رفض العلماء انتشار ظاهرة الخلاف في الرأي التي يمكن ان تؤدي الي التحاسد والغيرة المنبوذة. قائلين: رغم انها ليست بالجديدة الا انها لم تعد حالات عابرة بل اصبحت ظاهرة قد تؤدي الي تشتت العامة بين اراء المتصارعين. مما يهدد بضعف الأمة وتفرقها. ورغم تأكيدهم ان الخلاف في الرأي ضروريان لاثراء الفكر والوصول الي القرار الصائب. وان المنافسة الشريفة التي تسعي الي تحقيق اهداف اسلامية جائزة شرعا. إلا ان سيطرة الهوي والمصلحة الشخصية كارثة تحول المسار الي اتجاه عكسي. يستغل حالة التنافر والخلاف بين العلماء في الإساءة للاسلام. وحذروا من تمسك البعض برأيه دون قبول الاخر. الذي يزيد من حدة التوتر بين الاطراف المختلفة. بالتالي ينعكس علي العامة الذي قد يفقد الثقة في العلماء بعد اهتزاز صورتهم نتيجة الصراع المتشدد والتراشق بالالفاظ. والطعن في بعضها البعض. ضعف الامة أكد الدكتور صلاح سلطان استاذ الشريعة بكليتي دار العلوم بالقاهرة والخليج العربي بالبحرين. ان صراع العلماء وتحاسدهم فيما بينهم من اخطر الأزمات التي تعاني منها الأمة الإسلامية في وقتنا الحاضر. حتي اصبحت ظاهرة وليست حالة عابرة. مما تسبب في ضعف الأمة وتفرق ابنائها. وقال ان العلماء الذين يريدهم الله تعالي هم الذين يجمعون ولا يفرقون. الذين يحدثون نقلة نوعية من العصبية الذميمة الي الاخوة الحميمة. يقودون المجتمع من الفرقة والاختلاف الي الوحدة والائتلاف. مشيراً الي ان الصراع والتحاسد بين العلماء ليست ظاهرة في عصرنا الحالي. بل هي ظاهرة قديمة. فهناك بعض من العلماء كانوا يشون للحكام بعضهم البعض. ويحرضون علي حرق كتبهم. والطعن فيهم. خاصة ممن يلف حولهم الناس. فيقومون بترويج الشائعات حولهم ويحيكون ضدهم المؤتمرات للتخلص منهم. وخير مثال ما حدث مع الامام مالك حينما سأله سائل عن حكم طلاق المكروه. فقال انه لا يقع. فحور البعض كلام الامام مالك. وفسروه علي هوائهم أمام الخليفة علي انه يقصد به ان البيعة للمكرة لا تجوز في اشارة الي إكراه البعض لمبايعة الخليفة ولذلك للايقاع بينه وبين الامام مالك حقدا عليه. انصاف علماء "انها طامة كبري" هكذا تصف الدكتورة أمنة نصير العميد الاسبق لكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر. شكل الصراع والتنافس السيء بين بعض العلماء. رافضة ان تصل العلاقة بين العلماء الي هذا الحال. وقالت: نكبنا في السنوات السابقة ببعض انصاف العلماء والمدعين جاءوا الينا بالاخلاق العنيفة البعيدة كل البعد عن ادب الاختلاف وادب التعامل. محذرة من تأثر العوام بهؤلاء. الذي يمكن ايضا ان يؤدي الي فقدان الثقة في جميع العلماء. وقالت: ان اهم ما يتميز به الانسان هو المنافسة. فلو لم يكن هناك منافسة لما كان هناك ابداعات وتميزات. والمنافسة تعطي طابع مهم جدا في الحياة وهو الحماس الذي تميز به الانسان المنافس ولكن الأهم من ذلك ان تكون المنافس بين الطرفين شريفة. وأضافت: الانسان فطر علي المنافسة والرغبة في السبق. مشيرة الي ان الله تعرض لهذه الفطرة في كتابه الكريم ووجهها الي الوجهة السليمة حيث النفع والانتفاع فقال تعالي: "وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. فبين أن الأجدر في المتنافسين أن تعلو هممهم وأن تسمو أهدافهم وأن تنبل أخلاقهم فيتحول التنافس الي فعل الخير والي عبادة الله وابتغاء ما عنده. اساءة للاسلام ويشاركها الرأي الدكتور سعيد أبو الفتوح أستاذ ورئيس قسم الشريعة بكلية الحقوق جامعة عين شمس قائلا: أن الله تعالي مدح أهل الايمان والصلاح مسارعتهم وتنافسهم دائما علي فعل الخيرات وما فيه صلاح البشرية كلها فقال تعالي: "أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون". مؤكدا ان العلماء من المفترض أن يكونوا أولي الناس باتباع هذا المنهج. وأن يكون تنافسهم لبيان الحق الذي تسانده النصوص الشرعية والصحيحة. دون التأثر بأي عوامل أخري سواء كانت هذه