ضياء داوود: التمديد للحكومة الحالية يتجاوز حدود المنطق واستقرار البلاد    وزير العمل يلتقي مُمثلي شركات إلحاق عِمالة موسم حج 2024    إطلاق اسم الشيخ محمد رفعت على المسابقة العالمية الحادية والثلاثين للقرآن الكريم    مؤتمر "العلم والإيمان" يجمع المجمع العلمى والأزهر والإفتاء والكنيسة الأسقفية على مائدة واحدة    «بنك مصر» شريكًا استراتيجيًا ومستثمرًا رئيسيًا في مشروع بالمزاد أول منصة رقمية للمزادات العلنية في مصر    «المركزي» يمنح البنوك مهلة 6 أشهر لتوفيق أوضاعها في التعامل مع شركات نقل الأموال    البورصة المصرية.. «EGX30» يتراجع وحيدًا في منتصف التعاملات    وزير الري يتابع موقف المشروعات المائية وتدبير الأراضي لتنفيذ مشروعات خدمية بمراكز المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"    رئيسا البورصة المصرية والرقابة المالية يشهدان بدء تطبيق نظام رقمنة أعمال شهادات الإيداع    كارثة إنسانية جديدة ضد شعب فلسطين.. هجوم قوات الاحتلال على رفح الفلسطينية تحد صارخ لإرادة المجتمع الدولي.. سياسيون: مصر لن تتراجع عن جهودها في تفعيل الهدنة ولإرساء السلام    بيان مشترك..الصين وفرنسا تدعمان إنشاء دولة فلسطين المستقلة    تين هاج بعد رباعية كريستال بالاس: هذا فقط ما أفكر فيه    ضبط 4 أطنان أسماك ودواجن منتهية الصلاحية بالشرقية    ضبط متهم بالاستيلاء على بيانات بطاقات الدفع الإلكتروني الخاصة بأهالي المنيا    دم المصريين خط أحمر| «السرب» ملحمة وطنية تليق بالفن المصري    أمين الفتوى يحذر من فوبيا جديدة منتشرة (فيديو)    محافظ قنا يفتتح عددا من الوحدات الطبية بالقرى    الكبد الدهني.. احذر هذه الأعراض المبكرة    برلماني: الاستجابة للمقترح المصري طوق النجاة لوقف نزيف الدم    العراق تقدم مشروع قانون لحماية النازحين داخلياً فى الدول العربية    الأردن.. الخصاونة يستقبل رئيس بعثة صندوق النقد الدولي للمملكة    بعد الإنجاز الأخير.. سام مرسي يتحدث عن مستقبله مع منتخب مصر    المشاكل بيونايتد كبيرة.. تن هاج يعلق على مستوى فريقه بعد الهزيمة القاسية بالدوري    الضرائب: تخفيض الحد الأدنى لقيمة الفاتورة الإلكترونية ل25 ألف جنيه بدءًا من أغسطس المقبل    75 رغبة لطلاب الثانوية العامة.. هل يتغير عدد الرغبات بتنسيق الجامعات 2024؟    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. الأرصاد تكشف حالة الطقس على المحافظات    نصائح مهمة لطلاب ثانوي قبل دخول الامتحان.. «التابلت مش هيفصل أبدا»    بحضور مجلس النقابة.. محمود بدر يعلن تخوفه من أي تعديلات بقانون الصحفيين    هل يشبه حورية البحر أم الطاووس؟.. جدل بسبب فستان هذه النجمة في حفل met gala 2024    9 عروض مسرحية مجانية لقصور الثقافة بالغربية والبحيرة    بأمريكا.. وائل كفوري ونوال الزغبي يحييان حفلاً غنائيًا    أوكرانيا تعلن القبض على "عملاء" لروسيا