انتهاء الدعاية واستعدادات مكثفة بالمحافظات.. معركة نارية في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    زكريا أبوحرام يكتب: هل يمكن التطوير بلجنة؟    ترامب يعلن موعد اللقاء المرتقب مع زهران ممداني في البيت الأبيض    إسلام الكتاتني يكتب: المتحف العظيم.. ونظريات الإخوان المنحرفة    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    بيان سعودي حول زيارة محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة    مستشار ترامب للشئون الأفريقية: أمريكا ملتزمة بإنهاء الصراع في السودان    أسامة العرابي: رواية شغف تبني ذاكرة نسائية وتستحضر إدراك الذات تاريخيًا    سفير فلسطين: الموقف الجزائري من القضية الفلسطينية ثابت ولا يتغير    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    كيفية تدريب الطفل على الاستيقاظ لصلاة الفجر بسهولة ودون معاناة    فلسطين.. تعزيزات إسرائيلية إلى قباطية جنوب جنين بعد تسلل وحدة خاصة    مكايدة في صلاح أم محبة لزميله، تعليق مثير من مبابي عن "ملك إفريقيا" بعد فوز أشرف حكيمي    تضرب الوجه البحري حتى الصعيد، تحذير هام من ظاهرة تعكر 5 ساعات من صفو طقس اليوم    أول تعليق من الأمم المتحدة على زيارة نتنياهو للمنطقة العازلة في جنوب سوريا    طريقة عمل البصل البودر في المنزل بخطوات بسيطة    الجبهة الوطنية: محمد سليم ليس مرشحًا للحزب في دائرة كوم أمبو ولا أمينًا لأسوان    يحيى أبو الفتوح: منافسة بين المؤسسات للاستفادة من الذكاء الاصطناعي    إصابة 15 شخصًا.. قرارات جديدة في حادث انقلاب أتوبيس بأكتوبر    طريقة عمل الكشك المصري في المنزل    أفضل طريقة لعمل العدس الساخن في فصل الشتاء    مروة شتلة تحذر: حرمان الأطفال لاتخاذ قرارات مبكرة يضر شخصيتهم    حجز الإعلامية ميرفت سلامة بالعناية المركزة بعد تدهور حالتها الصحية    أسعار الدواجن في الأسواق المصرية.. اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    مأساة في عزبة المصاص.. وفاة طفلة نتيجة دخان حريق داخل شقة    بينهم 5 أطفال.. حبس 9 متهمين بالتبول أمام شقة طليقة أحدهم 3 أيام وغرامة 5 آلاف جنيه في الإسكندرية    خبيرة اقتصاد: تركيب «وعاء الضغط» يُترجم الحلم النووي على أرض الواقع    تراجع في أسعار اللحوم بأنواعها في الأسواق المصرية اليوم    وردة «داليا».. همسة صامتة في يوم ميلادي    مهرجان القاهرة السينمائي.. المخرج مهدي هميلي: «اغتراب» حاول التعبير عن أزمة وجودية بين الإنسان والآلة    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    ضبط صانعة محتوى بتهمة نشر مقاطع فيديو خادشة للحياء ببولاق الدكرور    ارتفاع جديد في أسعار الذهب اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025 داخل الأسواق المصرية    بوتين: يجب أن نعتمد على التقنيات التكنولوجية الخاصة بنا في مجالات حوكمة الدولة    إعلام سوري: اشتباكات الرقة إثر هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على مواقع الجيش    إطلاق برامج تدريبية متخصصة لقضاة المحكمة الكنسية اللوثرية بالتعاون مع المعهد القضائي الفلسطيني    تأجيل محاكمة المطربة بوسي في اتهامها بالتهرب الضريبي ل3 ديسمبر    معتذرًا عن خوض الانتخابات.. محمد سليم يلحق ب كمال الدالي ويستقيل من الجبهة الوطنية في أسوان    "مفتاح" لا يقدر بثمن، مفاجآت بشأن هدية ترامب لكريستيانو رونالدو (صور)    ضمن مبادرة"صَحِّح مفاهيمك".. أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية حول حُسن الجوار    خالد الغندور: أفشة ينتظر تحديد مستقبله مع الأهلي    دوري أبطال أفريقيا.. بعثة ريفرز النيجيري تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز| صور    تقرير: بسبب مدربه الجديد.. برشلونة يفكر في قطع إعارة فاتي    بالأسماء| إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم ميكروباص وملاكي بأسيوط    ديلي ميل: أرسنال يراقب "مايكل إيسيان" الجديد    فتح باب حجز تذاكر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل بدورى أبطال أفريقيا    أرسنال يكبد ريال مدريد أول خسارة في دوري أبطال أوروبا للسيدات    لربات البيوت.. يجب ارتداء جوانتى أثناء غسل الصحون لتجنب الفطريات    ماييلي: جائزة أفضل لاعب فخر لى ورسالة للشباب لمواصلة العمل الدؤوب    الذكاء الاصطناعي يمنح أفريقيا فرصة تاريخية لبناء سيادة تكنولوجية واقتصاد قائم على الابتكار    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    أمريكا: المدعون الفيدراليون يتهمون رجلا بإشعال النار في امرأة بقطار    تصل إلى 100 ألف جنيه، عقوبة خرق الصمت الانتخابي في انتخابات مجلس النواب    علي الغمراوي: نعمل لضمان وصول دواء آمن وفعال للمواطنين    أسعار الأسهم الأكثر ارتفاعًا وانخفاضًا بالبورصة المصرية قبل ختام تعاملات الأسبوع    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.سعيد إسماعيل علي .. شيخ التربويين الإسلاميين يدق ناقوس الخطر:
غابت أخلاق الرسول فانهارت القيم
نشر في عقيدتي يوم 07 - 01 - 2014

يعد الدكتور سعيد اسماعيل علي أستاذ التربية بجامعة عين شمس ¢ شيخ التربويين الإسلاميين ¢ باقتدار ويشهد بها قرابة المائة كتاب غالبيتها تتناول القضايا التربوية من المنظور الاسلامي ..ولم يكتف بذلك بل رصد الأمراض التي أصابت منظومة القيم والأخلاق وجعلت مجتمعاتنا العربية تعاني من الانهيار المستمر الذي تدفع مختلف الأجيال وخاصة الآباء والأمهات والأبناء وسيتحول العرض الي مرض عضال اذا لم نحسن تشخيصه وتقديم العلاج له .. من هنا تأتي أهمية هذا الحوار الذي يعرض للكثير من الأمراض التي أصابت منظومة القيم والأخلاق والتربوية لعلها تكون جرس إنذار قبل فوات الأوان ووقتها لن يجد البكاء علي اللبن المسكوب.
* * نحن في شهر ميلاد الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم ومن المحير أن التدين في تزايد والتراجع الاخلاقي والانهيار التربوي مستمر فما تفسير هذه المعادلة غير العقلانية؟
* نلاحظ اتساع دائرة التدين ولكن في نفس الوقت تراجع شديد في التربية والأخلاقية وقد يظن بعض المغرضين أو السذج بين انتشار التدين والتراجع التربوي والأخلاق ان هناك تناقضا تماما ولكن الحقيقة هذا ربط غير منطقي لأن أي نوع من التدين الذي ينتشر نجده التدين الذي يركز علي العبادات وليس المعاملات ويتصور كثير من المتدينين انه طالما يصلي ويصوم وأدي حج أو عمرة ولكن العبادات نفسها شرعها الله ليس لحاجته اليها بل لمصلحة البشر حتي يحسنوا أخلاقهم ومعاملاتهم فيما بينهم وبين بعضهم ولكن المشكلة أننا ابتعدنا في سلوكياتنا عن أخلاق الرسول فانتشر التدين الظاهري وانهارت القيم.
