وزير العمل يوفر وظيفة لإحدى الفتيات من ذوي الهمم بالأقصر    الشناوي: الهيئة الوطنية للانتخابات نجحت في ترسيخ الثقة بين الدولة والمواطن    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة التظلمات في مسابقة «النقل النهري»    اليوم.. الكنيسة القبطية تستضيف اجتماع لجنة الإيمان والنظام بمجلس الكنائس العالمي    "مخاطر العنف والتنمر" ندوة توعوية ب"فنون تطبيقية بني سويف"    ميناء دمياط يستقبل 73590 طن قمح وذرة وحديد ب14 سفينة    محافظ الجيزة يشارك في مؤتمر إطلاق الاستراتيجية الوطنية للعمران    فرص عمل واستثمارات.. تفاصيل جولة مدبولي في مصنع «أوبو» بالعاشر    تركيب 213 وصلة مياه شرب نظيفة للأسر الأولى بالرعاية بقرى ومراكز أسوان    عاجل- قرارات جديدة من رئيس الوزراء.. تعرف على التفاصيل    محافظ الدقهلية يشدد على رئيس مدينة نبروه بتكثيف أعمال النظافة ومتابعتها ورفع كافة الإشغالات    الصين «تعارض» العقوبات الأمريكية الجديدة على النفط الروسي    عبور 87 شاحنة إماراتية محمّلة بالمساعدات إلى غزة خلال أسبوع    السعودية تدين وتستنكر مصادقة الكنيست بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية    أضرار جسيمة في منشآت الكهرباء والمياه بعد هجوم بطائرة مسيرة في السودان    الهلال الأحمر المصري يدفع بأكثر من 6 آلاف طن مساعدات إلى غزة عبر قافلة زاد العزة ال57    أسبوعان على وقف إطلاق النار.. بطء في دخول المساعدات وخروقات بالشجاعية وخان يونس    تقرير يكشف مستقبل محمد صلاح مع ليفربول    الاتحاد الأفريقي لتنس الطاولة: ما صدر عن عمر عصر سلوك سيئ ومؤسفٌ    جولر بعد الفوز على يوفنتوس: نُريد برشلونة    الزمالك يجهز شكوى لتنظيم الإعلام ضد نجم الأهلي السابق    محمد عبدالجليل ينتقد ييس توروب بسبب تغييراته    ننشر أسماء مصابي انحراف أتوبيس بطريق صحراوي قنا    حجز الحكم على البلوجر علياء قمرون بتهمة خدش الحياء العام ل29 أكتوبر    ضبط أكثر من 17 طن دقيق مدعم قبل استخدامه في أنشطة مخالفة    ضبط 4 سيدات لقيامهن بممارسة الأعمال المنافية للآداب بالإسكندرية    غلق كلي لكوبري الأزهر السفلي 3 أيام لتطويره بطبقة الإيبوكسي.. تفاصيل    «لنا لقاء عند الله».. أحمد السعدني يحيي ذكرى ميلاد والده    رانيا يوسف تكشف كواليس زواجها من المخرج أحمد جمال    جولة «بوابة أخبار اليوم» في معرض الفنون التشكيلية «بحبك يا مصر»    حنان مطاوع بعد فيديو والدها بالذكاء الاصطناعي: "اتصدمت لما شوفته وبلاش نصحي الجراح"    السادة الأفاضل.. انتصار: الفيلم أحلى مما توقعته ولا أخشى البطولة الجماعية    أحداث مثيرة في مسلسل «المدينة البعيدة» تكشف صراع جيهان وبوران    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في محافظة قنا    بدء تشغيل معمل الأسنان للتركيبات المتحركة بمستشفى نجع حمادي العام    خالد عبدالغفار: الصحة العامة حجر الزاوية في رؤية مصر للتنمية البشرية    إنجاز طبي جديد بعد إنقاذ مريض فلسطيني مصاب من قطاع غزة    الصحة توقع مذكرة تفاهم مع الجمعية المصرية لأمراض القلب لتعزيز الاستجابة السريعة لحالات توقف القلب المفاجئ    فاليري ماكورماك: مصر مثال عظيم في مكافحة السرطان والتحكم في الأمراض المزمنة    مصرع عامل سقط من أعلى سقالة فى المنوفية    مقتول مع الكشكول.. تلميذ الإسماعيلية: مشيت بأشلاء زميلى فى شنطة المدرسة    ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ دار الإفتاء تجيب    هل التدليك الطبى حرام وما حكم المساج فى الإسلام؟.. دار الإفتاء توضح    محمد صلاح.. تقارير إنجليزية تكشف سر جديد وراء أزمة حذف الصورة    إطلاق القطار السريع وافتتاح مشروعات كبرى.. أحداث هامة بمعرض TransMEA القادم    الاتحاد الأوروبى: تم حظر استيراد الغاز المسال الروسى    ستيفن وارنوك: ليفربول أثبت قدرته على الفوز دون محمد صلاح واستبعادُه قد يتكرر مستقبلاً    ميدو جابر يخضع اليوم لأشعة تشخيصيه على الركبة لتحديد حجم إصابته    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025    التعليم تحسم الجدل حول مستحقات معلمي الحصة بالقاهرة وتؤكد أحقيتهم في الصرف    بعد قليل.. "الوطنية للانتخابات" تعلن القائمة النهائية الرسمية لمرشحى مجلس النواب 2025    رئيس الوزراء يصدر قرارًا بإسقاط الجنسية المصرية عن شخصين    ليفربول يفك عقدته بخماسية في شباك آينتراخت فرانكفورت بدوري الأبطال    سيصلك مال لم تكن تتوقعه.. برج الدلو اليوم 23 أكتوبر    سعر الذهب اليوم الخميس 23-10-2025 بالصاغة.. وعيار 21 الآن بعد الانخفاض الكبير    علي الحجار يتأثر بغنائه «فلسطيني» في مهرجان الموسيقى العربية    داعية إسلامي: زيارة مقامات آل البيت عبادة تذكّر بالآخرة وتحتاج إلى أدب ووقار    مواقيت الصلاة في أسيوط غدا الخميس 23102025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



باق بأثر رجعي
الفساد.. ميراث دولة خرجت ولم تعد !
