الشاعر المبدع الأمير عبدالله الفيصل (رحمة الله عليه) كان من أبرز الشعراء العرب المعاصرين، وقد امتاز شعره بالإبداع والجمال والقدرة علي التصوير البليغ، وامتزجت الواقعية والرومانسية في قصائده وذاع صيته علي مستوي العالم العربي، فتسابق نجوم الطرب علي التغني بكلماته وعلي رأسهم »أم كلثوم« فغنت له قصيدتين (ثورة الشك) و(من أجل عينيك)، كما غني له عبدالحليم حافظ (سمراء ياحلم الطفولة)، و(يامالكا قلبي).. وعلي المستوي الشخصي كان عبدالله الفيصل إنسانا رائعا وكريما، وقد رافقته داخل السعودية وخارجها في مهمات متنوعة كان أبرزها مناسبة تسلمه (وسام باريس) من »چاك شيراك« عام 1985 عندما ترجمت دواوينه إلي الفرنسية وحصلت إحدي الباحثات علي الدكتوراه من جامعة »السوربون« وكان موضوعها : (عبدالله الفيصل.. حياته.. وشعره). كان الأمير عبدالله الفيصل يقيم مأدبتين يوميا بقصره علي الغداء والعشاء، ويستطيع أي مواطن أن يقابله (بلا أي حراسة) ويقدم له طلبا لحل مشكلته أو لمساعدته، وفي شهر رمضان تعد موائد كاملة لإفطار الصائمين معه (ماعدا الجمعة). وكان يلازمه في هذه الولائم يوميا ولده الأمير سلطان، ويحمل نفس ملامح والده، ولكنه حازم وحاسم ولايمر الخطأ أمامه بسهولة، وللصبر عنده حدود، إذ تتشابه طباعه بعمه الأمير محمد بن عبدالعزيز، لكنه يملك قلبا طيبا فسرعان ما يهدأ بعد دقيقة واحدة من غضبه. المهم حدث موقف طريف أمامي يوم جمعة من شهر الصيام، عندما حضرت مجموعة من (الصم والبكم) ومعهم شكوي لتقديمها للأمير سلطان الذي كان غير موجود، فسألوا عنه بطريقتهم »بالإشارة«، واحترنا جميعا ماذا يقصدون، لكن اهتدينا أخيرا عندما لوح أحدهم.. »بالسواك« والذي اشتهر الأمير سلطان بحمله دائما، فضحكنا، وطلب منهم العاملون بالقصر أن يحضروا للقائه في اليوم التالي (بالإشارة أيضا)، ولاأدري ماذا جري فقد سافرت للقاهرة.