الأحد 5 أكتوبر 2025.. البورصة تحقق سادس مستوى تاريخي جديد في 6 جلسات    إطلاق صندوق للاستثمار النقدي بالجنيه المصري بعد موافقة الهيئة العامة للرقابة المالية    وفد الحركة فى القاهرة اليوم… ضجة كبيرة في دولة الاحتلال بعد موافقة حماس على خطة ترامب لإنهاء الحرب    الشرع خلال تفقده سير انتخابات مجلس الشعب: بناء سوريا مهمة جماعية    بعد تسليم نفسه.. رحلة فضل شاكر المتأرجحة بين العنف والغناء    قبل تسليم نفسه.. أغاني فضل شاكر تحقق أعلى الأرقام عبر منصات الاستماع    أمين المجلس الأعلى للجامعات يشارك في احتفالية اليوم العالمي لسلامة المريض    توقيع بروتوكول تعاون بين "صندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري" و"بنك نكست"    رئيس الوزراء يتابع موقف مشروعات تطوير البُنى التحتية وأنظمة التأمين بالمطارات    وزيرة البيئة تبحث مع محافظ الفيوم الموقف التنفيذي للمشروعات التنموية والخدمية    وزارة الصحة تعلن قائمة المستشفيات المعتمدة لإجراء الكشف الطبي لمرشحي مجلس النواب    الأوقاف تعقد 673 مجلسا فقهيا حول أحكام التعدي اللفظي والبدني والتحرش    الرئيس السيسي يترأس اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة    اللجنة المصرية بغزة: المخيم التاسع لإيواء النازحين يعد الأكبر على مستوى القطاع    ثلاثي الدوري المصري يُزينون قائمة منتخب المغرب في كأس العرب    أون سبورت تنقل مباراة بيراميدز والجيش الرواندي في دوري أبطال أفريقيا    الأهلي: الشحات لا ينتظر حديث أي شخص.. وهذه كواليس تألقه في القمة    3 عقبات تعرقل إقالة يانيك فيريرا المدير الفني للزمالك .. تعرف عليها    "الجمهور زهق".. أحمد شوبير يشن هجوم ناري على الزمالك    إصابة 14 شخصا إثر انقلاب ميكروباص على الطريق الساحلي بالإسكندرية    وفد من الوزارة لمناقشة ما يخص مدارس التعليم الفني لتطوير البرامج الدراسية    محافظ المنوفية يجتمع بأهالي قرية دلهمو للاستماع لمطالبهم حول أزمة ارتفاع منسوب النيل    طفل يقود سيارة برعونة في الجيزة.. والأمن يضبط الواقعة ووالده المقاول    رئيس الوزراء يُصدر قراراً بتشكيل اللجنة الرئيسية لتطوير الإعلام المصري    قصور الثقافة في الأقصر وأسوان وقنا والبحر الأحمر تحتفل بذكرى نصر أكتوبر المجيد    مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة الشرقية    هل قصّ الأظافر ينقض الوضوء؟.. أمين الفتوى يوضح الحكم الشرعي    واعظة بالأوقاف توضح كيفية التعامل مع «مشكلة الخيانة الزوجية»    سعر صرف العملة الخضراء.. أسعار الدولار مقابل الجنيه اليوم الأحد 5-10-2025    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام بيرنتفورد.. غياب مرموش    تشكيل يوفنتوس المتوقع أمام ميلان في الدوري الإيطالي    فاتن حمامة تهتم بالصورة وسعاد حسني بالتعبير.. سامح سليم يكشف سر النجمات أمام الكاميرا    ماجد الكدواني يحتفل بعرض «فيها إيه يعني» في السعودية    نجوم المشروع الوطني للقراءة يضيئون معرض دمنهور