التدين الظاهري
* * ما هو تفسيركم لكون المساجد مليئة بالمصلين والحجاب والنقاب ينتشر بسرعة ومع هذا نجد انهيارا وتراجعا أخلاقيا وضياع منظومة القيم والقدوة حتي بين بعض من هؤلاء المتدينين من الرجال والنساء ؟
* هذا التناقض ناتج عن قصور في فهم الدين وحصره في العبادات فقط وليس في المعاملات مع أن غالبية آيات القرآن والأحاديث النبوية لا تفصل العبادات عن المعاملات فنجد آيات كثيرة جدا يرتبط فيها الايمان بالعمل الصالح منه الأخلاق ¢الذين آمنوا وعملوا الصالحات¢.
ولو حصرنا الآيات التي فيها هذه الكلمات وطبقنا ما فيها لصلح حال الأمة سواء علي مستوي الأفراد أو الجماعات أو الدول لكن وصل التناقض بين العبادة والأخلاق حتي وصل الأمر الي وصف الشارع لهؤلاء المتناقضين بقوله ¢ يصلي الفرض وينقب الأرض ¢وكذلك¢ يصلي ويأكل مال النبي ويحلي بالصحابة ¢إلي هذه الدرجة أساء أصحاب التدين الظاهري الي الدين ونفروا الناس منه بدلا من أن يكونوا عوامل جذب وهداية لغيرهم من العصاة المسلمين أو حتي غير المسلمين.. لهذا لابد من توافق المظهر والجوهر حتي نقدم صورة طيبة للإسلام ونرتقي بمجتمعاتنا.
استشهاد خاطئ
* * ألا تري أن هناك من اتخذوا من هذا التناقض وسيلة لتبرير عدم أداء العبادات اذا كان هذا سلوك المتدينين والمتدينات؟
* للأسف أساء البعض تفسير هذا التناقض وتقاعس عن أداء العبادات ويحث الآخرين علي عدم أدائها بقوله ¢ الدين المعاملة ¢ وطالما معاملتي طيبة مع الناس فلا قيمة للعبادة أصلا طالما ¢بيني وبين ربنا عمار وقلبي أبيض¢ . وإذا أردت أن تجادله وتثبت له خطأ تفسيره قام بعرض نماذج شنيعة من الأفراد الذين تتناقض عباداتهم مع أخلاقهم وأفعالهم بوجه عام وقال لك : أليس هؤلاء من يحرصون علي أداء العبادات ؟!
والأغرب أن هذا الساخر من تناقض التدين الظاهري يستشهد لك علي صحة تصوره ألم يقل لرسول صلي الله عليه وسلم ¢إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق¢ . وألم يصف الله رسوله صلي الله عليه وسلم بقوله ¢وانك لعلي خلق عظيم¢ آية 4 سورة القلم. فالمهم الأخلاق ولا العبادات.
العبادات والأخلاق
* * معني هذا أننا لم نترب بما تحث عليه العبادات أو الحكمة منها وبالتالي أصبحنا في العبادة شيئاً وفي معاملة الناس شئ آخر؟
* للأسف غابت عن حياتنا كل حكم العبادات ولنا أن نقارن بين هذه الحكم التي وضحها القرآن في كثير من آياته وكذلك وضحها النبي صلي الله عليه وسلم في أحاديثه وبين الواقع المرير الذي نعيش فيه حتي أننا أصبحنا صورة منفرة للإسلام لدرجة أن كثيراً من المسلمين الجدد أكدوا أنهم أسلموا اقتناعا بالإسلام المكتوب وليس بالإسلام الموجود في حياة المسلمين فمثلا الحكمة من الصلاة سبق أن وضحنا أنها تنهي عن المنكر في حين أننا نجد كثيراً من المصلين يرتكبون كثيراً من المنكرات ما ظهر منها وما بطن . أما الزكاة فقال عنها الله ¢يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذي كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر¢ وللأسف كثير منا يفعل ما تنهي عنه الآية .