نشر في آخر ساعة يوم 11 - 06 - 2013

مازال الفساد يضرب مصر رغم مرور أكثر من عامين ونصف العام علي ثورة يناير 2011، التي علق عليها المصريون آمالا عريضة في انتهاء زمن الرشاوي والمحسوبية، فبحسب تقارير دولية تراجعت مصر أخيرا ستة مراكز علي المؤشر السنوي للشفافية لتحتل المركز 118 من بين 176 دولة حول العالم.
وهكذا سقطت دولة مبارك وبقيت دولة الفساد التي ورثها النظام الجديد بأثر رجعي، فتغول الفساد في المؤسسات الحكومية واستشري في المحليات، وضاق المثقفون ذرعا به ولم يبق سوي تقديم الحلول للقضاء علي هذا الغول وأبرزها ضرورة إنشاء هيئة مختصة في مواجهة الفساد ومكافحته.. التفاصيل في الملف التالي..
الفساد.. ميراث دولة خرجت ولم تعد!
اندلعت ثورة يناير 2011 بعد أن استفحل الفساد واستشري في كل قطاعات المجتمع وزادت نسب الرشاوي والمحسوبية مما جعل الكيل يطفح ويدفع الشباب لأن يقوموا بثورة لإسقاط مبارك ونظامه الفاسد وتم إجراء انتخابات حرة وجيء بالدكتور محمد مرسي رئيسا لمصر ولكن الغريب أنه بعد تلك الثورة ظلت معدلات الفساد كما هي بل إن منظمة الشفافية الدولية أكدت أن ثورات الربيع العربي لم تسفر عن عمل جاد لمكافحة الفساد وأن مصر تراجعت في القائمة العالمية الخاصة بالفساد في المؤسسات الرسمية.
علي مسئولية منظمة الشفافية الدولية:
الفساد مازال متفشيا في قطاعات الحكومة
علا نافع
وحسب المؤشر السنوي لمنظمة الشفافية الدولية للفساد فإن مصر تراجعت ستة مراكز لتستقر عند المركز 118 من بين 176 دولة وإلي الآن فإن مستويات الفساد مرتفعة كما هي ولم تكن تقارير »منظمة الشفافية« وحدها هي التي أكدت علي ارتفاع نسب الفساد بل إن التقرير الذي أعدته منظمة ملتقي الحوار للتنمية وحقوق الإنسان تلك المنظمة المجتمعية التي تهدف إلي متابعة ورصد التغيرات في المناحي الحياتية بكافة المحروسة، أكد أيضا علي ارتفاع نسب الفساد في كل قطاعات الدولة المختلفة كالصحة والمحليات وغيرها.
وبالرغم من أن النيابة الإدارية فتحت الباب علي مصراعيه لتلقي الشكاوي الخاصة بالفساد في قطاعات الحكومة وأطلقت خطا ساخنا لاستيعابها يحمل (رقم 71161) إلا أن الشباب الواعي هو الآخر آمن بضرورة تكاتف كل الجهات للقضاء علي تلك النسب المتفشية من فواتير الفساد فقام بتدشين العديد من الحملات علي الفيس بوك للإبلاغ عن أي واقعة فساد تضر بالصالح العام لتظهر حملة "امسك فساد"والتي أطلقها مجموعة من الشباب الواعي الذين لاينتمون إلي أي جهة رسمية وإنما يعملون بمبادرة شخصية منهم، وهم لاتتعدي أعمارهم الستة والعشرين عاما ولكنهم يمتلكون حماسة وهمة عالية يحسدون عليها وقد وصل أعضاء الحملة إلي أكثر من 1000عضو إلي الآن.
يقول الدكتور سعيد عبد الحافظ مدير منظمة ملتقي الحوار لحقوق الإنسان قمنا بإعداد تقرير ليكشف عن فاتورة الفساد بعد الثورة في جميع قطاعات الحكوة فوجدنا أن فاتورة الفساد وصل في قطاع الصحة إلي 64مليون جنيه وحوالي 496مليون جنيه في فساد المحليات ناهيك عن فساد وزارة الإعلام وماسبيرو الذي وصل إلي 9ملايين جنيه.
