مأمون غريب الشاعرة الخنساء.. هي أشهر شاعرة في الجاهلية والإسلام، واسمها الحقيقي تماضر بنت عمرو بن الحارث بن الشريد. وقد اشتهرت الخنساء برثائها لأخيها صخر، وأصبح هذا الرثاء يردده الناس بكل إعجاب، واعتراف بشاعرية هائلة، وطاقة شعرية ضخمة كانت تمتلكها الخنساء، فهي التي قالت في رثاء أخيها صخر: فلولا كثرة الباكين حولي علي أخوانهم لقتلت نفسي ومايكون مثل أخي ولكن أعزي النفس عنه بالتأسي يذكرني طلوع الشمس ضخرا وأذكره لكل غروب شمس وقد أسلمت مع قومها من بني سليم، وكان الرسول الكريم([) يعجب بشعرها، وعندما كانت تنشده الشعر يقول لها: هيه يا خناس، ويومئ بيده ([) والشعر الجميل يصل إلي القلوب فيحركها، ويصل إلي العقول فيجعلها تتأمل ما في الحياة من متناقضات، ومن جمال أيضا. والإسلام لم يحرم الشعر، بل كان الرسول الكريم([) يعجب بالشعر الجيد، ولكنه كان ينهي عن الشعر الذي يتنافي مع القيم الإسلامية. والقرآن الكريم عندما قال: والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون مالا يفعلون.. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعدما ظلموا).. فالقرآن يهاجم شعراء المشركين الذين كانوا يهجون الرسول([9 ويهاجمون دعوته، ولم يهاجم الشعر من حيث هو شعر كما يقول الدكتور شوقي ضيف.. إنما هاجم شعرا بعينه كان يؤذي الله ورسوله، وهو نفسه الذي قال فيه الرسول الكريم([): (لان يمتليء جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتليء شعرا).. أما بعد ذلك فإن الرسول([) كان يعجب بالشعر ويقول حين يسمع بعض روائعه: إن من البيان لسحرا وإن من الشعر لحكما أو حكمة. وكانت الخنساء لشعرها مكانة عند الرسول الكريم([)، وقد عاشت هذه الشاعرة حتي خلافة عمر بن الخطاب، ومعروف أن هذه الشاعرة التي رثت أخاها أجمل أشعار الرثاء، أنها شجعت أبنائها الأربعة لخوض الحرب في معركة القادسية ضد الفرس، وعندما استشهدوا في هذه المعركة قالت: الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته.