* يسأل رأفت احمد مصطفي: لم كان الإسراء أولا إلي بيت المقدس؟ ولم يكن من المسجد الحرام؟ ** قال الله تبارك وتعالي في سورة الإسراء "سبحان الذي أسري بعبده ليلا من المسجد الحرام إلي المسجد الاقصي الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير". المسجد الحرام بمكة هو أول بيت وضع للناس والمسجد الاقصي هو مهد الأنبياء من لدن الخليل صلي الله عليه وسلم وهما من المساجد الثلاثة التي لا تشد الرحال شرعا إلا اليها. أي لا تقصد بالزيارة والتعظيم من جهة أمر الشارع إلا هذه الثلاثة. ثم يقول العلماء ان الحكمة في اسرائه صلي الله عليه وسلم أولا إلي بيت المقدس. لإظهار الحق علي من عاند. لانه لو عرج به من مكة إلي السماء لم يجد لمعاندة الأعداء سبيلا إلي البيان والايضاح. فلما ذكر انه أسري به إلي بيت المقدس سألوه عن أشياء من بيت المقدس كانوا رأوها وعلموا انه لم يكن رآها قبل ذلك فلما أخبرهم بها حصل التحقيق بصدقه فيما ذكر من الإسراء به إلي بيت المقدس في ليلة. واذا صح خبره في ذلك لزم تصديقه في بقية ما ذكر. وقيل ليجمع بين القبلتين. لان بيت المقدس كان هجرة غالب الأنبياء فحصل له الرحيل اليه في الجملة. ليجمع بين أسباب الفضائل. وقيل لانه محل الحشر فأراد الله تبارك وتعالي ان تطأه قدمه ليسهل علي أمته يوم القيامة وقوفهم ببركة أثر قدميه. وقيل أراد الله سبحانه وتعالي ان يريه القبلة التي صلي اليها مدة . كما عرف الكعبة التي صلي اليها وقيل: لانه مجمع أرواح الانبياء فأراد الله تعالي ان يشرفهم بزيارته صلي الله عليه وسلم وقيل: لتفاؤل حصول التقدير له حسا ومعني. ويحتمل ان يكون الحق سبحانه وتعالي اراد الا يخلي تربة فاضلة من مشهده ووطء قدميه. فتمم تقديس بيت المقدس بصلاة سيدنا محمد فيه. فلما تمم تقديسه به أخبر صلي الله عليه وسلم انه. لا تشد الرحال إلا إلي ثلاثة مساجد. المسجد الحرام. لانه مولده ومسقط رأسه. وموضع نبوته. ومسجد المدينة. لانه محل هجرته وأرض تربته. والمسجد الأقصي لانه موضع معراجه صلي الله عليه وسلم.