أكدت القوي السياسية والثورية أن إبرام مصالحة وطنية شاملة بعد الانتخابات الرئاسية والعودة إلي الاصطفاف الوطني من أجل البدء الفوري في بناء مصر الجديدة أضحي أمراً في غاية الأهمية لانقاذ مصر من السقوط في نفق مظلم من استدعاء سيناريوهات مختلفة لتعطيل أو تأجيل معركة التنمية التي من المفترض أن يتم البدء فيها من الآن. أشار قادة الأحزاب وممثلو القوي الثورية إلي أنه أياً كانت نتيجة الانتخابات فستبقي المصالحة والاصطفاف الوطني ضرورة وطنية وشرعية للعودة إلي روح 25يناير التي استنفرت في الجميع محبة هذا الوطن وتصحيح الأوضاع فيما فرقت قوي ثورية بين ردة الفصل بحسب نتيجة الانتخابات إذ إنه في حال فوز شفيق فسيحتاج الجميع إلي تأكيد استمرار الثورة في مواجهة محاولات اعادة صناعة النظام البائد وتأكيد ضرورة تحقيق كل الأهداف التي قامت لأجلها الثورة من إقامة حياة ديمقراطية حقيقية وكفالة حرية التعبير عن الرأي وحق دماء الشهداء وإقامة وطن يتسع للجميع .. حول حتمية المصالحة الوطنية لانقاذ مصر في معركتها الحقيقية للتنمية دارت سطور هذا التحقيق. بداية يؤكد السعيد كامل رئيس حزب الجبهة الديمقراطي أن المصالحة الوطنية بين كافة التيارات الدينية بعد نتائج الانتخابات الرئاسية صارت أمراً حتمياً تحتاجه كافة القوي السياسية في ظل الظرف الحرج الذي تعيشه البلاد وأنه أياً كانت نتيجة الانتخابات فإن القوي السياسية والأحزاب ستعود مرة اخري لقبول الاخوان وحزبهم الحرية والعدالة بين القوي السياسية والفصيل الثوري بعد أن انفصلوا عنه كثيراً وتعاملوا معه بنوع من البراجماتية وهم من جنوا ثمار ذلك مرارة بأشكال مختلفة في النهاية. أضاف : الاخوان كانوا دائماً يغلبون مصلحتهم الحزبية الضيقة كفصيل يعد الأقوي في الشارع دون مراعاة اتجاه ومزاج بقية القوي في الشارع الثوري ودليل ذلك أنه في25 يناير 2012 خرجت جموع القوي السياسية والحزبية لتدعو لاستكمال الثورة وتأكيد مطالبها وتصحيح مسارها وتوضيح الصورة بشكل يعضد قوتها ويستكمل مسيرتها ووقتها ولطبيعة علاقتهم بالمجلس العسكري في ذلك التوقيت وموسمهم الانتخابي احتفلوا وحدهم بمرور عام علي الثورة وأخذوا يرددون في الميدان وبوضوح تام هتافات وأناشيد وأغاني احتفالية كرنفالية والأمثلة علي ذلك كثيرة. والشاهد أننا جميعا صرنا الآن ندرك أنه لا نجاة لامتنا إلا بنا جميعاً وأن ايثار البعض لمصالحة الحزبية الضيقة أياً كان وتعمده استعراض قوته في الشارع بالتأكيد سيؤثر ذلك بالسلب علي المنظومة السياسية والأهداف الثورية ككل. ونفي السعيد كامل أن يكون المجلس العسكري وحده هو السبب في تأذيم المشهد الراهن بكل أبعاده موضحاً أن المادة التي تسببت في حل مجلس الشعب علي وجه الخصوص سبق ونبه المستشار فاروق سلطان لشبهة عدم دستوريتها وأنها ربما تصبح مجالاً للطعن علي شرعية مجلس الشعب لكن الاخوان وبقية القوي السياسية هددوا بمقاطعة الانتخابات حتي يسمح لهم بخوض الانتخابات علي مقاعد المستلقين وهو ما تسبب فيما وصلنا إليه وهو ما يجعل المشهد الحالي معلوماً في الحسبان للجميع وليس مفاجناً .. مستدركاً أن المفاجئ في الأمر هو توقيت وسرعة بت المحكمة الدستورية في تلك القرارات في الوقت الذي لو وجدنا حادثة مماثلة حدثت في برلمان 87 لم يبت فيها إلا في 1990 بينما هنا لم يستغرق الحكم خمسة واربعين يوماً وطبعت الجريدة الرسمية في المطابع الأميرية ربما في نفس وقت النطق بالحكم رغم أن الأمر لم يكن كذلك في حالات مماثلة كثيرة. مشهد معقد ويطرح ناجي الشهابي رئيس حزب الجيل وعضو مجلس الشوري رؤية مختلفة للمصالحة فيما بعد انتخاب الرئيس وهي أن تعود كافة الاحزاب لنقطة البداية من