أن تعبث بالمرأة المسلمة وأن تغير من قيمها ومبادئها التي صارت عليها قروناً متتالية من أجل أن تجعلها سلعة رخيصة تتزين خارج البيت بصورة صارخة وبمسحوقات أثبت العلم الحديث ضررها وأثبت في نفس اللحظة الهدف منها حتي أصبحت المرأة المسلمة للأسف هي التي تدعو الشباب إلي الوقوع فيما يغضب الله جل في علاه. وأعتقد ان أهم ضابط أن تكون الزينة معتدلة داخل البيت فإذا خرحت المرأة وجب أن تتسم بالحشمة لأن الذئاب البشرية من الذين لا دين عندهم ينتظرونها عندما تضع ما يغضب الرب وفي الحديث ان أبا هريرة رأي امرأة تتجه إلي المسجد وقد شم رائحتها فقال لها: إلي أين يا أمة الله؟ قالت: إلي المسجد. قال:وتطيب؟ قالت: أجل. قال: "ارجعي فاغتسلي فاني سمعت رسول الله يقول: "أيما امرأة خرجت من بيتها متعطرة لا تجد ريح الجنة" مع ان القرآن يقول "خذوا زينتكم عند كل مسجد إلا أن الزينة المقصودة هي الطهارة التي لا تؤذي الآخرين من كلمات سوء يخرجها شباب وجدوا صيداً ثميناً من خلال امرأة أسرفت في استعمال هذه الزينة. وقد قال القائل جمال الوجه مع قبح النفوس كقنديل علي قبر المجوس فالزينة الداخلية هي الأصل تضع لزوجها كما تشاء ومع ذلك دون إسراف. ويري ان أصحاب شركات التجميل يرتكبون بعض الآثام من خلال الإعلانات التي تظهر المرأة بصورة لا تتناسب مع قيم الإسلام مما يدخلهم تحت قوله تعالي: "إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب عظيم" وما يوصل إلي الحرام فهو حرام فإن عطر المرأة ومساحيقها الصاخبة تدعو الشباب إلي النظر واخراج الألفاظ البذيئة فإنها أشد إثماً منهم لأنها الداعية بفعلها وصنيعها. ويشير إلي أن زعم الأمهات بأن الفتاة إذا لم تصنع هذا الصنيع فإن سوق زواجها سوف يتوقف فهذا ادعاء كاذب وباطل لأن الكم الأكبر من الشباب ينظر إلي الملتزمة بدليل ان الشباب الفاسد لا يبحث عمن عبث بها وإنما يبحث عن العفيفة الملتزمة رغم فساده. ثم ان هذه الثقافة مغلوطة روجتها بعض الأمهات الجاهلات اللاتي يمنعن بناتهن أحياناً من ارتداء غطاء الرأس إلا بعد الزواج متناسين ان الزواج قدر من الأقدار فتلك ثقافة يجب أن تغير وبخاصة اننا في مجتمع مسلم يقول: "فاظفر بذات الدين تربت يداك" كما يعلن "تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس" وغياب الدين أو علي الأقل الفكر الديني المستنير الذي يعلن عن وسطية الإسلام أحد أسباب هذا الجهل.