(أزمة المياه) قد تكون بدون مبالغة السبب في اندلاع الحرب العالمية الثالثة.. وفي اندلاعها فناء للعالم بسبب الأسلحة الحديثة المتطورة التي سوف تستخدم فيها.. العطش سوف يحاصر الكرة الأرضية.. وليس في أفريقيا فقط.. ولذا فكل بلدان العالم في أنحاء المعمورة يفعلون المستحيل للمحافظة علي نقطة المياه.. واللجوء إلي تحلية مياه البحار.. خوفا من العطش والجفاف.. وبوار الأرض. ونحن في مصر أهدرنا حقنا في مياه النيل.. أهدرنا حقنا يوم ضيعنا أفريقيا وبعناها بأبخس ثمن، يوم أن تعالينا علي أبناء القارة السوداء.. ولم نعد نهتم بهم، وقطعنا.. وقضينا علي كل تواصل بيننا وبينهم بسبب سياسات غبية.. يوم فكرنا أن نلغي كل الإذاعات الموجهة لهذه القارة بلغات ولهجات متعددة بحجة التوفير.. وكانت هذه الإذاعات تلعب دورا هاما في التواصل فقدناه ببساطة.. ولم يستمع أحدللأصوات العاقلة التي كانت تحذر من مغبة وقع هذا الأمر ونتائجه. وهذه القارة السوداء المهضومة حقوقها.. مليئة بالخيرات والثروات لكنها بليت وابتليت بالمستعمرين.. والحروب الأهلية والقبلية التي تشاركت مع الفقر والمرض والجهل لكي تظل فقط مجرد (وعاء) يغترف الآخرون منه.. بينما أهلها يعانون العطش والجوع محاصرون بكل عناصر الفناء. وسط ظلمات هذه القارة تبرز مواهب وأشعة من النور تحاول أن تخترق الظلام لتبزغ أسماء لأبنائها في العديد من المجالات الأدبية والفنية. ولعل السينما واحدة من الأنشطة التي تحاول أن تجد لنفسها مكانا علي الخريطة العالممية.. ومن هذه الأرض المخضبة بالدماء.. خرج (عتمان سامبيني) ومحمد صالح هارون وآخرون قلائل غيرهم عددهم ليس بالكثير لكنهم استطاعوا أن يفرضوا موهبتهم علي العالم. وفي دورة مهرجان كان ال 66 هذا العام تم عرض فيلم (جرجريس) للمخرج محمد صالح هارون وهو إنتاج مشترك مابين فرنسا وتشاد.. وبطولة كل من سليمان ديمي.. وأنياس مورنيه وسيريل جيه. الفيلم يروي قصة الحلم المستحيل المبتور لأسباب خارجة عن إرادتنا التي تجعلنا نتخلي عن أحلامنا التي هي أجمل ما نمتلكها.. وفي التنازل عنها ما يجعلنا في حالة (موات) وما أصعب أن يكون الإنساني (ميتا) وهو (حي). (جرجريس) رغم إن لديه (شللا) بإحدي ساقيه.. إلا أن حلمه أن يكون راقصا.. وهذا هو قمة التحدي بالنسبة له.. هذا الحلم يتحطم علي صخرة واقع أليم ومرير عندما يسقط عمه مريضا ومن أجل إنقاذه.. لايجد أمامه سوي أن يعمل في تهريب (الوقود).. ومن خلال ذلك يستعرض حياة المهمشين من أهالي هذه الأرض الجدباء).. رغم الخيرات التي تحيط بها.. خاصة عندما يلتقي ب(ميمي) التي كانت تحلم أيضا بأن تكون عارضة أزياء.. لكن الظروف اضطرتها لأن تصبح (داعرة) وتئد حلمها من أجل أن تجد لقمة العيش. محمد صالح هارون كان يريد منذ فترة تقديم فيلم عن تجارة وتهريب الوقود.. وحدث إنه منذ عامين حضر مهرجان (فيسيايكو) السينمائي ب»واجادوجو« وشاهد عرضا للفنان سليمان ديميه وهو راقص معاق في ساقه اليسري.. ويومها شعر بانبهار شديد تجاه هذه الشخصية.. وكان أن أخذ جزءا من الحقيقة ليمزجها مع واقع فيلمه. ورغم أن