عندما نتكلم عن معجزات النبي صلي الله عليه وسلم ونفرح بها ونفرح بفضل الله تعالي ومنته علي النبي إذ خرق الله له العوائد فلا يعتبر ذلك تعصباً من عندنا ونسج قصص غير منطقية كما نفعل مع أبطالنا في الأساطير الشعبية. ذلك لأن المعجزة هي خرق عادة إلهية بقدرة إلهية وليس بقدرة بشرية يجريها الله علي يد من يشاء فسبحانه وتعالي أحيا الميت بسيدنا عيسي عليه السلام. وفلق البحر بسيدنا موسي عليه السلام.. وسخر الجن والإنس والطير والريح لسيدنا سليمان عليه السلام.. كل هذه تعتبر خوارق لا يستطيع بشر أن يأتيها ولكن يستطيع الله أن يجعلها علي يد رسول من رسله ثم ينسبها له.. فإذا كان الرسل والأنبياء أشخاصاً عاديين فقد أصبحوا غير عاديين. وهكذا أراد الله.. ولكن لابد أن نفرق بين الظواهر التي تظهر علي الأشخاص العاديين ويظهر مثلها علي الأنبياء والمرسلين.. كالغضب مثلاً.. الغضب عند الأنبياء انتصار لحدود الله وعند البشر العاديين انتصار لأنفسهم.. والفرح مثلاً.. الفرح عند الأنبياء فرح برضاء الله وعند البشر العاديين فرح بدُنيا أصابوها أو ترقية جنوها أو ثروة جمعوها. كان الله سبحانه وتعالي يجعل النبي فوق العادة أحياناً وكالعادة أحياناً أخري.. وكانت هناك حكمة في ذلك عندما أمره الله سبحانه وتعالي بالهجرة جعله في هذه الحالة في الصورة العادية ذلك لأن الهجرة مكلف بها المؤمنون في زمن النبي. ولكن عندما أراد له الله الإسراء والمعراج جعله فوق العادة فأرسل له البراق.. والبراق دابة سريعة تشبه الطائرة في زماننا وكانت الهجرة بعد الإسراء والمعراج.. فلماذا لا يهاجر النبي بالبراق؟! لو حدث ذلك لكان مدعاة لأن يتعلل بعض المسلمين بعدم الهجرة لعدم وجود براق لهم.. فالأمور التي فيها تشريع يكون النبي عليه الصلاة والسلام كرجل عادي حتي يتبعه الناس وهم عاديون. وهذه الأمور مثل القتال والصيام والهجرة والحج وقراءة القرآن وقيام الليل.. أما الأمور التي لم يكلف بها المسلمون فإن حضرة النبي صلي الله عليه وسلم يكون فيها فوق العادة بأمر ربه. ولا حول ولا قوة إلا بالله.