الثامن للكتاب    الصحة الفلسطينية: 3 جرحى برصاص الاحتلال أحدهم في حالة خطرة    وزير الدفاع الإسرائيلي: نزع سلاح حماس في نهاية خطة ترامب    سوريا تنتخب أول برلمان بعد بشار الأسد في تصويت غير مباشر    ألونسو يكشف مدى إصابة مبابي وماستانتونو عقب مباراة فياريال    نائب وزير الصحة يشيد بخدمات «جراحات اليوم الواحد» وموقع مستشفى دمياط التخصصي    بالتعاون مع «الصحة».. مطار القاهرة الدولي يطلق خدمة لتعزيز الجاهزية الطبية    أسعار مواد البناء اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025    الخميس المقبل إجازة للعاملين بالقطاع الخاص بمناسبة ذكرى 6 أكتوبر    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. عقد 213 مجلس فقه بمساجد شمال سيناء    تركت رسالة وانتحرت.. التصريح بدفن عروس أنهت حياتها بالفيوم    إصابة 9 فتيات في حادث تصادم بطريق بني سويف – الفيوم    تاجيل طعن إبراهيم سعيد لجلسة 19 أكتوبر    «تعليم القاهرة» تهنئ المعلمين في اليوم العالمى للمعلم    رئيس مجلس الأعمال المصرى الكندى يلتقى بالوفد السودانى لبحث فرص الاستثمار    اتهام إسرائيل باحتجاز جريتا ثونبرج بزنزانة موبوءة بالحشرات وإجبارها على حمل أعلام    عودة إصدار مجلة القصر لكلية طب قصر العيني    صحة الأقصر... بدء حملة التطعيم المدرسي للعام الدراسي 2024 / 2025    أيقونات نصر أكتوبر    136 يومًا تفصلنا عن رمضان 2026.. أول أيام الشهر الكريم فلكيًا الخميس 19 فبراير    اليوم.. محاكمة 5 متهمين في قضية «خلية النزهة الإرهابية» أمام جنايات أمن الدولة    السيسي يضع إكليل الزهور على قبري ناصر والسادات    «اللي جاي نجاح».. عمرو سعد يهنئ زوجته بعيد ميلادها    أذكار النوم اليومية: كيف تحمي المسلم وتمنحه السكينة النفسية والجسدية    أبواب جديدة ستفتح لك.. حظ برج الدلو اليوم 5 أكتوبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"مفتي خصوصي".. لخدمة السياسة عبر التاريخ
الشيخ محمود عاشور: نفاق مفضوح.. نتيجة التخريب والتدمير
نشر في عقيدتي يوم 12 - 02 - 2013

حذر العلماء من خطورة تسييس الفتوي وإشعال الحروب الدينية من خلال تطويع النصوص الدينية لأغراض سياسية.. مشيرين إلي أن الدين استخدم عبر العصور التاريخية المختلفة للتحكم في الشعوب وتوجيهها بما يخدم مصالح الحكام أو المسئولين.
طالبوا بضرورة الوقوف بحسم وقوة في وجه كل من يستخدم الدين في تبرير المواقف السياسية ومحاكمة أدعياء العلم والفتوي لأنهم مثيرو الفتن التي تخرب المجتمع وتدمره. وفيما يلي مختلف الآراء:
يقول الشيخ محمود عاشور - وكيل الأزهر الأسبق -: الذي يفتي هو موقع عن الله سبحانه وتعالي فيقول: إن الله أحل كذا. أو حرم كذا. فلا ينبغي عليه أن يحرف أو يغير أو يبدل في شرع الله ودينه لمصلحة حاكم أو ظالم أو لمصلحة جماعة أو فئة أو طائفة وإنما يقول ما أمر به الله وما جاء من عند الله وما قال به رسول الله. لأن القول بغير ذلك يثير فتناً كثيرة وربما أودي بالمجتمع إلي الخراب والدمار.
