في ذكري الإسراء والمعراج يتداعي إلي الذهن تلك المعجزة الخالدة، ومافيها من عظات، حيث يتضح من هذه الرحلة المقدسة قدرة الله تعالي التي لاتحدها حدود فهو يقول للشيء كن فيكون، ويتضح فيها أيضا منزلة الرسول الكريم عند ربه، حيث أسري به من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي، وعرج به إلي السموات العلي، حيث رأي مارأي من آيات ربه الكبري. القرأن الكريم يذكر معجزة الإسراء في قوله تعالي: »سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَي بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَي الْمَسْجِدِ الأَقْصَي الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ« ويذكر المعراج في قوله تعالي في سورة النجم: »والنَّجْمِ إِذَا هَوَي مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَي وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَي إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَي عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَي ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَي وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَي ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّي فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَي فَأَوْحَي إِلَي عَبْدِهِ مَا أَوْحَي مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَي أَفَتُمَارُونَهُ عَلَي مَا يَرَي وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَي عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَي عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَي إِذْ يَغْشَي السِّدْرَةَ مَا يَغْشَي مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَي لَقَدْ رَأَي مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَي« . وفي هذه الرحلة المباركة فرضت الصلاة.. وكان ذلك كما يقول الدكتور عبدالحليم محمود تشريفا للرسول [ وكان ذلك أيضا.. إعلانا عن أهمية الصلاة.. إنها لم تفرض بالطريق العادي تكريما له وتشريفا. ويقول الإمام الأكبر الدكتور عبدالحليم محمود أيضا: لقد تجاوز رسول الله [ السماوات، سماء سماء تجاوزها مكانا ولكنه تجاوزها أيضا، مكانة روحية، وذلك أنه [ في هذه اللحظات الحاسمة التي كان يتهيأ فيها للمثول بين يدي رب العزة، كان يترقي روحيا في سرعة تقل عنها سرعة البرق. لقد تجاوز مكانة آدم عليه السلام، الروحية في السماء الأولي.. وتجاوز مكانة عيسي ويحيي عليهما السلام في السماء الثانية.. وهكذا حتي تجاوز مكانة إبراهيم عليه السلام، في السماء السابعة، وتجاوز الكون كله، مادة وروحا، ووصل إلي سدرة المنتهي، ثم كان من القرب بحيث أصبح قاب قوسين أو أدني، متجاوزا بذلك مكانة جبريل عليه السلام. فأوحي إلي عبده ماأوحي.. وكان مما أوحاه الله إليه، أمر الصلاة وانبسط رسول الله[ في الأرض بعد أن رفعه الله إليه.. انبسط مبشرا بالصلاة فرضا كريما من رب الكرم والرحمة، ولايكاد الإنسان يجد عذرا لترك الصلاة، فإنه إذا فقد الماء كان التيمم بديلا عنه، وإذا لم يستطع أداءها من قيام، أداها من جلوس، وإن لم يستطع أداءها إلا إيماء، كان عليه ذلك.