نجح شباب مصر في أن يكونوا سفراء فوق العادة لبلدهم الغالية ويقدموا صورة صحيحة عن ¢أم الدنيا¢ خاصة بعد ثورة يناير التي أصبحت حديث العالم الذي يتوق لمعرفة أسرارها وتجربتها السلمية التي واجهت نظاما بوليسيا قويا وأسقطته بإرادة حديدية. ليس هذا فقط بل صار العالم علي دراية بكثير من عادات وتقاليد وقيم الشعب المصري لدرجة أنهم تمنوا لو امتلكوا مثلها. هؤلاء السفراء أوفدتهم ¢جمعية حوار الشباب من أجل الثقافة¢ علي مدي 30 وفدا شبابياً منذ إنشائها عام 2009 لعدد من الدول مثل فرنسا. بلجيكا. السويد. وأنهت إجراءات سفر 6 من شبابنا وفتياتنا الي دولة ¢التشيك¢ أول يوليو القادم ولمدة 12 يوماً. وقد التقاهم السفير التشيكي بالقاهرة ¢بافيل كافكا¢ وعرّفهم طبيعة بلاده وبرنامج الزيارة خلال اللقاء الذي عقدته الجمعية تحت عنوان¢ رؤية جديدة للشراكات الفعالة بين مصر و جمهورية التشيك.. بحضور أولياء أمور الشباب المسافر. في البداية يوضح لنا المدير التنفيذي للجمعية المهندس المعماري ¢أحمد نبيل¢ أن فكرة إنشاء الجمعية جاءت ثمرة اتفاق 20 عضوا من ذوي الأنشطة التطوعية في عدد من الجمعيات ذات الصلة والعمل في مجالات التعليم والتبادل الثقافي لتحقيق هدفين.. الحوار الثقافي والتبادل الشبابي.. فالاحتكاك علي أكثر من مستوي وثقافة ونطاق يخلق التفاهم والترابط والتعاون فيما بين الشعوب وأهم حلقة في أي شعب هم فئة الشباب. وعن تجاربه الشخصية في هذا المجال يقول نبيل: شاركت في برنامج اليونسكو بألمانيا عام 2006 وقت تنظيم كأس العالم. وصرت منتدبا في اليونسكو ومسئولا عن برنامج التبادل الثقافي والذي ينظمه 2000 شخص. وبدأنا في التعرف علي المجتمع المدني المصري من خلال تنظيم معسكرات تأهيلية وتعليمية تستهدف الشباب في أعمار مختلفة من 15 18 أي مرحلة الطلائع ببرامج تبادل علي المدي الطويل وبالتعاون مع جمعيات مماثلة لتقريب وجهات النظر وتعميق التعارف بيننا. وكذلك نعمل في مجال البرامج التعليمية غير النمطية بأسلوب عقد الورش والتدريبات علي القيادة وريادة الأعمال وتشمل كل العناصر عن تطوير أنفسهم وكيفية الاستثمار في المجالات التطوعية الأخري في حياتهم عامة. الملتقي الاول للشباب العربي يضيف نبيل: وقد حققت الجمعية نجاحا كبيراً بتنظيمها الملتقي الأول للشباب العربي في أبريل الماضي أي بعد الثورة بمشاركة 40 شاباً وفتاة من كل الدول العربية لإثراء الحوار الثقافي والابتكار فيما بينهم وتدريبهم علي المهارات الشخصية وتأهيلهم في 4 مجالات ومبادرات هي: التبادل الثقافي والطلابي. التكامل الاقتصادي. طرق التعليم غير النمطي وكيفية دمجها في التعليم العادي. تنمية الوعي المجتمعي. وقد أبدع الشباب في كل هذه المبادرات والمجالات لدرجة أذهلت الحضور. ونحن الآن بصدد التجهيز للملتقي الثاني لعقده نهاية هذا العام وقد يُعقد في إحدي