ووصم ووصف صاحب الفتوي فيه بأنه "منافق" لأنه يجامل علي حساب دين الله وما أمر به الله سبحانه وتعالي. وديننا يحافظ علي حياة المسلم فلا يسمح لأحد أن يقربها أو ينال منها أو يعتدي عليها لأن حياة المسلم مصونة مقدسة فقد قال عز من قائل: "ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً" فلا ينبغي لأحد أن يحرض أو يدفع أو يحث علي قتل النفس البشرية وهذا متروك لقوانين كل دولة تقوم به وتتولاه الدولة وتحرص عليه حتي لا تضيع الدماء وليس هناك دم هدر في الإسلام. وإنما المولي شرع القصاص ليصون الدماء فقال: "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون".
والقصاص يقوم به الحاكم وتتولاه الدولة ولا يقوم به أفراد وإلا صار هذا عدواناً وتخريباً ويطبق عليهم حد الحرابة إن فعلوا ذلك تحت أي دعوي فديننا يحرص علي سلامة الناس في مجتمعه وعلي أمنهم.. وأقول للمفتين الذين يحاولون أن يتزلفوا إلي الحكام: كفوا ألسنتكم عن السوء ولا تقولوا بغير ما شرع الله فنحن لا نحتاج إلي فوضي وإنما نحتاج إلي حقن الدماء والتوجيه إلي العمل والإنتاج والبناء لا إلي التخريب والدمار.
سلاح تاريخي
يتذكر أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الأزهر الدكتور عبدالمقصود باشا أنه عبر تاريخ البشرية استخدم الدين كسلاح فاعل وقوة ناعمة في الوصول إلي شغاف قلوب الناس. ومن لم يستطع السيطرة عليه عسكرياً يمكن السيطرة عليه دينياً بل وإخضاعه بقوة الدين خضوعاً تاماً حتي يصير مجرد دمية في يد الحاكم يحركها كيف يشاء ويلعب بها كما يريد. وبما أن الدين من أخطر الأشياء التي يمكن أن تؤدي دوراً في الحياة سلباً أو إيجاباً فإن الناس الذين يدعون فقههم للدين لا يعدمون أي وسيلة شريفة أو خسيسة من أجل الوصول إلي ذهب المعز بدلاً من سيفه لأن السيف قد يقطع الرقاب أما الذهب فيميل الأعناق. ولا نظن عبر رؤيتنا لتاريخنا الإسلامي أن هناك عالماً مالأ السلطان لا خوفاً من سيفه ولا طمعاً في ذهبه وإنما الأمر يكمن في أنصاف العلماء وأرباعهم بل وأخماسهم وأسداسهم ممن قرأ كتاباً أو اثنين وفهمه وفق منظاره الخاص وربما يكون هذا المنظار لا تتم الرؤية به أصلاً وتكون النتيجة التزلق للحاكم ابتغاء منصب أو جاه أو نفوذ أو مال.
وفي تاريخنا المعاصر - حتي لا نذهب بعيداً - نقول: إن قادة انقلاب يوليو 52 عندما وجدوا أن الأزهر الشريف قلعة شامخة وصامدة ما كان منهم إلا أن انتقصوا من قدره وقدر علمائه فأبعدوا العلماء وقدموا الأنصاف والأرباع فملأوا الدنيا صياحاً وضجيجاً بعلم ادعوه ونصوص تأولوها وفق رؤاهم وأهوائهم. ولدينا تجارب عديدة فقد تمت مصادرة أوقاف الأزهر تلك الأوقاف التي كان يضمن بها الأزهر استقلاله وقيادته للأمة ثم ألغي قادة الانقلاب هيئة كبار العلماء واستبدلوها بمجمع البحوث الإسلامية وأطلقت أجهزتهم الدعائية الشائعات حول العلماء الأعلام. وبالتالي لم يجد هؤلاء أمامهم بداً إلا أمراً من اثنين إما الاعتقال والسجون أو الانفراد بعيداً عن طمع الدنيا وزينتها وبهجتها والانقطاع إلي الله فأفرغوا ما في قلوبهم وأذهانهم من بحوث علمية. ولدينا علي سبيل المثال شيخنا الأكبر محمود شلتوت الذي له بحوث يعجز الكثيرون من الاتيان بمثلها وكأنما كانت من الله فتوحاً.
