لا يخفي علي أحد أن المصريين من أكثر شعوب العالم تأثرا بالأحداث المحيطة بهم والضغوط الاقتصادية من البحث عن لقمة العيش وغلاء الأسعار الذي قصم ظهور الكثير منهم وقد ظهر تأثيرها الخفي عليهم في الإصابة بالعديد من الأمراض العضوية والنفسية وقد زادت حدة تلك الأمراض بعد ثورة يناير 1102 وماتبعها من أحداث متوترة ويأتي مرض القولون العصبي علي رأس تلك القائمة بل إن الأطباء أطلقوا عليه مرض العصر خاصة أنه يرتبط كليا وجزئيا بالتغيرات النفسية بالإضافة إلي ارتباطه أيضا بالعادات الغذائية الخاطئة بخلاف الأمراض النفسية التي وصلت لحد إصابة خمس المصريين بها وأجبرت مواطنينا بمن فيهم المراهقون والأطفال علي ارتياد عيادات الطب النفسي وهم محملون بأمراض مزمنة كالاكتئاب والقلق والإحباط دفعت بعضهم للإقبال علي الانتحار وهو راض كل الرضا قانع بأن الحال لن يتغير وأن بلده أصبح أسيرا للعنف والفوضي حتي بعد انتخاب رئيس شرعي.. »آخر ساعة« استعرضت تلك الأمراض التي شاعت مؤخرا في صفوفنا وحاولت إيجاد روشتة فعالة لها مع بعض الأطباء والخبراء النفسيين.. لم يكن مرض القولون العصبي قد ذاع انتشاره بين صفوف المصريين حتي وقت قريب إلا أن التغيرات السياسية التي عصفت بمجتمعنا أنذرت بازدياد أعداد المرضي وتأهبت عيادات الباطنة لاستقبال عشرات الحالات التي تأثرت بالأحداث الجارية... يقول الدكتور هشام الخياط أستاذ الجهاز الهضمي والكبد بمعهد تيودوربلهارس: يعتبر مرض القولون العصبي من الأمراض الحديثة التي أصابت المصريين وحجزت مقعدا لنفسها علي خريطة أمراضهم المزمنة ولم يتم التوصل حتي الآن إلي أسبابه القاطعة التي عادة ما تدورحول شيوع العادات الغذائية الخاطئة والمبالغة في تناول الوجبات السريعة الدسمة بالإضافة إلي شراهة التدخين والحساسية من بعض الأطعمة كالبقوليات والمشروبات الغازية وبعض منتجات الألبان المسببة للانتفاخ وتزداد الحالة سوءا بزيادة الاضطرابات النفسية التي يتعرض لها المريض فكلما كثرت تلك الأسباب ساءت الحالة وزادت حدة الآلام والانتفاخ وقد يحتاج مريض القولون في بعض الأحيان لأدوية نفسية مهدئة، فعلاج تقلصات القولون يعتمد علي ثلاثة أنوع من الأدوية. الأول لتثبيط تقلصات القولون مثل الأدوية المحتوية علي مادة ميبيفرين. والثاني لتهدئة المريض نفسيا ومن ثم تهدئة التقلصات، أما الثالث فهو للقضاء علي الانتفاخات المصاحبة للمرض. ويضيف الخياط: يرتبط هذا المرض بالتغيرات النفسية والحالة المزاجية للمريض فهناك بعض المرضي الذين تزداد حالتهم سوءا بتدهور أحوالهم المعيشية ومواجهتهم مشكلات عدة وبحسب آخر الإحصائيات فإن هذا المرض انتشر بصورة ملحوظة بمصر فوصلت نسبة الإصابة بين المصريين من 02- 52٪ من بينها إصابات مزمنة. ويوضح الدكتور مدحت خليل استشاري الجهاز الهضمي والكبد والتغذية العلاجية بطب القاهرة:أن نسب الإصابة بالمرض تضاعفت بعد ثورة يناير نظرا للضغوط النفسية التي تتعرض لها الأسرة المصرية