خططوا لاغتيال زيلينسكي ومسؤولين كبار    مسؤول إسرائيلي: اجتياح رفح يهدف للضغط على حماس    الأمم المتحدة: العمليات العسكرية المكثفة ستجلب مزيدا من الموت واليأس ل 700 ألف امرأة وفتاة في رفح    وزير الصحة يتفقد مستشفى حروق أهل مصر.. ويؤكد: صرح طبي متميز يٌضاف للمنظومة الصحية في مصر    بكتيريا وتسمم ونزلة معوية حادة.. «الصحة» تحذر من أضرار الفسيخ والرنجة وتوجه رسالة مهمة للمواطنين (تفاصيل)    عادات وتقاليد.. أهل الطفلة جانيت يكشفون سر طباعة صورتها على تيشرتات (فيديو)    جمهور السينما ينفق رقم ضخم لمشاهدة فيلم السرب في 6 أيام فقط.. (تفاصيل)    انطلاق فعاليات مهرجان المسرح الجامعي للعروض المسرحية الطويلة بجامعة القاهرة    ضبط نصف طن أسماك مملحة ولحوم ودواجن فاسدة بالمنيا    تريلا دخلت في الموتوسيكل.. إصابة شقيقين في حادث بالشرقية    «تعليم القاهرة»: انتهاء طباعة امتحانات نهاية العام الدراسي لصفوف النقل.. وتبدأ غدًا    سعر الأرز اليوم الثلاثاء 7-5-2024 في الأسواق    عاجل:- التعليم تعلن موعد تسليم أرقام جلوس امتحانات الثانوية العامة 2024    اقوى رد من محمود الهواري على منكرين وجود الله    "تم عرضه".. ميدو يفجر مفاجأة بشأن رفض الزمالك التعاقد مع معلول    المتحف القومي للحضارة يحتفل بعيد شم النسيم ضمن مبادرة «طبلية مصر»    تفاصيل نارية.. تدخل الكبار لحل أزمة أفشة ومارسيل كولر    كيفية صلاة الصبح لمن فاته الفجر وحكم أدائها بعد شروق الشمس    عبد الجليل: استمرارية الانتصارات مهمة للزمالك في الموسم الحالي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 7-5-2024    لاعب نهضة بركان السابق: نريد تعويض خسارة لقب الكونفدرالية أمام الزمالك    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    اللواء سيد الجابري: مصر مستمرة في تقديم كل أوجه الدعم الممكنة للفلسطينيين    شكر خاص.. حسين لبيب يوجه رسالة للاعبات الطائرة بعد حصد بطولة أفريقيا    فرح حبايبك وأصحابك: أروع رسائل التهنئة بمناسبة قدوم عيد الأضحى المبارك 2024    يوسف الحسيني: إبراهيم العرجاني له دور وطني لا ينسى    هل يحصل الصغار على ثواب العبادة قبل البلوغ؟ دار الإفتاء ترد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دراسة ميدانية تكشف :
أسباب عزوف الشباب عن ممارسة السياسة قبل وبعد الثورة
نشر في عقيدتي يوم 11 - 02 - 2014

الشباب حائر بين الدراسات والأبحاث وبين رأي المسئولين ..الدولة من خلال أجهزتها المعنية بتقديم خدماتها للشباب باعتبارهم في الفئة العمرية من 18-35 سنة وهي تميز بين مرحلتي الشباب والطلائع 12 حتي أقل من 18 سنة والسياسة القومية للسكان في مصر "1992 - 1997" واستراتيجية الشباب المنبثقة عنها وكذلك المركز الديموجرافي بالقاهرة في ورقته حول الشباب في مصر قد عرفوا الشباب علي أنهم السكان في الفئة العمرية من 15 - 29 سنة.