وقد ألقي بعضها في منظمة الأمم المتحدة فعرف بالإسلام خير تعريف. ولدينا ايضا شيخنا د. موسي شاهين لاشين الذي مني "وعد" بمناصب أعلي ومداخيل مادية أكبر من أجل تمرير قانون معين أو الافتاء بفتوي معينة فاتقي الله وقال: لا اشتري رضاء الناس بغضب الله.
قنوات الفتنة
يضيف د. باشا قائلاً: ثم ازداد الأمر سوءاً وأصبح رءوس الأموال يفتتحون قنوات فضائية تسير وفق برامج معينة خططت مسبقاً ثم أتوا ببعض مدعي العلم وأصحاب اللحي فصالوا وجالوا حتي إن كلاً منهم يهرف بما لا يعرف. وبما أن نسبة الأمية كبيرة فالناس في عالمنا العربي والإسلامي لا يعقلون بعقولهم وإنما بآذانهم. فهذا رجل قد خلع رداء قومه وجلباب بلده وعمامة علمه وارتدي غطرة وعباءة كأنه بهذا يعلن بخروجه من زي أهله وتقاليد بلده ثم ترتفع عقدته ويتقول أقاويل يأخذها ضعاف النفوس وعديمو الثقافة أخذاً مسلماً.. وهكذا نري أن التاريخ يعيد دورته مرة ثانية. فإذا كانت الدولة منذ انقلاب يوليو 52 قد همشت دور كبار العلماء حتي دفعتهم إما إلي الاختلاء أو الهجرة خارج بلدهم إلي فضائيات ينجح كثير من المتكلمين فيها حتي أصبح لكل فرد من أفراد الشعب مفتياً وليس هذا فقط بل أصبح كل واحد رئيس جمهورية نفسه ومفتياً لنفسه وربما تتعدي فتواه إلي غيره فانقلبت الأوضاع وعكف العلماء العاملون علي مكتباتهم أو هجروا وهاجروا من أرض النيل والكنانة إلي أراض أخري هيأت لهم السبيل.
يستطرد د. باشا قائلاً: وبالتالي فنحن نري ضرورة معاقبة معظم هذه القنوات الدينية سواء إسلامية أو غيرها لأنها تفرق أكثر مما تجمع. تنبش في الأضابير المختفية والمختلفة كي تخرج بجملة هنا أو سطر هناك فتقيم الدنيا ولا تقعدها وتلهي الناس عن أمور معاشهم ودينهم الصحيحة فأصبح الشارع بسببهم هرجاً ومرجاً ولا يوقر الصغير الكبير ولا يحترم الكبير الصغير لأن كل واحد إما أصبح مفتياً بنفسه أو تابعاً لمن يدعي المشيخة فخلع رداء قومه ولبس غطرة وعباءة غيره. والرسول صلي الله عليه وسلم حتي في زيه لم يخرج عن مألوف قومه في لباسهم ومعاشهم ومطعمهم وكان في إمكانه أن يلبس حرير الصين وديباج فارس ولكنه لبس القميص والسروال مثل قومه تماماً ولم يخرج عن مألوف عادات عصره.
