أكاد أجزم بأن كل القوي والتيارات الدينية لا تدرك حقيقة ما يجري حولها ولا ما يراد لها وبها.. ولا أبالغ إذا قلت إنهم لا يدركون معني وماهية النعمة التي ساقها الله إليهم بعد الثورة.. إنهم يتفنون في الكيد لبعضهم البعض.. في الانتقاص من قدر من جماعاتهم.. في تشويه الصورة المشوهة.. في خنق الفرص المتاحة أمام أي فصيل لعمل شيء ما يلقي الضوء أو حتي يضيء شمعة في الطريق.. بدلا من أن يكونوا علي قلب رجل واحد إذا هم يتنازعون فيما بينهم يتشاجرون يتقاتلون.. لا يتسامحون لا يعرفون عفوا ولا رفقا ولا يقولون إذا ما خاطبهم الجاهلون سلاما.. وكأنهم نسوا كل ما ذكروا وليس حظا فقط .. لا يريدون أن ينتبهوا إلي ان جماعات المتربصين بهم والخائفين منهم تتداعي عليهم الآن وفي تلك اللحظات تحديدا كما تتداعي الاكلة إلي قصعتها. پلا يريدون ان يعرفوا حقيقة ان ساعة الجد قد بدأت.. وانه لا مجال الآن للحروب الكلامية والمعارك الهامشية التي لا تسمن ولا تغني من جوع.. وأنه لا مكان علي الساحة للمتخاذلين المتشرذمين المنقسمين علي أنفسهم.. وأنه لا مجال للعواطف واللعب بها.. فالمعارك الفكرية الآن أشد حمية.. والضرب تحت الحزام لا تتوقف.. وحملات التشويه مستمرة من الآخرين بلا رد ولا محاولة للتفنيد أو لتصحيح الأخطاء والشبهات التي يتم ترديدها صباح مساء بخبث ودهاء.. بالحق والباطل علي السواء.. والآلات الإعلامية الجهنمية لا تتوقف عن الدوران والبث المباشر علي مدار الساعة. طبعا الآلات الإعلامية للآخرين أما الآلات الخاصة بالإسلاميين فحدث عنها ولا حرج.. تعيش في وديان أخري سحيقة.. لها عالمه الخاص تتفنن في الانفصام عن الواقع والابتعاد عن الواقع والجماهير واختلاق قضايا وإثارة مشكلات قديمة واستدعاء أحداث ومقولات تاريخية واسقاطها بجهل ولا أقول بغباء - لأن حسن النية مفترض - علي واقع غريب وبعيد الشبه تماما فتبدو حالات الغربة جلية والنفور منها والاستنفار ضدها قويا ومناسبا.. من يرد أن يطلع علي خيبة الإسلاميين القوية هذه الأيام فلن يجد أي عناء.. ولن ترهقه أدلة الاستنباط والاستنتاج للوقوف والتدليل علي هذه الحقيقة المؤلمة والمخزية.. يكفيك أن تتابع تصريحات وأحاديث السادة الأفاضل مسئولي التيارات الإسلامية ليوم واحد فقط في وسائل الإعلام وانظر كم التصريحات والتعليقات وحملات الرد والتكذيب والتشكيك والنفي والتأكيد والاتهامات بكل ما يمكن أن تتخيله.. بما هو مقبول إسلاميا وما هو مكروه ومنهي عنه شرعا.. عمليات سن السكاكين لا تكاد تتوقف والسلخانة البشرية لا تغلق أبوابها.. والمتطوعون للجزر كثر من الداخل ومن الخارج.. حسبة لله والوطن!!! وأبرز الأمثلة الصارخة علي الساحة الآن ما يجري في الشأن الانتخابي وتأييد مرشح بعينه.. ناهيك عن الخيبة والفشل والعجز في التوصل لاتفاق علي شخصية تقف وراءها كل التيارات الإسلامية أو حتي أغلبها.. فإن الانقسام واقع حتي داخل التيار الواحد والجماعة الواحدة.. خذ علي سبيل المثال: الدكتور صفوت حجازي شنَّ هجومًا عنيفًا علي شيوخ وأعضاء الدعوة السلفية وقيادات حزب النور علي خلفية قرار تأييدهم الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح لرئاسة الجمهورية. عوضًا عن مرسي الذي قال حجازي إنه الأجدر بكرسي الرئاسة. قال حجازي - خلال كلمته التي ألقاها بمؤتمر عُقد لتأييد ترشيح مرسي بالإسكندرية - إن السلفيين الذين أيدوا الثورة قلة قليلة. وهؤلاء هم الذين أيدوا ترشيح محمد مرسي للرئاسة. واصفًا مَن دعموا أبوالفتوح بأعداء الثورة. ومَن حرَّموا المشاركة فيها. بل وكفَّروا مَن شارك فيها في البداية. وكانوا يسعَوْن للحفاظ علي ولي نعمتهم - حسني مبارك - الذي يَدينون له ولنظامه بإطلاق أيديهم في العمل في المساجد. ليدعوا له ولنظامه - علي حد قول حجازي.. ورد حزب النور علي ذلك ورفض بشدة اتهامات حجازي. معتبرًا أن مثل هذه التصريحات مجافية للحقيقة. وتخالف الواقع جملة وتفصيلاً. وتوظف الخلاف السياسي بشكل يتناقض مع الأُخوَّة الإسلامية واعتبر محمد نور. المتحدث الرسمي باسم الحزب. أن حجازي يخسر كثيرًا حين يدلي بمثل هذه التصريحات. التي تنال من مكانته كعالِم وداعية. بل إنها تضعف من وزنه داخل الحركة الإسلامية بشكل