وفقاً لتقرير صندوق الأمم المتحدة للسكان عام 2011 فإن تعداد سكان مصر بلغ 83 مليون نسمة وأن عدد الشباب في مصر الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما بلغ 16 مليون نسمة بنسبة تصل إلي 6ر19% من إجمالي سكان مصرولاشك أن إضافة الشريحة الأعلي "24-35" ترفع هذه النسبة إلي ما يزيد علي ثلث السكان فالشباب بحكم هذا التعريف هي فئة غير متجانسة تتفاوت وتختلف من حيث السن هناك من هم في سن المراهقة في حين تجاوز البعض الآخر هذه المرحلة وأصبحوا أكثر نضجاً من حيث المستوي الاقتصادي يتفاوت الشباب بوضوح في مستوياتهم الاقتصادية كانعكاس للتفاوتات القائمة في المجتمع و6,43% من الشباب يعيشون في الحضر مقابل 4,56% يعيشون في الريف ومن حيث التعليم يعاني 30% من الشباب من الأمية ويجيد القراءة والكتابة فقط 6,10% منهم. وحصل علي التعليم الابتدائي 1,22%. والمتوسط وفوق المتوسط 7,32%. في حين لم يتم تعليمه الجامعي وما بعده سوي 6,4% و2,20% من إجمالي الشباب أي ما يعادل 9,8% من إجمالي السكان وخمس قوة العمل في مصر يعانون من البطالة والنسبة الغالبة من الشباب "7,54%" من العمال والفلاحين في حين يمثل أصحاب المهن الفنية والعلمية 3,23% ومن حيث الحالة الزواجية فإن 7,61% من الشباب في سن الزواج لم يتزوج أبداً. مقابل 6,37% متزوجين و2,% أرمل. و5,% مطلق وهذه التباينات والاختلافات بين الشباب يصعب القول بوجود ثقافة سياسية واحدة لكل الشباب المصري وأنما توجهات عامة لهذه الثقافة.
الثقافة السياسية
أكدت الدراسات الميدانية التي أجريت علي عينات مختلفة من الشباب اختلافا واضحا في الأبعاد السابقة للثقافة السياسية للشباب قبل ثورة 25 يناير وبعدها وتتناول الدراسة محددات هذه الثقافة والعوامل المختلفة المؤثرة عليهاوالتوجهات العامة للثقافة السياسية للشباب قبل الثورةوالتغير الذي حدث لها في ضوء الثورة المصرية التي هي ثورة شبابية حيث كان الشباب هم مفجرو الثورة والقوة الدافعة والقائدة لها فهناك العديد من المؤسسات والعوامل التي تلعب دوراً محورياً في تشكيل الثقافة السياسية للشباب لعل أهمها مؤسسات التنشئة السياسية والتحديات الداخلية والخارجية التي تواجه الشباب وتؤثر علي نحو فاعل وملحوظ في توجهاتهم ليس فقط السياسية تجاه السلطة بل والمجتمعية العامةفالتنشئة السياسية عملية لتلقين القيم السياسية وإكساب الاتجاهات الاجتماعية تجاه السلطة والنظام السياسي منذ الطفولة بهدف تأهيل الشباب كي يلعبوا أدواراً سياسية متعددة في الحياة فالتنشئة السياسية تهدف إلي تكوين الثقافة السياسية وتغييرها ونقلها داخل المجتمع من جيل إلي جيل من خلال الأسرة وهي الاطار الاجتماعي الأول الذي يعيش فيه الفرد وأول نمط للسلطة يعايشه الطفل والأسلوب الذي تنتهجه الأسرة في التربية يؤثر تأثيراً كبيراً علي قيمه واتجاهاته في فترة الشباب وما بعدها وللتعليم دور محوري في غرس القيم والمعتقدات والمعارف والأفكار لدي الشباب والسلبيات التي تكتنف العملية التعليمية وتؤثر سلباً علي التنشئة السياسية للشباب فاعتماد أسلوب التعليم علي التلقين بدلاً من تدريب الشباب علي البحث والتفكير الذي يؤدي إلي الخلق والابتكارواحتواء المناهج التعليمية علي كثير من الحشو والتكرار مما يرهق الطلبة دون أن يشجعهم علي التفكير وغياب المضمون السياسي عن المناهج الدراسية الذي يسمح بإيجاد أو تشجيع الفرد المهتم بالشأن العام والسياسي وسائل الاعلام ودورها في عملية التنشئة في عصر العولمة والسماوات المفتوحة وعشرات القنوات الأرضية والفضائيةپ9,51% من الشباب يعتبرون التليفزيون المصدر الرئيسي للحصول علي المعلومات يليه الصحافة بنسبة 8,43%. ثم مصادر الاتصال الشخصي. في حين تراجعت الكتب "5,7%" والمحاضرات والندوات "6,3%" بين مصادر المعلومات التي يعتمد عليه الشباب ويزداد دور شبكة الانترنت أهمية في أوساط الشباب المتعلم. فقد أوضحت أحدي الدراسات ميل الشباب إلي استخدام الانترنت بكثافة حيث يستخدمها يومياً 