فلهؤلاء نقول: اتقوا الله. ولأصحاب القنوات الفضائية: بدلاً من إنفاق أموالكم لإيقاظ فتنة نائمة اتقوا الله. اجعلوها نائمة كما هي وأصلحوا ذات بينكم وانشروا القيم الإسلامية كما أقرها الدين وأفني علماء الأزهر حياتهم فيها.. لا أن تجعلوا التاريخ يعيد نفسه فتهمشون دور العلماء الأعلام وترفعون دور الانصاف والأرباع من أجل دنيا تصيبونها أو نساء تنكحونها.. فالدنيا إلي زوال والعاقبة للمتقين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
تسييس الفتوي
ويؤكد الدكتور السيد عبدالرحيم مهران - الأستاذ بكلية الشريعة جامعة الأزهر فرع أسيوط - أن الاستعمال الدراج للألفاظ في لغة الحوار المجتمعي. قد ينقل أحياناً بعض المصطلحات عن الدلالة اللغوية لكلماتها ومبناها. ومن هذه المصطلحات "تسييس الفتوي" الذي يتداوله الحوار المجتمعي علي أنه من المنكرات القيمية. بل قد يجنح بعض من لا قدم لهم في العلم الشرعي. أو أصحاب الهوي إلي اعتباره من المنكرات الشرعية ايضا. افتاء في دين الله بغير علم. وتأسيساً علي بدعة العصر وكل عصر. أنه لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين. ولعل هذا المعني هو الأكثر ارتباطاً في أذهان الناس بمصطلح تسييس الفتوي. أو هو المتبادر من المصطلح عند التداول المجتمعي.
أضاف د. مهران: والحق أنه ينبغي التعامل مع المصطلح تعاملاً لغوياً بوجه. وتعاملاً استعمالياً بوجه آخر: أما عن التعامل اللغوي. فإن الفتاوي هي حاصل أو ثمرة أحكام الدين. وحينئذ يكون المصطلح مرادف "تسييس الدين" والمصطلح بهذا التتابع لا يصح شرعاً. بل الصحيح عكسه. أي "تدين السياسة" بمعني أن السياسة هي التي ينبغي أن تتدين وليس الدين هو الذي يتسيس. ويكون الإطلاق الصحيح لحاصل المعني "لا لتسييس الدين أو الفتاوي ونعم لتدين السياسة" لأن الدين حاكم وليس بمحكوم. وفي خلال هذا التعاطي اللغوي علي المصطلح ينبغي الحذر من تجزئته. وصولاً لأم البدع وأنكر المقاصد. وهي إقصاء الدين عن السياسة. لأن السياسة وقائع مشمولة لكل حوادث الكون بأحكام الدين وخاضعة له. ومن ثم فلا ينبغي أن يؤخذ مصطلح "لا لتسييس الدين أو الفتوي" بهذا البتر والاجتزاء. لأن هذا في الشرع يعرف "بالتعضية" أو الأخذ "العضين" علي غرار "ويل للمصلين" دون تكلمة لبيان المعنيين بالويل. ومن ثم فلزوم ذكر "نعم لتدين السياسة" في مقامها كلزوم ذكر "الذين هم عن صلاتهم ساهون" في مقامها.
مقاصد الشارع
استطرد د. مهران قائلاً: أما عن الإطلاق الاستعمالي للمصطلح وبمعني توظيفه في دلالة أخري. غالباً ما يكون المقصود بها الانحراف بالفتوي عن مقاصد الشارع. وتجاوز قواعد التخريج الفقهي الضابطة لها. جلباً لمنافع شخصية لا تراعي الأحكام الشرعية. بل قد تضاد المصلحة العامة التي يحترمها الشرع الحنيف. اتباعاً للهوي وسعياً لمغانم غير معتبرة في شرع الله. وهذا ليس تسييساً للفتوي وإنما -إن جاز التعبير - تضليلاً للفتوي. بل هو ليس من الفتوي في شيء. والفتوي منه عصماء. ومن يفعله ليس أهلاً للفتوي. وأهل الفتوي منه براء. وعلي الحاكم المسلم تأديب من يجترئ علي ذلك الفعل الشنيع وتعزيرهم بمشورة أهل الفتوي وتقريرهم. تنزيهاً لدين الله وصوناً له من تطاول الرعاع وعبس السفهاء.
