فوجئ الشيخ محمد مبروك خليل- الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف- بقرار نقله إلي مسجد الفتح برمسيس. ووصفه بأنه ¢وقع القرار عليه كأن جبلا سقط فوق رأسه¢ وهو محق في هذا التعبير فمسجد الفتح واحد من أكبر مساجد العاصمة. بل وزارة الأوقاف كلها. وهو مسجد حيوي ويقع في منطقة حساسة. كما أن هذا المسجد شهد أحداثا جساما من قبل ويحتاج إلي إمام له صفات خاصة وقدرات معينة.. رأت الوزارة أنها تتوفر في الشيخ محمد خاصة وأنه سبق له تولي إمامة مسجد الجمعية الشرعية بالجلاء ومسجد مجلس الشعب. ولأنه أول إمام للمسجد بعد إعادة افتتاحه. التقيناه وكان هذا الحوار: * لاشك أنك إمام مميز حتي تحظي بتولي إمامة واحد من أكبر مساجد مصر.. نريد بداية أن تعرفنا بنفسك. * * محمد مبروك خليل. إمام وخطيب بوزارة الأوقاف. وخريج كلية الدعوة الإسلامية عام 2006. وعينت في وزارة الأوقاف في أول مسابقة بعد التخرج. كانت بداية تعييني في محافظة كفر الشيخ وهي المحافظة التي أنتمي إليها. عملت في إدارة أوقاف بيلا . ثم انتقلت إلي إدارة أوقاف كفر الشيخ. وبناء علي رغبتي في أن أثقل معارفي اللغوية والدينية واستكمل دراستي الجامعية طلبت نقلي إلي أوقاف القاهرة منذ 4 أعوام . وعملت في منطقة عابدين في مسجد أبو طبل المواجه لوزارة الداخلية ثم نقلت إلي مسجد الجلاء برمسيس. المقر الرئيسي للجمعية الشرعية بعد ضمه إلي وزارة الأوقاف. ومسجد مجلس الشعب. والحمد لله حاصل علي 7 إجازات في العلوم الشرعية. ومن باب تنمية المهارات الدعوية والشرعية إلي الآن حضرت أكثر من 8 دورات. بين علوم تخص العصر وعلوم تخص الشريعة. بالإضافة إلي حصولي علي دبلوم خاص في الدراسات الإسلامية من جامعة القاهرة والآن في مرحلة الإعداد للماجستير. ظروف النقل * وما هي ظروف انتقالك للمسجد؟ * * نقلت إلي مسجد الفتح برمسيس بعد إعادة افتتاحه. ولحق بي الشيخ عمرو الشال وهو إمام زميل لنا. وتولينا المسئولية منذ ذلك الوقت. * كيف تلقيت القرار خاصة وأن مسجد الفتح من المساجد التي تتمتع بموقع ومكانة حساسة جدا؟ * * فوجئت بالقرار دون سابق تمهيد أو معرفة وأحسست أن جبلا وقع فوق رأسي لأن المسجد في مكان حيوي والمسجد في منطقة لها اعتبارات كثيرة وتؤثر تأثيرا كبيرا في الجمهور والمكان. في بداية الأمر كنت في حيرة من أمري لكن أعانني الله عز وجل من خلال القائمين علي الأمر في الوزارة والمديرية والإدارة. فهم ثبتونا وقالوا لنا انك قد طُلبت وما طَلبت. ومن طُلب إلي شيء أُعين عليه. فالتمسنا من الله العون والمدد ونسأل الله عز وجل ان يجعلنا أهلا لهذه المهمة الثقيلة وأن يعيننا علي أداء رسالة هذا المسجد وأن يعود إلي سابق عهده. كما كان منارة في مدينة القاهرة. مشاهدات شخصية * بعد نقلك إلي المسجد.. ما أبرز مشاهداتك حتي الآن؟ * * كان المسجد في حاجة إلي إعادة فرش وجرت بعض الإصلاحات فيما يخص حمامات المسجد والحوائط والفرش وكان هذا من خلال الوزارة رأسا ثم من خلال جهد المديرية كان لهم جهد كبير في إعادة المسجد إلي رونقه. ولدينا ضوء اخضر من الوزارة لدعم المسجد بما يحتاج. كانت القضية الأولي أن يُجهز المسجد للصلاة ثم هناك بعض المرافق التي تحتاج فقط إلي بعض الوقت لصيانتها. وقريبا جدا سيكون المسجد كما كان وأكثر. * جرت العادة أن رواد أي مسجد الدائمين هم أهل المنطقة التي يتواجد فيها حيث يتعرف عليهم الإمام وعلي طبائعهم وعاداتهم وهذه نقطة مهمة جدا لأي إمام.. لكن مسجد الفتح برمسيس ليس له جمهور ثابت فرواده من كل مكان وغير دائمين باعتباره يقع في ملتقي محطات؟ كيف تتعاملون مع هذا الجمهور المتنوع؟ * * غالبا جل الأسئلة التي يُسأل فيها الإمام هنا تتعلق بأحكام الجمع في الصلاة أثناء السفر وحكم الجمع بين صلوات وأخري ومسألة القصر ومسألة الصلاة خلف الإمام المقيم وبعض الأمور الأخري حول ما يخص أحكام الأسرة وغيرها. أما رواد المسجد فهم من كل الجنسيات بالفعل. ومن كل البلدان المصرية والعربية. لكن تجمعهم روح الإسلام ولا فرق بينهم. صحيح الأمزجة تتفاوت وتختلف لهذا أكون حريصا علي أن أتكلم بلغة يفهمها الجميع من كل رواد المسجد. وفي خطبة الجمعة أراعي أن المنبر ينبغي أن ينزه عن الصراعات السياسية وعن الخلافات الحزبية وبالتالي فإن دور الإمام علي المنبر أن يجمع ولا يفرّق ولا يكون سببا يباعد بينهم. وان يبحث عن المشترك الإنساني بين الناس ليعرضه بمنهج الأزهر الشريف الوسطي الذي لا يعرف التشدد ولا المغالاة وأن يكون حريصا ألا تكون الخطبة طويلة وان تركز علي الموضوع المحدد من قبل الوزارة التي نلتزم بها وهي تعالج الأحداث وتراعي مسألة البدايات في الشهور العربية والنهايات فيها كالهجرة مثلا. وتراعي أيضا الأحداث المعاصرة مثل الإهمال. ولكن لا يجب أن تكون الخطبة لحساب اللعب علي أوتار الطائفية أو الحزبية أو الكراهية. فالإمام علي منبره وسطا لا طرفا وان يكون هاديا لا مضلا وصاحب رسالة يعرض الدين بسماحة ويسر. الأسئلة المىسيَّسة * إذا تعرضت لسؤال وشعرت أنه سؤال مُسيَّس.. كيف تتعامل معه؟ * * أولا لسنا جهة فتوي. ولجان الفتوي المعتمدة في مصر معروفة ممثلة في الأزهر الشريف. ووزارة الأوقاف دورها دعوي وإرشادي. لكن الإمام بما انه اقرب مفت إلي الناس في محيطهم فهو لا يستطيع ان يتخلي عن سائل.. لكن إذا تطرقت الفتوي إلي شئ يدل علي حزبية فان الإمام هنا لا ينبغي له أن يقع في هذا الفخ لان السائل لا يريد سؤالا يبحث له عن جواب ولكن يريد غرضا معينا من الأمور التي تثير فتنة أو تخل برسالة المسجد. دور المسجد * كان المسجد في صدر الإسلام يقوم بكل الأدوار السياسية والدعوية والتثقيفية وحتي أمور الحرب تناقش فيه.. وأن المساجد اليوم فقدت هذا الدور.. كيف تري هذا الاتهام؟ * * المسجد في عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم كان مؤسسة كبري عملاقة ولعله في هذا الزمان لم يكن هناك مؤسسات اقتصادية ولا سياسية ولا عسكرية أما وقد صرنا في زمن يحترم فيه التخصص وصار هناك مكان لمناقشة أمور الحرب وساحات للمناقشات والمجادلات للأمور المعيشية وهناك أماكن وقاعات تمارس فيها الآراء الخاصة بمعاش الناس فان هذا يحترم. المسألة الثانية أن الصحابة لما أرادوا أن يُنصِّبوا خليفة بعد وفاة رسول الله لم يجتمعوا في المسجد بل اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة. حتي لا يقع خلافهم داخل المسجد. فيجب ألا نجعل المسجد ساحة لهذه المناقشة.