واذا كانت تلك الأموال قد استهلكت علي الفساد فإن الحملات الشبابية سالفة الذكر قد استهدفت الكشف عن مواطن هذا الفساد
"آخرساعة"حاورت أعضاء تلك الحملة واقتربت أكثر من نشاطاتهم وحملات الكشف عن الفساد التي تبنوها والنتائج التي توصلوا اليها خاصة بعد أن انتشروا في العديد من المحافظات؟
ما إن تدخل علي موقع الحملة حتي تجد عشرات البلاغات وحوادث الفساد التي تمت الإشارة إليها في الصفحة فهاهي إحدي الشكاوي المقدمة من عمال مطحن الأقصر الذين يشكون من مافيا تجارة النخالة بالمطحن والتي يقودها مدير المطحن والمدعو ياسر فوزي وإخوته الأربعة فهؤلاء الأفراد يقومون ببيع نخالة الدقيق إلي تجار السوق السوداء الذين يبيعونها بدورهم إلي الفلاحين بأسعار مبالغ فيها ليقوموا بخلطها مع الأعلاف ليقدموها إلي المواشي .
ولم تكن تلك الشكوي وحدها المقدمة إلي القائمين علي الصفحة فهناك استغاثة أخري من مهندسي محافظة الأقصر حول "سوبر مان"المحافظة علي حد قولهم وهو المهندس محسن مصطفي الذي يجمع بين عدة مناصب أولها أنه يعمل كمدير للتخطيط العمراني بالمحافظة إضافة إلي عمله كمدير لإدارة الشبكات وليس هذا فحسب بل أنه يشغل أيضا منصب مدير الصندوق الاجتماعي ليضرب بعرض الحائط كل القوانين والأعراف الاجتماعية.
ولم تكن محافظة الأقصر هي المحافظة الوحيدة التي نشطت بها تلك الحملة ففي جامعة أسيوط كشف العضو المالي والإداري بجامعة أسيوط جمال سيد عن حصول الدكتور مصطفي كمال رئيس جامعة أسيوط علي أموال غير مستحقة دون وجه حق وصلت إلي 336ألف جنيه شهرياً عبارة عن مكافآت من حساب الصناديق الخاصة بالجامعة والتي وصل عددها إلي 280 صندوقا بالمخالفة لقانون وزير المالية رقم (118) لسنة 2011 بشأن الصرف من حسابات الصناديق الخاصة والمشروعات بالمحافظات والجامعات.
خبراء يطالبون بإنشاء هيئة لمكافحة الفساد
خالد المسلماني
قامت ثورة يناير بالأساس لمكافحة الفساد الذي استشري في جميع مؤسسات الدولة، فقد كنا نعتقد اننا نستطيع التخلص منه سواء بتغيير القيادات أو القوانين، ولكن نظرا لتوغله في كافة قطاعات الدولة أصبح كأنه أمر واقع لامفر منه، ويبقي السؤال الأهم الآن: ماهي حلول الإصلاح ومكافحة الفساد.
يقول شحاتة محمد شحاتة مدير المركز العربي للنزاهة والشفافية انتشرالفساد بشكل مرعب، وضعف دور الجهات الرقابية، فاسم الرقابة الإدارية لم يعد يرعب الموظفين الفاسدين، وهناك منظمات دولية مسئولة عن مكافحة الفساد لم تعد تعمل في مصر نظرا لانتشار الفساد في البلد وصعوبة التخلص منه.
وأضاف شحاتة علي الرغم من أن معظم القيادات في الجهات الحكومية تغيرت إلا أن الفساد مازال منتشرًا، ويرجع ذلك إلي الخبرة المتواضعة للقيادات الجديدة وعدم قدرتهم علي إدارة هذه الجهات، ولكن علي الرغم من هذا فإن مكافحة الفساد ليست أمرا مستحيلا فهناك معايير دولية معروفة لمراقبة ومكافحة الفساد.
ويؤكد شحاتة أن أكثر جرائم الفساد المنتشرة هي الرشوة، التي انتشرت بمعدلات غير عادية في السنوات الأخيرة، لذا قمنا بمحاكاة تقرير" مقياس الفساد العالمي" الذي تقدمه منظمة الشفافية الدولية في التاسع من ديسمبر من كل عام وهو المعني بترتيب الدول الأكثر فسادا، لذلك فاننا قد نقلناالفكرة ولكن بتطبيقها علي الجهات الحكوميه داخل مصر، ونقوم بنشر نتائج في الإعلام عن الجهة الأكثر فسادا حتي يفضح ممارسات الفساد داخلها.
وقد قسم تقرير العام الماضي لقسمين الأول لكبار الموظفين والثاني لصغار الموظفين وكانت نتائج التقرير كالتالي -الدرجه المعطاه من 10 درجات ،الاكثر فسادا هو الأقل في الدرجة.
هيئة الاوقاف 8، هيئة الرقابة علي الصادرات 8، قطاع الاتصالات 8، وزارة الصحة7، وزارة التربية والتعليم7، هيئة التنمية الصناعية6، هيئة المشروعات والتنمية الزراعية 6، هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة 5، أجهزة المدن الجديدة 5، صندوق دعم الصادرات4، هيئة التنمية السياحية3، القطاع المصرفي (الحكومي)3، وزارة الداخلية2، الهيئة العامة للبترول2، الجمارك1.