جديد لأن مكتسبات الثورة التي تم التغني بها في الماضي لم يعد لها محل الآن خاصة بعد أن أهدرت الفرصة تلو الاخري وما زاد المشهد تعقيداً اصرار الاخوان علي سياسة الاستحواذ والسيطرة علي كافة المناصب والمواقع القيادية دون النظر في المشهد بنظرة كلية تبرز طبيعة الأمر بصورته العامة وليس من وجهة نظرهم هم وبين الشهابي أن طرح المصالحة الوطنية السياسية الآن بات هو المنفذ الأخير من كل هذه الأزمات التي نعيشها علي أرض الواقع ولم يصل بنا إلي هذا سوي رؤية البعض للنفس وتصوره أنه يستطيع أن يرث التركة منفرداً ليصنع حزباً وطنياً جديداً بميراثه وتركته الثقيلة الكفيلة باسقاط مصر كلها وليس فصيلا واحدا من القوي السياسية .. مشيراً إلي أنه إن لم نصل لمرحلة التجرد الوطني الكامل بعيداً عن سياسات الاستحواذ وفرد العضلات والاستئثار سيبقي المشهد ملتبساً ومتداخلاً بل وسيزداد تعقيداً لأن المصالحة هنا لا تعني عقد اجتماعات صورية أو لقاءات لالتقاط صور تذكارية وينفض الأمر وينتهي عند هذا الحد وإنما اخلاص وتجرد حقيقي حتي لا يزداد الوضع سوءاً علي ما فيه إلا أنه أياً كان الفائز د. أحمد شفيق أو د. محمد مرسي ستبقي المصالحة ضرورية لأنه حتي الاخوان لاتزال في حاجة للعودة للجماعة الوطنية وكذلك شفيق في حاجة لفتح صفحة جديدة تؤكد صدق نواياه تجاه المرحلة القادمة التي تمثل بداية معركة طويلة تبدأ باستكمال سيناريو التأسيسية والإعلان الدستوري المكمل المحدد لصلاحياته كرئيس ثم استكمال انتخاب اعضاء مجلس الشعب بعد حله وتشكيل حكومة ائتلافية ترضي كافة القوي والأطراف واختيار معاونيه من نواب لرئيس الجمهورية وقبل هذا وذاك طرح حسن النوايا للقوي السياسية والثورية حتي تستكمل مسيرة التحول الديمقراطي. النوايا الصادقة ويشير الدكتور عادل عبدالمقصود عفيفي رئيس حزب الأصالة إلي أن مصر لن تقم لها قائمة ولن تبدأ معركتها الحقيقية مع التنمية والاصلاح السياسي والتعايش المجتمعي وطرح رؤية أفضل للمستقبل إلا بالنية الصادقة للاصلاح والمصالحة الجماعية بين كافة التيارات والقوي السياسية من أجل مصر التي تحتاج لنا جميعاً ونحتاج إليها أكثر مما تحتاج هي إلينا وإن لم نتحرك الآن فسيبدو المشهد في أسوأ صورة منذ قيام الثورة خاصة بعد العودة لنقطة الصفر برلمان تم حله وتأسيسة لم تستقر ورئيس بلا صلاحيات واضحة وحكومة غير فاعلة وقوي سياسية متناحرة وقوي ثورية مستنفرة وجماهير غاضبة ومواطن بسيط يشعر أنه خارج كل هذه الحسابات وكل هذا يستدعي تحركا سريعاً برعاية الرئيس المنتخب وبشكل مخلص ومتجرد يفتح صفحة جديدة مع الجميع من أجل مصر ومن أجل مستقبل أفضل لنا جميعاً ومن أجل أن نخطو خطوات محسوبة نحو الاستقرار وبدء ساعة العمل البناء يجب الا تجدي معه أية أعذار ولا حجج واهية لأن المصريين البسطاء أصبحوا يدركون المشهد جيداً وإن لم نسع باخلاص فسنسقط جميعا ولن تسقط مصر بل ستبقي هامتها مرفوعة لأن الله هو الذي يحميها كما حمي ثورتها وأطاح بالرئيس المخلوع قادر علي أن يهييء لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعته ويذل فيه أهل معصيته ولن تنصر أمتنا إلا بصدق نوايا نا جميعاً وترجمة كل ما يطرح من أحاديث اعلامية ولقاءات سياسية لواقع عمل يلمسه رجل الشارع وإلا فسنرزق بقدر عدم اخلاصنا لله وللوطن تعقيداً في المشهد السياسي لأن ما يحدث علي أرض الواقع هو ترجمة حقيقية لغياب الاخلاص ولو أخلصنا لله لخلصنا من كل أزماتنا ولعل الحاكم لهذا كله قوله صلي الله عليه وسلم : "مثلما تكونوا يولي عليكم". خروج آمن للجميع ويبين الدكتور نصر عبدالسلام رئيس حزب البناء والتنمية أن شريعتنا وديننا ومصلحتنا الدنيوية ومستقبل