3,40%. وأكثر من مرتين في الأسبوع 2,26% من العينة محل الدراسة. كما ذكر 8,65% منهم أن استخدامهم للانترنت يزيد بمرور الوقت. وعبر 5,72% عن أنهم يستخدمون الشبكة للحصول علي المعلومات كما يزداد عدد مستخدمي الشبكة للتواصل الاجتماعي من خلال الفيس بوك والتويتر وغيرها من مواقع التواصل بين الشباب علي نحو ملحوظ وللخطاب الديني لرجال الدين الاسلامي والمسيحي في المؤسسات الدينية دوراً محورياً في التنشئة السياسية خاصة فيما يتعلق بتنمية روح الانتماء والمواطنة وفي تعزيز قيم التسامح والإخاء نظراً لما تتمتع به من مكانة وقدسيةوتعتبر مراكز الشباب هيئات شبابية ورياضية وتربوية فاعلة ومؤثرة في المجتمع. بالنظر إلي كونها تتعامل مع الشباب من كافة الفئات الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية خاصة الطبقات الفقيرة كما أنها تصل إليهم في أماكن تجمعاتهم وفي موطنهم الأصلي وعلي نحو دائم حيث يوجد في مصر إجمالي عدد 4409 مركز شباب في جميع المحافظات تضم في عضويتها إجمالي 3496406 أفراد أغلبهم من الشباب ورغم أهمية مراكز الشباب إلا أن هناك مجموعة من العقبات التي تحد من قدرتها علي تأهيل وإعداد الشباب أهمها دور العصبيات واحتكار عضوية مجالس الادارات من جانب بعض العائلات إلي جانب قصور الوعي التربوي والسياسي لدي العديد من القيادات الإدارية بمراكز الشباب خاصة وأن عددا كبيرا منهم من حملة المؤهلات المتوسطة وخلال الخمسينيات والستينيات وحتي أواخر السبعينيات ظل انتماء الشباب للعمل السياسي يتخذ صورة الحشد والتعبئة في إطار الحزب السياسي الواحد. وكانت منظمة الشباب التابعة لأمانة الشباب في الاتحاد الاشتراكي أهم وأقوي المؤسسات التي تتولي مسئولية التنشئة السياسية للشباب. وذلك في تسلسل قيادي وشبكة تنظيمية ضمت كل فئات الشباب المصري من طلاب وعمال وحرفيين وفلاحين ولم تنجح الأحزاب التي ظهرت بعد الأخذ بالتعددية الحزبية عام 1977والتي وصل عددها إلي 25 حزباً قبيل ثورة 25 ينايرفي تطوير آليات جاذبة للشباب لاسيما خطابها السياسي وعنصر الثقة والمصداقية. وحرية التعبير والحوار أو ما يسمي بالديمقراطية الداخلية وتقوم الأحزاب بتربية سياسية قوامها التشدد وعدم قبول الأخر ورفض آراء ممثلي أي حزب معارض والنقد اللازع لها وهذا النوع من التربية لا يمكن أن يؤدي إلي شباب يتسم بالمواطنة المسئولة والوعي والايجابية والمشاركة الفاعلة في قضايا الوطن والاتحادات الطلابية دورهابدا واضحا في الحركتين الطلابيتين عام 1968 احتجاجاً علي نتائج محاكمات القيادات التي عدت مسئولة عن هزيمة 1967ومظاهرات 1972 المطالبة بالحسم العسكري ضد اسرائيل ثم انتفاضة يناير 1977 احتجاجاً علي رفع أسعار الخبز. فإن صدور اللائحة المنظمة للاتحادات الطلابية لعام 1979 أدت إلي تفريغ الاتحادات من محتواها السياسي وتحويلها إلي مجرد منتديات للأنشطة وتم تصفية العمل الطلابي السياسي في الجامعات كما تم إلغاء القيادة الطلابية العليا الممثلة في الاتحاد العام لطلاب الجمهورية الذي كان يضم خمسة أفراد من اتحاد طلاب كل جامعة في مصر يتم انتخابهم في المؤتمر العام السنوي لاتحاد طلاب الجمهورية مما كان له أكبر الأثر في الحد من قدرة الاتحادات الطلابية في مجال التنشئة السياسيةورغم إدخال بعض التعديلات علي اللائحة الطلابية عام 2007إلا إنها كانت شكلية كما أن الممارسات الأمنية وتدخل الجهات الإدارية في الجامعات استمر مما جعل هذه التعديلات غير ذات جدويوجماعة الرفاق هي بناء اجتماعي غير رسمي يضم عددا من الأفراد يجمعهم تقارب السن أو محل الإقامة أو وحدة المكان الذي يرتادونه كالمدرسة أو النادي أو محل العمل مما يؤدي إلي التفاعل الشخصي المباشر بينهم والفرد في إطار جماعة الرفاق أكثر تقبلاً لاستيعاب القيم والاتجاهات والمفاهيم والأراء عامة وكذلك السياسية حيث أن أنماط السلطة فيها تتسم بالندية والديمقراطية. الأمر الذي يجعل منها مصدراً لإكساب معارف وقيم وتوجهات سياسية علي نحو أكثر يسراً وتأثيرا.