وبالنسبة لصغار الموظفين فقد قسمهم علي النحو التالي:
موظفو الأمن الصناعي 8، موظفو ديوان المحافظات 8، موظفو الأوقاف7، مكاتب التوثيق 7، إدارات التربية والتعليم 6، المستشفيات الحكومية 6، الإدارات الزراعية 5، القطاع المصرفي (الحكومي) 5، أقسام الشرطة 4، الأحياء 3، الإدارت الهندسية 2، موظفو النيابات 2، موظفو وحدات المرور2، موظفو المحاكم 2، الجمارك 1.
يظهر من هذه النتائج أن هيئة الجمارك جاءت في المرتبة الأكثر فسادا في البلاد تلاها موظفو المحاكم ووحدات المرور، في حين جاءت هيئة الأوقاف في المرتبة الأقل فسادا بين الجهات الحكومية.
وأشار شحاتة إلي أن تقرير هذا العام سيصدر في شهر سبتمبر وكنا نتوقع أن تتراجع معدلات الفساد في الهيئات التي ذكرناها في تقرير العام الماضي ، ولكن هذا لم يحدث ، فمازالت الجمارك في مقدمة الهيئات الفاسدة.
وأضاف شحاتة العام الماضي أعلنت منظمة الشفافية الدولية عن تقريرها "مؤشر مدركات الفساد العالمي" وجاء ترتيب مصر به 118 عالميا بعد أن كان 112 في العام 2011 كما جاء ترتيبها 12 عربيا بعد ان كان 11 في عام 2011.
وذكر شحاتة أن المؤسسات المالية هي جزء لايتجزأ من البيئة التي يتم قياس مدي تغلغل الفساد فيها، استئصال الفساد يتطلب توافر إشراف قوي من البرلمان، وقضاء قوي ومستقل، وهيئة مكافحة فساد قوية ومستقلة، وقانون نافذ يمنع تضارب المصالح، وتطبيق صارم وفاعل للقانون، والتزام المزيد من الشفافية حيال الإنفاق العام والعقود العامة، وتوسيع نطاق مساءلة الجهات العامة أمام الشعب، وشفافية الموازنة العامة، ووجود الإعلام المستقل، ومجتمع مدني قوي وحيوي، قانون يضمن شفافية الحصول علي المعلومات.
وتابع: مصر من الدول المتأخرة عالميا وعربيا في إنشاء هيئة خاصة تعمل علي الوقاية من الفساد ومكافحته بشكل متخصص علي الرغم أنها من أقدم الدول الموقعة علي اتفاقية تلزمها بإنشاء هذه الهيئة منذ عام 2005 وهي اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد هذا وقد نص الدستور في المادة 204 منه علي إنشاء هذه الهيئة ونأمل أن تسارع الحكومة بإنشائها حتي تحدث مردودا جيدا لدي الجهات القائمة علي التصنيف.
بالإضافة إلي عدم وجود قانون يمنع تضارب المصالح واستمرار سياسة أهل الثقه وليس أهل الخبره واستمرار سياسة تعيين الأقارب والأصهار في موقع المسئوليه كل ذلك بالطبع يؤدي الي تراجع مصر عالميا ويؤثر بشكل مباشر علي جذب الاستثمارات الخارجيه.
أما الدكتور رضا حجاج الخبير السابق بالأمم المتحدة واستاذ التخطيط البيئي بكلية التخطيط العمراني جامعة القاهرة، فقال حجم الفساد في مصر يتزايد بشدة، بل كاد يقتل مصر فهو يأخد ثلاثة أشكال الأول فساد مالي يتعلق بالعملات والرشاوي ، وفساد إداري يتعلق بالقوانين واللوائح التي تسمح بانتشار الفساد، والفساد الفني وهو الأخطر فإذا كان المشروع غير صالح فنيا وشابه فساد وسواء في تخطيط أوتنفيذ، عندها تكون الخسارة 100٪.
وأضاف حجاج هناك العديد من الدول التي قننت الفساد ففي السعودية مثلا هناك مايعرف بالسعي (العمولات) مايدفع للحصول علي المشروع ولا تزيد نسبته علي 8٪، كل دول العالم بها فساد ولكن له حدود فالولايات المتحدة وكندا بها فساد ولكن لايزيد علي 10٪ لكن معدلات الفساد لدينا مرتفعة للغاية .
الفساد.. ميراث دولة خرجت ولم تعد!
»هموم« المصريين »تغرق«
في بحر فساد المحليات
ياسمين عبدالحميد

الرشاوي والمحسوبية وعدم مراعاة الضمير والسرقة والنهب وأحياناً التغاضي عن محاسبة المخطئين" هذا هو الحال في المحليات، ففسادها لم يعد محتمل فهو ينخر في عظام الوطن يوماً بعد الآخر وإن لم نستطع القضاء عليه الآن فلن يبقي لنا سوي رفات نبكي عليه في المستقبل.
وعلي الرغم من أن المحليات هي المسئول الأول عن التنمية في مصر فهي تقدم 70٪ من الخدمات للمواطنين وترتبط بكل احتياجاتهم اليومية وبها أكثر من 3.5 مليون موظف، حسب الإحصائيات التي أصدرتها وزارة التنمية المحلية ، فهم يمثلون حوالي 60٪ من موظفي الدولة ، إلا أنها تعاني الإهمال الشديد بسبب الخلل في الرقابة والتشريعات وفق التقارير الصادرة من المراكز الحقوقية ، وبالتأكيد هي كغيرها من بعض المؤسسات الحكومية التي تفشت فيها جميع صور فساد خاصة قبل ثورة يناير .