أبنائنا ووطننا ليوجب علي الجميع المصارحة من أجل تحقيق المصالحة والوضوح من أجل الخروج الآمن للجميع من الأزمات المتلاحقة التي تحيط بنا من كل جانب إذ ليس من المعقول أن نستمر في صدامات دائمة وكلما تقدمنا خطوة رجعنا خطوات للخلف وكلما نظرنا إلي أن المشهد سيكتمل نجده أخذاً في النقصان وحين نبحث عن الأسباب نجد أن تضارب المصالح وزيادة الرغبة في الاستئثار والتناحر السياسي واتباع البعض لرغباته النفسية في تصدر المشهد والظهور أمام اتباعه وأنصاره أو أعضاء حزبه أو هيئته أنه الغالب وراء معظم الكوارث. ولعل الناظر للمعترك السياسي طوال الأشهر القليلة القادمة ليجد صدامات عدة تارة بين المجلس العسكري والاخوان وتارة بين الفصائل السياسية المختلفة وتارة اخري تصعيداً بين البرلمان والقضاة وتارة ثالثة بين البرلمان والحكومة ولعل السبب أيضاً هو محاولات كل سلطة البغي علي السلطة الاخري وكأننا نصنع بلداً جديداً فالبرلمان علق علي أحكام القضاء والقضاة استنفروا ضد البرلمان ثم يصدر حكم حل مجلس الشعب والبرلمان يستغرب من توقيت صدور الاحكام وسرعة تنفيذها بشكل يوغر الصدور وكل هذا يأتي في وقت تصارعت أيضا فيه قوي أخري الرئيس القادم سيقسم يمينه أمام مجلس الشعب بثلثي أعضائه أو المجلس العسكري أو المحكمة الدستورية كلها أمور متداخلة يبدو سببها الرئيسي هو غياب الاخلاص وهو ما يوجب مصالحة حقيقية صادقة كاشفة تعالج كل الاشكاليات القائمة وتستوعب القوي السياسية بعضها البعض وفتح الباب واسعاً لصفحة جديدة تدرك كل كتلة سياسية مكانها في المشهد السياسي وتستوعب أن ذلك يفرض عليها أموراً واجبة النفاذ وهو معاونة بقية القوي علي توافق وطني يبني ولا يهدم وتبقي في الأذهان صورة مصر القوية الفتية الناهضة أمام العالم كله. استعادة روح الثورة من جهته اعتبر الدكتور هيثم الخطيب عضو المكتب التنفيذي لاتحاد شباب الثورة أن الشعب المصري بأكمله والقوي السياسية والثورة مدعوون في حالة فوز شفيق إلي اصطفاف وطني ثوري جديد يؤكد أن الثورة مستمرة وأن الشعب قائم في الميدان لاستكمال أهداف ثورته واستعادة حق الشهداء وتحقيق كل ما قامت من أجله الثورة وفي حالة فوز د. مرسي فالجميع أيضاً مدعو لاعادة ترتيب الأوراق وتحديد أولويات المرحلة القادمة وتوضيح الرؤية لملامح المستقبل .. مبيناً أنه في كلتا الحالتين الجميع مدعو إلي مصالحة وطنية عاجلة بعد حالات الانشقاق والانفصال والتباين في المواقف ونجاح العسكري في تفريق الصف الثوري خاصة بعد أن توقفت اللقاءات تماماً بينه وبين القوي الثورية بعدما خلق خرقاً حقيقياً بارع كيانات ثورية لم يكن لها وجود من الأصل منذ لقائه الذي عقد مع ائتلافات الثورة في مايو 2011 حين فوجئ الثوار ب 150 ائتلافاً وكياناً ثورياً علي غير حقيقة الواقع. قال : ادعو الشعب المصري والقوي الثورية والأحزاب السياسية لاستكمال الثورة أياً كانت نتيجة انتخابات الرئاسة وتخطي كل الصعاب التي واجهتنا مع الاستفادة جيداً من دروس الماضي القاسية وإلا فسنسقط جميعاً فيما دبر لنا بليل ونحن غاضبون الطرف عن كل مشكلاتنا ولست في ذلك أبرئ أحداً حتي نفسي لأننا عجزنا عن أن نستمر بروح 25يناير حتي الآن وفرقتنا الاهواء والاطماع أحياناً وتسببت في فشلنا أحياناً أخري كثيرة الافراط في التفاؤل والنوايا الحسنة التي افترضناها علي غير الحقيقة .. موضحاً أن القوي الثورية والسياسية مطالبة أكثر من أي وقت مضي بتوحيد الصف والتصالح والاستفادة من دروس الماضي خاصة ونحن نكاد نبدأ الآن من الصفر مجدداً وليس من الفطنة أن نستمر بنفس المدرسة القديمة في التعامل مع الموقف الحالي مرة أخري ومن لم يتعلم الدرس فسيخسر كل شئ.