ما زال حديثنا موصولا عن ذكر الأمثلة علي ذلك الدس والافتراء علي الصوفية فنقول وبالله التوفيق: 2- كذلك دسوا علي الشيخ محيي الدين بن عربي رحمه الله. قال الشعراني: "كان - متقيداً بالكتاب والسنة ويقول: كل من رمي ميزان الشريعة من يده لحظة هلك" إلي أن قال: "وجميع ما عارض من كلامه ظاهر الشريعة. وما عليه الجمهور فهو مدسوس عليه كما أخبرني بذلك سيدي أبو طاهر المغربي. ثم أخرج لي نسخة الفتوحات المكّيّة التي قابلها علي نسخة الشيخ التي بخطه في مدينة قونية. فلم ير فيها شيئاً مما كنت توقفت فيه وحذفته حين اختصرت الفتوحات" كما جاء في اليواقيت والجواهر ج 1 ص9. وذكر العلامة ابن عابدين الفقيه الحنفي وصاحب أكبر موسوعة في الفقه الحنفي: أن الراجح عنده بالنسبة لما ورد في كتب الشيخ محي الدين بن عربي مما يخالف الشرع بأنه مفتري عليه. ولذلك تجد نص عبارة الحصكفي صاحب الدر المختار ج 3 ص 303: "لكن الذي تيقنته أن بعض اليهود افتراها علي الشيخ قدّس الله سره". 3- بل إن ابن تيمية نفسه يعترف بالدس علي السيدة رابعة العدوية حيث يقول: "وأما ما ذكر عن رابعة عن قولها عن البيت إنه الصنم المعبود في الأرض فهو كذب علي رابعة المؤمنة التقية.." وذلك في كتاب "مجموعة الرسائل والمسائل" لابن تيمية ج 1 ص 80. شهادة علماء الإسلام: إن فراخ المعادين للصوفية في اعتراضهم علي الصوفية خالفوا إجماع علماء الإسلام في ذلك. وها نحن نضع بين أيديهم شهادة علماء الأمة الإسلامية لمنهج التصوف ولسلوك الصوفية. ونبدأهم بالأئمة الأربعة لعلم الفقه. وهم تلاميذ مباشرون أو غير مباشرين لإمام الأئمة سيدي جعفر الصادق. 1- نقل الفقيه الحنفي الحصكفي صاحب الدر المختار أن أبا علي الدقاق رحمه الله تعالي قال: أنا أخذت هذه الطريقة من أبي القاسم النصر آباذي. وقال أبو القاسم: أنا أخذتها من الشبلي. وهو من السري السقطي. وهو من معروف الكرخي. وهو من داود الطائي. وهو أخذ العلم والطريقة من أبي حنيفة. وكل منهم أثني عليه وأقر بفضله. ثم قال صاحب الدر معلقاً: فيا عجبا لك يا أخي ألم يكن لك أسوة حسنة في هؤلاء السادات الكبار؟ أكانوا متهمين في هذا الإقرار والافتخار. وهم أئمة هذه الطريقة وأرباب الشريعة والحقيقة؟ ومن بعدهم في هذا الأمر فلهم تبع. وكل ما خالف ما اعتمدوه مردود مبتدع. وذلك في كتاب الدر المختار ج 1 ص 43 وعليه حاشية ابن عابدين. 2- وقال الإمام مالك: - من تفقّه ولم يتصوّف فقد تفسّق. ومن تصوّف ولم يتفقّه فقد تزندّق. ومن جمع بينهما فقد تحقّق" وذلك في كتاب "الشفا للقاضي عيّاض" شرح ملا علي القاري ج 5 ص 408. وذكرها أيضاً في كتابه "عين العلم وزين الحلم" ج 1 ص 33. ونقلها كذلك العلامة العدوي علي شرح الإمام أبي الحسن في الفقه المالكي ج 2 ص 195. 3- وجاء عن الإمام الشافعي قوله: "حبب إليَّ من دنياكم ثلاث: ترك التكلف. وعشرة الخلق بالتلطف. والاقتداء بطريق أهل التصوف" وذلك في كتاب: "كشف الخفا ومزيل الإلباس فيما اشتهر من الأحاديث علي ألسنة الناس" للعجلوني ج 1 ص 341. 4- ونقل العلامة محمد السفاريني الحنبلي عن إبراهيم بن عبد الله القلانسي أن الإمام أحمد بن حنبل قال عن الصوفية: "لا أعلم أقواماً أفضل منهم. قيل: إنهم يستمعون ويتواجدون؟ قال: دعوهم يفرحوا مع الله ساعة". وهذا في كتاب: غذاء الألباب شرح منظومة الآداب ج 1 ص 120. فهذه أقوال الأئمة الأربعة - رضي الله تعالي عنهم - في بيان فضل علم التصوف ومنزلة السادة الصوفية في الإسلام. وفي العدد القادم بإذن الله تعالي نواصل ذكر بقية آراء العلماء في الصوفية.