التحديات الشبابية
عن التحديات التي تواجه الشباب والمشاكل التي تواجه الشباب وتؤثر علي نحو واضح في ثقافته السياسية التحديات التي تفرضها العولمة وهي ليست فقط تحديات اقتصادية تتعلق بمدي قدرة مصر علي المنافسة والتصدير واقتحام الأسواق الأخري بشبابها ومنتجاتهاوانما تحديات تتعلق بالحفاظ علي الهوية الثقافية والقيم الدينية والتقاليد الاجتماعية خاصة لدي النشء والشباب وتأهيلهم للانفتاح علي الثقافات الأخري دون المساس بهويته وانتمائه الوطني وثورة الاتصالات والمعلومات وانفتاح الشباب علي العالم الخارجي إلي تغير واضح في أولويات الشباب واحتياجاتهم وتطلعاتهم مما أدي إلي اطلاع الشباب علي ثقافات أخري بما يتضمنه ذلك من أنماط معيشة وحياة لم تكن معروفة لديهم وقد أحدث ذلك ما يشبه ثورة من التطلعات لديهم ومن ثم التفاعل السلبي مع المجتمع المحيط بهم والذين أصبحوا يرفضونه ولا يستطيعون في نفس الوقت تغييره والبطالة هي أهم وأخطر التحديات التي تواجه الشباب في مصر انطلاقاً من أن العمل يعد متطلبا ضروريا للاندماج الاجتماعي والسياسي للشباب في المجتمع وتؤدي البطالة إلي انحراف الشباب وانخراطهم في الادمان والتطرف وانتشار الجرائم والفساد ومؤسسات التنشئة السياسية مازالت عاجزة عن أداء دورها في نقل القيم والمعرف السياسية علي نحو إيجابي وتتجه في ممارستها إلي تكريس ثقافة التسلط والسلبية أكثر من ثقافة التفاعل الإيجابي والحوار وقبول الأخر وهناك تحديات داخلية وخارجية تواجه الشباب الأمر الذي يؤدي إلي تعميق الشعور بالاغتراب وتدعيم النزعة إلي التطرف لدي قطاع واسع من الشباب.
واشارت الدراسات الميدانية إلي ان هناك تراجعاً واضحاً في اهتمام الشباب بالسياسة "90%" أنهم لا يهتمون بالسياسة إطلاقاً.