الدول العربية وغالبا الأردن التي أبدت ترحيبها. علي أن يُعقد بالتناوب بين الدول المشاركة فيما بعد. ومن المفارقات الطريفة التي يشير إليها ¢أحمد نبيل¢ أنهم خلال اجتماع الأعضاء لبحث ترتيب عقد الملتقي الأول- وكان مقررا له يناير 2011- أنه في يوم 24 أي ليلة 25 يناير طُرحت مسألة مشاركة الشباب المتطوع بالجمعية في الوقفة الاحتجاجية ومدي خطورة هذا وجدواه حتي تُرك الأمر للتقدير الشخصي لكل عضو. أي أننا ناقشنا تداعيات الثورة قبل اندلاعها. إيفاد واستضافة تلتقط خيط الحديث د. عندليب فهمي- المستشار الإعلامي- قائلة: ولا يقتصر نشاط الجمعية علي مجرد إيفاد الشباب المصري للخارج فقط بل أيضاً استقبال وفود شبابية من الخارج. فقد استضفنا 30 شاباً وفتاة من السويد يُمثّلون حركة أصدقاء السلام بالسويد وكان هذا بالتعاون مع المعهد السويدي بالاسكندرية تحت عنوان¢ منتدي الحوار المصري السويدي للمواطنة الفعالة¢ وتوضح د. عندليب أن التعاون مع حركة أصدقاء السلام هذه مقصودة لسببين:1- أنها مكونة من جمعيتين إحداهما تمثل القاعدة الإسلامية والثانية تمثل القاعدة المسيحية بالسويد. 2- نسبة المسلمين في السويد مقارنة بعدد السكان هي تقريبا نفس نسبة المسيحيين في مصر مقارنة بالمسلمين. وقد بحثت الحلقات النقاشية موضوع الحوار الثقافي وطبيعة وثقافة كل بلد وتحديدا في مجال المواطنة الفعالة وحوار الأديان وحقوق المرأة والشباب. وكان الشباب السويدي في غاية الشوق للقاء شباب مصر الذي قام بثورة سلمية والتعرف علي تجربتهم وعمل أحاديث معهم. أضافت د. عندليب: كذلك تتم لقاءات ثقافية عن طريق الفن حيث إن الجمعية تعتمد علي مجالات ووسائل التعليم غير الرسمي من خلال عقد ورش عمل متنوعة ومبدأنا هو اللا عنف واللا عنصرية. ويُقسّم الشباب إلي 3 مستويات عمرية من 15 18 ثم من 18 25 ثم من 25 .30 تعميق الهوية المصرية من جانبه أكد محمد الليثي- المستشار الفني بالجمعية- أن الهدف من عملية التبادل الشبابي هي تأهيل وتدريب الشاب والفتاة علي كيفية إجراء حوار مع الآخر المختلف ثقافة وعقيدة وعادات. وأهم شئ تقبّل الرأي الآخر طالما أننا نريد التعاون وتبادل الثقافات والمعارف وعمل الخير للإنسان عامة. ولا نكرر مأساتنا نحن الكبار الذين لم نتعلم بعد كيفية التحاور والاختلاف مع بعضنا! مع التأكيد علي نقطة مهمة جداً ألا وهي ترسيخ وتعميق الهوية المصرية لدي الشاب قبل سفره حتي لا تحدث له صدمة حضارية أو ثقافية نتيجة ما سيراه هناك. فأنا كجمعية لم أرسله للدول الأخري حتي يتمثلهم أو ¢يتفرنج¢ بل ليتعرف علي الحضارات والثقافات والعادات الأخري ثم يعود وقد اكتسب مهارات وخبرات جديدة لا أن يعود وقد أصيب بمرض التعالي أو التأفف وكره واقعنا بل ليغيره للأفضل مع اعتزازه بمصريته. وقال: هؤلاء الشباب يستطيعون التعريف ببلدهم ومشكلاتهم وثقافاتهم وبتعدد