كذا فليجل الخطب وليقدح الأمر وليس لعين لم يفض دمعها غدر أي عين لا تدمع. وأي قلب لا يخشع. وقد ذوي ذلك الغصن المثمر الجليل. والذي كان في زهرة شبابه الجميل. يعد من كبار رجال الأمة والرجال قليل. وظل يعلو ويرتفع الي ان بلغ الرابعة والتسعين من عمره لم يتوقف قلمه وعقله يوما في الدفاع عن أدب الأمة وتراثها وحضارتها السامقة الي أن حان يوم القطاف المحتوم. إنها كلمات تبثها النفس المحبة لعالم وصف في حياته بأنه صاحب الحسنات الطيبات والأعمال الباهرات. عالم أوقف من يسمونهم بالكبار عند حدودهم عندما حاولوا مجرد المحاولة الإساءات الي دينهم تحت مسمي "الابداع" فقرع الحجة بالحجة وأفحم أقوالهم وهزمها بالمنطق والبرهان. وانه عالمنا الراحل عن دنيانا الأستاذ الدكتور "مصطفي الشكعة" العميد الأسبق لكلية الآداب جامعة عين شمس وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف صاحب الدراسات العملاقة والفكر المستنير. فهو وان مات بفقد حياته المادية. فإن علمه وأعماله الأدبية تبشرنا له بالحياة العليا والسعادة الأبدية. ونحن وإن كما فقدنا ذاته ومشاهدة طلعته المنيرة فإن ذكراه باقية بين طلابه ومحبيه محفوظة في السريرة. بل ان كتبه وأبحاثه ستخلد له سجلات التاريخ أبيض الصحف. فيقتدي بها الأبناء ويتوارثونها خلفا عن سلف. إن مصر التي أنجبت هؤلاء الأعلام. والتي تعيش عهدا جديدا بعد ثورتها المباركة. سوف تعود من جديد لتبكي فلذات أكبادها من العلماء والمفكرين والنابغين. بعد ان غيبهم الظلاميون عن الساحة أحياء وأمواتا. فقد كان الناس لا يحسون في عهد اللصوص مجرد الإحساس بغياب أهل الفضل عندما يرحلون. لأن الرثاء لم يكن إلا لفنان مخمور أو فنانة اعتادت الميوعة والفجور. أو لرياضي لم يقدم فرحة لوطنه ولا للجمهور. وماعداهم من فلاسفة ومفكرين وعلماء ومثقفين في شتي المجالات كانوا مغيبين عن الساحة الإعلامية في حياتهم وعن مجرد النعي في صحافة الدولة ولو بنصف سطر بعد رحيلهم!! فلتعد مصر لتكريم أبنائها الأوفياء من العلماء والأدباء ولتقول لكل راحل منهم: اليوم تبكيك المنابر والمحابر والأقلام. ويرثيك من يعرف قدرك من الأنام. اليوم لا يطوي التاريخ صحائفك طيا. بل ستذكرك مصر ولا تنسي لك ما قدمته لها بكرة وعشيا. رحم الله ابن مصر البار بأدبها وتراثها. المحب لبقاعها وترابها الأستاذ العلامة الدكتور "الشكعة" صاحب "إسلام بلا مذاهب" و"بديع الزمان الهمذاني" وغيرهما من الدراسات العملاقة وتقبله في الصالحين وسلام علي العاملين المخلصين.