فإن الله عز وجل أنزل القرآن الكريم علي نبيه محمد صلي الله عليه وسلم بالهدي ودين الحق. ومهيمنا علي ما سبقه من الكتب. فهو معجزة خالدة وشريعة حاكمة وحجة قائمة علي بني البشر حتي يقوم الناس لرب العالمين. قال الله عز وجل "قل لئن اجتمعت الإنس والجن علي أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا" "88". "ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل فأبي أكثر الناس إلا كفورا" "89" "سورة الإسراء". وهو منهج كامل ودستور عادل يبغي للعالمين سعادة الدارين وطمأنينة القلب وهدوء النفس وإصلاح البال وتزكية الروح وراحة البدن. فما طغي بجانب الروح علي متطلبات الجسد. وما أغفل صفاء النفس علي حساب حاجيات الإنسان الحياتية. بل كان الإتزان بينهما قائما يضع أساساته وينظم علاقاته ذلك المنهج القرآني الحكيم. فما ترك الإنسان يحكم نفسه بدساتير يسنها أو قوانين يضعها أو أعراف يستحدثها بعيدا عن الوحي الإلهي الخالد الذي بين للإنسان الكيفية الصحيحة التي بها يعبد الله عز وجل . ونظم العلاقات بين الإنسان وأقرانه. والفرد وجماعته. والرجل وأهله. فكان ذلك كله في إطار منتظم وسياج مترابط تقوم أركانه علي العقيدة الصحيحة. ودعائمه علي الأخلاق الكريمة والصفات الحميدة والسجايا الحسنة. ودعوته عليد النظر الصحيح والتدبر الواعي في ملكوت السموات والأرض. والتأمل في الآفاق والأنفس التي خلقها الله سبحانه وتعالي . ومهمته منوطة بعمارة الكون واستثمار ما فيه لتحسين معيشته وتنفيذ ما من أجله خلق له. قال الله سبحانه وتعالي : "إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا" "9" "سورة الإسراء".