أعلن الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر تأييد الأزهر بعلمائه ومفكريه لكل حركات التحرر الوطني التي تقودها الشعوب العربية ضد أنظمتها التي خالفت العقد الذي يربط النظام الحاكم بالمحكومين . وتلا شيخ الازهر في مؤتمر صحفي عقده الإثنين بمقر مشيخة الازهر بيان الأزهر لدعم إرادة الشعوب العربية والذي أكد من خلاله ضرورة أن تعتمدُ شرعية السُّلطة الحاكمة من الوجهة الدينية والدستورية علي رضا الشُّعوب. واختيارها الحرّ. من خلال اقتراع عَلَنِيّي يَتمُّ في نزاهة وشفافية ديموقراطية. باعتباره البديل العصري المنظِّم لما سبقت به تقاليد البَيْعَة الإسلامية الرّشيدة. وطبقًا لتطوُّر نُظُم الحكْم وإجراءاته في الدّولة الحديثة والمعاصرة. وما استقرَّ عليه العُرف الدستوري من توزيع السُّلُطات التشريعية والتنفيذية والقضائية. والفصل الحاسم بينها. ومن ضبط وسائل الرّقابة والمساءلة والمحاسبة. بحيث تكون الأمّة هي مصدر السُّلطات جميعًا. ومانحة الشرعية وسالبتها عند الضرورة. وقد دَرَجَ كثيرى من الحكّام علي تعزيز سلطتهم المطلقة مُتشبِّثينَ بفهم مبتور للآية القرآنية الكريمة: "و أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ"4/59 متجاهلين سِيَاقَها الواضح الصريح في قوله تعالي قبل ذلك في الآية التي تسبق هذه الآية مباشرة: ¢ "إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَي أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ" 22/58 ممّا يجعل الإخلال بشروط أمانة الحكْم وعَدَم إقامة العدل فيه مُسَوِّغًا شرعيًّا لمطالبة الشعوب حكامهم بإقامة العدل. ومقاومة الظلم والاستبداد. أضاف الإمام الأكبر أنه عندما يرتفع صوت المعارضة الوطنية الشعبية والاحتجاج السِّلميّ. الذي هو حقّى أصيلى للشُعوب لتقويم الحكّام وترشيدهم. ثم لا يستجيب الحكّام لنداء شعوبهم. ولا يُبادرونَ بالإصلاحات المطلوبة. . فإن هؤلاء المعارضين الوطنيين لا يُعَدُّون من قَبيل البُغاة أبَدًا. وإنّما البُغاة هم الّذين تحدَّدت أوصافُهم فِقهيًا بامتلاك الشَّوكة والانعزال عن الأمَّة. ورَفع الأسلحة في مواجهة مخالفيهم. والإفساد في الأرض بالقُوّة ولابد أن يعي الجميع أن انتهاكُ حرمة الدَّم المعصوم هو الخطّ الفاصل بين شرعية الحكم وسقوطه في الإثم والعدوان. مطالبا الجيوش المنظّمة - في أوطاننا كلِّها - في هذه الأحوال أن تلتزم بواجباتها الدّستورية في حماية الأوطان من الخارج. ولا تتحوّل إلي أدواتي للقمع وإرهاب المواطنين وسفك دمائهم» فإنه¢ "مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسي أَوْ فَسَادي فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا" 5/.32 أحذروا الفتنة والاستقواء بالخارج وطالب بيان الأزهر قوي الثورة والتّجديد والإصلاح أن تبتعد كليًا عن كل ما يؤدي إلي إراقة الدماء. وعن الاستقواء بالقوي الخارجية أيًا كان مصدرها وتفادي النزاعات الطائفية أو العرقية أو المذهبية أو الدينية. حِفاظًا علي نسيجها الوطني. واحترامًا لحقوق المواطنة. وأضاف شيخ الأزهر أن علماء الأزهر وقادة الفكر والثقافة يُعلنونَ مناصرتهم التّامة لإرادة الشعوب العربية في التجديد والاصلاح ومجتمع الحرية والعدالة الاجتماعية والتي انتصرت في تونس ومصر وليبيا. ولا تزال محتدمة في سوريا واليمن. ويدينون آلات القمع الوحشية التي تُحاول إطفاء جذوتها. ويَهيبونَ بالمجتمع العربي والإسلامي أن يتّخذ مبادرات حاسمةً وفعّالة لتأمين نجاحها بأقلِّ قَدْري من الخسائر. تأكيدًا لحقِّ الشُعوب المطلق في اختيار الحُكّام. وواجبِها في تقويمهم مَنعًا للطُّغيان والفساد والاستغلال. فشرعيّةُ أيّة سُلطةي مرهونةى بإرادة الشّعب. وحقّ المعارضة الوطنيّة السّلمية غير المسلحة مكفولى في التّشريع الإسلامي في وجوب رفع الضّرَر. فضلاً عن كونه من صميم حقوق الإنسان في المواثيق الدّولية جميعًا. وناشد النّظم العربيّة والإسلاميّة الحاكمة يناشدونهم الحرص علي المبادرة إلي تحقيق الإصلاح السياسي والاجتماعي والدستوري طَوْعًا. والبَدْء في خَطَوات التّحوُّل الدِّيمقراطي. فصَحْوَةُ الشّعوب المضطهدة قادمة لا محالةَ. وليس بوسع حاكمي الآنَ أن يحجبَ عن شعبه شمس الحريّة. ومِن العار أن تظلَّ المنطقة العربية وبعض الدول الإسلامية قابعة دون سائر بلاد العالم في دائرة التّخلُّف والقَهْر والطُّغيان. وأن يُنسَبَ ذلك ظُلمًا وزورًا إلي الإسلام وثقافته البريئة من هذا البُهتان.