أكد الباحث أحمد عبد الفتاح. مدير النشر بمركز مدارات للابحاث. أن مصر دولة مركزية قديمة لا يمكن خضوعها لمشاريع التفتيت والتقسيم لانها عصية علي كل محاولات التجزئة والاضعاف. وقال في ندوة ¢ تاريخ النخب الحاكمة في مصر ¢ التي عقدت ببيت السناري التابع لمكتبة الاسكندرية بالتعاون مع فريق معرفة. إن تاريخ الحكم في مصر ثري ويعطي دلالات قيمية في غاية الاهمية يمكن الاستفادة منها في فهم الحاضر واستخلاص العبر والدروس التي تساهم في عبور المرحلة الانتقالية التي نعيشها في اعقاب الثورة. أوضح أن نمط السلطة الحديثة الذي أدخله محمد علي إلي مصر ساهم بشكل كبير ليس في استقلالها. كما هو شائع. بل في سقوطها في شرك التبعية للاستعمار الغربي. مبينا ان السلطة قامت علي أساس أن مصر دولة ذات حدود موحدة وهوية مصرية ذات جوهر واحد لا يتغير عبر التاريخ. ويضيف ان الدولة المصرية قامت بتعميق هذا الأساس المعرفي في نفوس مواطنيها. مشيرا الي أن التعريف الجديد لمصر كان مناسبا جدا للمصالح الاستعمارية من حيث فصله لهذا القطر المفصلي عن بقية محيطه العربي الإسلامي. يقول إن النخبة الحاكمة في مصر تميزت منذ محمد علي بعدد من السمات لعل اهمها الرغبة في بناء وطن حديث متقدم فاعل. مبينا ان محمد علي استلم الحكم بعد الحملة الفرنسية وحاول أن يجيب علي السؤال من خلال انتمائه للدولة العثمانية. وكل النخب الثقافية بدءاً من رفاعة الطهطاوي عانت من الانفصال عن الناس بحكم اكتسابها تعليما غربيا واحتكاكاً حضاريا مخالفا لما كان سائدا في الوطن من افكار وتعليما تقليديا ولم تتمكن من الاجابة علي سؤال الهوية. أضاف ان مصر تميزت بانها دولة مركزية طول عمرها ارتبطت بالنيل والزراعة وعرفت الاستقرار. مؤكد أن الصراع حول هوية مصر بدا منذ عام 1840. بعد توقيع معاهدة لندن. اذ ظلت مصر طول الف عام دولة كبري تتحكم فيما حولها من دول ومجتمعات أو كانت جزءاً من دولة كبري لها النفوذ علي دول وشعوب كثيرة. شدد ان الصراع الآن علي نمط السلطة وشكلها ومحاولة تحجيم مصر. معتبرا ان الاستعمار لم يستهدف مصر فقط ولكن استهدف العالم الاسلامي كله وسعي الي تقسيمه وتفتيه علي مراحل حتي يمكن اضعافه والاستيلاء علي مقدراته بسهوله ومنع تقدمه ووأد كل محاولات توحده وبعثه من جديد. واعتبر أن محاولات التفكيك لم تنته ومخططاتها يجري تنفيذها بكل دقة وبدأت بالسودان. محذرا من وجود محاولة لتجريب سياسات التفكيك في مجتمعات اخري كامتداد لسيناريوهات التفتيت والتقسيم والاضعاف. قال انه عندما تحدث إزاحة لحظية داخل نفس النمط السياسي المعرفي السائد بفعل الثورة. تسعي آلية السلطة الحديثة/ الإستعمارية لاحتوئها. مشيرا الي ان الشعب المصري لا يدرك أن ثورته يجب أن تكون ضد نمط السلطة الذي يحكم به. ضد فكرة الدولة الحديثة المتألهة ذاتها. ويوضح أن الثورة يجب أن تكون ضد النخب التي تستخدم آلية الدولة بالأيديولوجيا التلفيقية لخداعهم وسرقتهم كوكلاء عن الإستعمار. فيتم إسقاط النخب والأيديولوجيا التلفيقية القديمة ويتم تصعيد نخبة جديدة بأيديولوجيا تلفيقية جديدة لكنها مستبطنة الإيمان بنفس نمط السلطة الحداثية في الحكم. فتضطر لمهادنة الإستعمار إلي حين تقوية الدولة بالوسائل المادية بما يسمح لها بالوقوف أمام الإستعمار كما يدعون لكن هذا لا يحدث أبدا. ومع تكلس النخبة الحاكمة وتأبيدها في الحكم وبالتالي فسادها تنبت بذور الثورة الجديدة. ويتم إحتوائها بنفس الطريقة وهكذا. تصورات مشوهة يري ان التيار الاسلام السياسي يتصارع علي السلطة ولديه تصورات عن الامة ولكنها مشوهة. مضيفا ان كل افكار التيار الاسلامي عن الدولة الحديثة بعيدة تماماً عن مفهوم الاسلام لانها مرتبطة اكثر بالمفاهيم الحديثة التعليمية والثقافية. قال ان هناك فصائل داخل التيار الاسلامي تحاول اعادة البحث في هذه المفاهيم وازاحة الغبار عن الالتباسات التي تراكمت علي مدي قرون التردي والانحطاط وتسببت في تشويه المفهوم الاسلامي للدولة والامة. أشار الي أن فكرة الخلافة من الاشكاليات التي تحتاج الي اعادة ضبط وبحث وتعريف لاننا امام اجتهادات كثيرة وهناك تداخلات متعددة نتجت عن عقود طويلة من التغيرات والتبدلات التي جعلت من المستحيل اعادة انتاجها بسهولة خاصة في ظل التغيرات الدولية والفكرية الحديثة. مشددا علي أن المشكلة في القوي الاجتماعية التي تشكل القاعدة التي تؤمن بالفكرة وتسعي للايجادها علي الارض الواقع. ذكر أن النماذج المعاصرة للدول الاسلامية التي تمتلك مشروعا نهضوياً مثل تركيا وايران كلها مشاريع ذاتية وخاصة بمجتمعاتها ولا يمكن نقلها دون مراعة الخصوصية المجتمعية. وقال ان عبد الناصر استخدم القومية لتوسيع النفوذ المصري وتم الصدام بين مصر وعدد من الدول العربية عندما عمد عبد الناصر الي تصنيف الدول الي رجعية وذيول للاستعمار. ولذلك لم تتجذر القومية في المجتمع المصري لعدم وجود قواعد شعبية قوية تؤمن بالفكرة وتدافع عنها.