تفشت صور الفساد في المحليات والأحياء بما كسبت أيدي "المواطن والموظف" ، ولعل أبرز صور الإهمال هو البناء علي الأراضي الزراعية ، وبناء الأدوار غير المرخصة فوق البنايات مما يهدد حياة آلاف الأبرياء ممن ليس لهم حول ولا قوة ، سوي أنهم مصريون، فضلاً عن المقاهي التي احتلت أرصفة الطرق مما تسببه من إشغالات تنتهك حرمة الطريق ، ولم يقف تأثير "الكافيهات" عند هذا الحد، بل أحياناً تصل إلي شرب المخدرات والمواد الكحولية، وبحثاً منا عن حل لأزمات المصريين، استطاعت "آخر ساعة" أن تحصل علي الخطابات التي يتوجه بها المصريون لمحافظة القاهرة .
الخطاب الأول الذي وقع بين أيدينا، كان ل" يمني محمد" فتاة في العشرين من عمرها وتقطن بمنطقة المنيل ويؤلمها يومياً ذهاباً وإياباً ما يحدث بقهوة "البستان بجوار مكتب بريد الملك الصالح بشارع لبيب البتانوني" التي فتحت منذ أشهر في عمارتها، وفضلاً عن الإزعاج المتكرر الذي يصاحب تلك الكافيتريا، إلا أنها تؤكد أنها مجرد "غرزة" فعند نزولها صباحاً تجد زجاجات الخمر ملقاة في وسط الطريق دون خشية أو خجل.
وأضافت: "وبعد منتصف الليل يسمح صاحب المقهي للشباب بلف سجائر حشيش وشرب الخمور.. والدي ينزل يصلي الفجر في الجامع ويري كمية زجاجات من البيرة بشكل مبالغ فيه وللعلم صاحب المقهي عامل شهريات لموظفي الحي علشان ميقفلوهاش بعد ما أهالي المنطقة قدموا شكاوي كثيرة".
رغيف العيش
ولم تختلف الخدمات التي تقدمها الأحياء ما بين الأحياء الراقية أو الشعبية فالكل في السوء سواء ، حيث أكد طارق السكري عضو حزب الوسط أن هناك أزمة كبيرة في رغيف العيش في المحلية الثالثة بالتجمع الخامس ، حيث إن القائمين علي الفرن يشغلونه 5 ساعات يومياً من 6 ص ل11 ص وفي هذا الوقت تكون قد تعطل الفرن علي الأقل 3 مرات ، إلا أن المشكلة الأبرز هي أن العيش الذي ينتجه الفرن أشبه ب"السحلة" ويقوم عمال الفرن برميه علي الأرصفة المحيطة بالفرن دون خوف من العقاب.
ويحدثنا محمود كرم، عن أزمة الصرف الصحي بحي دار السلام ، خاصة في شوارع : " فرج يوسف وأبوالوفا وشارع عبدالحميد مكي بمنطقة فايدة كامل"، ويقول: "هذه المنطقة تعاني أشد المعاناة من الصرف الصحي وطفحه.
نعلم جميعا أن أصحاب الأبراج بتلك المنطقة لم يراعوا ظروف شبكات الصرف الضعيفة لكن الناس التي سكنت بتلك الشقق ماذا تفعل؟ ".
وأضاف: " عذاب أهالي تلك المناطق لا يوصف برجاء المساعدة ولو حتي بالجهود الذاتية وأناشد رئيس حي دار السلام والسيد وزير المرافق العمل فورا علي تغيير شبكات الصرف ولو تطلب الأمر جمع الأموال اللازمة من أهالي المنطقة".
حي السيدة
ولم يخل حي السيدة زينب من الأزمات المتلاحقة ، حيث أكد ثروت عبدالغني أحد سكان مساكن زينهم الجديدة المرحلة الثانية، بالفعل تم تطوير تلك المساكن وأصبحت جميلة ، ولكن الأزمة التي تهدد الجميع هي قيام بعض الأشخاص بالبناء علي المسطحات الخضراء التي تفصل بين العمارات.
وقال: " الناس دي هما نفسهم اللي كانوا عاملين أكشاك في المساكن القديمة وشوهوا المنظر واحنا اللي كان عندنا شقق كويسة اتساوينا بيهم وطلعوا أن كل الناس كانت ساكنة في أكشاك واحنا مش عارفين نتعامل اساسا مع الناس دي هو صحيح كويس إنهم يأخدو حقوقهم ويعيشون في مستوي جيد، لكن للأسف هما مش واخدين علي النظافة بيبيعوا شققهم ويبنوا علي الجناين ويشوهوا المنظر أرجو التحرك إحنا ما بنصدق نعدل حاجة في البلد بدل ما تحتاجوا تدفعوا فلوس بعد كده علي تصليح هذه المساكن أرجو التصرف بسرعة".