أما فريضة الصوم التي جعل الله حكمته في التقوي فقال تعالي¢يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون¢ آية 183 سورة البقرة. ووضع الرسول صلي الله عليه وسلم الضوابط الأخلاقية للصائم حتي ينال التقوي فقال ¢إذا كان يوم صوم أحدكم. فلا يرفث ولا يصخب. فإن سابه أحد . أو قاتله. فليقل: إني صائم¢ وقال أيضا ¢من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه¢ فهل يلتزم الصائمون بذلك ؟ .
وكذلك فريضة الحج التي قال الله تعالي عنها ¢ الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوي واتقون يا أولي الألباب ¢ آية 197سورة البقرة. وبالتالي نجد العبادات كلها تصب علي الأخلاق التي نحن للأسف تنهار عندنا بشدة مع أن الرسول حدد المسلم الحقيقي بقوله ¢ المسلم من سلم الناس من لسانه ويده ¢ وقوله ¢ قال لا يؤمن أحدكم حتي يحب لأخيه ما يحب لنفسه¢ فهل نحن كذلك ؟
ضعف الدعوة
* * الدعاة في المساجد كيف تري دورهم في التربية والأخلاق علي منهاج النبوة ؟
* من المؤسف أن المفترض شئ والواقع شئ آخر فمثلا ينبغي أن يكونوا قدوة ومثلاً أعلي لغيرهم لأنهم ورثة الأنبياء وهم فئة ممن وصفهم الله بقوله مِنْ عِبَادِهِ. ¢ إنما يخشي الله من عباده العلماء ¢ آية 28 سورة فاطر . ووصفهم رسول الله دون غيرهم بقوله ¢ إن العلماء ورثة الأنبياء. إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر¢ . هذا هو الوضع المفترض للدعاة ولكن الواقع أن كثير منهم بعيدين عما وصفهم به الله ورسوله صلي الله عليه فمستواهم العلمي والدعوي والأخلاقي واللغوي والسلوكي والتربوي دون المستوي حتي أنك عندما تسمع خطبة الجمعة يصيبك الضغط من الأخطاء اللغوية التي تصل إلي الخطأ في نطق آيات القرآن والأحاديث النبوية مع انه من المفترض انه يحفظ القرآن عن ظهر قلب قبل التحاقه بالجامعة وخلال الجامعة يعيد تأكيد حفظه بالقراءات والتفسير ولكن للأسف أصابهم الضعف والتراجع الشامل مما أفقدهم قدرتهم علي التأثير بعد أن تحولوا من أصحاب رسالة الي أصحاب وظيفة وأجبرهم تردي مستواهم المادي الي العمل في مهن وضيعة تقلل من هيبتهم وزاد الطين بلة سخرية وسائل الاعلام منهم . والسؤال يبقي : كيف يقوم داعية هذه مواصفاته وظروفه بدور تربوي ودعوي ؟. والقاعدة المتفق عليها عبر الأجيال : ¢إن فاقد الشئ لا يعطيه¢.
دعاة جهال
* * ما هي خطورة هذا الواقع الدعوي المؤلم علي مجتمعاتنا العربية والإسلامية؟
* إن الدعاة يلعبون دور المخزون الاستراتيجي في التربية بمعني انه اذا قصرت الأسرة والمدرسة في التربية فيمكن للدعاة علاج هذا التقصير وسد الفجوة من خلال المسجد ووسائل الاعلام التي يظهر فيها مشاهير الدعاة الذين عليهم ملاحظات سلبية كثيرة تضر بدورهم المنوط بهم في الجوانب العلمية والدعوية والتربوية ولهذا فإني أخشي في ظل التراجع المستمر في مستوي الدعاة أن نصل الي ما حذرنا منه رسول الله صلي الله عليه وسلم حين قال¢إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد . ولكن يقبض العلم بقبض العلماء .حتي اذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤسا جهالا . فسئلوا فأفتوا بغير علم . فضلوا وأضلوا¢.