العوامل تصب في هذف سياسي أو للتقرب للحاكم أو غير ذلك من الأمور التي تؤثر علي الاختلاف بينهم. لأن الحق هو القيمة الأولي التي يجب أن يتوخاها كل عالم حينما يتصدي لأمر معين. وحذر أبو الفتوح من الخروج عن أدب الاختلاف. مما يمثل اساءة للعلماء ويجعلهم قدوة سيئة لبقية طوائف المجتمع ويهز من صورتهم. فضلا عن ان الناس سوف يتشتتون في معرفة الحكم الشرعي لتمسك كل عالم برأيه دون أن يتنازل عنه مع انه في قرارة نفسه قد يكون مقتنعا برأي الآخر. مع تأكيده ان المنافسة غير الشريفة قد تولد الحقد والغضب تدفعه الي عدم قبول الحق والي الثبات علي رأيه والتمادي فيه دون الرجوع الي الصواب. الا انه يري أن الالتزام بأدب وأخلاق الاسلام في الحوار بين العلماء يكون نصرة لدينه وإعلاء لكلمة الحق. اعتراف بالآخر أكد الدكتور مصطفي الدميري وكيل كلية أصول الدين بالزقازيق ان المنافسة علي أساس من الكتاب والسنة وخدمة الاسلام بعيدة عن الحقد والحسد محمودة ومطلوبة. علي أن تقوم علي الاعتراف بالآخر والأدب معه وذكره بما يستحق واعطائه حقه. وقال: عندما تتم علي الأسس الشرعية للوصول الي تحقيق أهداف اسلامية معينة. كالمنافسة علي عمادة كلية أو جمعية اسلامية أو غيرها من الأعمال التي يتصدي لها الفرد لخدمة دينه. جائزة شرعا. لأن الطرفين يتنافسان من أجل الخير بعيدا عن المصلحة الشخصية. وأبدي انزعاجه أن تسود ثقافة التلاسن والتنابذ بالألفاظ بين العلماء وبعضهم البعض وبين أنصارهم. مطالبا الجميع بتفويت الفرصة علي من يهدف لاستغلال ذلك في الاساءة الي الاسلام والمسلمين مشددا علي أهمية الوحدة بين العلماء في هذا الوقت. قال تعالي: "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا". وقال تعالي: "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم" وقال تعالي: "ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتهم البيانات" وقال تعالي: "أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه". فأوامر بالاعتصام بحبل الله تعالي واقامة دينه مقرونة بالنهي عن التفرق والنزاع مع التنبيه الي النتائج الحتمية المتمثلة في الفشل الذي يعني العجز عن الوصول الي غاية معينة وهنا يكون فشل الأمة وعجزها عن القيام بوظيفتها في هداية البشر والخلافة الراشدة في الأرض. وقال صلي الله عليه وسلم "لا تقاطعوا وتدابروا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله اخوانا". ضوابط شرعية وأكد الدكتور محمد عبدالغني شامة الأستاذ بجامعة الأزهر وعضو المجلس الأعلي للشئون الاسلامية ان الاختلاف بين أهل الحق سائغ وواقع. ومادام في حدود الشريعة وضوابطها فانه لا يكون مذموما بل يكون ممدوحا ومصدرا من مصادر الإثراء الفكري ووسيلة للوصول الي القرار الصائب. مشيرا الي أن المشكلة تبدأ عندما يدخل الهوي والمصلحة الشخصية. التي يجب علي كل ذي دين وعقل أن يجتنبها. وأضاف: من حق أي انسان أن يعرض رأيه ووجهة نظره. ولكن ليس من حقه أن يتناول الآخرين بالهمز واللمز وهكذا تكون المنافسة الشريفة. وما عداها افتئات علي الواقع وانسلاخ عن قيمنا وشريعتنا. مشيرا الي ان الاسلام علمنا حدود الاختلاف الذي هو رحمة. حتي المجادلة فيجب أن تكون بالتي هي أحسن. أدب التنافس ويري الدكتور أحمد محمود كريمة أستاذ الشريعة ورئيس مؤسسة التآلف بين الناس الخيرية. ان هناك من لم يفهم أدب السلف الصالح. ولم يعرف منهجهم. مشددا علي إحياء روح التسامح. واحسان الظن وعدم التنابز بالألقاب وعدم تخطئة الآخر. وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه: "كلامي صواب يحتمل الخطأ وكلام الخصم خطأ يحتمل الصواب". مشيرا الي أن النبي صلي الله عليه وسلم علم أصحابه الأدب في كل شيء. حيث قال صلي الله عليه وسلم "الحكمة ضآلة المؤمن وأحق بها ان وجدها وقال "لا تحاسدوا. ولا تناشجوا. ولا تباغضوا. ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا".