تعاني مصر نقصا كبيرا في الأدوية يهدد حياة العديد من المواطنين، حتي أصبحت مصانع الأدوية مهددة بإقفال أبوابها بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج، وتأتي الأزمة علي حساب المواطن البسيط الذي لايجد بديلا عن الأدوية محلية الصنع سوي نظيرها المستورد ومرتفعة الأثمان علي الجانب الآخر، الأزمة وصلت إلي مستحضرات التجميل التي باتت تعاني من نقص شديد في الأسواق . ولا يزال أكثر من 70٪ من مستشفيات وزارة الصحة، التي يتردد عليها نحو 30 مليون مواطن، تعاني نقص الأدوية، ما أدي إلي حالات وفاة بينهم أطفال. وتعتبر نقابة الصيادلة أن إنهاء أزمة نقص الأدوية في مصر يعتمد علي إنشاء "هيئة مستقلة للدواء" منفصلة تماما عن وزارة الصحة لأن الوزارة برأيها تشكل أكبر عائق لصناعة الأدوية في البلاد، وتسعي النقابة في الفترة المقبلة إلي رفع أسعار بعض الأدوية، معتبرة أن هذه الخطوة ستوفر الأدوية بشكل مناسب للمريض، وبما يلائم تكلفة الإنتاج. استطلعنا آراء المواطنين حول أزمة الدواء في مصر، في البداية، يقول عم إبراهيم محمد (50عاما) إن هناك العديد من الأدوية التي تعاني نقصا داخل الأسواق ، خاصة البنسلين بالأسواق علي الرغم من أن وزارة الصحة تنكر الأزمة إلا أن الأزمة كبيرة ومتفاقمة، كما أن أغلب مرضي الروماتيزم يعانون أثناء الحصول عليه. بينما يقول محمد حسين (46 عاما) إن العديد من العوامل ساهمت في تفاقم أزمة الأدوية، خاصة توقف خطوط إنتاج بعض الشركات نتيجة خسارتها، جراء زيادة تكلفة إنتاج عدد من المستحضرات، بالإضافة إلي ارتفاع سعر الدولار الذي لا يمكن العديد من المصانع المحلية من استيراد بعض المكونات الرئيسية لصنع الأدوية. ولعل من أبرز الأدوية التي اختفت من السوق المصري عقار"يوثاريروكس" لعلاج الغدة الدرقية، و"تيبونينا فورت" أقراص لتحسين القدرة الذهنية ومثيله "تاناكان" أقراص، "إسينشيال فورت" لتحسين وظائف الكبد، "كونترولوك" لقرحة المعدة ومثيله بانتوبرازول، وغيرها من الأدوية المتعلقة بعلاج القولون العصبي والتقرحي والحموضة وعلاج تجلط الدم، وأمراض القلب "بيتالوك" ومثيله "لو برس 100 مجم" أقراص وضغط الدم المرتفع، والأمراض النفسية، وعلاج السكر "سيدوفاج 1000 مجم"، "وبون وان" لعلاج العظام والكساح، و"الجازون" لآلام العظام، و"سيدالاك" ملين، و"أنتينال" مطهر معوي وللإسهال ومثيله "دياكس"، و"ريتاربن بنسلين" طويل المفعول ومثيله "ديبوبن فيال"، و"روسيفين" مضاد حيوي ومثيله "سيفاكسون" كما اختفي أيضاً عقار "ميكوناز أورال" جيل لعلاج عدوي العين ومثيله "تروميسين" مرهم عين، و"ميفنكول" مرهم عين، وبديله "إيزبتوفينيكول" قطرة عين، و"بريزولين" قطرة لحساسية العين وبديلها "نافكون" قطرة، و"إيزوبتو كاربين" 2 لعلاج ارتفاع ضغط العين ومثيله "أوكيو كاربين 2 قطرة عين، و"أبيكسول" لضغط العين المرتفع، و"الجلوكوما" ومثيله "بيتوبتيك" قطرة واختفي أيضاً عقار "أوتريفين" نقط لاحتقان الأنف وبديله "أوكسيمت"، و"كومبيفنت" بخاخ لعلاج الأمراض الصدرية و"كلينيل كومبوزيتم" بخاخ ، "بيسولفون" مذيب للبلغم، و"كومتريكس" أقراص لنزلات البرد والانفلونزا وأقراص "نايت أند داي" وأقراص، و"نوفلو" أقراص، و"أفيل ريتارد" مضاد للحساسية وبديلها ،"لوكاكورتين" كريم مضاد للالتهابات موضعي، و"فيوسيدين" مضاد حيوي موضعي ومثيله "فيوسي توب كريم". يعلق الدكتور أحمد عبداللاه، (صيدلي) قائلا هناك نقص في عدد كبير من الأصناف مستمر منذ شهور عدة تزيد عن الثلاثة أشهر، بسبب إيقاف خطوط إنتاج هذه الأدوية بسبب المشاكل في المادة الخام التي تدخل في تركيب الدواء. وتأتي أغلب الادوية المختفية من السوق مثل أتروبين، دوبامين، أدرينالين، أفدرين، بالمأساة وهي خاصة بعلاج أمراض الجهاز العصبي وتستخدم بكثرة في العمليات الجراحية ولا يوجد لها بدائل، هذا بالإضافة إلي سكسبنل كولين، وكلوريد بوتاسيوم، وبيكربونات صوديوم كما يؤكد الدكتور عمرو عبدالعال (صيدلي) أن شراء الأدوية المستورد كحل وحيد أمامهم الذي يصل إلي أكثر من 10 أضعاف السعر، مضيفًا أن العدد الأكبر من الأدوية تتسبب في مشاكل خاصة بعمليات الأطفال. وقد اتهمت نقابة الصيادلة الشركات متعددة الجنسيات بالوقوف خلف أزمة نقص الأدوية في الأسواق المصرية مشيرة إلي أن الأزمة ترجع إلي وجود صعوبات في استيراد الدواء لرفض الشركات الأجنبية التوريد لمصر بالأجل وطلبها المبالغ نقدا. وقال الدكتور أحمد رامي نقيب الصيادلة بمحافظة القليوبية إن هذه الأزمة مبالغ فيها وتقف وراءها الشركات متعددة الجنسيات كنوع من الضغط لرفع أسعار الدواء، خاصة بعدما ظهر توجه الوزارة في دعم صناعة الدواء الوطنية من خلال تصريح الدكتور أيمن الخطيب مساعد وزير الصحة ان الوزارة قررت التوجه إلي الاعتماد علي المنتجات الدوائية المصرية وأضاف أن الشركات تعلل رفع سعر الدواء بزيادة الأعباء الجمركية علي المواد الخام، والتي لاتمثل سوي 30٪ فقط من تكاليف صناعة الدواء، مؤكدا أن أسعار المواد الخام لم تزد عن العام الماضي سوي أقل القليل وشدد علي ان ماتردد عن عدم وجود بدائل لهذه المستحضرات، لفظ غير مهني لأنه لا يوجد دواء في مصر أو في العالم إلا وله بديل، مكون من نفس التركيبة "مثيل" أو بديل مكون من تركيبة أخري، وكلاهما يقوم بنفس الوظيفة العلاجية، مؤكدا انهم حريصون علي كتابة الدواء بالاسم العلمي. أضاف: علي الحكومة واجب قانوني، هو توفير جميع المستحضرات الطبية اللازمة والضرورية، وخاصة تلك التي يستخدمها قطاع عريض من الشعب المصري، مثل أدوية السرطان والسكر والحمي الروماتيزمية سواء عن طريق التصنيع في الداخل أو الاستيراد من الخارج. في حين قالت »حملة صيدلي« إنه مما لاشك فيه أن مصر تمر حاليا بأزمة طاحنة لم تسبق لها مثيل تتمثل في غياب أصناف دوائية كثيرة من السوق المحلية توجد عدة أسباب تسببت في هذه الأزمة والتي ظهرت بعد ثورة 25 يناير من أهمها تراجع الاقتصاد والذي أدي إلي انخفاض التصنيف الائتماني لمصر، مما جعل الشركات الموردة للخامات لاتورد الخامات للشركات المصرية إلا بعد دفع ثمن الخامات مقدما، بعكس ماكان يحدث قبل الثورة، ونظرا لعدم وجود السيولة الكافية لدي الشركات، قل استيرادها للخامات ومن ثم قل إنتاجها للأدوية المحلية. أيضا لجوء بعض الشركات إلي أسلوب الضغط علي وزارة الصحة من أجل زيادة أسعار مستحضراتها ، كذلك اضطرار الشركات إلي تلبية حاجيات السوق الخارجية لارتباطها بعقود تصدير أدوية للخارج. بينما قال الدكتور محسن عبد العليم رئيس قطاع الصيدلة بوزارة الصحة إن حل أزمة الدواء يتمثل في رفع ميزانية وزارة الصحة لتوفير الدواء وعمل مظلة شاملة للتأمين الصحي. وأضاف عبد العليم أن الدواء المصري هو الأقل سعرا علي مستوي العالم حتي الآن ، وأفاد بأن الدواء المستورد كان يأتي إلي مصر بناء علي أقل سعر في قائمة تضم 36 دولة. تابع: إذا استمر زيادة سعر العملة بنسبة 15٪ خلال عام سيتم إعادة النظر في سعر الدواء وزيادته وتغير سعر العملة بالزيادة أو النقصان بنسبة 15٪ لمدة عام يؤدي لتغير سعر الدواء إما بالزيادة أو النقصان وأول من ننظر إليه في تسعير الدواء هو المريض مشيرا إلي أن الأولوية ونصيب الأسد في دعم سعر الدواء يوجه للمواطن الذي لا يملك مظلة تأمينية. وفي السياق ذاته قال الدكتور وائل هلال أمين عام مساعد نقابة الصيادلة: قرار التسعير صدر عام 2012 ووجهة نظرنا كانت تأييد القرار لتحقيقه عددا من الفوائد، موضحا أن قرار التسعير يوفر حياة كريمة للصيدلة وهو هامش ربحه لم يتغير منذ 30 عاما كما أنه حسن من وضع الموزع ويزيد من أرباح الشركات الوطنية ويمكن الحديث حول صعوبات التطبيق. وقال الدكتور محمد اشرف (من غرفة مصنعي الأدوية): نحتاج من الدولة أن تدعم منظومة الدواء بشكل كامل للحفاظ علي أسعار الدواء بالنسبة للمواطن.