أيتام في أسرهم
* * يقال إن الأسرة استقالت رغما عنها من وظيفة التربية فهل توافق علي هذا التوصيف أم انه مبالغ فيه؟
* للأسف نجد فإن الدور التربوي للأسرة في تراجع مستمر علي مستوي كل الدول العربية ولأسباب مختلفة من دولة لأخري . ففي الدول الغنية تركت وظيفتها للخدم والنوادي وأصدقاء السوء والإعلام في حين انشغل الآباء والأمهات بالترفيه وجمع المال واستثماره والبحث عن الوجاهة الاجتماعية والثراء الاقتصادي . أما في الدول الفقيرة فإن الآباء والأمهات انشغلوا في العمل ليلا ونهارا لتوفير الاحتياجات الاساسية للأولاد فانشغلوا بلقمة العيش عن التربية بكل معانيه وتركوهم لأطفال الشوارع وأصدقاء المدارس والنتيجة واحدة في كل الحالات أن أبناءنا أصبحوا ¢ أيتام¢ رغم وجودهم وسط آبائهم وأمهاتهم.
إعلام مدمر
* * كيف تري الدور التربوي لوسائل الاعلام التي شهدت تطورا كبيرا يمكن تسخيره لخدمة منظومة التربية والأخلاق في مصر والعالمين العربي والإسلامي؟
* رغم ما شهدته وسائل الإعلام من تقدم مذهل إلا أننا نلاحظ أنه تم توظيف هذا التطور في هدم الأخلاق ومن يتأمل عدد القنوات الفضائية ثم يقوم بفرز عدد القنوات الجادة أو الهادفة سيجد النتيجة مروعة حيث أن غالبيتها العظمي تهتم بالترفيه والإغراء والإثارة ونشر الرذيلة وتزينها وتغيير منظومة التربية والأخلاق العربية والإسلامية لتكون تابعة للغرب الذي نقلده تقليد القرود دون أي تمييز بل إنني لست مبالغا اذا قلت أنها تهدم الأخلاق والفضائل وتشجع علي الرذائل حتي إنني احذرهم من عقاب الله تعالي لهم باعتبارهم من المفسدين الذين يشيعون الفاحشة في المجتمعات ويحاربون الفضائل فوصفهم الله بقوله ¢ إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة ¢ آية 19 سورة النور .
وأتساءل : أين مواثيق الشرف الإعلامية التي صدعوا رؤوسنا بها أم أنها حبر علي ورق لا قيمة لها حيث يفعل أصحاب الفضائيات ما يروق لهم دون أية ضوابط؟
عبث تربوي
* * كيف تري الدور التربوي للمدارس التي أصبحت منظومة متنافرة متعددة التوجهات وليس لها أساس واحد مشترك ؟
* ما يحدث في التعليم هو نوع من ¢العبث والعك التربوي¢ الذي يوصلنا الي تدمير منظومة التربية بشكل ليس له مثيل في العالم الذي يحترم نفسه. ففي الوقت الذي نجد فيه الدول المتقدمة توحد مراحل التعليم الأولي أو ما يطلق عليها ¢مرحلة التعليم الأساسي¢ حتي تتوحد الهوية لدي أبناء الدولة في السنوات الدراسية الأولي التي تتشكل فيها عقلية الطفل أما في عالمنا العربي فنجد مدارس حكومية عامة وخاصة وتجريبية ولغات وأجنبية ودينية وغيرها من التصنيفات التي تختلف من دولة لأخري حسب التنوع الطائفي والعرقي اختلاف المستوي الاقتصادي بعد أن تحول التعليم لسلعة ترتبط جودتها لمن يدفع أكثر أما الفقراء فليس لهم إلا التعليم الردئ الذي لا يؤهل خريجه لسوق العمل لأن المبدأ الحاكم فيه ¢علي قد فلوسك تتعلم¢.
