تعاني الأمة الإسلامية بأسرها ويلات الإصرار الغربي علي وصمها الدائم والمستمر بالإرهاب. إذ يكرس الغرب آلاته الإعلامية لتغطية داعش وما تفعله من أفاعيل ما أنزل الله بها من سلطان. وتشم في طياتها رائحة الخيانة والتسلط علي الأمة بأمور لم نعهدها من قبل. ولا صلة لها بنصوص من شريعتنا الإسلامية فضلا عن أن يكون لها صلة بأيي من النصوص السماوية السمحة. مع تفوق الدواعش علي تنظيمهم الأصلي ¢القاعدة¢ في الإرهاب والقتل وسفك الدماء والإساءة للإسلام منهجا وشريعة جري التساؤل عن كيفية استقطاب هؤلاء لكل من ينضمون إليهم من الشرق والغرب إلي درجة أن سيدات مسلمات غربيات تركن ذويهن وهاجرن إلي داعش.. سؤال ربما تحمل إجابته مفاجآت للقاصي والداني. بداية يؤكد خبير شئون الجماعات التكفيرية والإرهاب الدولي منير أديب. أن داعش نشأت عربية علي أيدي أبومصعب الزرقاوي الأردني الجنسية وأحد أعضاء تنظيم القاعدة الذي أستأذن أميره بن لادن في إنشاء وتأسيس التوحيد والجهاد في بلاد الشام لمواجهة الغزو الأمريكي للعراق. فانتقل إلي العراق وواجه القوات الأمريكية الموجودة هناك ومع الوقت تشكلت داعش وأخذت تستقطب العديد من أبناء الجنسيات المختلفة في دول عربية وأوروبية وحتي من أمريكا ذاتها. أوضح منير أديب. أن نسبة الأجانب في داعش وفق تقارير أخيرة بلغت نحو 80% والقوة الفاعلة في التنظيم هي بريطانية وفرنسية وأمريكية وهو ما يدلل علي أن هناك تورط كبير بشكل أو بآخر لتلك الدول في توسع ونماء داعش. وهو ما يجعلنا نرد علي اتهامات الغرب حول كونها عربية بأن داعش لم تعد عربية فحسب بل تضم كل الجنسيات بما فيها الأوروبية إلي درجة أن بعض التقارير ذكرت أن عدد الدواعش الذين يحملون الجنسية الفرنسية بلغ 800 شخص. ومن يحملون الجنسية الأمريكية نحو 400 شخص. وأن هذه الشخصيات الأوربية التي انضمت لداعش أحدثت حالة من التطور النوعي ونقلة علي مستوي الأرض في القتال فضلا عن تطور المعالجة الإعلامية بسبب انضمام عناصر أوروبية متخصصة ومتعلمة تعليماً متميزاً ساهم في تطور العملية سريعا علي الأرض وتسبب في قفزة كبيرة لداعش فاقت تنظيمها الأصلي المتمثل في القاعدة الذي لم يصل لمثل ما وصلت إليه داعش قال أديب : قابلت شخصا فرنسيا أسلم حديثا ولم يمض وقت كبير بعد لقائنا فوجدته سافر لينضم إلي داعش. وكذلك قابلت صديق لإسلام يكن الشاب المصري الذي انضم الي داعش مؤخرا وتحدث عن كيفية استقطاب إسلام.. مشيرا إلي أن من يستقطبون ويتصيدون الضحايا من الشباب للسفر للدواعش يركز بشكل كبير علي الشباب الملتزم الذي لديه استعداد لإحياء فريضة الجهاد. وتغيير العالم بالقوة. ومواجهة حاكم مستبد في سوريا ونصرة شعب مغلوب علي أمره. وما أن تطأ قدماه أرض سوريا فيجد نفسه في زمرة داعش ثم يبدأ هو نفسه يستقطب أقرانه عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة. وعن نساء أوروبا اللاتي يتركن أسرهن للانضمام إلي داعش يوضح منير أديب. أن هؤلاء يركزوا في عمليات استقطابهم علي نوعين: الشباب المتدين الملتزم الذي لديه استعداد للانضمام للمنهج الحركي. وكذلك من انضموا حديثا للإسلام ولا يزالون يجهلون كثراً من أحكامه وضوابطه ويتحرك بدافع إنساني وديني بحت. وبعض الجاليات في أوروبا تلعب دورا خطيرا في هذا الجانب. ولهذا فإن داعش تستهدف شديدي التدين وسطحيي التدين والاثنين يسيل لعابهم لتلبية نداء الله في وجهة نظرهم بالجهاد ضد حاكم مستبد يقتل شعبه ليصبحوا هم أيضا ضحايا جدد لفكر متطرف أشد قسوة من الحكام المستبدين وأداة قذرة تجتث الأمة وتضربها في مقتل. التعاطف مع داعش يؤكد الباحث في الحركات الإسلامية بمركز أحوال مصر للدراسات السياسية والإستراتيجية أحمد بان. أن بعض الشباب المتدين والملتزم يحمل في داخله تعاطفا مع داعش بدرجة أو بأخري. والأزمة الكبيرة أن هذا الشعور موجود عند كثيرين ممن ينتمون للتيارات الدينية ممن هم مهتمون بالحراك الحاصل. وهؤلاء يمثلون مكمن الخطر. وهو الأمر الذي يصفه البعض بأن هؤلاء الدواعش لا قدر الله لو وصلوا لمصر ربما يجدون من بيننا من يرحبون بهم ويناصرونهم. أضاف أحمد بان أن القبضة الأمنية القوية للدولة ممثلة في الجيش والشرطة والضرب بيد من حديد مهم للغاية في مواجهة الأفكار المتشددة والخطرة لكنها لا تقل أهمية عن المواجهة الفكرية وتصحيح المفاهيم ومراجعة الفكر الشاذ الذي أضحي سائدا بقوة في تيارات روج لها البعض فكرة المظلومية ضد الدولة وهو الأمر الذي يستوجب صحوة دينية وسطية ضد الفكر المتشدد الذي يلتهم عقول شبابنا. وبيننا مؤسسات دينية بكل أسف تتركهم لقمة سائغة لهؤلاء دون تحصين أو حماية. الشباب الملتزم يوضح الشيخ فؤاد الدواليبي أحد مؤسسي الجماعة الإسلامية. أن خطرا كبيرا يداهم شبابنا من الملتزمين ويمثلون أهدافا سهلة للجماعات الإرهابية في الداخل والخارج في زمن أضحي الوصول إليهم فيه سهلا عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة التي لم يعد يواجهها قيد. ولذا فانه لم يعد يجدي مع شبابنا عامة ومن شبابنا الملتزمين خاصة سوي التحصين الذاتي لمواجهة هؤلاء. أضاف : تجربتنا في المراجعات الفكرية أتت بثمارها سريعا رغم الجدل الواسع الذي عانيناه مع شباب الجماعة عند طرحها بحثا عن الحق وسعيا له. ولذلك فإن طرح المراجعات الفكرية الآن لشباب التيارات الدينية أراه سبيلا مهما لتحصين هؤلاء الشباب من براثن الاستغلال الديني. ودعا الدواليبي. إلي ضرورة استغلال وجود قيادات هذه التيارات في سجون الدولة في تمرير هذه المراجعات من خلالهم لأنهم هم من يملكون أدوات ذلك حماية للمجتمع من الخطر الذي يداهمنا جميعاً.