القران الكريم هو العصمة الواقية . والنعمة الباقية . والحجة البالغة . والدلالة الدامغة . وهو شفاء لما في الصدور . والحكم العدل عند مشتبهات الأمور . وهو الفصل الذي ليس بالهزل. بهرت بلاغتُه العقولَ. وظهرت فصاحته علي كل مقول. إن هذا القرآن أنزل ليكون منهج حياة . خير حياة وأسعدُها. ومرشداً إلي سبيلي الحق . هو أقوم سبيل وأنجحُه . يهذبُ النفوس ويزكيها . ويقوِّم الأخلاق ويعليها . يقودُ من اتبعه إلي سعادة الدارين. وينجيه من شقاوة الحياتين . قال تعالي : "فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَيا وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً" "طه:123. 124". ليس من منهج القرآن أن نستحل الدماء . وأن نستبيح الأعراضپ! . ليس من منهج القرآن الفجور عند الخصومة . واستعمال منطق القوة لفرض الرأيپ. إن منهج القرآن : الحرص علي مصالح الوطن وصيانة الدماء والأعراض . قال تعالي : "ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق" وقال تعالي : "من أجل ذلك كتبنا علي بني إسرائيل أنه من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا" ". .اعلموا أن : "أول ما يقضي بين الناس يوم القيامة في الدماء" "متفق عليه" . فالله سبحانه يتولي يوم القيامة القضاء والحكم فيما يتعلق بمعاملات الخلق ويكون أول القضايا في الدماء وسفكها بغير حق . وفي الابتداء بالقضاء في قتل النفس بيان لعظم هذه الفعلة الشنعاء المهلكة التي تورّط صاحبها . قال عليه الصلاة والسلام: "لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما" "رواه البخاري". فالإنسان يبقي في فسحة وسعة يستحق رحمة الله وعفوه بأعماله الصالحة ما لم يقتل نفسا. فإن قتل نفسا ورط نفسه فأهلكها. ولقد حرم الله تعالي القتل ظلمًا في جميع الشرائع . وجاء الوعيد الشديد من الله تعالي لقاتل النفس ظلمًا وعدوانًا . قال تعالي: "ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم خالدًا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما" فالله تعالي كرّم الإنسان ووهبه الحياة. والقاتل معاند لله. ولقد ثبت النهي عن قتل الحيوان بغير حق والوعيد علي ذلك. فكيف بقتل الآدمي. فكيف بقتل المسلم. فكيف بقتل التقي الصالح. قال : "دخلت امرأة النار في هرة ربطتها. فلا هي أطعمتها ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض حتي ماتت" . هذا في الحيوان. وقال تعالي: ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق . هذا في كل نفس معصومة. وقال : "زوال الدنيا كلها أهون علي الله من قتل رجل مسلم" "أخرجه النسائي بسند صحيح" . قال ابن عمر: رأيت رسول الله يطوف بالكعبة. ويقول: "ما أطيبك. وما أطيب ريحك. ما أعظمك وما أعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن عند الله أعظم من حرمتك: ماله ودمه" "رواه ابن ماجه" لذلك حُقَّ لابن عمر أن يقول: "إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله". ولنسأل القاتل: ماذا يكون جوابك عندما تسأل يوم الحساب. قال ابن عباس: سمعت نبيكم يقول: "يأتي المقتول متعلقا رأسه بإحدي يديه "أي حاملا رأسه بيده" متلببا قاتله باليد الأخري "أي قابضا علي عنقه" تشخب أوداجه "أي تجري عروقه دما" حتي يأتي به العرش. فيقول المقتول لرب العالمين: هذا قتلني. فيقول الله عز وجل للقاتل: تعست. ويذهب به إلي النار" . فلو فكر الناس فيما يلحق سفاكي الدماء. من خزي يوم الجزاء. ما سفك دم حرام. لعلنا اليوم نعيش في الزمن الذي قال عنه رسول الله : "والذي نفسي بيده ليأتين علي الناس زمان لا يدري القاتل في أي شيء قَتل. ولا يدري المقتول علي أي شيء قُتل" "رواه مسلمپ". ". إن مما يدمي القلب أن جل هذا الاقتتال اللامعقول يقع في بلادنا. وبذلك يتحقق ما أخبر عنه الصادق الأمين نبينا محمد عليه الصلاة والسلام عندما قال: "إن بين يدي الساعة لهرجا". قال الراوي: قلت يا رسول الله ما الهرج؟ قال: "القتل". "بقتل بعضكم بعضا حتي يقتل الرجل جاره وابن عمه وذا قرابته". فقال بعض القوم: يا رسول الله ومعنا عقولنا ذلك اليوم؟ فقال رسول الله : "لا تنزع عقول أكثر ذلك الزمان. ويخلف له هباء من الناس لا عقول لهم" "رواه ابن ماجه". صدق رسول الله فهل من العقل ما يقع اليوم من سفك للدماء في بلادنا . تحت أي مبرر . أو دفاعًا عن سلطة زائفة. فاتقوا الله وصونوا الدماء والأموال والأعراض. فما احوجنا ونحن في هذه الايامپأن نكون علي هدي نبينا صلي الله عليه وسلم . وقد سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلي الله عليه وسلم : فقالت : كان خلقه القرآن رواه أحمد بسند صحيح . وصدق الله القائل : وإنك لعلي خلق عظيمپ. ما أحوجنا وقد أوجب الله علينا أن نمسك عن بعض المباحات . أن نكف جوارحنا عن المحرمات. وإن أعظم المحرمات علي الإطلاق دم أخيك الإنسان وعرضه ومالهپپ. ولنبتهل إلي الله بالدعاء أن يحفظ الله مصرنا الغاليةپ. پبقلم : الدكتور : سالم عبد الجليل