ولم نخرج سريعاً من حي السيدة زينب ، ليحدثنا سيف أبوإسماعيل عن أزمة كبري تواجه الأهالي فيقول : " مازال مسلسل إهدار مال الشعب المكني بالمال العام مستمرا، حيث إن الحي يقوم بعمل أسفلت ورصف للشوارع والحواري وهذا مجهود كان يكلل بالشكر لو كان هناك ضمير أو دراسة لما يتم من رصف فكل الأعمال تفتقر إلي أدني الفنيات فمثلاً يتم رفع منسوب الشارع لتصبح بعض المنازل أقل من منسوب الشارع مما يضر بالمنازل عند سقوط أمطار أو حدوث طفح مجاري ناهيك عن عدم تحديد ورفع محابس المياه حتي لا نضطر لتكسير البلاط مما سينتج عنه تكسير الشارع بالكامل بحثاً عن المحبس المفقود نرجو من رئيس الحي تشكيل لجنة لحصر تلك الأعمال المخالفه لأدني الشروط الفنية".
زيادة المرتبات.. تشديد العقوبات
وأعلنت وزارة التنمية المحلية عن خطة شاملة لاستئصال أسباب الفساد في المحليات تتضمن زيادة مرتبات الموظفين والعاملين وتقنين نظام المكافآت الخارجية في حدود النسبة التي حددها القانون "35 ضعفًا للحد الأدني في المحافظة أو المؤسسة" ، وتطوير أساليب الرقابة والمتابعة وتشديد العقوبات علي كل أنواع الرشاوي والاختلاسات.
وأكدت الوزارة أن الفساد كان هو سياسة النظام السابق، مارسه بتشريعاته وقوانينه بكل استخفاف وغرور، مشيرًا إلي أن "مواجهة الفساد يجب أن تكون مواجهة شاملة في مصر كلها في المحليات وغيرها والفساد في مصر ظاهرة لها أسبابها، منها تعقيد السبل الصحيحة والقانونية لإجبار أصحاب المصالح والحاجات لسلوك اتجاهات غير قانونية، وسلوك المواطنين فللأسف بعضهم يقاوم عملية تطهير المؤسسات من الفاسدين لحماية مصالحهم".
وأوضحت الوزارة أنها اعتمدت في إطار سياستها في مكافحة واستئصال الفساد العديد من البوابات الإلكترونية التي ستساعد علي تبسيط الإجراءات علي المواطنين، وتتيح خدمة الموقع الإلكتروني وسداد الرسوم عبر بطاقات الائتمان، إضافة إلي دعم شفافية الجهات الحكومية.
وأضاف : " تقدم مراكز الخدمات التكنولوجية بالمحافظات حوالي 70 خدمة للمواطنين، ويهدف المشروع إلي مراقبة أداء الموظفين في الجهات الحكومية وكشف الفساد وتقليص مظاهر الرشوة التي انتشرت في العهود السابقة، من خلال الفصل بين الموظفين مقدمي الخدمة وبين المستفيدين من الخدمة".
الشفافية والعقاب
ومن جانبها أكدت الدكتورة أسماء محمد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة في دراسة لها عن الفساد في المحليات ، أن أبرز الأسباب التي تؤدي إلي ظهور الفساد علي المستوي المحلي هي تخويل قدر كبير من السلطة المركزية للحكومات المحلية لتخصيص وتوزيع موارد الدولة ، مما يفتح الباب أمام الفساد.
وأضافت: " السلوكيات غير المنضبطة من الموظفين والمواطنين ورجال الأعمال والسياسيين، وغياب الإرادة السياسية للتعامل مع الفساد وضعف المجتمع المدني، وعدم فاعلية وسائل الإعلام هم أهم العوامل التي يجب تجنبها حتي يتسني للجميع النهوض بالمحليات".
وأوضحت أن هناك أسبابا مؤسسية تتمثل في الافتقار إلي الشفافية، وعدم إتاحة المعلومات للمواطنين، وضعف المساءلة والعقوبات المفروضة، ومعدلات الأجور المنخفضة، وظروف العمل السيئة، والتعيينات علي غير أساس الجدارة.
الفساد.. ميراث دولة خرجت ولم تعد!
قلّة ذوق!
مرور بلا قواعد..عضلات تحكم الشارع.. مثقفون يخدشون الحياء!
عبدالصبور بدر
انتبه العالم لثورة يناير حين وجد شباب التحرير يهتف في وجه البنادق المصوبة إلي صدورهم" "سلمية .. سلمية"، ونقل الإعلام صور الفتيات والفتيان وهم ينظفون الميدان ويكنسون فوارغ الرصاص وقنابل الغاز ويجمّلون وجه الحياة. وقال أوباما جملته الشهيرة »علينا أن نعلّم أولادنا ليصبحوا كالمصريين«. إلا أن المصريين فشلوا في أن يتمسكوا بما علموه للدنيا ، وفي الوقت الذي كانت تتقلص فيه نسبة الانفلات الأمني كانت تتسع دائرة الانفلات الأخلاقي ليختفي الذوق العام ويطلق الجميع سهامهم علي الجميع، وكأننا كلنا أبرياء وكلنا مدانون!
احتل الباعة الجائلون الأرصفة وسادت شريعة الغاب وتم فرض الإتاوات علي أصحاب السيارات، وأضحي السير في الشارع يحتاج إلي لاعب سيرك ليتحاشي ما يعترض طريقه من بضاعة مرصوصة علي الأرض بعشوائية لا تسمح لأحد بالمرور، وتتطلب القفز والدوران في نفس المكان، والوقوف – أحيانا – علي أصابع القدم. مهارة قد يفتقدها البعض فيعرضون أنفسهم للشتائم ممن يحتلون الأرصفة وقد يمتد الأمر إلي التطاول بالأيدي والسنج والمطاوي.