عام. ورفض نور وصفه لمبارك بأنه ولي نعمة السلفيين .. وقال إن زنازين مبارك ومقار أمن الدولة تكشف حجم التضحيات والدماء التي قدمها السلفيون لإعلاء كلمة الله. فنحن لم نكن أبدًا أتباعًا لمبارك. ولم نُبرم معه صفقات. ولم ندخل معه في اتفاقيات سرية. وعاتب نور بشدة علي حجازي نزوله بلغة الحوار إلي مستوي قال إنه لا يليق بداعية إسلامي واعتبر أن نهج حجازي يدل علي مدي ضيق الأفق الذي يتمتع به الإخوان المسلمون. فهم لا يقبلون أي خلاف معهم في وجهات النظر. ولا ينظرون أكثر من تحت أقدامهم. ولا يراهنون علي استمرار التنسيق والتعاون وحتي التحالف فيما بعد الاستحقاق الرئاسي بشكل يناقض الحسابات السياسية.. واستنكر نادر بكار المتحدث باسم حزب النور. الحملات التي تستهدف أبوالفتوح من قبل خصومه ومن بينهم إسلاميون. مؤكدًا أن الصندوق الانتخابي هو الفيصل والحكم طالما أن الخيارات بين الوطنيين وليس فلول النظام السابق. رافضًا أسلوب التجريح والهجوم الذي يشنه مرشحو الرئاسة. طالما أن غرض الجميع هو خدمة الوطن والصالح العام .. الدكتور محمد إسماعيل المقدم: إن الدعوة السلفية بجميع مشايخها وهيئاتها وكوادرها في جميع أنحاء الجمهورية تدعم الدكتور أبوالفتوح رئيسًا لمصر 2012. بما لا يحتاج تشكيكًا ولا هجومًا أو أي إلصاق لتأييد أحد منهم لأي مرشح آخر. فموقف الدعوة السلفية كان واضحًا ومازال علي موقفه ولن يتخلي عن دعم أبوالفتوح. واستنكر المقدم محاولات إلصاق دعم مشايخ وعلماء السلفية لمرشح آخر بما يخالف الحقيقة. داعيًا حملات جميع مرشحي الرئاسة بالكف عن مثل هذه المحاولات غير الأخلاقية والتي تتنافي مع الديمقراطية وحرية التعبير عن الرأي. وقال المهندس عاصم عبدالماجد. عضو مجلس شوري ¢الجماعة الإسلامية¢. إن الجماعة الإسلامية متمسكة بجميع أعضائها بدعم أبوالفتوح في الانتخابات الرئاسية بما لا يحتاج إلي مزايدة من أحد. وأن إعلاننا عن دعم أبوالفتوح جاء بناءً علي النزول علي مبدأ الشوري العام والتزام كل أعضاء الجماعة به وحزبها السياسي البناء والتنمية وأن أي كلام خلاف ذلك يعتبر باطلاً وافتراء علي موقف الجماعة.. الدكتور ياسر برهامي. نائب رئيس الدعوة السلفية. رد علي الهجوم الموجه إلي الدعوة من قبل جماعة الإخوان المسلمين وتيار السلفية الحركية المتمثل في سلفية القاهرة. بسبب اختيارها دعم الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح قائلا: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث. محذرا إياهم مما وصفه بالكذب في الحديث وخيانة الأمانة والخوض في الغيبة والنميمة.. برهامي اتهم منتقدي "الدعوة السلفية" ب"عدم فهمهم للمنهج السلفي". وقال في تصريحات علي موقعه "صوت السلف" إن "قرار مجلس شوري الدعوة السلفية بدعم أبوالفتوح. اعتبره البعض تناقضا مع المواقف السابقة للدعوة ورموزها. وعده الآخرون مجرد عناد وحزبية. وإثباتا للذات باختيار المخالفة للفصيل الإسلامي المنافس.. لم نختر أبوالفتوح علي أنه سلفي حتي يحاسبنا البعض عن تصريحاته الحالية أو السابقة أو المستقبلية. نحن اخترناه بطريقة مؤسسية مبنية علي الشوري لأنه الأنسب للمرحلة.. وقال: الفريق الذي يتهمنا بالخيانة والعمالة ويسيء الظن رغم التصريح والتوضيح. بل والقسم علي أنه لم يكن هناك قط صفقة - أي مع العسكري - ولا مؤامرة ولا ضغط. بل ولا حتي تلميح. ولم نكن لنقبل ضغطا تحملنا أضعافه إبان النظام السابق. والكل يعلم أننا بحمد الله لم نترك قضايانا الكبري: كالحكم بما أنزل الله. والولاء والبراء. وباقي قضايا التوحيد .. انتبهوا ايها السادة الإسلاميون.. فإن سلسلة الاتهامات الموجهة إليكم قد زادت واحدة.. وهي الأهم والأخطر الآن.. إنكم تخنقون الديمقراطية.. كما جاء علي لسان المرشح عمرو موسي.. قالها وهو في زيارة لبيت الأشراف أمس الأول.. قال: لا نريد قوي تخنق الديمقراطية وتدفع الشعب نحو أفكار لا ناقة لنا فيها ولا جمل. فمصر لن تصبح جزءا من كيان أكبر.. افيقوا أيها السادة فإذا كنتم تخنقون أنفسكم وبأيديكم.. فلماذا إذن لا نصدق أنكم تخنقون الديمقراطية..؟ أم أنكم تختنقون لتأتوا إلينا بالديمقراطية المنخنقة والمتردية والنطيحة وما أكل الليبراليون وما ذبح العلمانيون؟!!!