* يسأل وهدان المحروقي من الشرقية: ما حكم الشرع في إخراج الميت من القبر ونقله لمكان آخر؟ ** يقول د.محمود إمبابي وكيل الأزهر الأسبق: إخراج الميت من القبر بعد الدفن من غير عذر ممنوع. ففي "الكنز": "ولا يخرج من القبر إلا أن تكون الأرض مغصوبة". وفي "التنوير: "ولا يخرج منه بعد إهالة التراب إلا بحق". وفي "الضيائية": "لا يسع إخراج الميت إلا بعذر". وفي "الينابيع": "لا بأس بنقل الميت من بلد إلي بلد قبل الدفن أما بعد الدفن فلا". وفي "البحر": "لا يجوز إخراجه بغير ضرورة للنهي الوارد عن نبشه. وصرحوا بحرمته". وقال في "البدائع": "لأن النبش حرام حقا لله تعالي". وأما الذين اختلفوا فيه بأن غلب علي القبر ماء السيل فعند بعض المشايخ جاز لأهل الميت تحويله من ذلك الموضع. فكأن المجوزين من المشايخ جعلوا غلبة الماء عذرا في إخراج الميت. لأنه لو لم يخرج يذهب به الماء ويمحي أثر القبر فلا يتأتي بعد ذلك زيارة القبر. وهي حق من الحقوق. وذكر في "الفتاوي الصوفية": "أما حرمة القبر فلئلا يندثر أثره فينمحي. لأنه إذا ذهب أثره حفر عنه لميت آخر". وأيضا علة أخري: وهي أن المسلم علي الأموات ومن يريد زيارتهم يخفي عليهم إذا ذهب رسمه. فتبطل الزيارة وهي حق من الحقوق. والمسلم من قريب ليس كالذي يسلم من بعيد. وفي حالة عدم النقل في حالة السيل فوات لحقوق الأحياء. كذلك خصوصا في حق الولد لما روي عن أبي هريرة "رضي الله عنه" قال: "قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "من زار قبر أبويه أو أحدهما فقرأ عنده يس غفر له. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "من زار قبر أبويه أو أحدهما احتسابا كان يعدل حجة مبرورة ومن كان زوارا لهما زارته الملائكة في قبره". فحصول المغفرة. وبر الوالدين. والفوز بالجنة أو الحجة المبرورة وزيارة الملائكة. أمور مرغوبة يرغب المؤمن في تحصيلها وفي عدم الإحراج والتخلية فوت ذلك كله. ثم إنه كان فيه فوات الخير المتعلق بالأحياء فكذلك فيه فوات الفوائد المتعلقة بالأموات. وهي حصول الاستثناء. لما روي عن عائشة "رضي الله عنها" قالت: "ما من رجل يزور قبر أخيه ويجلس عنده. إلا استأنس به ورد عليه حتي يقوم". وفي الأربعين الطائية: "روي عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: "لأنس ما يكون الميت من قبره إذا زاره من كان يحبه في دار الدنيا". وأما قراءة القرآن عند القبور فإن نوي بذلك أن يؤنسهم صوت القرآن فإنه يقرأ. فحصول الاستثناء بمجرد الزيارة. وحصول الأنس بصوت القرآن فائدة بالنسبة للميت. وهو لا يتحقق إلا بالإخراج. ونقل الميت حين غلبة الماء والدفن في موضع آخر ويؤيده ما جاء عن الصحابة "رضوان الله عليهم": أنهم أخرجوا جثث القتلي حين غلب السيل. وعن عبدالرحمن بن صعصعة رضي الله عنه أنه بلغه أن عمر ابن الجموح وعبدالله بن عمرو بن حرام الأنصاريين رضي الله عنهما قد حفر السيل قبريهما قال: "فحفرنا عنهما". فهذا وغيره دليل علي جوار الحفر عند العذر بل يكون الأولي والأفضل.