متابعة الأحداث
أوضحت دراسة استطلاعية علي عينة من الشباب أن 7,82% منهم لا يهتمون بالأحداث السياسية وأن 57% منهم لا يحرصون علي متابعة البرامج السياسية أو الندوات أو جلسات مجلسي الشعب والشوري وأن 6,70% من شباب الريف و7,46% من شباب الحضر لا يهتمون بالشأن العام وشباب الجامعات المصرية أن 34% فقط من المبحوثين يتابعون الأحداث الجارية بانتظام و3,46% يتابعونها في بعض الأحيان و7,19% يتابعونها وقت الأزمات فقط وضعف المعرفة السياسية للشباب عامة بما في ذلك شباب الجامعات الذين من المفترض أن يكونوا أكثر فئات الشباب ثقافة وتنوير والشباب أخطأ في الاجابة علي بعض الأسئلة التي تعتبر من قبيل البديهيات أخطأ 70% من الشباب عينة البحث في سؤال حول متي قامت ثورة 1919 حيث ذكر بعضهم أنها قامت عام 1952 وقام بها الزعيم أحمد عرابي. وآخرون قالوا إنها حدثت عام 1882 وقام بها سعد زغلول. ورداً علي سؤال حول من هو أحمد عرابي؟ ذكر أكثر من 50% من المبحوثين أنه أسم شارع في القاهرة بينما ذكر آخرون أنه زعيم ثورة 1919. في حين ذكر البعض الثالث أنه مؤسس بنك مصر ومعرفة الشباب بالقيادات السياسية اتضح أن جميع أفراد العينة علي معرفة برئيس الجمهورية. إلا أن 70% فقط استطاعوا معرفة اسم رئيس الوزراء35% فقط عرفوا اسم رئيس مجلس الشعب و15% عرفوا اسم رئيس مجلس الشوري ومحدودية المعرفة بالوزراء حيث لم تتجاوز نسبة المعرفة بوزير التعليم 65%. وتراجعت هذه النسبة إلي 45% لوزير الدفاع. و30% لوزير الخارجية والحال بالنسبة للمحافظين حيث لم تتجاوز النسبة 35% لمحافظ القاهرة . و15% لمحافظ الاسكندرية وفي دراسة أخري علي طلاب الجامعة لم يعرف نحو 55.9% من الطلاب اسم المحافظ لمحافظاتهم رغم أن المحافظ يمثل قمة السلطة السياسية في المحافظةولم يعرف 58.5% من العينة اسم عضو مجلس الشعب عن الدائرة التي ينتمون إليهاولم يعرف زعيم المعارضة بمجلس الشعب نحو 88.3% من الطلاب ولم يعرف 23.4% أي حوالي ربع الطلاب اسم رئيس الجامعة الذي هو رئيس المؤسسة التعليمية التي ينتمون إليهاولم يعرف 18.3% أي نحو خمس الطلاب اسم رئيس اتحاد الطلاب بالكلية والذي يعتبر الهيئة التمثيلية لهم أنفسهم وكانت الدراسات تشير إلي محدودية المعرفة بالمؤسسات السياسية لدي الشباب و60% من أفراد العينة في احدي الدراسات لم يعرف المقصود بمفهوم الحكومة طبقاً للدستور و30% لم يعرف أو أخطأ في تحديد كيفية اختيار رئيس مجلس الوزراء وأخطأ 75% من المبحوثين في تحديد مدة رئاسة الجمهورية ولم يذكر المدة الصحيحة سوي 5,2% فقط أما الباقون فلم يدلوا بإجابة لم يعرف 75% الفترة الدستورية لمجلس الشعب. كما أن المعرفة بسن القيد في الجداول الانتخابية لم تتجاوز 25% في دراسة أخري كما ذكر الكثيرون أن انتخاب مجلس الشعب يتم كل 18 سنة في خلط واضح بين المدة وسن الناخب. ولم يعرف المبحوثون كذلك موعد آخر انتخابات أجريت في مصر ولا نوع هذه الانتخابات ولم يعرف 95% من المبحوثين عدد الأحزاب السياسية في مصر علي نحو دقيق. وذكروا أسماء