الغريب أن لكل من الفريقين منطقا يدافع به عن نفسه، فالسائرون لا يريدون أكثر من حقهم الطبيعي في المرور داخل شارع تم تخصيصه لهذا الأمر، والباعة لا يريدون أكثر من مصدر رزق يحمي أولادهم من الحاجة ويحصنهم من ذل السؤال، والشرطة تظهر مرة لتفض الاشتباك وتختفي في بقية المرات!
العضلات هي القانون في غياب القانون، والأقوي هو من سيكسب القضية، والفرجة مجانية لمن يرغب في الفرجة، والحكومة لديها دائما ما يشغلها عن المواطن والوطن!
أما المواصلات العامة فحدث ولا حرج، فمترو الأنفاق تحولت محطاته إلي أسواق تعرض "كل شنكان"، وعرباته مأوي لباعة تتعالي أصواتهم وهم ينادون علي بضاعتهم الرخيصة وهم يلقونها في حجور الجالسين، ونفس الشيء في الأتوبيسات.
بينما أقام سائقو الميكروباص دولتهم الخاصة بهم، اخترعوا مواقف لم تكن موجودة من قبل، وحددوا الأجرة التي تناسب هواهم، وغيروا خطوط سيرهم بما يتلاءم مع مزاجهم، ومنحوا لأنفسهم الحق في أن تتحول سياراتهم إلي فرح شعبي عن طريق سماعات قوية تأتي بكل الأصوات المزعجة والموسيقي الصاخبة التي تتيح لهم توافقا نفسيا وهم يسيرون عكس الاتجاه أو يحطمون قواعد المرور بأي طريقة ممكنة.
أخلاق المثقفين
وبعيدا عن الأرض وداخل الفضاء الإلكتروني لن يتغير الأمر.. بعض المثقفين حملوا إلي صفحاتهم الشخصية نفس ألفاظ سائقي الميكروباص والبلطجية وانهالوا علي من يعارضونهم رجما بشتائم تخدش الحياء العام والخاص ولم يكلفوا أنفسهم عناء احترام أصدقائهم ولا احترام كونهم قدوة لمجتمع أحوج ما يكون إلي رموز يقتدي بها.
خلع المثقفون عباءة الحياء، وقاموا بتعرية ألفاظهم وهم يتهكمون علي من يشاءون ممن يعارضونهم، فانهالت عليهم "لايكات" الأصدقاء المقربين وتعليقاتهم المريضة التي يمكن أن تجد مثلها مكتوبة داخل دورات المياه العمومية.
حرب الألفاظ اشتعلت علي "فيس بوك" و "تويتر" وكأنها ثورة تنذر بانفلات أخلاقي ضد الذوق العام وترغب في خلعه بأي طريقه من وطن أرسي قواعد الحضارة للعالم وبرهن علي تحضره في ثورة يناير العظيمة!
وبمنطق من ليس معي فهو ضدي راح بعض ممن يطلقون علي أنفسهم الثوار بالتعدي علي الحرية الشخصية للخصوم تحت قاعدة: أنا حر!
تطرف أخلاقي يواجه تطرفا دينيا ليتم العصف ببلد هو في حاجه إلي الترميم والتكاتف، وإلي المناقشة كبديل عن الصراع، و تفهم الآخر كوسيلة لكسبه حتي لا يخسر الجميع.
انقراض الابتسامة
اختفت الابتسامة من الوجوه، الوجوم كسا الملامح بالعبوس، حتي قفشات المصريين التي لا يمكن أن تنعدم صارت تلقي بملامح جادة، حتي يخيّل إليك أن الذين تفاجئهم الضحكة يحاولون وأدها والتخلي عنها أو يفعلونها والدموع في أعينهم!
انهارت الابتسامة التي كانت هي البناء الأعلي الذي يتفاخر به المصريون، يفشلون الآن في رسمها.. قد يفعلونها للمجاملة، أو رغبة في عدم نسيانها، لكن الابتسامة الفطرية تم تلويثها بأخبار السياسة وأنباء الكوارث وحجبها خلف سد النهضة الأثيوبي.
ضاقت الأرزاق علي الناس، وضاقت الشوارع، وضاقت أصوات المطربين وضاقت المعاني علي كتاب الأغاني، فامتلأت الآذان بأصوات لا نعرف مصدرها من جسد المطرب (في الماضي القريب كان صوت المطرب يخرج من فمه) بينما الكلمات تم الإتيان بها من علي ألسنة البلطجية ليعاد ضخها عليهم وعلينا رغما عن أنفنا.
انتهي عصر الطرب، وجاء عصر يحتاج فيه المرء إلي جوال قطن ليحشو به سمعه وإلي العمي ليتجنب رؤية كليبات تجعله يكره نعمة البصر، بينما سطت علي السينما أفلام العشوائيات والعبط والعته وكأن المؤامرة يتبناها صناع السينما لتغلق أبوابها أمام كل من يسعي إلي المتعة الحقيقية.