أجيال متنافرة
* * ما هي خطورة هذه المنظومة الممزقة علي مستقبل الأجيال ؟
* خطورتها أنها تخرج أجيالا متنافرة ذات هويات مختلفة وثقافات متناقضة وهذا يخلق نوعا من الازدواجية والانفصام في شخصيات أبناء المجتمع الواحد فهذا يعتز بلسانه العربي اذا كان تعليمه ديني. وكذلك يعتز بلسانه الأجنبي الذي يري من خلاله انه ذو العقلية المستنيرة القادرة علي التعامل مع الغرب المتقدم ومستحدثات العصر ومن المتفق عليه تربويا أن ¢اللغة وعاء الثقافة¢ وبالتالي فإن من يدرس بالفرنسية سيكون اعتزازه بالثقافة الفرنسية ومن يدرس باللغة الانجليزية سيعتز بالثقافة الانجليزية بل إن من يدرس بالانجليزية باللهجة الأمريكية سيكون انتماؤه للثقافة الأمريكية وهكذا سنجد ¢خواجات¢ من أبناء جلدتنا ثقافتهم وهويتهم مختلفة عن عامة الشعب ويحتقرون ثقافتهم ولغتهم القومية لأنهم يشعرون أنهم ينتمون الي مجتمعات أكثر تقدما.. إن لم يكن هذا نوعاً من الغزو الثقافي بأيدينا فما هو الغزو الثقافي؟
التعليم التغريبي
* * لكن أنصار ¢التعليم التغريبي ¢ يؤكدون انه لا يمكن التواصل مع الدول المتقدمة إلا بتعلم لغاتها . فما قولكم؟
* المشكلة أن هناك فارقا لا يدركه الكثير من المسئولين وأولياء أمور الطلاب علي حد سواء وهذا الفارق بين ¢تعلم اللغة الأجنبية¢ و¢التعلم باللغة الأجنبية¢ فالأول لا مشكلة فيه اذا كان بعد مرحلة سنية معينة لا تقل عن العاشرة يكون الطالب قد انطلق لسانه بلغته الأصلية وترسخت في ذهنه أنها لغته الأولي في التفكير والتعليم أما المفهوم الثاني وهو ¢التعلم باللغة الأجنبية¢ فهذا مكمن الخطورة علي الهوية والثقافة الأصلية حيث انه - للأسف - يتم التعليم بتلك اللغات من سن الرابعة أو أقل في بعض الأحيان وهنا يتم اغتيال اللغة العربية مع سبق الإصرار والترصد واحتلت اللغة الأجنبية مكانها واحتقرتها في عقر دارها بعد أن باعها أولادها من أولياء الأمور والطلاب بثمن بخس وأحيانا بلا ثمن أصلا.
توحيد المناهج
* * هناك اقتراح بأن يتم توحيد مناهج اللغة العربية والتاريخ والدين باعتبارها من أكثر المناهج المشتركة التي تسهم في توحيد الهوية والتقارب الفكري والثقافي بين أبناء العربية الذين مزقهم الاضطراب والاختلاف في منظومة التربية والتعليم؟
* هذا اقتراح وجيه جدا ويؤيده كل المخلصين لدينهم ووطنهم ولكن المشكلة عندنا غياب الارادة السياسية وهذا ما أفسد كثير من جوانب التكامل والتعاون العربي المشترك بدءا من تأسيس الجامعة العربية في منتصف الأربعينات وما صاحبها وتلاها من اتفاقيات التعاون العربي الاقتصادي من خلال السوق العربية المشتركة وفي المجال العسكري باتفاقية الدفاع العربي المشترك وغيرها من الاتفاقيات التي لا تساوي ثمن الحبر الذي كتبت به أو الورق الذي كتبت عليه .
