رغم التحسن وقلة الأعطال إلا أن المصريين عانوا خلال الأيام الماضية من الانقطاع المتكرر للكهرباء والذي أثر سلبا علي قطاعات كبيرة من الشعب وعلي الرغم من أننا في بداية فصل الصيف إلا أن ماحدث الأسبوع الماضي يؤكد أننا سوف نكون أمام صيف ساخن مالم تتحرك الحكومة وتتعامل بجدية مع تلك الأزمة. فالظلام أصبح شبحا يخيف المصريين، وتحديدا مع دخول فصل الصيف، ومايترتب عليه من زيادة في أحمال الكهرباء، بجانب أزمات السولار، الذي يستخدم في تشغيل محطات الكهرباء. فالمعاناة الحقيقية من انقطاع التيار الكهربائي بدأت منذ أكثر من عامين تقريبا بعد ثورة يناير 2011، بسبب أزمات الوقود التي تعاني منها البلاد منذ ذلك الحين، ولم تتحرك الحكومة ووزارة الكهرباء لإيجاد حلول سريعة وبديلة لها، خاصة في ظل الاتهامات المتبادلة بين وزارتي البترول والكهرباء كل يتهم الآخر بالتقصير وبأنه هو السبب المباشر في أزمة انقطاع التيار الكهربائي، وزيادة معاناة الناس والحقيقة غائبة تماماً، والمستهلك هو الضحية في كل شيء والمجني عليه. تجولنا في عدد من أحياء القاهرة الراقية والفقيرة، لنتعرف علي كيفية تعامل المصريين مع انقطاع الكهرباء ،والتي أصبحت متكررة ليس في فصل الصيف فقط، وإنما شهدت القاهرة هذا الشتاء تكرارا لظاهرة انقطاع الكهرباء لتخفيف الأحمال.. في البداية توجهنا إلي منطقة السيدة زينب، أحد أشهر الأحياء الشعبية في القاهرة، وكان لافتا للأمر أن أغلب المنازل بها جميع الاحتياطيات، تحسبا لانقطاع الكهرباء ولكن في تلك المنطقة تحديدا استخدم الأهالي الكشافات والشموع. "لايمر يوم دون أن تنقطع الكهرباء ويستمر الانقطاع لأكثر من خمس ساعات "هذا ماقاله محمد عيسي" موظف حكومي (55 عاما) مؤكدا أن انقطاع الكهرباء يتكرر مرتين أو أكثر يوميا، ويصاحب ذلك انقطاع في المياه أيضا، فمواتير المياة والتي تضخ المياه إلي الأدوار المرتفعة في العمارات تعمل بالكهرباء، وبالتالي تكون الحياة معطلة في المنزل حتي تعمل الكهرباء مرة أخري. وأضاف العام الحالي هناك ارتفاع كبير في أسعار الكشافات، كما هو الحال بالنسبة لباقي السلع، فالأسعار ارتفعت إلي الضعف وأغلبها يتم استيراداها من الصين، ويكون عمرها الافتراضي قصيرا جدا، ولكن اضطررنا إلي شراء كشافين بالإضافة إلي الشموع حتي نستطيع أن نتعامل مع الأزمة. وفي إحدي الحواري الضيقة للغاية قابلنا عم رمضان "، صاحب ورشة لإصلاح الأحذية" (62 عاما) الذي أكد أنه يقف أمام محله حينما يتم قطع التيار الكهربائي خوفا من سرقته، وفي بعض الأحيان يقوم بإغلاقه، كما أنه يستخدم الشموع لإنارة الطريق داخل الحارة الضيقة حتي لايتم ترهيب الفتيات والسيدات. أما في منزلة الذي يكمن بالقرب من محل عمله، فأكد أن الشموع هي السبيل الوحيد لأسرته، حتي يعود التيار مرة أخري، موضحا أن المشكلة من وجهة نظره يتسبب فيها الأغنياء، ويتحمل عواقبها الفقراء، حيث إن منزله لايوجد به أجهزة كهربائية تأخد أحمالا كثيرة، وإنما يكون ذلك بسبب المبردات والمكيفات ،والتي تتسبب في زيادة الأحمال. ومن منطقة السيدة زينب إلي حي مصر الجديدة، الذي يعتبر أحد الأحياء الراقية والمعروفة بالقاهرة، ولكن سكان هذا الحي يعانون كغيرهم من المصريين من أزمة انقطاع الكهرباء ، واستعدوا علي طريقتهم الخاصة لفصل الصيف. يقول أسامة عمران (48 عاما) مهندس.. إن انقطاع الكهرباء أصبح مشكلة تؤرق جميع المصريين، وأصبحوا ينتظرونه في أي وقت، ودون سابق إنذار، وحين يحدث ذلك لانعرف الوقت الذي يعود فيه، فمن الممكن أن يعود خلال نصف ساعة، ومن الممكن أن تطول فترة الانقطاع لتصل إلي 3 ساعات. وأضاف في الصيف الماضي كنا ننير الكشافات حتي يعود التيار مرة