إظلام
فساد الذوق العام تخطي حدود الشعب ليصل إلي حكومة لا تعبأ بالمرضي داخل المستشفيات فتقطع عنهم الكهرباء لتلقي بهم في الجحيم وتجعلهم يتمنون الموت قبل أن يصل إليهم، ولا ترحم طلاب العلم الذين يستذكرون دروسهم فتهدي إليهم الفشل وهي تلاحقهم بالعتمة وتحرمهم من الحصول علي أبسط حقوقهم في حياة تخلو من الحياة.
رئيس الوزراء هشام قنديل يسيء إلي أمهات بني سويف وهو يطالبهن بغسل صدورهن، ومستشارة الرئيس تعرض ما يمس الأمن القومي علي الهواء مباشرة وتصرّ علي الخطأ في اعتذار يحتاج إلي اعتذار.
بينما ينهمك الساسة في تصريحات تنال الغضب فيتم الرد عليها بتصريحات تنال الغضب، وكأن الغضب كتب علي شعب قدم من الشهداء ما يستحق الرضا عنه.
سلوكيات صبيانية
اختفاء الذوق العام هو عنوان كبير، المتأمل فيه يجد أن الحل في محوه من حياتنا التي لم تعد تحتمل، جبال القمامة تجد دائما من يحرسها ويضاعفها، مطبات الطرق والحفريات عليها تزداد، تشويه الجدران بالعبارات الخادشة لا تعثر علي من تحمله المسئولية، استرخاء الشرطة يصل لحد النوم، التكدس المروري يصيب الراجل بالشلل، السلوكيات الصبيانية يقوم بها من كنا نظن أنهم حكماء.
لدينا متحرشون، ومتسولون، ونشطاء سياسيون يجيدون الثرثرة، وشيوخ فضائيات يكفرون الناس، وقطاع طرق، واعتداء علي السائحين، وسرقة آثار، ومتمردون ومتجردون، ونهر علي وشك الفناء، وشهداء رحلوا عنّا، وقتلة يمرحون بيننا، وثورة تبحث عن ثوارها، ومشاحنات، وحرائق لا يعرف مصدرها، ومصادر ترفض ذكر أسمائها، وجنود محررون وجنود مقتولون، وجنود يحموننا وجنود يحتاجون إلي حماية منا، وفضائيات للت والعجن، وإعلاميون متحولون وإعلاميون متأخونون وإعلاميون مستهدفون.
نظرة
غيرت ثورة يناير النظام القديم، لكنها قضت أيضا علي عاداتنا القديمة الجيدة، وفرت لنا حرية كالسكين كان من الممكن أن نصنع بها أكلة شهية إلا أننا استخدمناها في تقطيع أنفسنا.
الكل يتصرف بطريقته الخاصة، بعيدا عن الذوق العام، المراهقون في المترو يغنون (أو يجعّرون) في آذان النائمين، المرضي يقفون، والصبية يجلسون وخلف أكتافهم مباشرة عبارة "المقاعد مخصصة لكبار السن والمرضي"، ولكن لا أحد يقرأ أو يسمع كلمة من الكبير، الكل يعتقد أنه الكبير وأن الدنيا خلقت من أجله يتبول في الشارع (دون مشكلة)، ويتخطي دوره في الطابور (أي طابور) ويقيم الحد علي من يعترض عليه، انتزعت الرحمة من القلوب واختفت المشاعر والأحاسيس والتمييز فصارت القبلات بين العاشقين علي الملأ والأحضان علي عينك يا تاجر، وهناك من ينظر بعينه فيستحي ومن ينظر إليه الناس وعينه "يندب" فيها رصاصة، والرصاص يباع في الشوارع، ويتم إطلاقه، وفي الأفراح، وفي خصومات الثأر في الصعيد، والحكومة مشغولة بالقاهرة وصحفها وقنواتها، والصعيد يجد حكومة تمد له لسانها ولا تمد له يدها، وأيادي الإرهاب تحتل سيناء وتنتظر من يقطعها.
ما نحتاجه ليس فقط هو الارتقاء بمرتباتنا ولكن أيضا النهوض بأذواقنا ولو بالعودة إلي الوراء حين كانت القاهرة مدينة تستحق أن نفتخر بشوارعها النظيفة ومبانيها الساحرة، بمد الجسور إلي ماضٍ كان فيه الكبير يحكم بالكلمة الهادئة وكان فيه الصغير يحتكم إلي المشورة والنصح، علي رئيس الوزراء أن يراعي الله في شعب لا يجد شارعا ليتحرك فيه فيقوم سيادته بزيارة شوارعنا بدلا من زياراته إلي الخارج.
علينا أن نفك أسر ضمائرنا ونؤمن بأننا في حاجة إلي الحوار بدلا من التشاحن والبغضاء، في حاجه إلي القيمة وليس قلة القيمة التي تجعلنا نخجل من أنفسنا، في حاجة إلي أن نكون يدا واحدة حتي لا تتكالب علينا الأمم فتسرق نيلنا وأمننا وتحاصرنا بالمزيد من الفتن.
نحن في حاجه للعودة إلي أنفسنا وإلي فطرتنا وديننا (إسلامي أو مسيحي) واتباع الموضوعية والبعد عن ذاتية فرقتنا إلي فرق متنازعة ومتناحرة لم يسلم منها طرف ولم نحصد منها سوي الهزيمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.