السفريات والمجتمعات تصبح لديهم خبرات متنوعة. وبعد عودتهم تتجدد لقاءاتنا بهم لتقديم تجاربهم ومدي استفادتهم لغيرهم من الشباب المصري فضلا عن كونهم عناصر إيجابية وفعالة في وسطهم الشبابي والأسري والمجتمعي لنقل الاستفادة من تجارب الشعوب الأخري. ويشير ¢الليثي¢ إلي جزء مهم في عملية التبادل الثقافي هذه بقوله: لقد تم إعداد وتأهيل المتطوعين القائمين علي أمر هذا التبادل الشبابي أولاً من خلال تسفيرهم إلي تلك البلاد التي تستقبل شبابنا لهدفين: أولاً: معرفة الواقع هناك الذي سيتم بناء عليه تأهيل شبابنا لاستقباله. ثانياً: لمعرفة كيفية تفكير الشباب القادم من هناك ورؤيتهم ونظرتهم لأوضاعنا. شباب يفرح وكان لابد لنا من اللقاء بهؤلاء الشباب فماذا قالوا؟ مريم ناجي- 15 سنة بالمدرسة الألمانية بالدقي- تشير إلي أنها سافرت من قبل إلي ألمانيا مرتين ضمن وفود الأسر المضيفة وتقول: لقد تعلمت الكثير والأهم أنني صححت المفاهيم والصور لدي كل من المصريين والألمان عن بعضهم البعض. فالحقيقة أننا في مصر نعتقد أن الأجانب يسيرون في الشوارع سكاري وكؤوس الخمر لا تفارق أيديهم ويرتكبون الموبقات وعندهم انفلات أخلاقي. وهذه صورة غير صحيحة فهم أناس محترمون جداً ويعرفون القيم والأخلاق مثلنا كمجتمع شرقي. وفي المقابل كانوا يسألونني: هل تذهبين إلي المدرسة راكبة ¢الجمل¢؟ وهل لديكم كهرباء في المنازل؟ فهم للأسف لا يعرفون عن مصرنا سوي الأهرامات و¢الجمال¢ ويتصورون أننا نعيش حياة¢الكهوف¢! فبدأت أُقدّم لهم معلومات عن مصر وثقافتها ومناطق السياحة وغيرها من الميزات التي حباها الله لمصرنا فتشوقوا لزيارتها. وقد تعلمت منهم الكثير مما نحن في أمس الحاجة إليه مثل ترشيدهم في الاستهلاك خاصة الكهرباء فألمانيا بلد حريصة جداً ولا تضيع وقتها فيما لا يفيد وتقلل من استهلاكها قدر الإمكان لأنها تستخدم الطاقة الشمسية. وكذلك فهم لا يستخدمون الأكياس البلاستيك كما نحن في كل مشترواتنا من المحلات التجارية لضررها علي الصحة وعلي البيئة لأنهم حريصون جدا علي مسألة الحفاظ علي سلامة البيئة. فليتنا نقتدي بهم في هذه الجوانب وغيرها الجيدة! وهذا ما اتناقش فيه مع زميلاتي وصاحباتي في المدرسة وغيرها. مدرسة السياسة تؤيدها في الرأي زميلتها دينا محمد الليثي- بالثانوية الأمريكية- وتقول: لقد سافرت إلي ألمانيا مرتين وكان في أحدهما لقاء عن الديمقراطية ولأول مرة أتعرض لموقف التحدث عن السياسة فلم أكن أتقن التحدث أو المعلومات السياسية. ومن يومها قررت التعمق في العلوم السياسية والاطلاع علي كل ما هو جديد في عالم السياسة. وللأسف الشديد اكتشفت أننا لا نمارس سياسة صح بل ما نفعله يمكن وصفه بأنه ¢عك وغلط ولخبطة¢! وأتذكر أننا في مرة سئلنا عن ما هو الحجاب ولماذا ترتديه المرأة المسلمة وكانت معنا مصرية وأردنية محجبتان فأوضحتا لهم أن الحجاب فرض في الإسلام علي المرأة. فالغرب بصفة عامة يريد التعرف علي الإسلام لكن بصورة بسيطة وسمحة دون تشدد وعنف. وأتذكر أيضا أنهم كانوا متشوقين لمعرفة كل ما أحاط بثورة يناير وكيف نجحت؟ فقمنا بالإجابة عن كل استفساراتهم وأسألتهم ليتعرّف شباب 6 دول علي الثورة المصرية حيث كنا وفود شبابية من: تونس. تركيا. البوسنة والهرسك. بولندا. ألمانيا. وتؤكد ¢دينا¢ أنها استفادت كثيراً من زيارتها لألمانيا خاصة النظام المروري الصارم. وأهم شئ أنها استطاعت التعبير عما بداخلها بكل حرية والتعمق في الشئون السياسية. البدء بالنفس نفس الكلام يعيده عادل علي-بكلية التجارة E قسم الأعمال- مؤكداً أنه تعلّم من زيارته لألمانيا حب النظافة والنظام والحفاظ علي البيئة. وأن التغيير لابد أن يبدأ من الشخص نفسه حتي يُقلّده الآخرون. مشيراً إلي أنه نقل تجربته لأصدقائه علي ¢الفيس بوك¢ وبالتطبيق العملي مع شباب وأصدقاء منطقته وجامعته. وتعرب مريم حاتم -بالصف الثاني الإعدادي- عن سعادتها وتحمسها لزيارة دولة التشيك مما دفعها للقراءة عنها وطبيعتها الجغرافية والتاريخية وعرفت أنه دولة ذات مساحة شاسعة وعدد قليل من السكان وأنها من أجمل العواصم الأوروبية وأكثرها ديمقراطية وسلاماً. وهو نفس الشعور الذي انتاب مصطفي حسين- بكلية الهندسة بالجامعة الألمانية- وعمرو هشام-بكلية الهندسة أيضاً- مما جعلهما يسارعان بالقراءة عن التشيك وعرفا أنها تنقسم لجزأين.. المدينة القديمة والجديدة ويفصلهما كوبري. وتتميز القديمة بالمتاحف والمباني الأثرية والقصور. أما الجديدة فهي علي الطراز الأوروبي الحديث. وأسعار سلعها ليست باهظة. تأييد أُسري ولكن ماذا عن رأي أولياء أمورهم خاصة وأن منهم فتيات وصغيرات؟ يقول المستشار حاتم عزمي- نائب رئيس محكمة النقض-: لم يعد مقبولاً وضع الأبناء سواء الذكور أو الإناث في ¢قُمقُم¢ طالما أن الأسرة حصّنتهم بالتربية السليمة والأخلاق والقيم. فضلاً عن أن الانفتاح علي الآخر ثقافة وعادات وتقاليد تزيد من مدارك الشاب والفتاة وتجعل الأفق لديهم أكثر اتساعاً وإدراكاً للمجتمع والعالم من حوله. يتفق معه المهندس ناجي اسكندر مشيرا إلي أن السفر للأبناء مفيد جداً للتعرف علي ثقافات شعوب مختلفة وتعطيهم ملكة التعبير والحوار ولا فرق في ذلك بين الشاب والفتاة فلابد من منح الفرصة متكافئة ومتساوية للجميع وإلا نكون قد حرمناها مما ميّزنا به الولد ليتقدم هو وتتأخر هي! ويتساءل م. ناجي: ثم لماذا التخوف من ثقافات الآخر؟ وهل ¢نغلق¢ علي أولادنا ونمنعهم من التعرف والاطلاع علي الآخر بدعوي حمايتهم؟ لقد سافرت ابنتي¢ مريم¢ مرتين من قبل مع مدرستها -وهذه الثالثة- وأعتقد أنها أثّرت في الأسرة المضيفة لها لدرجة أنهم اتصلوا بي عقب عودتها وطالبوني باستمرار التواصل خاصة أن ابنتهم تعلمت من ¢مريم¢ الانضباط وترتيب غرفتها.