من المؤسف أن من ميراثنا السيئ من أن الشعوب تتبع أهواء وأمزجة الحكام مع انه من المفترض العكس حيث يجب أن يعمل الحكام لمصلحة الشعوب ويتبعون مصالحها وقد أفسدت هذه المعادلة المعكوسة كثير من مشروعات التعاون وأجهضت كثيراً من أحلام الشعوب.
التكنولوجيا والأخلاق
* * تؤكدون أن التكنولوجيا أضرت بمنظومة القيم والأخلاق والتربية فما هي الأدلة التي استندتم اليها في هذا الحكم ؟
* لاحظت أن الزحف التدريجي المتسارع للمستحدثات التقنية الحديثة صاحبه للأسف الشديد تراجع في القيم الأخلاقية علي سبيل المثال: أري المحمول الذي لا أنكر ما له فوائد لا حصر لها ولكن في نفس الوقت تسبب في تراجع شديد في العلاقات الاجتماعية والحميمة بين أعضاء الأسرة الواحدة والأصدقاء حيث تراجعت بشكل كبير الزيارات المتبادلة فأصبح الانسان يكتفي بالتليفون لدقائق وهناك فرقا كبيرا بين التواصل التليفوني والزيارات المباشرة بما فيها من مشاعر إنسانية أسمي وأنبل . وكذلك قبل المحمول عندما كنا نقوم بكتابة الرسائل علي الورق كنا نستعرض المهارات اللغوية في إظهار المشاعر الانسانية أما الآن فإننا نكتب رسائل جامدة ليس فيها أية مشاعر أو مهارة بل انه يصل التشويه فيها الي حد كتابة الكلمات العربية بحروف انجليزية وعلي من يتلقي الرسالة الاجتهاد في فهمها من هذا المسخ.
تدني لغة التخاطب
* * أنتم كشيخ للتربويين الإسلاميين. كيف ترصدون تدني لغة التخاطب في الشارع والأسرة ومؤسسات التعليم بل في المجتمع كله ؟
* من المؤسف أن هناك تراجعا في مستوي اللغة وأسلوب التخاطب حيث دخلت علي اللغة ألفاظ رديئة وبذئية لم نكن نسمعها فإذا بها تتحول الي أسلوب خطاب عام حتي في وسائل الاعلام وليس الشارع فقط دون أن يتم استهجان أو استنكار هذا التراجع والتدني في مستوي اللغة وأسلوب التخاطب وللأسف فإن هذا الانهيار اللغوي وصل الي داخل الأسرة فلم يعد التخاطب بين أفرادها فيه احترام بل إن من يحاول أن ينمق لغته أو يزينها بالألفاظ الجميلة يكون مثارا للسخرية والاتصاف بالرجعية ويقول له انه يتكلم ¢ بالفصحي ¢ وكأنها جريمة يجب أن يتبرأ الانسان العربي منها مع انه في الحقيقة - إذا كنا أسوياء - أن يفتخر بها ويعتز بها لأن كرامة البشر من كرامة لغتهم واعتزاز الإنسان بلغته - خاصة إذا كانت لغة القرآن - التي هي أكرم لغة بل إنها لغة أهل الجنة وقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ¢ أحبوا العرب لثلاث لأني عربي . والقرآن عربي . وكلام أهل الجنة عربي¢.
وزاد الطين بلة في ظل عالم النت والفيس بوك والألفاظ التي لا يجد الانسان مثيلا لها في الانهيار اللغوي تبادل الشتائم مباح في ظل عدم وجود مسئولية قانونية أو أخلاقية وكذلك سيطرة النواحي الاقتصادية والمادية في قيادة الحياة وتغلبها علي الجوانب المعنوية والأخلاقية لدرجة أن الناس تقول عن البشر وليس الأشياء ¢يساوي كام¢ أو ¢يصرف من اي بنك¢ هذه تعبيرات في صيغة مصطلحات مالية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.