أحزاب مثل: الحزب الوطني الإخوان الحزب الشيوعي حزب الوفد حزب الأمة مما يعكس تأثر الطلاب بدراسة التاريخ بقدر أكبر من إدراك الواقع المعاصر حيث أن الأحزاب التي أشاروا إليها بعضها لم يعد له وجود وبعضها الآخر لم يكن موجوداً كحزب أصلاً وإنما كقوة سياسية خارج نطاق الشرعية الإخوان المسلمين والشيوعيين ولم يعرف 19% من المبحوثين من طلاب كلية الاقتصاد والعلوم السياسة تاريخ إقرارالتعددية الحزبية في مصر رغم وجود أحد المقررات التي تتضمن ذلك بل إن نحو 8% ذكروا أن ذلك يعود إلي عام 1952وهو تاريخ الثورة التي قضت علي التعددية الحزبية في مصر75% لم يعرفوا متي تم انشاء جامعة الدول العربية ولا أين يقع مقرها أوضحت إحدي الدراسات الميدانية أن 59% من الشباب لايهتمون بالشأن العام ورأي 45% فقط من الشباب أن السلطة السياسية ضرورية لأنها تسهم في التعامل مع الأوضاع الخارجية وفي تحسين مستوي المعيشة والأوضاع الديمقراطية. في حين رأي 40% أنها غير ضرورية ورأي الشباب أن صفات أهل السلطة غير موضوعية من قبيل المحسوبية والنفاق وطاعة الرؤساء أو درجة الغني. وفي ردهم علي سيؤال حول كيفية انهاء حكم ظالم. رأي خمس العينة "20%" أن هذا الأمر موكول إلي الله في حين أعرب 18% منهم عن عدم معرفتهم بكيفية إنهاء حكم مثل هذا المسئول وهو ما يوحي بقدر كبير من السلبية في أوساط الشباب تجاه السلطة.
بعد الثورة
أدت ثورة 25 يناير إلي تغيير جذري في مضمون الثقافة السياسية للشباب وربما للمجتمع ككل ومقدمات الثورة كانت كامنة في أذهان الشباب. وأنه رغم التباين والاختلاف بين الشباب الأمر الذي يصعب معه القول بوجود ثقافة سياسية واحدة لكل الشباب المصري كانت جميعاً تدفعهم في اتجاه الثورة أهمها تمتع الشباب بروح الانتماء للوطن مع نظرة سلبية واضحة تجاه السلطة السياسية وشعور واضح بغياب الممارسة الديمقراطية في فصل واضح لدي الشباب بين الوطن من ناحية والنظام السياسي وعلي قمته الرئيس والحكومة من ناحية أخري وأن عزوف الشباب عن المشاركة السياسية لم يكن سلبية من جانبهم أو عدم اهتمام بمجريات الحياة السياسية أو نقص في الوعي بها وإنما رفض ومقاطعة للعملية السياسية التي كانت تفتقر للنزاهة ويشوبها الفساد والانحياز والإقصاء. فعزوف الشباب عن المشاركة ليس سلبية منهم ولكنه كان شكلا من أشكال الاحتجاج والرفض لهياكل ومؤسسات المشاركة القائمة وآلياتها التي لا تحظي بثقة الشباب ولا تعبر عنهم علي النحو الذي يدفعهم للمشاركة فيها. كما إن شرائح الشباب التي تعاني البطالة ويكتنفها الإحباط واليأس والاغتراب كانت من أكثر الفئات ميلاً للانخراط في الثورةوأبرز الأبعاد التي شهدت تغييراً الشباب هم القوة الفاعلة التي قادت الثورة وفجرتها ليس فقط عبر الفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعي علي شبكة الأنترنت ولكن علي الأرض وفي الميدان. صحيح إن كل طوائف الشعب ومختلف الأعمار شاركت في الثورة إلا إن الشباب كانوا الأبرز والأكثر إصراراً وصموداً ولقد دحض ذلك كل مقولات ما قبل الثورة حول سلبية الشباب وعزوفهم عن المشاركة.