أخري، ولكن العام الحالي قررت أن اشتري مولدا كهربائيا، حتي نتغلب علي تلك المشكلة، ولكني لا أعتقد أنه حل مثالي للأزمة، فلابد أن يتم التفكير في استحداث موارد جديدة للطاقة، كما أنه علي الحكومة أن تجدد محطات الكهرباء المتهالكة، والتي عفي عليها الزمن وأصبحت غير قادرة علي العمل بكفاءة عالية. وفي منطقة العتبة وتحديدا في شارع عبد العزيز أحد أشهر الشوارع التجارية في القاهرة أكد محمد عبد اللطيف، مستورد مولدات كهربائية، أن الاقبال علي شراء المولدات ارتفع بصورة كبيرة حاليا علي الرغم انها استيراد صيني وليست يابانيا، مع بدء انقطاع التيار الكهربائي قبل دخول فصل الصيف الأمر الذي ينبئ بوجود أزمة كبيرة بالتيار خلال فصل الصيف. وأضاف أن سعر المولد 1 كيلو وات للجمهور خلال الأيام الماضية بلغ 315 جنيه ووصل حاليا إلي 1050 جنيها، وكان المولد 5 كيلو وات ب 800 جنيه، وصل إلي 2500 جنيه، المولد10، 12 كيلو وات وصل إلي 6200 جنيه، لافتا إلي انه رغم ارتفاع الأسعار إلا أن الإقبال كثيف عليها بزيادة 300٪ عن العام الماضي، ليس من الأهالي فقط ولكن هناك بعض مصانع "التكييف" أقبلت علي شرائها. وأوضح أن ارتفاع أسعار المولدات ليس له علاقة بأزمة ارتفاع الدولار، في ظل وجود كميات معروضة من المولدات أقل من الطلب عليها. وتابع "عبداللطيف": الدولار سيسبب أزمة في استيراد تلك الأجهزة من الصين، بعد ارتفاع سعره بالجنيه المصري، موضحا أن رفع أسعار المولدات يقوم بها التجار أنفسهم لعدم وجود رقابة. ولفت إلي أن هناك ازمة أخري سيقع فيها المواطن الذي يقبل علي شراء المولدات، خاصة وأنها تعمل بالبنزين، الذي يعاني من أزمة نقص وبالتالي المولد لن يعمل بدونه، فبدأ التجار في الاتجاه إلي شراء الكشافات الكهربائية لحل أزمة نقص البنزين، مشيرا إلي أن أسعار الكشافات تضاعفت حاليا بنسبة 100٪ فالكشاف 90 لمبة وصل سعره منذ اسبوعين ل 90 جنيها ، ويباع حاليا ب175 جنيها وبه نقص في السوق لقيام عدد من التجار بتخزين كميات كبيرة منه كبديل عن المولدات حال استمرار نقص البنزين اللازم لعمل تلك المولدات. الدكتور أكثم ابوالعلا وكيل أول وزارة الكهرباء والمتحدث الرسمي باسم الوزارة أكد أن هناك عدة إجراءات اتخذتها الوزارة للحد من مشكلة انقطاع التيار في فصل الصيف، أهمها الانتهاء من أعمال الإحلال، والتجديد للشبكة في أسرع وقت ، مؤكدا علي أهمية توفير التغذية، لكافة المرافق الحيوية في الدولة، وعدم قطع التيار عنها خاصة المستشفيات والمرافق ومناطق تجمع المواطنين. وأوضح أن قطاع الكهرباء يؤمن التغذية الكهربائية، لكافة الجامعات والمدن الجامعية علي مستوي الجمهورية، لكونها مستثناة من تخفيف الأحمال، وذلك مع دخول امتحانات نهاية العام. وأوضح إن الوزارة تدرس حاليا تفعيل عدة تقنيات لإخبار المواطنين بمواعيد انقطاع التيار الكهربي، مثل وجود إشارة ضوئية في القنوات التليفزيونية للتعبير عن حالة الكهرباء، والتحذير من انقطاعه فجأة، كما أن الوزارة ستجمع بيانات المواطنين وترسل رسائل علي الهواتف المحمولة . "sms" لإبلاغ المواطن بميعاد انقطاع التيار الكهربي في منطقته وأشار إلي أن تطبيق تلك التقنيات يحتاج العديد من الدراسات لبحث إمكانية تطبيقه علي مستوي الجمهورية مشيرا إلي أن الوزارة تواجهها العديد من الصعوبات لتطبيقها. وقال أبو العلا المشكلة ليست متمثلة في وزارة الكهرباء كما يتوقع البعض ولكنها مشكلة نقص الوقود التي تعاني منها مصر منذ اندلاع الثورة مشيرا إلي أن مجلس الوزارء اعتمد 200 مليون دولار مؤقتا لتوفير الوقود بالمحافظات كما اعتمد المجلس أيضا 255 مليون دولار للجوء اليها خلال فصل الصيف للحد من مشكلات انقطاع الكهرباء.