خطورة فتاوي القتل
وعن خطورة مثل هذه الفتاوي فتاوي القتل وبيان عظم هذه الجريمة يقول الدكتور محمد عبد اللطيف قنديل ..الأستاذ بجامعة الأزهر : ذكر الله سبحانه وتعالي القتل مع الشرك فقال "وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهَا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقّ " اية 68 سورة الفرقان .وقال تعالي ايضا "قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئا وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسَانا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلَادَكُمْ مّنْ إمْلاق نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَواحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" "آية 151 سورة الأنعام".
وأوضح أن الإسلام حرم القتل بدون وجه حق وجعل تنفيذ القصاص او إزهاق روح من حق ولي الأمر في ضوء الضوابط الشرعية إذا ارتكب ما يستحق به ذلك ولم يتركها لفرادي الناس لهذا رسول الله صلي الله عليه وسلم قَالَ "اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلات¢.وقال الرسول أيضا ¢لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَة مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَما حَرَاما¢. وعند الترمذي والنسائي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْري وعَنْ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم قَالَ: ¢لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُل مُسْلِم¢.ومن يتأمل حرمة الدم يجد أن حرمة النفس وتحريمها جاء ترتيبها في العظم والذنب بعد الإشراك بالله تعالي.
حذر د. عبد اللطيف قنديل من التساهل في فتاوي الاغتيال لأن هذا بداية للفتنة وإراقة الدماء فضلا عن إساءته للإسلام وهو منها براء.
فتاوي القتل
لكن الشيخ سعد الفقي وكيل الأوقاف بالدقهلية يفتح النار علي الجميع ويكشف النقاب فيقول: تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.. وقد جاءت هذه المرة من الأزهر الشريف قلعة الوسطية.. الأولي لشيخ معمم هو صاحب الفضيلة محمد عبدالله أسموه بخطيب التحرير والمحسوب علي جبهة الانقاذ.. أما الثانية فقد جاءت علي لسان الدكتور محمود شعبان "مدرس بجامعة الأزهر" ومحسوب ضمنا علي التيار الاسلامي.. كلاهما بداهة ليس أهلاً للافتاء.. همزة الوصل بينهما التحريض علي القتل باسم الدين وإراقة الدماء.. والدين الاسلامي ومعه كل الأديان براء مما قالاه.. طوب الأرض أنكر عليهما تجرأهما وحيثيات الإنكار انهما لا يحملون مقومات الفتيا.. وثانيهما ان ما تفوها به يدخل في دائرة الفعل المجرم.. العقلاء من ناحيتهم يسارعون الزمن لرأب الصدع ولم الشمل.. والأخ محمد ومعه الأخ محمود يمطراننا بكل ما هو غث.. فتاوي القتل التي اكتوينا بنارها سنوات طوال.. تطل علينا هذه المرة من الأزهر الشريف ولو أفتي بذلك غيرهما لكان الخطب أهون. أما وقد صدر منهما فليس أقل من محاسبتهما جنائيا عما صدر منهما وما قد يصدر بعد ذلك ممن يرون ان الكلام في الدين أصبح ضيعة لكل من هب ودب.. فتاوي الفتنة لابد من مواجهتها بكل السبل المشروعة وإلا فالنار ستلفحنا جميعا. لا يكفي أن يستنكر الأزهر الشريف أو أن تتأفف دار الافتاء بل لابد من التحرك المسئول لإيقاف حالة الاسهال فيما هو معلوم من الدين بالضرورة لم يخطئ الأخ محمد ومعه الأخ محمود في حق أنفسهما ولكنهما أخطأ في حق الاسلام الذي نعرفه والذي يري ان دم امرئ مسلم أهون عند الله من هدم الكعبة. الاسلام الذي دعا رسوله ومصطفاه أن يقف في خطبة الوداع منبها الأمة إلي مخاطر جسيمة. وقد قال: ان دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في عامكم هذا.. كفانا تخرصات باسم الدين.. وإلا فليتحمل كل منا مسئولياته أمام الله أولا وأمام الوطن ونحن جميعا مسئولون ولن يكلف الله نفسا إلا وسعها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.