الفيلم متوسط المستوي.. إلا أنه صورة صادقة.. لكل مدينة في أفريقيا. فينوس .. ومباراة رائعة في التمثيل نجح المخرج البولندي القدير (رومان بولانسكي) في أن يجعلنا نستمتع طوال مدة عرض فيلمه الأخير (فينوس بالفرو).. وذلك من خلال مباراة رائعة في التمثيل والأداء بين بطلي فيلمه اللذين اقتصر عليهما الفيلم.. الفنانة القديرة إيمانويل سينيه.. وماتيو أمانريك .. هذه المباراة الرائعة في التمثيل لم تجعلنا نشعر دقيقة بالملل في الفيلم المأخوذ عن مسرحية تحمل نفس الاسم (دافيدايف) هذه المسرحية أعطاها له وكيل أعماله جيف برج عندما أعطاه في العام الماضي وفي نفس التوقيت مخطوط المسرحية.. وذلك أثناء حضوره المهرجان لحضور عرض فيلمه (نيس) بعد ترميمه. ويقول رومان أن جيف عندما أعطاه المسرحية صعد مباشرة إلي غرفته ليقرأها.. وأخذ قرارا فوريا بتحويلها إلي فيلم سينمائي. بولانسكي تم تصوير فيلمه بكاميرا واحدة.. وديكور لايتغير.. فهو يروي قصة مخرج مسرحي يجري اختبارا للبحث عن ممثلة تقوم بدور البطولة في مسرحيته الجديدة.. ويفقد الأمل في العثور عليها.. إلي أن تأتي ممثلة، يرفض أن يعطيها فرصة في البداية خاصة أن مظهرها وطريقة حوارها تبدوان مبتذلتين.. إلا أنه أمام إصرارها.. يوافق علي إجراء الاختبار.. فتدهشه بتمكنها من الدور والشخصيات التي عليها أن تؤديها.. وإنها مستعدة تماما لهذا سواء بإحضارها بعض الأكسسوارات.. والملابس التي أحضرتها معها. مضت فترة طويلة دون أن يقدم بولانسكي فيلما فرنسيا وفيه تعاون مع مدير (باول إيدلمان).. مشوار حياة (بولانسكي) بدأه منذ كان في الرابعة عشرة من عمره حيث عمل في الإذاعة ممثلا.. ثم أعطاه المخرج القدير (أندريه اجدا) الفرصة للمشاركة في بطولة أفلام سينمائية.. وكان مازال طالبا.. ليعمل بعد ذلك مع المخرج الفرنسي (جان ماري درو) وكان فيلمه الروائي الأولي (سكين في الهواء) عام 62 حصل علي جائزة مهرجان فينيسيا.. وأوسكار أحسن فيلم أجنبي. أمريكا.. الحلم الكاذب ستظل أمريكا دائما وأبدا (حلما) كاذبا.. تسمح لنفسها بالتدخل في أقدار ومصائر الشعوب.. بينما يعاني بعض من أبنائها المهاجرين إليها وخاصة الملونين وبالأخص الزنوج من معاملة سيئة وذلك دون الاستماع إلي أن أوباما رئيس أسود.. هو واحد فقط رئيس أسود بينما هناك آلاف وملايين من الزنوج يعانون وبشدة من اضطهاد عنصري بغيض لا لشيء إلا للونهم. لم يعد هنا عبيد.. أو تفرقة عنصرية كلام جميل شفهي فقط.. لكن التطبيق بعيد تماما عن النظرية.. التطبيق أسود لنظريات وردية. وهذ الفيلم مأخوذ عن واقعة تعود إلي عام 2009 ليلة رأس السنة عندما حدثت واقعة اعتداء مروع من قبل الشرطة علي بعض الزنوج من الشباب كانوا يحتفلون بليلة رأس السنة.. العنف وصل لحد قتل أحدهم .. (ريان كوجلر) مخرج الفيلم هو أيضا كاتب السيناريو لفيلم (محطة مترو فرونفال) بسان فرانسيسكو، وفيه تناول حياة الشاب (أوسكار جرانت) البالغ من العمر 22 عاما ويحتفل مع زوجته وأصدقائه بليلة رأس السنة.. إلا أن الأربع وعشرين ساعة التي سبقت مقتله شكلت فارقا كبيرا في حياته.