وأوضحت الدراسة أن الشباب لم يكن عازفاً وإنما رافض للمؤسسات القائمة التي لم تحظ قط بثقته ولم يراها جديرة بمشاركته رافضاً لآليات وقنوات المشاركة التي رأي إنها صورية ولا تعبر عنه وهذا الرفض هو أحد صور الاهتمام السياسي الذي يعد أولي درجات المشاركة السياسية ولاشك إن استحضار طاقات الشباب علي هذا النحو لهو واحد من أهم إنجازات الثورة التي يتعين الحفاظ عليها واستثمارها في إحداث تغيير حقيقي في بنية المؤسسات القائمة علي النحو الذي يتيح مشاركة شبابية أوسع نطاقاً وأكثر تأثيراً في مختلف أبعاد العملية السياسية ومؤسساتها. ويضمن استمرارية دور الشباب في العمل السياسي ومنذ اليوم الأول للثورة وحتي الآن يتصاعد اهتمام الشباب بالتطورات السياسية والقضايا المجتمعية والسياسية فقد أطلقت الثورة المصرية طاقات الشباب واهتمامهم بالسياسة من مختلف الطوائف والفئات العمرية وكسر حاجز الخوف بين الشباب من المشاركة السياسية ولدي الاسرة المصرية التي كانت تخاف علي أبناءها اعتقاداً منها بأن العمل السياسي سوف يجلب المتاعب والمشاكل لهم وهو ما جعلهم يمنعون ابنائهم من العمل بالسياسة . كما أن الثورة المصرية أسقطت القناع الذي كان يحجب العمل السياسي علي طلاب الجامعة داخل الحرم الجامعي. ومن ثم فإنه منذ اندلاع الثورة المصرية تتصاعد مشاركة الشباب والإقبال غير المسبوق علي التصويت وهو الأمر الذي بدا واضحاً في الاستفتاء علي التعديلات الدستورية في 19 مارس ثم في انتخابات مجلس الشعب فالانتخابات الرئاسية التي تعد أحد أهم التطورات السياسية في مصر ما بعد الثورة ويعتبرها البعض تطورا مفصليا سيحسم كثيرا من القضايا الجدلية التي انهكت المواطن المصري. وتضع مصر علي بداية تغيير حقيقي يأمله كل المصريين خاصة فيما يتعلق بأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية التي تزداد تدهوراً وتأزماً في ظل استقطابات سياسية تشيع عدم الاستقرار وتقلل من فرص التنمية. ولاشك أن الشباب لديهم طموحات وتطلعات لمصر وللمجتمعپ ولأنفسهم. ولهم رؤيتهم وتقييمهم لما يحدث في مصر عامة وإزاء الانتخابات الرئاسية خاصةوهو ما دفعهم إلي المشاركة بفاعلية في الانتخابات وإنشاء إئتلافات ثورية شبابية منهاائتلاف شباب الثورة وحركة شباب 25 يناير وتحالف ثوارمصر وائتلاف مصرالحرة تركت مجموعات من الشباب أحزابهم التقليدية التي ينتمون إليها بعد الثورةپوالتي كانت تصنف إما أنها تابعة للنظام أوغير متحمسة للعمل الشبابي وانضموا إلي أحزاب أخري تنتمي إلي ذات الاتجاه الأيديولوجي مثل الخروج من الناصري والانضمام للكرامة أوالخروج من التجمع والانضمام للتحالف الاشتراكي أوالخروج من الوفد والانضمام للجبهة. في حين بقي البعض الآخر داخل أحزابهم التقليدية وحاولوا تغيير نظرة القيادة وقناعات قيادات الحزب التقليدية لهم ولدورهم وتصعيد بعضهم في المناصب القيادية بالحزب أو تغيير هذه القيادات ذاتها إلا أن محاولتهم لم تكلل بالنجاح في الأعم الأغلب من الحالات حيث قاومت القيادات التقليدية التغيير وتشبست بمناصبها العليا والقيادية في الحزب. كما زاد إقبال الشباب علي الانضمام إلي كيانات سياسية قائمة سواء كانت أحزابا أو حركات سياسية.
إنجازات الثورة
رغم الإنجاز الذي حققته الثورة فيما يتعلق بالثقافة السياسية للشباب ومشاركتهم في الحياة السياسية إلا أن هذه المشاركة مازالت دون المستوي الذي يليق بحجم ما قدموه من تضحيات خلال الثورة. فمازالت نسبة تمثيلهم في البرلمان متدنية ولم تستطع الحركات والائتلافات الشبابية بلورة نفسها وتأسيس أحزاب سياسية تعبر عنهم وتكون قادرة علي المنافسة السياسية. ويظل الأمل في أن يتاح للشباب خلال المرحلة القادمة تمثيل أكثر عدالة في المجالس المحلية وغيرها من مواقع صنع القرار علي كافة المستويات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.