كل يوم من غلاء الأسعار واحتجاجات تعطل عجلة الإنتاج بالإضافة إلي انعدام الأمان بالشارع وتكرار حوادث القتل والسرقة فأصاب نسبة كبيرة بالروع واضطراب في بعض الأعضاء ويتربع مرض القولون العصبي علي عرشها بالتأكيد. ويشير إلي أن هذا المرض لايتم الشفاء منه مائة في المائة بل تقل حدة الآلام كلما اهتم المريض بتناول الأدوية واتباع نظام غذائي معين. ويختتم خليل حديثه قائلا: لم يتم التوصل إلي الآن لعلاج قاطع للمرض، لكن يمكن السيطرة علي أعراضه من خلال نظام غذائي متزن واتباع أساليب حياتية معتدلة وممارسة الرياضة بانتظام. وإذا كان مرض القولون العصبي قد أطلق عليه مرض العصر إلا أننا لايمكن إنكار مرارة الآلام النفسية التي لم تترك بيتا مصريا إلا وطرقته. آخر ساعة استعرضت الأمراض النفسية التي داهمت بيوتنا ولم تترك كبيرا أوصغيرا حتي نالت منه وقدمت روشتة للتخلص من ضغوط الحياة حتي نسترد عافيتنا وقدرتنا علي المقاومة. من جانبه يقول الدكتور لطفي الشربيني أستاذ الطب النفسي بجامعة الإسكندرية: يعاني الكثيرون من أمراض القلق والاكتئاب والإحباط نظرا لأنهم اعتقدوا أن ثورة الشباب هي السبيل الوحيد لعودة حقوقهم المسلوبة من قبل نظام مبارك الفاشي ومنوا أنفسهم بحياة وردية ستختتم بتتويج رئيس منتخب يأتي بالخير لوطنه إلا أنهم اصطدموا بأزمات وضغوط اقتصادية طاحنة لم يستطيعوا التصدي لها فما كان من بعضهم إلا أن يقبل علي الانتحار أو الهروب بعيدا عن كل هذا بالهجرة غير الشرعية أو حتي دخول الهروب إلي أحد مستشفيات الأمراض النفسية والانضمام لقائمة مرضاه والكارثة أيضا أن يصبح الشباب هم هؤلاء المرضي. ويضيف الشربيني: هناك أيضا مرض يطلق عليه كرب ما بعد الصدمة ويصيب المرضي بسبب متابعتهم لمشادات العنف في التليفزيون وتدهور الأوضاع المالية للكثير منهم فيصطدمون بهذا الواقع الذي لم يحسبوا له حسابا وقد تزداد حالة الكثير منهم سوءا فيقبلون علي الانتحار.. ويتفق معه الدكتور يسري عبد المحسن أمين عام مساعد الاتحاد العربي للطب النفسي فيقول:لا أحد ينكر أن أرقام المترددين علي عيادات الطب النفسي قد زادت بعد الثورة خاصة من أبناء القاهرة الكبري التي تشهد يوميا أحداثا متواترة وعنيفة فتخلف آثارها النفسية عليهم وزادت أعداد المترددين علي العيادات والمستشفيات وأغلبهم يعانون من القلق والاكتئاب ولكن الأخطر أن ينضم الأطفال والمراهقون لقائمة الضحايا فهم لايعرفون كيفية التفرقة بين الصواب والخطأ فيصبحون صيدا سهلا لكل من تسول له نفسه التشويش علي عقولهم وعدم قبول الطرف الآخر. ويضع عبد المحسن روشتة للقضاء جذريا علي أمراض المصريين النفسية فيقول: من الضروري علي القيادة أن تنشر الأمل بين صفوف الشعب وكسب ود معارضيه لوأد الفتن والاحتجاجات التي انتشرت بالبلاد كالنار في الهشيم وكانت السبب الرئيسي لتدهور الحالة الاقتصادية وانهيار السياحة مع ضرورة إقامة العدل التام بين المصريين دون محاباة تيار سياسي بعينه .