* يسأل - أسامة محمد سامي - من الدقهلية.. أنا شاب في السادسة والعشرين من عمري حاصل علي مؤهل متوسط ولكن الله ابتلاني بعاهة مستديمة بالعمود الفقري وأنا راض بقضاء الله ولكني أعاني من أمراض نفسية بسبب سخرية الناس مني بسبب العيب الذي لحق بي وقد فكرت في الانتحار بسبب هذا فما رأي فضيلتكم في هذه الحالة؟ ** يقول الشيخ علي عبدالباقي الأمين العام بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر: اعلم يا بني أن الله سبحانه وتعالي هو الفعال لما يريد. يخلق ما يشاء. وقد خلق الناس علي أشكال مختلفة. وعلي حالات متنوعة. ولا دخل لغيره فيما يخلق سبحانه. ومن هنا يجب علي المسلم الصادق الإيمان أن يرضي بقسمة الله. وأن يقوي إيمانه به. ولا ينظر إلي موقف الناس منه وليعلم أن الله لا ينظر إلي صورنا وأشكالنا ولكن ينظر إلي قلوبنا وأعمالنا. وكم رأينا أناسا علي أحسن شكل وأحسن مظهر وهم علي قدر كبير من التفاهة والحقارة ولا وزن لهم ولا قيمة أما أنت يا أخي فقد منحك المولي عقلا رزينا وحكمة حتي حزت علي مؤهل علمي تستطيع به أن تشق طريقك في الحياة علي أسعد حال وأكمل وجه. وعليك أن تقوي إيمانك بالله. وتثق بوعده حتي تسعد في دنياك وأخراك. وتصنع المستحيلات ومن ناحية أخري نجدد انه لا يحل لمؤمن يعرف الله ويرجو الدار الأخرة من أحد من الناس أو يجعلل الاشخاص موضع هزئه وسخريته وتندره ونكاته ففي هذا كبر خفي وغرور مقنع واحتكار للاخرين وجهل بموازين الخيرية عند الله سبحانه حيث يقول: "لا يسخر قوم من قوم عسي أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسي أن يكن خيرا منهن" "سورة الحجرات:11" وأن الخيرية عند الله تقوم علي الإيمان والإخلاص وحسن الصلة بالله سبحانه لا علي الصور والأجسام ولا علي الجاه والمال. روي أن عبدالله بن مسعود انكشفت ساقه. وكانت دقيقة هزيلة. فضحك منها بعض الحاضرين فقال النبي - صلي الله عليه وسلم -: "اتضحكون من دقة ساقيه؟ والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من جبل أحد" أخرجه الطيالسي وأحمد. ثم إن القرآن الكريم قد حكي عن مجرمي المشركين كيف كانوا يسخرون بالمؤمنين الأخيار. وخصوصاً المستضعفين منهم كبلال وعمار. وكيف ستنقلب الموازين يوم الحساب فيصبح الساخرون موضع السخرية والاستهزاء: "إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون وإذا انقلبوا إلي أهلهم انقلبوا فكهين وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون وما أرسلوا عليهم حافظين فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون" "المطففين: 29-34". وهل بعد هذا يجوز أن يسخر من إنسان رجل أو امرأة لعاهة في بدنه. أو آفة في خلقته أو فقر في ماله؟.. وعليك يا أخي أن تقوي إيمانك بالله. ولا تأبه بما يقال. عنك وفيك ولا تفكر إلا في الخير ولتدع الآخرين ليوم الحساب.. أما تفكيرك في الانتحار بسبب سخريتهم منك فهذا وهن وضعف إيمان ولا يجوز لمسلم أن يفكر فيه مجرد تفكير. حماك الله وصانك وقوي إيمانك. والله أعلم